عبد الظل - الفصل 1937
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1937 : أثرها الأخير
قضى أوروم عدة أسابيع بعد الانقلاب الشتوي وهو يشعر بالخدر. لم يكن هناك الكثير ليفعله في الأكاديمية بعد أن رحل الطلاب، ولم يرغب في البقاء بجانب كبسولات نومهم كما فعل بعض المدربين في الخفاء.
لذلك، عاد إلى المنزل، وقضى وقته مع أخته وأطفالها خلال النهار، وركز على رعاية قلعته خلال الليل.
ولكن حتى عندما كان أوروم مع الآخرين، بقي هادئًا ومنعزلًا، معبرًا عن نفسه بتعابير هادئة. فقد كان عقله بعيدًا.
كان يفكر في قلب الغراب، وقلبه مليء بالمعاناة والندم.
كان الموت صديقًا قديمًا للمستيقظين الأصليين مثله، وفقد العديد من الأصدقاء والرفاق بسببه. ومع ذلك، كانت وفاتها جرحًا أعمق بكثير مما واجهه من قبل.
كانت المفارقة مريرة ومثيرةً للسخرية، عندما يتذكر الماضي. فقد عاش أوروم حياةً طويلة، ولم تكن المدة التي قضياها معًا طويلة. كانت آخر مرة رآها فيها قبل أكثر من عقد. ومع ذلك… والآن بعد أن رحلت قلب الغراب، أدرك أن المساحة الهائلة التي احتلتها في قلبه لا تقارن بقصر الفترة الزمنية التي قضياها كرفيقين.
ولكن لم يكن هناك ما يمكنه فعله الآن. لن يتمكن أبدًا من رؤيتها مجددًا، ولن يتمكن أبدًا من سداد دينه لها. لقد فات الأوان. ماتت قلب الغراب وحدها، بعيدًا، دون أن يكون أحد بجانبها.
والآن، تم استبدال وجودها في قلبه بالفراغ، وكل ما تبقى له هو الندم.
الأثر الوحيد الذي تبقى منها كان ابنتها.
“أوري، هل أنت بخير؟”
نظر إلى أخته، وسَمِع القلق في صوتها، فابتسم بلطف.
“بالتأكيد. لا تقلقي.”
تردد أوروم للحظات، ثم سأل فجأة:
“هل تتذكرين قلب الغراب؟”
رأى الارتباك في عينيها، فصحح نفسه.
“جيون. هل تتذكرينها؟”
عبست أخته وبدأت تهز رأسها، ولكن سرعان ما تذكرت.
“آه! العمة جيون؟، كانت معنا عندما وصلنا إلى NQSC، أليس كذلك؟، بالطبع، أتذكر… كانت طيبة جدًا. لماذا تسأل؟”
نظر أوروم بعيدًا.
“…لا شيء. قابلت ابنتها في الأكاديمية مؤخرًا، لذلك كنت أفكر في الماضي.”
ابتسمت أخته.
“ابنتها؟، إذن عليك أن تعتني بها جيدًا!، أوه، واحرص على حمايتها من الطلاب الذكور… إذا كانت جميلة مثل والدتها، فسيجعلون الأمور صعبة!”
ابتسم أوروم مرة أخرى وأومأ برأسه.
“بالتأكيد. سأفعل.”
بعد ذلك بوقت قصير، وجد نفسه عائدًا إلى الأكاديمية. بحلول ذلك الوقت، كان العديد من النائمين قد مروا بمرحلة الاستيقاظ وعادوا من عالم الأحلام. وتمكن شاب جريء ذو عيون رمادية حتى من الحصول على اسم حقيقي في زيارته الأولى لعالم الأحلام، وأصبح يُعرف الآن باسم… السيف المكسور؟، سيتعين على أوروم مراجعة السجلات للتأكد.
كانت كي سونغ آخر من عاد من الاعجوبات الأربعة.
وجدها في كافيتيريا السكن، تتناول وجبة خفيفة في عزلة. جعلها الاستيقاظ أكثر جمالًا، مما جذب إليها العديد من النظرات، ولكنه لم يستطع رؤيتها إلا كطفلة…
على الرغم من أنه كان يعرف أنها لم تعد كذلك — لم تعد طفلة بأي حال.
“عمي أوري.”
جلس أمامها ونظر إليها بصمت، غير متأكد مما يجب أن يقوله.
هل كان من المفترض أن يقدم تعازيه؟، أن يطلب منها الغفران؟، أن يعدها بأن كل شيء سيكون على ما يرام؟.
بدت كل هذه الكلمات فارغة ونفاقية في ذهنه.
في النهاية، قال أوروم:
“سمعت أنكِ انتهى بكِ الأمر جنوب باستيون.”
أومأت كي سونغ ببطء.
“نعم. أُرسلت إلى شواطئ بحر العاصفة. استغرق الأمر بعض الوقت للوصول إلى بوابة النهر.”
لقد فكر في الجغرافيا المعروفة لعالم الأحلام لبضعة لحظات، ثم ابتسم.
“إنها ليست بعيدة جدًا عن قلعتي. إذا أردتِ… يمكنني الوصول إلى بوابة النهر في غضون بضعة أسابيع وأخذكِ معي. ستكونين موضع ترحيب بين شعبي. سأعتني بكِ.”
نظرت إليه الشابة بصمت، بنظرة هادئة وقاتمة بشكل غريب. لم يستطع قراءة ما كانت تفكر فيه على الإطلاق.
