عبد الظل - الفصل 1941
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1941 : أطفال العصر الجديد
لاحظ سكان القلعة اقترابهم من بعيد. وبحلول الوقت الذي وصل فيه أوروم والصغيرة كي إلى بوابات القصر، كانت هناك حشود صغيرة قد تجمعت بالفعل في القاعة الكبرى، تنظر إليهم بمشاعر متباينة.
لم يكن هناك سوى عدد قليل من المستيقظين في هذا المكان — لا يزيد عددهم عن ثلاثين. بدا بعضهم مندهشًا، وكان بعضهم متوترًا. وهؤلاء الأخيرون كانوا على الأرجح من الذين تعرفوا على الصغيرة كي، وعرفوا أنهم قد أذنبوا في حق هذه الشابة.
كما جذبت الدُمى الطينية المتهالكة التي كانت تتبعها أيضًا العديد من النظرات.
تراجع أوروم، مانحًا الصغيرة كي المساحة التي تحتاجها. تقدمت بخطوات واثقة، واضعةً يدها على مقبض سيف ذكرى كان يستريح في غمده المؤقت على حزامها.
تقدم أحد المستيقظين أيضًا بضع خطوات نحوها، مبتسمًا مقابلها. كان رجلًا أصغر قليلًا من أوروم، بملامح وسيمة وشعر أشقر طويل.
كان صوته الدافئ، ظاهريًا، مليئًا بالود الكاذب:
“الصغيرة كي!، أو ربما يجب أن أقول المستيقظة سونغ؟، مرحبًا بكِ في قصر اليشم… كنا جميعًا سعداء بسماع أنكِ نجوتِ من الانقلاب الشتوي دون أذى. يُدفئ قلبي حقًا أن أعرف أنكِ بخير… ولكنني متفاجئ لرؤيتكِ هنا. ألم تُرسلكِ التعويذة إلى بوابة النهر؟، كيف لا تكونين هناك؟”
بقيت الشابة صامتة لفترة، تدرسه هو وبقية المستيقظين المتجمعين في القاعة المظلمة. كان تعبيرها باردًا، وعيناها مليئتين بالكآبة الحزينة… لا، لم تكن حتى حزينة.
كانت فقط مليئة بالظلام، خاليةً من أي دفء إنساني.
نظرت الصغيرة كي إلى الرجل الأشقر وقالت بهدوء:
“وأين يمكن أن أكون غير هنا؟، هذه هي قلعتي. وقد أتيت لأطالب بما هو لي.”
تردد الرجل، وبدأت ابتسامته تتحول إلى برود.
“…هيا يا فتاة. بالتأكيد لم تأخذي ما قلته آخر مرة التقينا فيها على محمل الجد؟، كنت فقط أتحلى بالأدب بسبب مدى امتناننا جميعًا لوالدتكِ. لقد أصبحتِ راشدة الآن، ولذلك يجب أن تكوني أذكى من ذلك. أنتِ وصديقكِ مرحب بكما هنا… في قلعتنا. ولكن شخص صغير وعديم الخبرة مثلكِ غير مؤهل لحكمها. ألا تعتقدين ذلك؟”
تجاهلت الصغيرة كي سؤاله واستمرت في التحديق بصمت.
وبدلاً من ذلك، فجأة، طرحت سؤالًا خاصًا بها:
“أين كنتَ عندما ماتت والدتي؟”
رمش الرجل.
“ماذا؟”
نظرت حول القاعة، مخترقةً كل مستيقظ بنظرة باردة، وكررت سؤالها:
“أين كنتم عندما ماتت والدتي؟، كل واحد منكم. لقد رحبت بكم هنا. أطعمتكم وحمتكم. ومع ذلك، عندما كانت تقاتل ذلك الشيء، تنزف، تموت… أين كنتم؟”
أدار بعض المستيقظين وجوههم بعيدًا، وقابل البعض الآخر نظرتها بغضب.
زمجرت الشابة.
“كل واحد منكم متورط. كلكم قتلة والدتي. ومع ذلك، لديكم الجرأة للادعاء أن هذه هي قلعتكم. وأنني ضعيفة جدًا لحكمها. أنتم… أيها الجبناء تصفونني بالضعف؟”
اختفت ابتسامة الرجل الأشقر، وحل محلها تعبير قاتم. امتلأت عيناه فجأة بالحقد، مما جعل أوروم يتوتر.
