عبد الظل - الفصل 1978
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1978 : ميراث جديد براق
بعد حديثه مع رَين عن والديهما، شعر صني بسلام غريب. كانت الظلمة المحيطة بالمعبد عديم الاسم هادئة ومطمئنة، وكان حفيف أوراق الأشجار مريحًا بشكل ممتع. ومع ما شعر به من نشوة سابقة، بدا أن لا شيء يمكنه إفساد مزاجه الهادئ.
ولكن في نفس الوقت، لم يشعر بالراحة تجاه نفسه تمامًا. فبعد كل شيء، كان قد ألقى عبء معرفة كونهما من عائلة واحدة على رَين بشكل غير متوقع، ثم شرع في محاضرتها عن والديهما المتوفيين… والذين لم تتذكرهما حتى.
كانت ررَين شابة تحاول إيجاد مكان لها في العالم بينما تتعامل مع الطبيعة الشنيعة للحرب، كانت الأولى صعبة بالفعل بما فيه الكفاية، ولكن كانت الثانية عبئًا عقليًا لا يمكن لأي بشري أن يتحمله جيدًا، ناهيك عن تحمله دون أثار.
كان صني يعرف هذا الأمر أفضل من معظم الناس.
ومع ذلك، ها هو ذا يزيد من عبئها.
شعر ببعض الذنب، وقرر أن يخفف من الأمر عليها ببعض الهدايا.
لحسن الحظ، كانت هناك الذكريات التي أعدها لها.
على الرغم من أن ررَين بدت بعيدة ومكبوتة بعض الشيء، إلا أن عينيها تلمعت عندما أشار إلى الذكريات. كانت قد شهدت ونجت من العديد من الأهوال منذ بداية الحرب، وبعكس الجنود المستيقظين الآخرَين، لم تتلق أي مكافآت من التعويذة في هذه العملية.
كان أولئك الجنود المستيقظين يتجولون بذكرياتهم اللامعة على مرأى الجميع، وكانت تراهم في كل دقيقة وكل يوم.
بالتالي، كان من الطبيعي أن تشعر رَين بالحماس.
وتحسن مزاج صني بشكل أكبر بعد رؤية حماسها.
“حسنًا… ها نحن ذا. لا تشكرَيني بحماس زائد!”
وبهذه الكلمات، استدعى [حقيبة الحجب] وقدمها لها بفخر.
ومع ذلك، لم يكن رد فعلها كما توقع.
بدلاً من أن تغمرها الفرحة والانبهار، استمرت رَين بالنظر إليه بتوقع.
لم يتغير تعبيرها على الإطلاق.
بقيت صامتة لبضع لحظات، وهي تنظر إليه بترقب حيوي، ثم رمشت عدة مرات وألقت نظرة خلفه.
أمال صني رأسه قليلاً.
“ما الأمر؟”
ابتسمت رَين بحذر.
“…هذا ليس كل شيء، أليس كذلك؟”
‘يا له من سؤال غريب…’
وهو لا يزال ممسكًا بحقيبة الحجب في يده، حك مؤخرة رأسه بيده الأخرى.
“أعني… نعم؟، هذا كل شيء.”
تجمدت ابتسامتها قليلاً.
ببطء، تلاشت نظرة الحماس من عيني رَين لتحل محلها ملامح غضب غريب.
نوع من الغضب المشتعل.
انحنت إلى الأمام، وصاحت فجأة:
“ماذا تعني بقولك أن هذا كل شيء؟!، ذكرى واحدة؟، واحدة فقط؟، بعد كل ما مررت به، وكل الرجسات التي قتلتها؟، هل… هل أنا مزحة بالنسبة لك؟، أي نوع من لوردات الإرث اللعينين أنت، ها؟، يا أخي الكبير!”
حدق صني فيها بصدمة.
ثم، حدق مجددًا.
وبعد ذلك، أطلق تنهيدة هادئة وقال بنبرة توبيخ:
“افتحيها، أيتها الحمقاء.”
عبست ررَين، ثم أمسكت بالحقيبة الجلدية من يده دون أن تقضي حتى ثانية في تقدير الخياطة الدقيقة والتفاصيل الزخرفية – أتتخيل! – وفتحت المشبك بقسوة.
