عبد الظل - الفصل 1970
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1970 : الخوف من الظلال
هبط الظلام على قبر السامي، حيث لم تغرب الشمس أبدًا. كان كارنا مذعورًا، وبالرغم من أنه لم يكن يريد الاعتراف، كان يشعر بالخوف. كان يمتلك ذاكرة تمنحه رؤية ليلية كالمفترس الليلي، ومع ذلك، وجد نفسه فجأةً أعمى.
هذا يعني أن الظلام الذي يحيط به لم يكن مجرد ظلٍ شاسع، بل كان ظلامًا حقيقيًا.
لم يكن يستطيع رؤية أي شيء… ولكن كان بإمكانه السمع. كان هناك الكثير من الأصوات.
زئير مخلوقات الكابوس المستعبدة، وصرخات البشر، طنين المعادن، وصرير اللحوم المقزز. حدث كل هذا في لحظة، مما حول اللحن الهادئ لخشخشة العجلات إلى ضوضاء معركة مروعة.
‘كيف يمكن له أن…’
لكن لم يكن هناك وقت للتساؤل.
بزمجرة، فعّل كارنا قدرته المستيقظة. وفي اللحظة التالية، استبدل موقعه بموقع محارب مستيقظ كان يحرس إحدى العربات على بعد عشرات الأمتار خلفه.
ولكن كان الظلام لا يزال مستمرًا، لذا قام بتبديل مكانه مع جندي آخر، ليبتعد أكثر.
‘هيا… هيا…’
وأخيرًا، خرج إلى النور.
أمامه، كانت مقدمة القافلة مغمورة ببركة من الظلام. وخلفه كانت الفوضى — كان الجميع مصدومًا من الهجوم المفاجئ، ولا يعرفون ما الذي يجري.
وكان هناك شيء مختلف أيضًا في حالة القافلة.
باستثناء أولئك البائسين الذين كانوا عالقين في بركة الظلام الحقيقي، كان بقية الجنود بخير. وكذلك عبيد سيدة الوحوش.
ولكن الحجاج — كل واحد منهم — اختفى، واستُبدلوا بنيران طويلة مشتعلة. بدا أن شخصًا ما، أو شيئًا ما، قد أشعلهم جميعًا في لحظات قليلة.
شحب وجه كارنا قليلًا وقفز على العربة، ناظرًا إلى الأمام، في الاتجاه حيث كان لورد الظلال يقف قبل لحظات.
ورأى القديس الشرير على الفور تقريبًا.
كان لورد الظلال يسير بهدوء على منحدر العظام، بخطوات رشيقة وغير مستعجلة. كان ظهر الأوداشي الأسود يرتكز على كتفه، وكان شعره الأبيض يرفرف في الرياح.
كان هناك بضع مئات من الأمتار تفصله عن القافلة، ولكن كان ذلك المجنون ينوي بالفعل مواجهتهم جميعًا بمفرده.
ضيّق كارنا عينيه.
إذا كان الأمر كذلك… فسيقوم بتلبية نداءه.
رافعًا قوسه، وضع بعض القوة في صوته وصاح:
“إنه لورد الظلال!، يا إخوتي، تعالوا معي… هجوم!”
وهكذا فعلوا.
انطلق المحاربون إلى الأمام، وحرر السائقون مخلوقات الكابوس لتندفع نحو الشرير المستأجر لفالور في نوبة جنون دموي. كانت السهام تتطاير عبر السماء، وتم إطلاق عشرات من قدرات الجوانب.
كان المشهد مرعبًا.
ومع ذلك، في اللحظة التالية، شعر كارنا بأن حلقه يجف.
كان السبب هو تحرك عدد لا يحصى من الظلال فجأة حولهم، وكأنها تعود للحياة.
بدا ضوء النهار باهتًا الآن، والظلام أعمق.
انطلقت بعض الظلال من الأرض، وتحولت إلى أشواك حادة مثل الإبر – واخترقت أجساد عبيد سيدة الوحوش. تحول بعضها إلى سلاسل سوداء تتلوى على الأرض، مقيدة الجنود وجاذبةً إياهم للأسفل.
حتى أن بعضها تحول إلى أيدي سوداء، كل منها بسبعة أصابع منتهية بمخالب حادة، تمنع الجوانب.
انسكبت الدماء على العظام البيضاء، وأمتلأ الهواء بالصراخ المرعب، وتمزقت بعض العربات بسبب العنف المطلق.
زمجر كارنا.
“سحقا لك!”