“اسمعي، أيتها الفتاة الصغيرة… سأغفر لكِ وقاحتكِ هذه المرة. فأنا شخص كريم للغاية، وكذلك شعبي. وبالنظر إلى ما ندين به لوالدتكِ، نحن على استعداد لتجاوز سوء الفهم الخاطئ هذا بأكمله. كانت والدتكِ شخصًا كريمًا وسخيًا أيضًا… ولذلك ينبغي عليكِ أن تبدي نفس الرحمة وتغفرين لنا كما كانت ستفعل. حمل الضغينة في قلبكِ لن يكون جيدًا لكِ.”
كان هناك تهديد خفي في تلك الجملة الأخيرة.
نظرت إليه الصغيرة كي لوهلة، ثم هزت رأسها ببطء.
“…قد يغفر الساميين. ولكنني لن أفعل.”
عبس.
“ماذا؟”
أغمضت الصغيرة كي عينيها للحظة.
“ثم مرة أخرى، الساميين قد ماتوا. وأمي الطيبة ماتت أيضًا.”
ازداد عبوس الرجل…
ولكن قبل أن يتمكن من قول شيء، تحركت يد الشابة، واخترق سيفها عنقه.
اتسعت عيناه، واندفع سيلٌ من الدماء من فمه.
واقفًا بالقرب من بوابة القصر، ارتعش أوروم، مصدومًا.
في هذه الأثناء، هزت الصغيرة كي الجثة من على سيفها واتخذت خطوة إلى الأمام. ولم يتغير تعبيرها على الإطلاق، كما لو أنها لم تقتل بشريًا لتوها.
كان رد فعل بقية المستيقظين متأخرًا بضع ثوانٍ. بعضهم تراجع، وبعضهم بدأ يستعد لاستدعاء الذكريات أو الأمساك بأسلحتهم.
ولكن لم تقل الشابة التي كانت تمسك بالسيف الملطخ بالدماء شيئًا آخر، بل اندفعت إلى الأمام في صمت مخيف. وتحركت معها دُماها أيضًا.
وقف أوروم متجمدًا بالقرب من الجدار، يشاهد المعركة برعب. فقد كان يعرف بالفعل مدى مهارة الصغيرة كي، ومدى غرابة جانبها… ولكنه لم يرَ قدرتها تُستخدم ضد زملائها البشر من قبل.
فقط عندما رأى المستيقظين يصرخون ويحاولون إيقاف تدفق الدماء من جروحهم التي بدت سطحية، وهم يسقطون على الأرض في عذاب، أدرك مدى رعب وقسوة قوة الشابة حقًا.
وكم كانت بلا رحمة.
تسلب أرواحهم، وتمنحهم الموت.
كان هناك ما يقارب الثلاثين مستيقظًا في قصر اليشم، ولكنهم لم يكونوا نداً لإحدى أكثر طلاب الأكاديمية موهبة. لو كانوا أقوياء، لما فروا أو اختبأوا عندما واجهت قلب الغراب عدوها الأخير… ومع ذلك، كان بإمكانهم التغلب على الصغيرة كي بسهولة بقوة الأعداد.
لو كانوا شجعانًا بما يكفي، وحاسمين بما يكفي.
لكنهم لم يكونوا كذلك، ولم تمنحهم أي فرصة لاستعادة رباطة جأشهم.
لا… في الواقع، كانت تخيفهم عمدًا وترعبهم، فقتلت أولئك الأوائل بأكثر الطرق وحشية وقسوة.
وبعد ذلك… بدأت المجزرة.
انهارت الدمى الطينية في النهاية، وانكسرت أجسادها وتحطمت، ومع ذلك، كانت الشابة بلا هوادة.
وقف أوروم بلا حراك، يراقبها وهي تقتل معظم المستيقظين في القاعة بطريقة منهجية. حاول البعض الهرب، ولكنها طاردتهم واحدًا تلو الآخر. لم يُرحم أحد. كان انتقامها قاسيًا، شاملًا، وبلا رحمة.
