عبد الظل - الفصل 1930
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1930 : مستقبل مشرق
‘تلك… هي والدة كي سونغ.’
بينما كان صني يفكر بذلك، مذهولاً، تلاشت الذاكرة في تيار وعي كاسي، وظهرت أخرى.
أوروم، الذي أصبح الآن مستيقظاً، كان يقف على أطراف ساحة مزدحمة في العاصمة المحصنة للربع الشمالي (NQSC). كانت هيئته أكثر قوة، وقامته مستقيمة وثقة تشع من ملامحه، وهو بعيد كل البعد عن اللاجئ النحيف الذي كان عليه يوماً.
نجا من نهاية العالم… بفضل سونغ جيون في المقام الأول، التي علمته كيفية جمع شظايا الروح، وامتصاصها ليزداد قوة، واستدعاء الرونية لفهم جانبه وسماته، وتجسيد الذكريات، وأكثر من ذلك بكثير.
في ذلك اليوم قبل سنوات عديدة، قاتلا معاً للخروج من طوفان المصابين… مخلوقات الكابوس، كما أصبح يُطلق عليها الآن… ثم انضما إلى قافلة من الناجين، هاربين عبر الأراضي القاحلة نحو العاصمة المحصنة للربع الشمالي.
كانت سونغ جيون – المعروفة الآن باسم قلب الغراب – مسؤولة أيضاً عن نجاته من الانقلاب الشتوي بعد بضعة أشهر. افترقا بعد ذلك، كل منهما أُرسل إلى زاوية مختلفة من عالم الأحلام بسبب تعويذة الكابوس، لكن أوروم كان يفكر دائماً في منقذته ويتساءل عن حالها الآن.
وعن ابنتها، التي وُلدت بعد فترة وجيزة من استيقاظهما. ولهذا كان سعيداً بلقائها صدفةً اليوم. لم تتغير قلب الغراب كثيراً. لا تزال مرحة وواثقة، سريعة الابتسام، وقليلاً ما تكون غامضة… فقط كان هناك ثقل مخفي عميق في عينيها الجميلتين، وبدت أكثر نضجاً.
“خذ هذا.”
قدمت له وجبة خفيفة من بائع متجول، نفس كعكة المعجون الصناعي التي كان الجميع يتناولونها، مغطاة بكمية مفرطة من التوابل الاصطناعية، ثم نظرت إلى الإسقاط الضخم الذي يعلو الحشد في وسط الساحة.
فيه، كان يجري احتفال رسمي.
أخذ أوروم الوجبة الخفيفة بامتنان، ثم نظر إلى الشاشة أيضاً. أخذت قلب الغراب لقمة وعبست، ثم أشارت إلى الإسقاط.
“أوه، أتعرف بعض هؤلاء؟، لنرى — الشخص الذي يبدو كأنه يمتلك تعبيرًا واحدًا فقط يجب أن يكون واردين من فالور القديم الطيب… إنه ليس بذلك السوء، ولكنه جامد بشكل فظيع. أما الوسيم الذي بجانبه فهو الشعلة الخالدة. ثم… يا الهـي ، أهذا هو؟، لابد أنه هو. إنه سائر الليل… إذن الشائعات كانت صحيحة!، إنه موجود. لنرى من أيضًا…”
كان هناك المزيد من المحاربين المشهورين بجانبهم.
كان الأشخاص الذين عُرضت صورتهم فوق الحشد أفضل واذكى ما يمكن أن تقدمه البشرية… الابطال المقاتلين للعصر الجديد. بالطبع، الجميع قاتلوا بلا هوادة لضمان عدم انهيار العالم، ولكن هؤلاء الأفراد البارزين نقشوا أسماءهم في التاريخ.
والآن، كانوا على وشك فعل ذلك مجدداً.
ألقى أوروم نظرة على قلب الغراب وسأل، وهو يشعر ببعض الارتباك:
“هل تعرفينهم؟”
هزت رأسها.
“لا، ليس حقًا. نحن الصغار نادراً ما تتاح لنا فرصة الاحتكاك بالكبار، أليس كذلك؟”
ابتسم.
كانت قلب الغراب متواضعة بشكل زائف. صحيح أن شهرتها لم تكن في مستوى واردين أو الشعلة الخالدة، ولكنها لم تكن عادية بأي حال. بعد كل شيء، كانت واحدة من الأفراد النادرين الذين حصلوا على اسم حقيقي من التعويذة أيضاً.
في هذه الأثناء، كان أحد الأشخاص في الإسقاط ينهي خطابًا.