كان القديس كيانًا قويًا، ولكنه ليس منيعًا. ما زال ينزف كالبشر، ويمكن للبشر أن يقتلوه. كل ما يتطلبه الأمر هو سيف واحد يصيب بدقة، أو سهم يتجاوز درعه العقيقي…
قام كارنا بتوجيه سهمه إلى وتر قوسه، وفعّل كلاً من سحره وقدرته الصاعدة، ثم شد الوتر ووجهه.
‘هيا!’
كان أدنى بكثير من القديس دار من حيث مهارات الرماية. ولكنه ما زال أفضل وأكثر فتكًا من معظم الرماة الآخرين. وهكذا…
أطلق كارنا سهمه.
انطلق إلى الأمام بسرعة رهيبة… ثم اختفى.
ولكن بعد لحظة قصيرة، ظهر فجأة على بُعد أمتار قليلة من لورد الظلال، مستعدًا لاختراق عينه قناعه الشرس في لحظة.
كان وصوله الفوري غريبًا وخبيثًا، ولم يترك للعدو أي وقت للرد.
ومع ذلك…
على الرغم من أن لورد الظلال لم يكن قادرًا على التنبؤ بما سيحدث، وكان لديه جزء من الثانية فقط للتحرك، إلا أنه فعل.
في اللحظة التالية، ارتفعت يده وأمسك بسهم كارنا، ممسكًا إياه على بُعد بضعة سنتيمترات من عينه.
تراجع كارنا بصدمة.
‘م-مستحيل…’
ولكن في نبضة قلب، كان لورد الظلال فجأة يقف أمامه.
‘هو…’
اتسعت عينا كارنا.
تبع السهم إلى الخلف. هل… سرق لورد الظلال قدرة كارنا الصاعدة؟.
تمامًا كما سرق ظلام الأميرة ريفل الحقيقي.
“إنه هنا!/ قاتلوا!”
تحرك الأوداتشي الأسود.
وفي الدقائق التالية، شهد كارنا مشهدًا من الرعب الخالص.
لم يكن لورد الظلال يبدو كشيطان فحسب… بل كان بالفعل شيطانًا. كان القديس الشرير يتحرك برشاقة راقص ودقة جزار، وسيفه لا يستريح أبدًا ولا يفشل أبدًا في الوصول إلى هدفه. كان شعره الأبيض يرفرف في الرياح مثل حرير الطيف.
كانت هجمات المحاربين المستيقظين إما تفشل في إصابته تمامًا أو تتبدد على سطح درع العقيق المصقول دون أن تترك حتى خدشًا عليه. أما مخلوقات الكابوس — تلك المسوخ المرعبة التي كانت تهدد يومًا حياة أبطال جيش الأغنية — فقد كانت تتساقط واحدة تلو الأخرى، وأجسادها مقطعة ومشوهة بشكل مروع بواسطة السيف الأسود.
تحرك لورد الظلال في عاصفة الدماء كفأل الموت، وبدا أن نظرة قناع وجهه الشرسة بقيت بلا مبالاة تامة، باردة تمامًا… وخالية من الرحمة.
ولكن هذا الشيطان لم يكن خاليًا من المشاعر.
ما أرعب كارنا أكثر من أي شيء آخر… هو أنه استطاع سماع القديس الشرير يدندن بلحنٍ مرح بينما كان يقتل الرجسات الفاسدة ويتلطخ بدمائها.
كان ذلك الوغد المريض… يستمتع بالمذبحة المروعة.
كان كارنا مخطئًا.
ذلك الشيء لا يمكن أن يكون إنسانًا.
لا بد أنه ليس إنسانًا — وإلا فإن العالم لن يتبقى فيه شيء من العقل.
وفي مرحلة ما، بدا أن لورد الظلال قد ملَّ من التظاهر بكونه بشرًا، فنبذ قناع إنسانيته، وتحول إلى شيطان عملاق بأربعة أذرع قوية وتاج مخيف من القرون. انفجرت قوته المرعبة أكثر، واستمر في رقصة الموت المروعة، ممهدًا طريقًا من المذبحة والخراب عبر القافلة.
لم يكن هناك شيء قادر على إيقافه.
في لحظة، كان في مكانٍ ما، يمزق مخلوق كابوس قوي بشكل بشع. وفي اللحظة التالية، كان بطريقة ما على بُعد مئة متر، يلقي بأحد الأسياد أرضًا بصفعة ثقيلة من قفازه العقيقي.
وأثناء كل هذا، استمر الظلام في التدفق. واستمرت الظلال في التحرك. كانت السلاسل السوداء تتدفق وهي تحاصر فريستها، وكانت الدماء تتدفق كالنهر.
كان كارنا… مذهولًا.
ولكن سخطه لم ينقذه.