وبعد لحظة، نسيت أن تتنفس.
سخر صني.
“ناكرة للجميل…”
رفعت رَين رأسها، وهي تنظر إليه بعيون مشتعلة.
كانت ملامحها تحمل نظرة حادة غير عادية.
“هل هذه… ذكرى تخزين مكاني؟”
وكان صوتها أجشًا بشكل غريب.
أومأ صني بلا مبالاة.
“نعم. مجرد شيء صغير صنعته للتدريب… اسمها حقيبة الحجب، وبالمناسبة. وضعت كل شيء آخر بداخلها.”
وفي اللحظة التالية، أصيب فجأة بصيحة حادة، ثم أصابه الرعب من ضحكة منخفضة وغير مهذبة أو لائقة بالكامل.
“أخي الكبير هو الأفضل…”
ارتعشت عينا صني.
“قلت لكِ أن تتوقفي عن مناداتي بذلك.”
استمرت رَين في التحديق بحقيبة الحجب.
“مهما كان…”
درست حقيبة الظهر الجلدية بعينين مشعتين، ثم أومأت برضا وأخيرًا رفعت بصرها.
“يمكننا العمل على حسك في التسمية لاحقًا. لنرى ما بداخلها!”
عبس صني في حيرة.
‘ماذا؟، ما الخطأ في حسي في التسمية؟’
…ولكن كان هذا خداعًا للنفس. في الواقع، كان يعرف تمامًا ما الخطأ فيه.
‘حسنًا، حسنًا. هي ليست مخطئة. لكن… على الأقل، أسميت الذكريات الأخرى أسماءً جيدة بشكل استثنائي…’
بحذر، أخرجت رَين الذكريات المعنية من حقيبة الحجب.
وسرعان ما تم وضعها جميعًا بدقة على المقعد بينهما.
وأشار صني إلى قارورة خضراء داخل غلاف جلدي أسود.
“هذه هي [القارورة الخضراء]. يمكنها تخزين كمية كبيرة من الماء، وكذلك تنقيته. تمامًا مثل المرة السابقة، تحتاجين إلى ضخ جزء من جوهركِ لتصبح لكِ.”
فعلت رَين ذلك وابتسمت برضا.
“هذا رائع. ليس فقط يمكنني الشرب بقدر ما أريد، بل أستطيع أيضًا استخدامها عندما تنفد حصتي من الماء في الحمام!”
أومأ صني.
“نعم. فقط لا تنسي إعادة ملئها من حين لآخر. إنها واسعة جدًا، لكنها ليست بلا حدود.”
وأشار بعدها إلى ثلاثة أسهم.
“هذه هي [العبء الثقيل]، [ضواحي المدينة عند الظهيرة]، و[لا تجرح نفسك]…”
نظرت إليه رَين بنظرة غريبة.
“حقًا؟، هذه هي الأسماء التي اخترتها؟”
صر صني على أسنانه.
“نعم. إن لم تعجبكِ، أستطيع استعادتها…”
سارعت رَين بجمع الأسهم وضغطتها إلى صدرها.
“لا، لا!، أحبها كثيرًا!، لا أصدق أنك تمكنت من صنع شيء مبتكر وقاتل بهذه الدرجة وبأسماء مناسبة تمامًا!، أمم… ماذا يفعلون بالضبط؟”
نظر إليها صني بنظرة غير متسلية، ثم قدم لها شرحًا مفصلًا. وبينما كان يتحدث، بدأت ملامح رَين تتحول تدريجيًا إلى الجدية.
في النهاية، أومأت برأسها.
“أرى. قوية جدًا، حقًا… ولكن يجب أن أستخدمها بشكل تكتيكي. وإلا، ستستهلك جواهري دون تحقيق أي شيء.”
شاركها صني الرأي ذاته.
“يجب أن يصبح الأمر أسهل بعض الشيء مع امتصاصكِ لمزيد من شظايا الروح، ولكن نعم. قوة الذكريات التي أستطيع أن أبتكرها لكِ محدودة بكمية ونوعية جوهركِ. كلما كانت الذاكرة أقوى، ارتفع ثمن استخدامها.”
