عبد الظل - الفصل 1986
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1986 : الطعم والتبديل
تنهدت مورغان وهي ترى المياه تتموج في عشرات الأماكن، بعيدًا في الأفق، حيث اندفعت مجسات بشعة من الأعماق، تحمل جثثًا ضخمة لمخلوقات الكابوس التي تعيش في الغابة، بعضها كانت نفس تلك المخلوقات التي جرحتها هي وقديسيها في المعركة بالأمس، ولكنها لم تتمكن من القضاء عليها.
أُطلِقَت الجثث في الهواء وكأنها مقذوفات بشعة، تتبع أقواسًا منخفضة، وتجر خلفها سيولًا من الدماء. أسقط العندليب أحدها، والذي كان قد سحب قوسه في غمضة عين. بينما انفجر آخر في سحابة ضبابية من الدماء عندما اصطدم بحصاة قذفها ربتها الذئاب في الهواء.
أما الباقي فقد سقط على الأنقاض بصوت مقزز، واصطدم بعضها بالجدار، ما جعل الجدار يهتز بصوت رعود مدوية.
انطلقت سلسلة من الموجات الصادمة عبر البحيرة، مما جعل الماء يتموج.
حدقت مورغان في الفوضى الدموية التي خلفتها الجثث المتفجرة بتعبير متشكك.
“أترك الأمر لأخي ليجد لغة مشتركة مع مخلوقات الكابوس…”
كانت آثار هذا القربان الدموي الرائع تتضح بالفعل. غلت البحيرة، وارتفعت أشكال قبيحة عديدة من أعماقها الداكنة، تتبع رائحة الدم… متجهةً نحو الشاطئ.
يبدو أن أمير اللاشيء قد وجد أخيرًا طريقة لمهاجمة القلعة المدمرة باستخدام كل من القوات المتسامية والفاسدة في وقت واحد.
وبوجه عابس، استدعت مورغان قوسًا وأصدرت أمرًا:
“إيثر، أثينا!، أطلقا العنان!”
بينما كانا ينفذان أمرها، ألقت نظرة عابرة على القوس في يدها.
كان هذا القوس قد حصلت عليه في كابوسها الثالث. وكان قوسًا جيدًا، ولكنها لا تزال تفتقد قوسها القديم… القوس الذي صنعه والدها لها.
لم يكن الذاكرة الوحيدة التي أعطاها إياها، ولم تكن قد اعتزت بقوس الحرب ذاك كثيرًا، فقد كانت بشكل أساسي مبارزة بالسيف. ولكن رغم ذلك، كان رفيقًا وفيًا لها لفترة طويلة.
الغريب أن مورغان لا تتذكر ما حدث لتلك الذاكرة. هل دُمرت في القارة القطبية الجنوبية؟، أم أنها أعادتها ببساطة إلى ترسانة عشيرة فالور بعد التسامي، لعلمها أن ذاكرة صاعدة لن تكون جديرة بقوتها بعد الآن؟.
كانت لديها ذكريات غامضة عن منحها لشخص ما… شخص مثير للاهتمام؟، و… لطيف؟، ربما كان أحد الفرسان الواعدين…
لم تستطع أن تتذكر.
‘بماذا كنت أفكر؟’
مشتبهةً أنها لم تحصل على قسط كافٍ من النوم، استدعت مورغان سهمًا وثبتته على الوتر.
أسفل الجدار، بدأ إيثر وأثينا.
كان قديس الليل يقف على سطح الماء، قريبًا من الشاطئ، مغمورًا في نور القمر. فوقه، تألقت النجوم البعيدة بإشعاع فضي.
وعندما تموجت مياه البحيرة حوله فجأة، ازداد ذلك الإشعاع إشراقًا.
لم تستطع مورغان رؤية عيني إيثر، ولكنها لو كانت تستطيع لرأتهما تلمعان بنور فضي بارد.
في اللحظة التالية، بدا أن أشعة نور النجوم الحادة تتصلب، وتنهال على البحيرة كشبكة منيرة.
لقد أصيب سكان الأعماق الذين رفعوا رؤوسهم البشعة فوق الماء بجروح مروعة بسبب خيوط النور المتساقطة، وأطلقوا صيحات ألم عندما تدفق دمهم الفاسد في البحيرة.
