عبد الظل - الفصل 1979
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1979 : أحلام جميلة
في مكان آخر، فتح صني عينيه ببطء.
كانت أشعة الشمس الصافية تتدفق عبر النوافذ المقوسة الطويلة، وتملأ الأجواء بدفءٍ مريح. تلاشت حرارة قبر السَّامِيّ الخانقة بفضل النسيم اللطيف.
انتهت العاصفة منذ فترة، وكان العالم في سلام.
شعر جسده بالانتعاش والحيوية على الرغم من أنه كان محاطًا بإرهاق ممتع منذ وقت قصير، وكان عقله هادئًا. فقد نام جيدًا… أفضل من أي وقت مضى.
كان الاستيقاظ في سرير نيف للمرة الثانية على التوالي شعورًا رائعًا.
بالطبع، هذه المرة لم يكن مجرد نائم فوق الغطاء.
شعر بنعومة دافئة مغرية تضغط على صدره، فرفع صني رأسه وسندها على يده، ناظرًا للأسفل.
كانت نيفيس تنام بسلام بجانبه، بين ذراعيه. وكان شعرها الفضي الطويل الجميل متناثرًا على الوسادة، يلمع تحت أشعة الشمس. كان وجهها ناعمًا وساحرًا، وأكثر ضعفًا مما بدا عليه من قبل. وأسفل الوجه، كانت رقبتها الرشيقة تؤدي إلى كتف مستدير من المرمر… وتظهر بعدها عظمة الترقوة الرقيقة والجذابة، مما جعل قلبه ينبض بقوة.
لخيبة أمل صني، كان الباقي مغطى بملاءة بيضاء نقية.
ومع ذلك، ربما لم يكن هناك مشهد أجمل في العالم بأسره.
بقي ساكنًا لفترة، يستمتع بالمشهد الخلاب ويستمع لصوت تنفس نيف الهادئ.
كان ذهنه فارغًا قليلاً.
هذه اللحظة، هذا الشعور، هذا… التقارب. كان يتمنى ذلك بشدة ولوقت طويل.
أن يكون هنا، معها، كان ذا معنى عميق يكاد يصعب استيعابه.
ولم يكن يريد فهمه حقًا، ولا أي شيء آخر في الواقع. كان في مزاج جيد للغاية بحيث لا يريد إفساده بالتفكير المفرط، ويرغب فقط في الاستمتاع بجمال اللحظة المبهج.
تمنى لو أن هذه اللحظة لا تنتهي أبدًا.
ما مدى ملاءمة أن يحقق ما يريده بشدة في برج شِيطَانة الرغبة…
بهدوء، تنهد صني وأعاد رأسه إلى الوسادة وأغلق عينيه، مغلفًا برائحة نيف ومستمتعًا بإحساس دفئها.
ربما… لا بأس بالنوم قليلاً بعد.
كان قد أوشك على الانغماس مجددًا في أحضان النوم اللطيفة حينما انبعث صوت متردد في ذهنه:
[أه… صني؟]
فتح صني إحدى عينيه، مذهولًا قليلاً وغير راضٍ عن هذا الانقطاع المفاجئ.
[ماذا؟]
بقي صوت كاسي صامتًا لبضعة لحظات، ثم سألته بنبرة هادئة:
[هل ستنزلون قريبًا؟، لأنكم كما تعلمون… كنتم مغلقين هناك لعدة أيام بالفعل. ونيفيس مسؤولة تقنيًا عن هذا المعسكر بأكمله. هناك بعض القرارات التي لا أستطيع اتخاذها وحدي.]
تحدثت كاسي بنبرة متزنة وغير مبالية… ولكن ذلك جعل صني يشعر بمزيد من الإحراج مما قالته.
لبضعة لحظات فقط.
ثم زحفت ابتسامة راضية على وجهه.
‘نعم، لقد فعلنا…!’
أجاب صني دون أن يفتح عينيه، ما زال مستغرقًا في النعومة والدفء وأشعة الشمس.
[آسف. نيفيس… متعبة قليلاً. من الأفضل أن ندعها ترتاح لفترة، ولكنني سأكون هناك قريبًا لأساعد.]
ثم عزم أن يسترخي ذهنه، عازمًا على النوم.
وفي نفس اللحظة، انزلق ظله على الأرض وخرج من الغرفة.
متخذًا هيئة بشرية على الدرج، رفع صني ذراعيه فوق رأسه، وتنهد بنعومة، ونزل بخطوات مليئة بالنشاط.
لم تكن كاسي بعيدة، مدفونة تحت كومة من التقارير في مكتبها. دخل صني، والتقط واحدة منها، وألقى نظرة سريعة على محتوياتها.
‘هاه’
في يوم عادي، كان مزاجه سيضطرب، ولكن اليوم، وضع صني التقرير جانبًا ببساطة.
“بهذه السرعة؟”
أومأت كاسي.