في النهاية، سألت:
“لماذا ستتحمل كل هذا العناء من أجلي؟”
التقى أوروم بنظرتها، ثم تنهد واستند إلى الخلف.
في الواقع، كانا مجرد معارف عابرين في أفضل الأحوال. أصبحت الصغيرة كي يتيمة الآن، دون أي روابط قيمة تُذكر. ورغم أنها موهوبة، إلا أنها لم تثبت نفسها بعد، لذا لن تكون هناك فصائل تتسابق لتجنيدها بأي ثمن. بالنظر إلى كل ذلك، فإن عرضه لمواجهة مخاطر عالم الأحلام من أجلها لا يمكن تفسيره بسهولة… إلا إذا أخذت بعين الاعتبار دوافع أقل نقاءً. هز أوروم رأسه وأجاب ببساطة:
“لأنني مدين لوالدتكِ بدين.”
كان يريد أن يقول إنه كان صديقًا لقلب الغراب، لكنه أدرك أنه لا يستحق حتى الادعاء بذلك.
تنهدت كي سونغ بعمق ونظرت بعيدًا.
بعد فترة، سألت فجأة:
“كم هو عظيم هذا الدين؟”
تردد أوروم، غير متأكد من كيفية الرد. في النهاية، اكتفى بهز كتفيه وقال بنبرة محايدة:
“عظيم بما يكفي.”
أومأت الشابة ببطء وواجهته مرة أخرى.
“إذن لدي طلب منك، عمي أوري. طلب كبير.”
توقفت للحظة، ثم قالت بنبرة حازمة:
“من فضلك، ساعدني في الوصول إلى قلعة والدتي.”
عبس أوروم.
‘قلعة قلب الغراب…’
وفقًا لما يتذكره، كانت تُسمى قصر اليشم، ولم يكن يعرف عنها الكثير — إذ كانت بعيدة للغاية، بعيدة بما لا يُقاس بينها وبين أكثر المناطق البشرية اكتظاظًا بالسكان في عالم الأحلام.
كانت العديد من مناطق عالم الأحلام قد تم استكشافها بالفعل، ولكن كان القليل منها تحت السيطرة البشرية. كانت المنطقة المحيطة بباستيون معروفة نسبيًا، وتمتد حتى سلسلة الجبال غير المضيافة في الشمال. أما خلف تلك الجبال، فتوجد برية شاسعة وغير مروّضة بشكل كبير، وحتى أبعد من ذلك، ترتفع سلسلة جبال هائلة تُعرف باسم الجبال الجوفاء ترتفع نحو السماء.
كان هناك بعض المغامرين الذين عبروا السلسلة الجبلية الأولى في الماضي، ولكن لم يعد أحد منهم حيًا من الجبال الجوفاء. كانت تعتبر منطقة موت، وهو اسم يُطلق على تلك المناطق من عالم الأحلام التي لا يمكن للبشر البقاء فيها على قيد الحياة.
كان يُقال إن قصر اليشم يقع بالقرب من جبال الجوفاء، ولكنه بعيد، بعيد جدًا إلى الغرب. تكمن المشكلة في أنه إذا اتجه المرء غربًا من باستيون، فسيصطدم بحاجز غير قابل للاختراق من مناطق الموت.
لذا، فإن الطريقة الوحيدة لتحقيق ما تريده الصغيرة كي هي السفر جنوب بوابة النهر، والوصول إلى بحر العاصفة، والإبحار غربًا على طول ساحله، والهبوط بعد تجاوز جدار مناطق الموت، ثم مواجهة أخطار عالم الأحلام طوال الطريق إلى الحدود الشمالية لمناطقه المعروفة.
إنها رحلة تمتد لعشرات الآلاف من الكيلومترات، مليئة بالأخطار المجهولة والتهديدات القاتلة. وحتى لو قطعوا معظم المسافة بالقارب، فستستغرق منهم الرحلة عدة أشهر للوصول إلى الوجهة… إذا لم تأكلهم إحدى مخلوقات الكابوس المروعة في الطريق، بالطبع.
كان الخيار الآخر هو العثور على بوابة كابوس متصلة ببذرة في محيط قصر اليشم واتباع النداء إليها.
كان الطلب الذي تطلبه الصغيرة كي منه كبيرًا حقًا.
بقي أوروم صامتًا لبضعة لحظات، يدرس وجهها الشاب بنظرة جادة. وأخيرًا، سأل:
“لماذا تريدين الذهاب إلى هناك؟”
قابلت الشابة نظرة أوروم الثقيلة بعزيمة قاتمة، ثم رفعت ذقنها قليلًا وأجابت بنبرة ثابتة:
“لأنها ملكي.”
حدق أوروم فيها، ثم نظر بعيدًا وتنهد.
كان هناك الكثير من الأمور التي عليه التفكير فيها قبل اتخاذ القرار. قلعته الخاصة، الاستعدادات لمواجهة الكابوس الثاني، المخاطر المحتملة… وهل يستحق الأمر أن يعرّض نفسه للخطر لمساعدة هذه الشابة، التي تكاد تكون غريبة عنه منذ البداية…
ولكن في أعماقه حقًا، كان يعرف بالفعل ما سيفعله.
أومأ أوروم برأسه.
“حسنًا، الصغيرة كي… المستيقظة سونغ. سأساعدك في الوصول إلى قصر اليشم.”
وسيتأكد من وصولها إلى هناك حية وبصحة جيدة.
ترجمة أمون