عبد الظل - الفصل 1969
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1969 : شيطان مستدعى
كان السيد كارنا من عشيرة ماهارانا يتأمل المنحدرات البيضاء لذراع السَّامِيّ الميت بتعبير قاتم. كانت الأدغال الرجسة قد اختفت، وأصبحت القافلة الآن فوق بحر الرماد. كان العبور إلى سهل عظمة الترقوة قريبًا، وبالتالي كانت أخطر مرحلة من الرحلة تكاد تكون خلفهم تقريبًا.
ومع ذلك، شعر بعدم ارتياح.
ربما كان ذلك بسبب السُحُب المتوهجة أعلاه، أو بسبب الطبيعة القاحلة والوحشية للمشهد. وربما كان ذلك بلا سبب محدد الإطلاق، سوى أنه متوتر بسبب العبء الثقيل للمسؤولية المتمثلة في حماية القافلة.
رغم أنه لم يكن محاربًا مخضرمًا، إلا أن لديه من الخبرة ما يكفي ليعرف أن الجزء الأخير من الرحلة غالبًا ما يكون الأكثر خطورة — ليس لشيء سوى أن الناس يميلون إلى إهمال الحذر عندما يصبح الهدف النهائي في الأفق. بالفعل.
كان ابن عمه، القديس دار، قد علمه ذلك. يجب علينا أن نبقى يقظين.
التفت ليلقي نظرة على القافلة، مما خفف مشهدهم من قلقه إلى حد ما.
كان هناك أكثر من مئة عربة ثقيلة تُجر عبر الطريق الوعر، كل منها محملة بالامدادات الثمينة، مما يعني وجود ما لا يقل عن مئة وحش شرس ضخم يجرها — معظمهم عبيد تابعون لسيدة الوحوش، وكثير منهم في رتبة لا تقل عن رتبته.
كانت بعض مخلوقات الكابوس المُستعبدة قد أُسرت من مختلف مناطق نطاق الأغنية، وبعضها قد خضعتها ابنة الملكة هنا في قبر السَّامِيّ. كانوا هؤلاء وحدهم قوة مخيفة، تجعل القافلة أشبه بحصن متحرك.
ولكن لم يكن العبيد الوحيدين الذين يدافعون عنها.
كان هناك أيضًا محاربون مستيقظون — حوالي مئتين منهم. وكان هناك اثنا عشر سيدًا مثله. إضافة إلى أصداء قوية، والأهم من ذلك كله…
كان الحجاج يرافقون القافلة، يسيرون بصمت على جوانبها. ورغم أن الأموات السائرين جعلوا كارنا يشعر بعدم الارتياح، إلا أنهم كانوا حراس الملكة، ولذا كانوا أفضل درع يمكنه أن يأمله.
كانت القافلة قد خاضت بالفعل عدة معارك في طريقها إلى قبر السَّامِيّ، مدمرة أسرابًا من مخلوقات الكابوس التي اجتذبتها رائحة الأرواح البشرية. وفي كل مرة، كانت الرجسات تُباد بسهولة قبل الوصول إلى العربات — لذلك كان من الصعب تخيل أن شيئًا ما قد يهدد كارنا وجنوده.
‘نحن قريبون جدًا بالفعل…’
ما لم يتسلق شيطان من قاع الجحيم ليهلكهم، فسيصلون إلى معسكر الحرب دون أذى.
“كارنا!”
جعله صراخ أحد الأسياد الآخرين يرتجف ويلتفت.
لم يكن بحاجة إلى معرفة ما يحذرونه منه. فقد كان يستطيع أن يرى بالفعل.
هناك، أمامهم، في الأفق، كان يقف شكل مظلم على السطح المُبيض بالشمس للعظام القديمة. كان قد ظهر من العدم وكأنه طيف، فلم يكن هناك أحد أو شيء أمامهم منذ لحظات قليلة.
‘أ… أهو حاج؟، هل أُرسل أحد لمقابلتنا؟’
شعر كارنا بقشعريرة تسري في جسده، فضيق عينيه.
رأى درعًا مرعبًا يبدو وكأنه منحوتٌ من حجر العقيق الأسود المصقول. وقناع مخيف يشبه وجه شيطان شرس، يتوجه ثلاثة قرون ملتوية. كان الطيف ثابتًا، ناظر إلى الأسفل. وشعره الأبيض الطويل يتحرك بخفة في مهب الرياح، كخيوط نسيج عنكبوت حريري.