يمكن لبعض الذكريات الأقوى أن تقتل حاملها إذا تم استخدامها بلا مبالاة. وبعضها يأتي بعيوب خاصة لتحقيق التوازن… مثل خطيئة العزاء، على سبيل المثال.
ذلك الشيء الملعون…
انتقل صني من الأسهم الثلاثة بسرعة، وشرح بإيجاز ما تفعله [السلامة أولًا] و[قطعة المقاومة]. أُعجبت رَين بشكل خاص بالأخيرة…
ولكن ليس للسبب الصحيح.
“تأثير تبريد؟!، آه!، إنها الأفضل!”
حدق بها صني لبضعة لحظات ثم هز رأسه بخيبة.
‘ألا تدرك مدى ثورية أسحارها الأخرى… تسك!، صغيرة جدًا، وساذجة جدًا…’
حرص على أن تتأكد رَين من امتلاكها للذكريات واستدعائها قبل الانتقال إلى الأخيرة. تم إضافة طبقة إضافية من الحماية لكفن محرك العرائس، مما جعل الدرع يبدو أكثر ملاءمة للمعارك القريبة.
أعجب صني بالدمج الدقيق والأنيق للنسيج الرمادي والجلد الأسود، وهنأ نفسه ذهنياً على هذا الإنجاز. كان متأكدًا من الخواص الدفاعية لهذه الذاكرة، ولكن كان قلقًا قليلاً بشأن قيمتها الجمالية. بعد كل شيء، لم يكن من السهل تصميمها بطريقة تكمل مظهر كفن محرك العرائس تمامًا.
ولكنه نجح في ذلك. بدت أخته… مهيبة، حادة، ومرعبة بقتامة وهي ترتدي هذا الدرع المسحور.
وأخيرًا، أشار إلى حزام مصنوع من الحرير الأسود اللامع.
“وهذا… هو [للظروف الطارئة]. أهم ذاكرة ستملكينها أثناء هذه الحرب.”
عبست ررَين، ثم التقطت الحزام الحريري وربطته حول خصرها.
بدا جيدًا مع كفن محرك العرائس، مما جعل صني يندم قليلاً على عدم امتلاكه لهذا الإصدار من الدرع المسحور في الشاطئ المنسي.
لحظة بعدها، ارتجف من الرعب.
‘أوه، لا!، هل أصبت بعدوى كاي؟!’
تخلص من هذه الفكرة المرعبة من رأسه ونظر إلى رَين.
“فعّلي السحر.”
فعلت كما قال… وتجمدت فجأة.
ليس فقط بشكل مجازي، بل حرفيًا.
وحتى أن بضعة خصلات من شعرها الأسود الغرابي الذي كانت تتلاعب به الرياح توقفت عن الحركة، وكأنها مجمدة في الزمن.
بالطبع، كانت مجرد متجمدة في الفضاء.
العلامة الوحيدة على أن رَين كانت لا تزال على قيد الحياة كانت حركة صدرها البطيئة.
أومأ صني برضا.
“عطلي السحر.”
سقط شعر رَين، وأخذت نفسًا عميقًا بينما ألقت نظرة معقدة على الحزام الحريري.
تنهد صني.
“هذا من أجل حالة تعرضكِ لانقشاع السُحُب بشكل غير متوقع. لا تخلعي هذه الذاكرة أبدًا وأنتِ في قبر السَّامِيّ… هل تفهمين؟”
ألقت رَين نظرة متوترة نحوه، ثم أومأت ببطء.
ابتسم صني.
“حسنًا. حسنًا، إذن…”
فالوقت لا ينتظر أحدًا. وكان هناك شيء آخر يحتاج إلى الحديث عنه مع رَين – شيء مهم للغاية – ولكنه سيضطر للانتظار.
“لقد غبتِ عن المعسكر طويلاً. من الأفضل أن أعيدكِ…”
ابتسمت رَين.
“بالطبع. لنذهب.”
ونظرت إليه بمكر في عينيها وأضافت:
“أخي الك…”
قبل أن تتمكن من إنهاء الجملة، طرد صني الظلال التي تشكل الكرسي الذي كانا يجلسان عليه، وشاهد رَين وهي تسقط على الأرض الرخامية مع صرخة مفاجئة.
ترجمة آمون