عبد الظل - الفصل 1933
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1933 : الإرث
بعد عدة سنوات، وجد أوروم نفسه واقفًا على أطراف قطعة أرض قاحلة، يشاهد آلات البناء الضخمة تتحرك على مسافة بعيدة. مع جدار طويل من السبائك المعدنية قد تم بناؤه بالقرب من محيط NQSC، مغلقًا مساحةً شاسعة. كانت المدينة مزدحمة للغاية مؤخرًا، حيث اضطر العديد من الناس إلى الاستقرار خارج الحواجز… أما كيف استطاعوا البقاء على قيد الحياة هناك، فلم يستطع التخيل. ولكنهم فعلوا.
لذلك، كانت قيمة قطعة هذه الأرض فلكية — فهي تُقاس بحياة البشر، في النهاية.
كانت أعمال البناء تقترب من نهايتها. وكان الجدار تقريبًا مكتملًا، وقد حُفر الخندق أمامه. وقد نُصبت الأبراج المخيفة بالفعل فوق السور، وعلى الرغم من أن أياً منها لم يتم تشغيله بعد. بدا الأمر وكأنه حصن مستعد لصد هجوم من ‘عملاق’.
أثناء مراقبته، كانت مجموعة كبيرة من المستيقظين يستخدمون قوتهم اللاإنسانية لرفع بوابة ضخمة من السبائك المعدنية — مطليةً باللون الأحمر، وكانت تبرز بوضوح أمام السطح المعدني الباهت للجدار. انحدرت مجموعة من عمال البناء بالحبال بعد لحظات، مستعدة لتوجيه اللوح الضخم من السبائك الحمراء إلى آلية قفل معقدة.
“عندما يغلق السَّامِيّينَ بابًا، تفتح تعويذة الكابوس نافذة…”
عند سماعه لشخص يتحدث بجانبه، استدار أوروم برأسه باندهاش. لم يشعر بوجود أحد هناك من قبل. وبالنظر إلى مدى حدة غرائزه، كان الاقتراب منه خلسةً أمرًا صعبًا — ومع ذلك، بدا أن شخصًا ما قد تمكن من فعل ذلك.
‘هذا مُربك.’
لاحظ أوروم الكلمات المشوشة والضحكة المخمورة التي تلت التصريح المفاجئ، ثم شم رائحة الكحول في الهواء، وعبس.
هناك، على بعد خطوة واحدة منه، كان رجل أشعث في ملابس باهظة الثمن يتكئ على جدار، ممسكًا بزجاجة كحول شبه فارغة بيده. وكانت هناك ابتسامة ساخرة على شفتيه، وتعبير غريب في عينيه الباردتين.
نظر أوروم بعيدًا وابتسم.
“لم أكن أعلم أنه من الممكن أن يسكر سيد. هل تمزح معي، أيها الصاعد جيست؟”
التفت الرجل نحوه وابتسم.
“يا مرحبًا، أيها المستيقظ أوروم!، من المضحك أن نلتقي هنا.”
زم أورون شفتيه.
كان يعرف جيست جيدًا إلى حد ما، وعلى الرغم من أن العلاقة بينهما كانت ودية، إلا أن الرجل كان دائمًا يجعله يشعر بعدم الارتياح. كان الجميع يعرف الدور الذي يلعبه جيست في فوج واردين، وكم من الناس قد ماتوا على يديه… فقد تم القضاء على العديد من الفصائل الهامشية في صمت لاستعادة النظام في العالم، بعد كل شيء. ورغم شخصيته المبهجة ومظهره الفكاهي، كان الرجل يحمل جانبًا ملتويًا وشريرًا.
التفت جيست نحو الجدار المعدني الضخم وسأل بصوت فضولي:
“هل أتيت لتلقي نظرة أيضًا، أوروم؟، أكاديمية المستيقظين… يا له من اسم عظيم!، آه، ولكن هؤلاء الكسالى… الافتتاح سيكون بعد أيام قليلة، ولم ينتهوا حتى من تركيب أنظمة الدفاع.”
تنهد.
“حسنًا، ومن جهة أخرى. قد يقول البعض إنهم في الموعد تمامًا.”
كانت أكاديمية المستيقظين مشروعًا فرضته الفصائل التابعة لعدد من الأسياد المشهورين على الحكومة.
أو بالأحرى، أُجبرت الحكومة على جعله أولوية — كانت هناك دائمًا خطط لإنشاء منشأة تعليمية مركزية لحاملي تعويذة الكابوس الجدد والشباب من المستيقظين، ولكن بالنظر إلى مدى صعوبة وتعقيد لوجستيات مثل هذا المشروع، كان دائمًا ما يُؤجل. حتى الآن.
وذلك لأن ما يقارب ثمانية عشر عامًا قد مرت منذ نزول التعويذة، وكان أطفال العديد من المستيقظين الأصليين يقتربون بسرعة من العمر الذي يسمح لهم بالإصابة.
في الواقع، أصيب بعضهم بالفعل.