“الفيالق الملكية التابعة لجيش الأغنية تتحرك بالفعل. وسيغادر الفيلق السابع إلى ساحة المعركة خلال بضع ساعات على الأرجح.”
ترددت للحظات، ثم أضافت:
“هذه المرة، سينضم كل من سيشان وسيدة الوحوش للمعركة أيضًا. لم تُرى ريفل على السطح منذ معركة البحيرة المتلاشية، ولكن… من المرجح جدًا أنها تقود قوة استكشافية إلى محيط العمود بالفعل.”
نظر صني بعيدًا، مع تزايد القتامة في عينيه لتصبح أعمق وأبرد قليلاً.
“وماذا عن السياديين أنفسهم؟”
هزت كاسي رأسها.
“يبدو أنهم لن يتخذوا إجراءً مباشرًا ضد بعضهم حتى يتم الاستيلاء على القلعتين المتبقيتين. في الوقت الحالي، سيعملون كوسيلة ردع لبعضهم البعض… رغم أنني لست متأكدة ما إذا كان بالإمكان احتواء كي سونغ. فقوتها خبيثة، في نهاية المطاف.”
أومأ صني ببطء.
“لذا… إنها حرب شاملة.”
استندت كاسي إلى كرسيها وتنهدت.
“…نعم. تلقينا أوامر بالتوجه غربًا قبل بضعة ساعات. نيفيس، حراس النار، أنا، والقديسة تريس، ومحاربو عشيرة الريشة البيضاء – سنسافر إلى جبهة القتال على متن كاسرة السلسلة.”
عبس.
كان السفر على متن سفينة طائرة بمثابة انتحار في قبر السَّامِيّ. السبب الوحيد الذي يمكن أن يصدر لأجله مثل هذا الأمر… هو على الأرجح وجود مد السماء التي ستسافر معهم.
وهذا يعني أيضًا أنها ستكون في قلب المذبحة. وباعتبار الدور المهم للقديسة تريس، فإن أبطال عشيرة الأغنية سيبذلون قصارى جهدهم للقضاء عليها.
كان إقرانها مع نيفيس على الأرجح لحمايتها بقدر ما كان لأجل سلامة كاسرة السلسلة.
…وكان على صني أن يحمي كل من مد السماء ونيفيس جيدًا.
ألقى نظرة خاطفة على كاسي.
“ماذا عن لورد الظلال؟”
هزت كتفيها.
“أظن أنه سيتم استدعاؤه للمشاركة في أولى المعارك الكبرى القليلة، على الأقل. بعد ذلك، سيتعين أن نرى ما يخطط له الملك.”
ابتسم صني بقتامة.
بقي صامتًا لبضعة لحظات، ثم قال بلامبالاة باردة:
“فلنُشعل الحرب، إذًا.”
عند سماع كلماته، أومأت كاسي ببطء.
“إذا كان الأمر كذلك، فهناك الكثير من التحضيرات التي يجب القيام بها. الجميع مشغول، لذا… سأكون ممتنة لبعض المساعدة.”
أشارت إلى كومة الأوراق المكدسة على مكتبها. كان بعضها مكتوبًا بطريقة برايل، ولكن البعض الآخر لم يكن كذلك.
كانت كاسي بحاجة إلى عيون شخص ما لقراءتها.
سار صني بصمت ووقف خلف كتفها، ناظرًا للأسفل.
تردد لبضعة لحظات، ثم لم يستطع منع نفسه من السؤال:
“أليس لديك أي أسئلة، بالمناسبة؟، بخصوص، كما تعلمين…”
“ليس لدي!”
أتى رد كاسي السريع قبل أن يتمكن حتى من إنهاء السؤال.
كان صوتها مرتفعًا بعض الشيء أيضًا.
…يمكن لصني أن يقسم أن العرافة العمياء التي لا تُقهر احمرّ وجهها قليلًا.
أين رباطة جأشها؟، أين لامبالاتها؟.
ابتسم.
“حسنًا، جيد. لا تكوني مثل إيفي…”
أخذت كاسي نفسًا عميقًا.
“كما لو كنت سأفعل!”
ضحك، ثم تردد قليلًا، وسأل بنبرة هادئة:
“كيف تسير الأوضاع في باستيون؟”
بقيت كاسي صامتة وساكنة للبرهة.
ولكن عندما تحدثت، لم يستطع صني منع نفسه من الارتعاش.
“…باستيون قد اختفت.”
أخيرًا، ظهر عبوس عميق على وجهه.
“اختفت؟، ماذا تقصدين؟، هل استولى عليها موردريت بالفعل؟”
تنهدت كاسي، ثم هزت رأسها.
“لا… أعني أنها اختفت حرفيًا. القلعة، المدينة، والبشر.”
أصبح صوتها قاتمًا:
“وكل ما تبقى هو الجدران المدمرة، البحيرة، والقمر المحطم.”
-المؤلف- فصل واحد اليوم، ثلاثة غدا.
ترجمة آمون