عبد الظل - الفصل 1919
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1919 : الأدغال القديمة
بينما كان الجيش يزحف إلى داخل الأدغال، سقطت عدة شخصيات من أعلى لتطوقه. ولكن هذه المرة، لم تكن مخلوقات الكابوس — رغم أن بعضها بدا وحشيًا إلى حد كبير.
بدلاً من ذلك، كانوا القديسين الذين كانوا يصدون مدّ الرجسات على السطح، والآن كانوا يتراجعون بعدما أصبح العدو لا يمكن إيقافه.
اتخذ بعضهم شكله البشري لينزل بأمان بمساعدة الذكريات، وكان بعضهم قادرًا على الطيران طبيعيًا أثناء التحول. أما الآخرون فقد تحملوا السقوط ببساطة، معتمدين على طبيعة أجسادهم الوحشية لتحمل الأضرار. وساعدت المظلة السميكة للأدغال على تخفيف حدة سقوطهم إلى حد ما، ولكن كانت الاصطدامات لا تزال مرعبة.
في تلك اللحظة القصيرة، لاحظت رَين كل أنواع المخلوقات المدهشة.
كان هناك هاربي وحشية ‘1’، ولكنها جميلة بشكل مخيف، تتساقط الدماء من مخالبها الحادة وشفتيها الحمراوين. وكان هناك عملاق برأس ابن آوى، وجسده الشاهق بلون السج. ثم كان هناك كلب ضخم بحجم تل، بثلاثة رؤوس، وفكّيه الملطخين بالدماء قويين بما يكفي لطحن الجبال إلى غبار. وكان هناك مخلوق مروع يشبه أسدًا ذو قرون، وله ذيل يشبه الأفعى، وتتساقط قطرات السم من أنيابه.
وحتى أنه هناك زاحفًا ضخمًا بساقين خلفيتين قويتين وأذرع قصيرة غير متطورة، وكانت خطواته الاستبدادية تهز الأرض.
كان القديسون مثخنين بالجراح وينزفون، وكانت أجسادهم القوية خريطة للجروح. ولكنهم لم يبدوا أنهم يعيرون ذلك أي اهتمام — فعندما هبطوا على الأرض، اتخذوا فورًا مواقع حول الجيش، مستعدين لحماية الجنود من سكان الأدغال القديمة الذين نجوا من مرور بنات كي سونغ.
للأسف، كان حجم القوة الاستكشافية كبيرًا للغاية لدرجة أن حتى ثلاثة دزينات من الأبطال المتسامين لم يكونوا كافيين لحماية الجميع. وكان الشعور بالأمان الذي توفره رؤيتهم مجرد وهم.
قبضت رَين على قوسها بعصبية بينما أخفت المظلة القرمزية قبة التجاويف العظيمة البعيدة.
طردت ذكريات مضيئة لا حصر لها الظلام بعيدًا، مما جعل من السهل رؤية المناطق المحيطة. كانت أدغال التجاويف… مشابهة ومختلفة في نفس الوقت عن تلك التي تجتاح السطح.
كانت الأشكال، الألوان، والروائح كلها نفسها. ومع ذلك، كانت هذه الأدغال أقدم بكثير، وبالتالي أكثر إثارةً للرعب.
كانت الأشجار أطول بعدة مرات، والكروم بسمك جسم الإنسان، وكان الطحلب عميقًا بما يكفي لابتلاع شخص كامل في بعض الأماكن…
بالطبع، لهضمه.
وكانت الأشجار جائعةً بنفس القدر، وبعض الكروم تتحرك مثل الثعابين الضخمة، لتقيد البشر وتمزق أجسادهم بأشواكها الحادة كالشفرات. وكانت هناك حشرات ماصة للدماء بحجم رأس البشر وحشرات زاحفة بفكوك طويلة بما يكفي لقطع قدم المرء… وكلها تتحرك في أسراب، بالطبع، فتُسقط البشر وتلتهمهم في غضون ثوانٍ. وسرعان ما امتلأت الأدغال بصوت الأسلحة والصراخ المرعب.
كانت الأدغال القديمة للتجاويف مميتة بشكل لا يوصف — وكان ذلك حتى بعد مرور الأميرة سيشان ومغنية الموت هنا، حيث دمرتا أخطر المفترسات.
وكانت آثار مرورهم في كل مكان. مثل الأشجار الشاهقة المكسورة والمحطمة، والكروم المفترسة الممزقة. وجثث مخلوقات الكابوس الضخمة الممزقة ملقاةً هنا وهناك مثل تلال سوداء من اللحم الممزق، مع برك من الدماء العفنة تتجمع أسفلها.
في بعض الأماكن، كانت مساحات كاملة من الأدغال مدمرة تمامًا، وكأن إعصارًا مر بها.