والأسوأ من ذلك، أن معدل الإصابة بين أقارب المستيقظين كان قد اُثبت أنه أعلى بكثير مقارنةً بالسكان العاديين. هزت هذه الأخبار المروعة المستيقظين بشكل كبير.
ولذلك، أخيرًا، قرر أولئك الذين في السلطة خلع القفازات وأظهروا للحكومة ما هي مكانتها بوضوح.
نظر جيست إلى الجدار المعدني بجدية، وبدأت الابتسامة تتلاشى ببطء من وجهه.
“لابد أنك سمعت، صحيح؟، أصغر أبناء فالور العجوز قد أُصيب. وابنة الشعلة الخالدة أيضًا… والعديد غيرهم. سيكونون الدفعة الأولى من أكاديمية المستيقظين.”
بقي أوروم صامتًا لبضعة لحظات.
“ماذا عن أطفالك؟”
ابتسم جيست.
“كلا، أطفالي لم يُصابوا. لم يبلغ أصغرهم السن بعد. أما الأكبر… فهو ميت. لم يجتز المحاكمة الأولى، لذا فهو تقنيًا ليس مصابًا بعد الآن. هناك. لا علاقة لي بهذه الأكاديمية.”
نظر أوروم بعيدًا بتنهد، بينما أخذ جيست رشفة أخرى من الكحول وضحك.
“أليست هذه مزحة، أوروم؟، الكابوس… لا ينتهي أبدًا. وكل الأشياء القذرة التي قمنا بها، وهي تزداد سوءًا. أسوأ، وأسوأ، وأسوأ… آه، إنه لأمر مضحك.”
نظر للأسفل، وعادت نظرته لتبرد مرة أخرى.
“أطفال أختك، ما أعمارهم، عشرة تقريبًا؟، لا بد أنك تفكر في الكثير من الأمور الآن، أليس كذلك، أوروم؟”
أومأ أوروم ببطء.
“نعم. أفكر… حقًا أتمنى ألا يُصابوا. وبالطبع، سأحتاج إلى إعدادهم جيدًا في حال حدث ذلك.”
كان الجميع على الأرجح يفكر بنفس الشيء في هذه اللحظة. كانت أكاديمية المستيقظين شيء، ولكن النظام التعليمي بأكمله سيحتاج إلى إعادة هيكلة. فحالات الإصابة تزداد كل عام، ولذا لم يعد كافيًا تعليم الأطفال الأدب، العلوم، والدفاع عن النفس الأساسي بعد الآن. يحتاجون إلى تعلم كيفية البقاء على قيد الحياة، كيفية القتال، وكيفية القتل…
وهذا بدوره سيجعلهم أكثر حدة وقسوة مما هم عليه بالفعل.
ابتسم جيست مرة أخرى.
“…لهذا السبب أحبك يا أوروم. أشكر السَّامِيّينَ أنك لا تزال طبيعيًا، على الأقل.”
تغير تعبيره مجددًا، ليصبح باردًا وحاقدًا. في هذه المرحلة، لم يعد واضحًا ما إذا كان فعلاً مخمورًا أو يتظاهر بذلك — وعلى أي حال، تمتم جيست بصر أسنانه، وصوته مليء بالازدراء:
“هل تعرف ما الذي يفكر فيه الآخرون، رغم ذلك؟”
هز أوروم رأسه بصمت.
ابتسم جيست بحزن.
“إنهم يصلون ليُصاب أطفالهم ويحملوا إرثهم. هناك حديث عن السلالات، والسيطرة على القلاع، وتوطيد السلطة في كل مكان. حسنًا، أفهم ذلك… لقد اعتدنا، نحن الحمقى، على مكانتنا العالية، وتلك المكانة لا تتواجد إلا بسبب القوة. إذا بقي أطفالنا عاديين، فستختفي مثل الندى بعد موتنا. ولن يكون هناك إرث.”
نظر إليه أوروم بعدم اكتراث.
“أفضل ألا أترك إرثًا إذًا.”
ضحك جيست ببساطة.
“وكأن لديك خيارًا. أوروم، يا صديقي، استمع لهذا الأحمق… تخلَّ عن الأمل. في هذا العصر، الشيء الوحيد الذي يستحق الإيمان به هو تعويذة الكابوس، والتعويذة قاسية وبلا رحمة. فقط… علّم أطفالك جيدًا. علّمهم جيدًا حقًا، أيها الوغد.”
ومع ذلك، أنهى زجاجة الكحول، ولوح بيده بضعف، وغادر.
“أراك في حفل الافتتاح، أوروم!، سيلقي العجوز فالور خطابًا… آه، أحب هذا الوغد، ولكنه ممل للغاية. ومع ذلك، انه يرفض قبول النكات التي كتبتها له!، بصراحة، لو كنت مكانك لتجاوزت الأمر برمته…”
راقبه أوروم يذهب في صمت، بنظرة ثقيلة.
على الرغم من النصيحة الودية، فقد حضر حفل افتتاح أكاديمية المستيقظين بعد بضعة أيام.
وهناك، التقى بـ كي سونغ مرة أخرى…
ترجمة أمون