“…لكننا صمدنا. نجونا. وازدهرنا!، مخلوقات الكابوس تم القضاء عليها تماماً في مدن لا تُحصى، واستعدنا كوكبنا. ومع ذلك… لا يزال من المبكر الاحتفال. لا تزال هناك مدن أخرى كثيرة يجب تحريرها، وهناك العديد من الأشخاص الذين يحتاجون إلى الإنقاذ. وبالتالي، لتحقيق هذا الهدف المجيد وحماية البشرية من مخاطر المستقبل غير المؤكد…”
توقف المتحدث للحظة درامية، ثم أنهى بابتسامة مشرقة:
“يشرفني أن أعلن تشكيل الحكومة البشرية المتحدة!”
انفجر الحشد بالتصفيق والهتافات.
كانت الدول القديمة قد اختفت، وفي فوضى العصر الجديد، توحد الناجون حول القوى المحلية — معظمهم كانوا أبطالًا مستيقظون. كان هناك الكثير من التعاون بين مدن المعاقل المختلفة، خاصةً في الآونة الأخيرة… بفضل أن هؤلاء الأبطال غالباً ما كانوا يقاتلون جنباً إلى جنب في عالم الأحلام عندما ينامون.
لذا، كان هذا الخبر مرحباً به. شعر الناس وكأن لمحة من الاستقرار بدأت تعود إلى العالم.
صفقت قلب الغراب بيديها أيضاً.
“جيد. كانت الأوضاع تزداد جنوناً في بعض أجزاء العالم مؤخراً… أعني كلا العالمين. هناك جميع أنواع المجانين هناك، وبعضهم يتمتع بقدر كبير من القوة. ربما ستقوم هذه الحكومة المتحدة الجديدة بطردهم ببطء لكن بثبات.”
أومأ أوروم برأسه.
“نعم. أنا سعيد فقط أن هناك نوعًا من النظام العالمي سيُنشأ. بصراحة، شعرت لفترة وكأننا سنتدهور إلى الإقطاعية لفترة من الوقت.”
كان أوروم قوياً بما يكفي ليصبح لوردًا إقطاعيًا بنفسه… ربما لوردًا صغيرًا، ولكنه يبقى لوردًا رغم ذلك. ومع ذلك، لم يكن هذا العالم هو الذي يريده لأخته أن تكبر فيه.
نظرت إليه قلب الغراب بنظرة فضولية.
“أعني… سننحدر إلى نوعٍ جديدٍ من الإقطاعيات على الأرجح. لكن على الأقل هذا النظام الجديد سيكون له مظهر أنيق وإدارة علاقات عامة مبهرة.”
بهذه الكلمات أنهت قلب الغراب وجبتها الخفيفة وبدأت في الابتعاد عن الساحة.
“هيا، أوري. المدينة كلها ستحتفل اليوم… يجب أن نستمتع قليلًا بينما نستطيع، أليس كذلك؟”
ضحك أوروم وألقى نظرة أخيرة على الإسقاط قبل أن يتبعها.
“بالتأكيد. فقط نحن الاثنين؟”
ابتسمت قلب الغراب له بلمحة من التسلية.
“في الواقع، كنت أفكر في شخص آخر أيضًا…”
بعد نصف ساعة، وجد أوروم نفسه أمام فتاة صغيرة خجولة، حلوة للغاية، تختبئ خلف والدتها وترمقه بنظرات حذرة.
رمش بعينيه في دهشة.
“أهذا أنتِ، الصغيرة كي؟، يا للسَّامِيّينَ، متى كبرتِ هكذا؟!”
آخر مرة رآها فيها، كانت رضيعة صغيرة مغطاة ببطانية من القماش.
مات الكثير من الناس خلال الأشهر الأولى من تعويذة الكابوس لدرجة أن مجرد البقاء على قيد الحياة كان يُعتبر إنجازًا عظيمًا. أما البقاء على قيد الحياة أثناء الحمل، كما فعلت قلب الغراب، فكان شيئًا قريبًا من المعجزة… وأيضًا شهادة على مدى تميزها.
وهكذا، كانت حياة هذه الفتاة الصغيرة معجزة بحد ذاتها. فقد وُلدت ونجت ضد كل الصعاب.
ولكن فقط عندما رآها الآن، وقد كبرت لتصبح بشرية صغيرة فعلية، أدرك أوروم مدى ما حققوه.
كم كان الطريق طويلًا…
وأن العالم لم يعد ينتهي بعد الآن.
لقد أنقذوه.
وبينما كان ينظر إلى الفتاة الصغيرة الخجولة، ابتسم.
“ماذا، ألا تتذكرين عمكِ أوري؟، آه، أشعر بالألم. كنت هناك عندما كنتِ طفلة صغيرة جدًا، كما تعلمين…”
لم يستطع إلا أن يتساءل عن المستقبل الذي ينتظر هذه الطفلة الحلوة.
من المؤكد أنها ستعيش حياة طويلة. وسيكون مستقبلها دافئًا، مشرقًا، ومليئًا بالسعادة…
ترجمة أمون