ولكن بعد ذلك، كما لو أنه أحس بنظرة كارنا، رفع الشيطان بصره، كاشفًا عن عينين كبركتين من الظلام حيث كان يجب أن تكون عينا القناع.
ارتجف كارنا.
للحظة، اعتقد حقًا أن فكرته المتهورة قد استدعت طاغوتًا من أعماق الجحيم ليلتهم أرواحهم.
ولكنه تمالك نفسه بالقوة.
“إنه… إنه هو.”
لورد الظلال.
القديس المرتزق الذي واجه راقصة الظلام ريفل ونجا.
كانت أخبار المعركة البحيرة المتلاشية قد انتشرت سريعًا في جيش الأغنية. ورغم أن بنات الملكة فشلن في النهاية في احتلال القلعة، إلا أنهن تمكن من الهرب دون أذى بعد قتل سبعة قديسين من نطاق السيف.
لم يكن كارنا سعيدًا بشكل خاص بمعرفة أن هؤلاء المحاربين العظماء قد ماتوا، ولكنه أدرك أنها كانت انتصارًا كبيرًا قد ينقذ أرواح عدد لا يحصى من الجنود مثله في المستقبل.
ومع ذلك، كانت إحدى أكثر التفاصيل إثارة في معركة البحيرة المتلاشية هي المواجهة بين قاتلة النور ولورد الظلال. لم يظهر قوته من قبل، ولكن الآن، لم يكن هناك أحد في قبر السَّامِيّ لا يعرفها، أو لا يشعر بالحذر تجاهه.
ورغم أن عددًا قليلاً من الناس في نطاق الأغنية قد رأوه، إلا أن الشائعات عن الشرير الغامض الذي استأجره ملك السيوف الشرير كانت وفيرة ومخيفة.
قال بعضهم إنه رجلٌ مجنون يطالبه عيبه أن يتلذذ بسفك الدماء والمجازر. وقال البعض إنه الناجي الأخير من عشيرة ساقطة، مقسمًا على الانتقام من البشرية جمعاء. وقال البعض إنه كان قاتلًا بغيضًا هرب إلى عالم الأحلام منذ سنوات لينجو من مطاردة حاصدة الأرواح.
وحتى أن البعض قال إنه ليس إنسانًا على الإطلاق، بل مخلوق كابوس متخفٍ في هيئة بشرية. وربما الجسد الأصلي لسائر الجلود، أو لشيء أكثر رعبًا.
وعلى أية حال، كانت كل الشائعات تتفق على شيء واحد — أن لورد الظلال كان قويًا بشكل هائل وعديم الرحمة تمامًا.
صر كارنا على أسنانه.
ومع ذلك… كان مجرد رجل واحد.
حتى لو كان لورد الظلال قديسًا، فقد كان يواجه جيشًا كاملًا بمفرده. هناك مئتا محارب مستيقظ، وفوجان من الأسياد، ومئة من مخلوقات الكابوس المستعبدة — كثير منهم في الرتبة الفاسدة — يقفون ضده.
وكان هناك أيضًا الحجاج.
مهما بلغت قوته، لا يمكن لرجل واحد أن يهزم جيشًا.
التفت كارنا إلى رفاقه، وفتح فمه، راغبًا في تعزيز روحهم المعنوية وإصدار الأمر بالهجوم…
ولكنه تجمّد.
كان هناك خطب ما في العالم. شيء كان خاطئًا بشكل مريع، مريع للغاية.
نظر إلى الأسفل، وشعر بمخالب جليدية تقبض على قلبه.
‘…ماذا؟’
كان أقرب شخص إليه سيدًا زميلًا – امرأة هادئة، خادمة للعشيرة الملكية. وكان كل شيء فيها مألوفًا، ما عدا شيء واحد.
لسبب ما، كان لدى المرأة ظلان. وكان لدى كارنا أيضًا ظلان.
حدق في الظلال برعب، محاولًا أن يفهم من أين أتت الظلال الإضافية، وماذا يعني ظهورها.
ثم، رأى شعلتين قرمزيتين تشتعلان في أعماق ظله.
…وكان ذلك آخر شيء رآه كارنا.
لأن العالم في اللحظة التالية، تم استهلاكه من قبل الظلام الدامس.
ترجمة آمون