وكانت سوائل داكنة تتسرب من تحت الأشجار الساقطة.
ذُهلت رَين وارتعبت من الواقع الكابوسي المحيط بها في البداية، ولكنها سرعان ما تبلدت مشاعرها تجاهه. فلم يكن هناك وقت للخوف، على أي حال.
“واحدة أخرى!”
سحبت قوسها وأطلقت سهمًا، مستهدفة طنين الأجنحة في الأعلى. كانت الأهوال الماصة للدماء تختبئ في المظلة السميكة للأدغال وكانت سريعة للغاية بحيث لا يمكن للمستيقظين رؤيتها عندما تهاجم — ولكنها كانت تستطيع الإحساس بظلالها، والرؤية في الظلام، وسماعها. وكان ذلك كافيًا بالكاد ليمنحها فرصة لإصابة الحشرات الرجسة قبل أن تقتل أحدًا.
كانت أفواهها الممتدة والشبيهة بالانصال، قاتلة بما فيه الكفاية بالفعل، تاركة جروحًا مروعة على أجساد ضحاياها. والأسوأ من ذلك، أنها كانت تفرز نوعًا من السم الذي يشل الضحية، ويوقف قلب الإنسان في غضون ثوانٍ. عادةً، بمجرد أن يتم ملاحظتها، يكون الأوان قد فات بالفعل.
ولكن ليس هذه المرة.
انطلقت صورة ضبابية نحو الجنود المتقدمين من أعلى، ولكنها إعتُرِضَت بسهمها في الهواء. كانت أجنحة هذه المخلوقات وقشرتها صلبة جدًا لدرجة أن قوسها المسحور لم يكن بإمكانه حتى خدشها، ولكن كانت بطونها اللينة نوعًا ما ضعيفة.
أصاب السهم المخلوق الماص للدماء، مما أفقده توازنه وسقط على الأرض. على الفور، اندفع الجنود المستيقظون نحوه.
لم تكن ذكرياتهم قوية بما يكفي لقتل المخلوق، لذا كافحوا لتثبيته بدلاً من ذلك — ألقيت عليه شباك سلكية خاصة، والتي مزقها على الفور وهرب. ولحسن الحظ، كانت تلك المدة كافية لظهور أحد الصاعدين، الذي حطم قشرته بضربة مدمرة من مطرقته الثقيلة.
في نفس الوقت…
ليس بعيدًا جدًا، كان جندي يصرخ بينما وجد نفسه يغرق في بقعة قرمزية من الطحالب. تمكن رفاقه من سحبه، ولكن بحلول ذلك الوقت، كانت ساقاه السفليتان قد ذابتا في السائل الهضمي.
وفي نفس الوقت…
اهتزت شجرة طويلة، وسقط مطر من الأوراق القرمزية من أغصانها. وكانت كل ورقة مثل شفرة مسننة، تقطع بسهولة عبر الدروع المسحورة، واللحم، والعظام. سقط اثنا عشر جنديًا على الأرض، ينزفون — بعضهم مات، والبعض الآخر أصيب بجروح خطيرة. وسرعان ما تم سحب الموتى والأحياء تحت الأرض بواسطة الجذور التي ظهرت من الأسفل. حاول الآخرون حفرهم وإخراجهم، ولكن كان ذلك بلا جدوى.
وفي نفس الوقت…
أطلقت كرمة مغطاة بأزهار جميلة سحابة من حبوب اللقاح القرمزية في الهواء، وألقى عدد قليل من الجنود الذين لم يكونوا سريعين بما يكفي للهروب أسلحتهم على الأرض، وساروا في الضباب الأحمر بتعبيرات فارغة. وبحلول الوقت الذي تلاشت فيه سحابة حبوب اللقاح، كانوا قد اختفوا — دون أن يتركوا أثرًا، حتى بدون آثار أقدام تشير إلى ما قد حدث لهم. غطت رَين فمها بيدها وهي تنظر حولها برعب.
‘هذا… هذا هو الجحيم. لا بد أنه كذلك.’
وفي كل مكان حول الجيش المتقدم، كان القديسون يخوضون معارك يائسة مع الرجسات العظيمة التي تظهر من الأدغال بين الحين والآخر، مجذوبةً برائحة الأرواح البشرية.
وخلف الجيش، كان مدّ مخلوقات الكابوس يقترب مع كل دقيقة، مهددًا باللحاق بمؤخرة التشكيل.
محاطين ومطاردين، كان محاربو سونغ يسيرون نحو القلعة البعيدة.
***
1: الهَارْبيز في الأساطير الإغريقية الرومانية، وحوش مجنحة خبيثه نصفها امرأة والنصف الآخر طائر.
ترجمة أمون