في النهاية، قُطع قوسه المسحور إلى نصفين، وتفتت سيفه، وأُلقي به على ركبتيه، فيما كانت السلاسل السوداء تقيد أطرافه.
انتهت المعركة.
وهو يرتجف، نظر كارنا حوله.
اختفى الظلام. وتحول الحجاج المحترقون إلى رماد. تم تقطيع جميع عبيد سيدة الوحوش، مُلقين في أكوام دموية على الأرض. وكان المحاربون المستيقظون جميعهم مقيدين بالسلاسل، وكثير منهم فاقدون للوعي…
لقد هُزموا هزيمة تامة.
والمخلوق الوحيد الذي هزمهم لم يسفك حتى قطرة دم واحدة.
أطلق كارنا زئيرًا يائسًا.
“سحقا لك!، سحقا لك أيها الشيطان!”
كان صوته هو الشيء الوحيد الذي كسر الصمت، باستثناء تأوهات الجنود المصابين.
لا… كان هناك صوت آخر.
كان لورد الظلال لا يزال يدندن بفرح، كما لو أن هذا اليوم هو أفضل يوم في حياته.
عاد ذلك الشيطان المخيف إلى شكله البشري مرة أخرى، يراقب ساحة المعركة بشعور غريب من الرضا، كفنان معتوه ينظر إلى لوحة قد رسمها.
ولكن بعد ذلك…
كان هناك شيء غير صحيح.
نظر كارنا حوله مرة أخرى، محاولًا أن يفهم من أين أتى هذا الشعور بالتنافر.
وبعد لحظات، شعر برجفة خفيفة تمر عبر جسده.
تم تدمير الحجاج، وتم ذبح العبيد. ولكن البشر…
أصيب العديد منهم، وكان العديد منهم ينزفون. ومع ذلك، كانت جروحهم سطحية، ونزيفهم خفيف.
ولم يكن أحد منهم ميتًا.
كانوا فاقدين للوعي، مقيدين بالسلاسل السوداء، ومشلولين. لكنهم كانوا على قيد الحياة.
تنهد كارنا، وشعر بالارتياح والاختناق في الوقت نفسه. وشعر بالمرارة.
لأنه كان يعلم…
أن الإبقاء على العدو حيًا في المعركة أصعب بكثير من قتله. لورد الظلال، ذلك الشرير… لم يُظهر لهم قوته الحقيقية بعد. لم يُظهر حقده الكامل، وقدرته الحقيقية على زرع الموت ما زالت مجهولة.
كيف يمكن أن يحدث هذا؟، كيف نجت الأميرة ريفل بعد مواجهتها لهذا الرعب؟.
“لماذا…”
همس بصوت خافت، ولكن بدا وكأن الظهور المظلم سمعه.
حول لورد الظلال نظراته الباردة من عينيه الخاليتين من النور باتجاه كارنا. مدركًا أنه لا جدوى من محاولة تجنب الانتباه بعد الآن، صر كارنا على أسنانه.
“لماذا أبقيت علينا؟!”
حدق الشيطان فيه بصمت لفترة، ثم ضحك.
كان صوته باردًا ومتغطرسًا:
“…لأن نجمة التغيير طلبت مني أن أظهر الرحمة اليوم..”
سكت لورد الظلال للحظة، ثم تنهد بأسف.
“يا للعار. عادةً، لا أحب شيئًا أكثر من قتل البشر. يا للأسف… آه، أنا في مزاج سيئ.”
وبعد ذلك، بدأ يدندن بلحنٍ مرح وابتعد.
سمع كارنا أصواتًا مرعبة قادمة من مكان ما خلفه، ولكنه لم يستطع الالتفات. وكأن هناك شيئًا ضخمًا يلتهم، ويحك العظام القديمة بعدد لا يُحصى من الأقدام المعدنية وهو يتحرك.
بعد مرور بعض الوقت — وربما بعد الأبدية — بدأت الأصوات تخفت.
ثم تحللت السلاسل السوداء التي كانت تقيده لتتحول إلى مدّ من الظلال.
كان حرًا.
وقف كارنا، والتفت ونظر حوله.
كان الجنود الجرحى من حوله يترنحون وهم ينهضون من الأرض.
كانت لكن القافلة نفسها قد اختفت. وتلاشت العربات دون أثر، وعلى الأرجح دُمِّرت بالكامل وابتلعها كائن رجس.
لم يبقى سوى جثث مخلوقات الكابوس المقتولة، والدم الذي صبغ سطح قبر السامي باللون الأحمر.
والخوف.
الخوف من لقاء لورد الظلال في يومٍ لا تُعيق فيه رحمة السيدة نجمة التغيير ذلك الشيطان المروع.
ترجمة آمون