بعد مرور فترة، أصبحت القاعة المظلمة في قصر اليشم مسرحًا لمجزرةٍ مروعة. ملأت عشرات الجثث المشوهة الأرض، وتجمعت بحيرة من الدماء على الأرض، تتلألأ ببرودة تحت ضوء المشاعل الخام.
كانت الصغيرة كي واقفةً في وسط تلك البحيرة القرمزية، تلهث. غارقةً في الدماء من رأسها حتى قدميها — والكثير من هذه الدماء كانت دمائها هي، ومع ذلك، أغلبها لم يكن.
ولكن…
بقي تعبيرها هادئًا وغير مبالٍ، وكأن ما فعلته لم يكن شيئًا استثنائيًا.
كما لو أن ما فعلته كان أمرًا طبيعيًا.
لم تكن المجزرة هي ما جعلت أوروم يشعر كما لو أن قلبه قد ضاق وامتلأ بالرعب، بل كان غياب الصدمة أو الندم على ملامحها.
هذا هو ما كانوا عليه…
أطفال العصر الجديد.
أولئك الذين ولدوا في عالم تعويذة الكابوس.
عابسًا بعمق، تحرك أوروم أخيرًا وسار ببطء نحو الصغيرة كي… نحو كي سونغ.
عندما اقترب أوروم، نظرت إليه الصغيرة كي وابتسمت.
“عمي أوري… انتهيت هنا. يمكننا الذهاب إلى البوابة تاليًا.”
لم تبدُ أنها لاحظت مدى اضطرابه، ولم تتوقع أبدًا أن يكون مضطربًا.
درس أوروم الجثث النازفة بصمت.
وفي النهاية، واجهها وسأل، بصوت يرتعش قليلاً:
“هذا… هذا… هل تعتقدين أن هذا ما كانت والدتكِ ستريده؟”
نظرت إليه الشابة باستغراب.
عبست قليلاً، وكأنها مرتبكة من سؤاله مرة أخرى.
ثم هزت رأسها.
“لا، بالطبع لا. كانت والدتي شخصًا لطيفًا للغاية.”
قبل أن يتمكن من قول أي شيء، تنهدت كي سونغ وأضافت، بصوت غريب يجمع بين الحزن، والشوق، والمرارة:
“ولهذا السبب ماتت.”
نظرت إلى الجثث التي قتلتها، ثم ركّلت إحدى الجثث، ونظرت إلى أوروم بتعبير هادئ وغير مبالٍ.
“هذا ما علمتني إياه، عمي أوري. العالم مكان قاسٍ، والتعويذة لن ترحمنا. لا مكان للطيبة في هذا العالم.”
ارتعش قليلاً، وهو يسمع كلماته الخاصة تخرج من فمها الملطخ بالدماء، تُقال بسهولة وبثقة، وكأنها حقيقة تافهة.
‘هذا ليس… ما قصدته…’
ولكن بدلاً من قول ذلك، انكمش أوروم ووضع كفه على وجهه للحظة. وفي النهاية، تنهد.
“لقد ارتكبتِ خطأً، كي سونغ. سواءً استحقوا الموت أم لا، كنتِ بحاجة إليهم. لا يمكن لشخص واحد أن يدافع عن القلعة… كان عليكِ إعدام القادة وإخضاع البقية. أنتِ بحاجة إلى محاربين لخدمتكِ!، وإلا، ستجعل أول موجة من مخلوقات الكابوس قصر اليشم عشًا لها.”
نظرت الشابة حولها، ثم ابتسمت بابتسامة مشرقة.
“بشأن ذلك… كنت أفكر في جانبي مؤخرًا، عمي أوري. هذه الدمى الطينية التي صنعناها، أعتقد أنها كانت الحل الخاطئ منذ البداية.”
عبس أوروم، ولم يفهم ما تعنيه.
…بقي مرتبكًا حتى اللحظة التي تحركت فيها أولى الجثث فجأة، ثم بدأت ترتفع ببطء عن الأرض.
فركت كي سونغ ذقنها، ثم أومأت برضا.
“نعم. هذا يعمل بشكل أفضل بكثير.”
ترجمة أمون