تلقى بعضهم جروحًا سطحية فقط، وأصيب بعضهم الآخر بجروح بالغة. حتى أن أحد وحوش البحيرة فقد معظم رأسه — كان لا يزال على قيد الحياة، ولكن كانت الرجسات الأخرى تندفع بالفعل في اتجاهه. وسرعان ما غلى الماء، وتمزق الرجس الجريح بواسطة بني جنسه.
لم يكن هناك شرف بين مخلوقات الكابوس.
أما أثينا، فكانت هجماتها أقل بهرجة ولكن أكثر تدميرًا. نظرت حولها، واختارت صخرة بحجم مركبة شخصية ضخمة، ورفعتها بسهولة، وألقتها في اتجاه الرجس المهاجم بقوة مرعبة.
اخترقت القطعة الضخمة من الصخر الهواء بسرعة رهيبة وسقطت في البحيرة كالقنبلة، مما تسبب في نافورة عالية من الرغوة التي انفجرت نحو السماء.
رغم الظلام الشديد، استطاعت مورغان أن تلاحظ أن الرغوة لم تكن بيضاء، بل قرمزية – نادرًا ما تخطئ أثينا، ولذا لا بد أن قذيفتها الخامة قد قضت تمامًا على رجس ضخم واحد على الأقل.
بعد لحظات، وجد سهمها طريقه بين حراشف أحد مخلوقات الكابوس المقرفة بشكل خاص، وانفجر من ظهر رأسه المشوه في سيل من الدماء.
أطلق العندليب سهمًا آخر، أيضًا – مستفيدًا من موقعه المرتفع، مما جعله أشد فتكًا.
لم تكن مورغان عادة تنافسية دون سبب، ولكن أن تتخلف عن مرؤوسها كان أمرًا مخجلًا.
ابتسمت بخفة وشدت عضلاتها مجددًا، مسددةً قوسها الثقيل.
في اللحظات التالية أو نحو ذلك، تحول كل من سطح البحيرة وأعماقها إلى مشهد من المذبحة الدامية، حيث كانت عاصفة من نور النجوم تجتاحها كأنها سراب جميل.
كانت مخلوقات الكابوس التي استيقظت بفعل رائحة الدم جميعها قوية، وأضعفها في رتبة الفاسد.
ومع ذلك، لم يكن القديسون المدافعون عن باستيون ضعفاء أيضًا. فدمج نور نجوم إيثر، ومقذوفات أثينا البربرية، والسهام التي أطلقتها مورغان وكاي، جميعها شكلت وابلًا مدمرًا، يمزق أجساد الرجسات ويحصد أرواحهم.
ولكن للأسف، لم يكن هذا الوابل بالفتك الذي أرادته مورغان؛ فقتل رجس عظيم لم يكن مهمة سهلة حتى على القديسين، بعد كل شيء – إذ احتاج العديد منهم لتوحيد هجماتهم على أقوى سكان الأعماق، ليقضوا وقتًا طويلًا للقضاء على واحد منهم، بينما تمكن البقية من الاقتراب دون مقاومة من الشاطئ.
وكان هذا مصدرًا للقلق.
وعلى الرغم من انغماسها في حماس المعركة، لم تكن مورغان تغفل مراقبة البحيرة والشاطئ المظلم خلفها؛ فلم يكن لها أن تفوت لحظة قرار شقيقها بالانضمام إلى المعركة.
‘…أين أنت؟’
عبس مورغان قليلاً، وخفضت قوسها للحظة وصاحت:
“إيثر!، تراجع!”
كانت تشعر بخيبة أمل؛ فقد كانت تأمل أن استخدام معالجهم الوحيد كطعم سيؤدي إلى نتيجة أكبر.
كانت مخلوقات الكابوس قريبة بشكل خطير من حيث كان يقف قديس الليل على الماء. وبنظرة واحدة على الأهوال التي تقترب، استدار واندفع عائداً نحو الأنقاض.
غطت أثينا انسحابه بإرسال قطعة ضخمة من الحطام، منطلقةً عبر الهواء.
أحدثت تلك القطعة طوفانًا حقيقيًا في المياه، حيث انتشرت أمواج عاتية في كل اتجاه من نقطة الاصطدام.
وعندما انحسرت أعمدة المياه الرغوية، رأت مورغان أخيرًا ما كانت تبحث عنه.
خلفها، على مسافة بعيدة، ارتفعت زعنفة ضخمة فوق سطح البحيرة، تقطعها كأنها شفرة عملاقة.
كان تايفون قادمًا.
أو بالأحرى، كان شقيقها قادمًا، مرتديًا القديس المخيف السابق كبدلة.
ترجمة آمون