عبد الظل - الفصل 1902
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1902 : مسألة مروعة
طُرد ظلام ريفل وانحسر، ولكنه ما زال يلتف حولها كأنه سحابة. مختبئة خلفه، نظرت إلى نيفيس.
وكانت نيفيس تنظر إليها أيضًا.
وفجأة، تردد صوت عذب في القاعة المدمرة، يحمل في طياته مزيجًا من شدة السطح المحترق للشمس وهدوء أشعة الشمس المنعكسة عن الماء الصافي:
“…أنتِ قاتلة النور؟”
بقيت ريفل صامتة لبرهة من الزمن.
كان جسدها المثخن بالجراح والدماء يبدو في حالة فوضى قذرة أمام الروح النقية المشعة بالنور.
“هكذا يسمونني، نعم.”
بقيت نيفيس صامتة لبضعة لحظات، ثم تحدثت بنبرتها الهادئة المعتادة:
“لستُ منبهرة..”
قد تكون نبرتها خالية من المشاعر، لكن ذلك جعل التعليق يبدو أكثر سخرية.
كان الأمر كما لو أنها تقول… هل هذا كل شيء؟، هل من المفترض أن أُقتل على يدكِ؟، عند سماع ذلك، ابتسمت ريفل ابتسامة قاتمة.
“آسفة على خيبة الأمل، سيدة نيفيس.”
ومع تلك الكلمات، انفجرت القاعة المدمرة مرة أخرى بالحركة… كانت لحظة السلام قصيرة العمر.
تساقطت ألسنة اللهب الحارق على أميرة سونغ، كما لو كانت تمتلك حياة خاصة بها. بدا أن الروح المشعة تتحول إلى شعاع من النور، مندفعًة نحوها بسرعة مستحيلة.
لم يكن صني بعيدًا، فقد علم أن هذه كانت أفضل فرصة لهما لقتل ريفل.
أما ريفل نفسها، فخطت خطوة للخلف وتحولت إلى سيل من الظلام.
ومع ذلك، لم يهاجم الظلام. ولم يحاول الدفاع عن نفسه أيضًا — بدلاً من ذلك، تدفق إلى أسفل وتسرب إلى ألواح الأرضية المتشققة، واختفى عن الأنظار.
لم تمس النيران سوى الخشب القديم، فأحرقته. أخطأت ضربة نيفيس. وظهر صني من الظلال بعد لحظة قصيرة جدًا.
كانت ريفل قد هربت.
للحظة، وجد نفسه وجهًا لوجه مع نيفيس، يشعر بحرارتها رغم مستوى المقاومة المذهل الذي تمنحه له عباءة العقيق.
كان صامتًا للحظة.
“… هل أنتِ بخير؟”
أومأت روح النور برأسها، وشكلها الرشيق مغمور في الإشعاع الساطع.
“ماذا عنك؟”
ابتسم صني خلف قناعه.
“أنا على قيد الحياة، إن كان هذا ما تعنينه.”
ومع ذلك، لم يكن هناك وقت للمحادثات بعد الآن. لأنهما كانا يعلمان جيدًا ما يعنيه تراجع ريفل — فقد هربت للأسفل، باتجاه المكان الذي كان من المرجح أن يكون فيه بقية رفاقهم يقاتلون من أجل حياتهم.
“لنذهب!، علينا تدمير جثة الرعب بأي ثمن!”
ألقى صني نظرة خاطفة على القديسة، يأمرها بالبقاء آمنة، ثم اختفى في الظلال مرة أخرى.
بعد لحظة، ظهر في فوضى القاعة الكبيرة حيث تم نصب كمين لفرسان جيش السيف من قبل بنات كي سونغ.
كانت نظرة واحدة كافية لمسح الابتسامة عن وجهه، واستبدالها بتعبير قاتم.
‘لقد مات الكثيرون…’
كانت الخسائر التي تكبدها نطاق السيف مرعبة. لم يكن بإمكانه رؤية سوى أربعة أعضاء من فريق الغزو لا يزالون يتنفسون — روان، هيلي، جيست، والقديس الذي أصيب في بداية المعركة على يد المطاردة الصامتة.
لم يكن هناك أي أثر لريفالين، وبقية القديسين أصبحوا جثثًا — بعضها تضررت بشدة لدرجة لا تصلح للاستخدام من قبل ملكة الغربان، وبعضها ما زال يتحرك.
كانت المطاردة الصامتة في حالة فوضى دموية، بالكاد متمسكةً بالحياة. وكانت العواء الوحيد وانعكاسها المتبقي منخرطين في معركة شرسة مع الشرير، يحميان جسدها البشري الهش منه.
على الأقل، بدا أن جثة الرعب العظيم قد دُمرت بالفعل. لم يكن صني يعرف لماذا طلبت منه نيفيس أن يجعل التخلص منها أولوية، لكنه كان سعيدًا لمعرفة أن المخلوق البغيض لم يعد يشكل أي تهديد.
عادت ريفل لتتجسد من الظلام المتدفق، واقفة في نهاية القاعة المقابلة له. كانت قد تخلت عن شكلها المتسامي وعادت تبدو كإنسانة مرة أخرى، ووجهها الشاحب ملطخ بالدماء.
بمجرد أن رآها، صاحت:
“تراجعوا!”
قفز الذئبان العظيمان على الفور. تردد الانعكاس للحظة قبل أن يتراجع لإعاقة الشرير، بينما أمسكت العواء الوحيد بالمطاردة الصامتة برفق بأسنانها وسحبتها نحو ريفل كقطة صغيرة. شكّل صني كتلة من الظلال البرية إلى سيف الأوداتشي واستعد للدفاع عن القديسين الجرحى من أبطال السيف.
“أيها الشرير!، تعال إلى هنا!”
نظر الشيطان الجهنمي إلى الذئاب المنسحبة بحسرة، ثم خطا عبر الظلال ليقف بجانب صني.
كانوا القديسون الأربعة الناجون الآن خلفهم، ويبدون مرتاحين لرؤية لورد الظلال.
كانوا في حالة يُرثى لها — حتى السير جيست، الذي نجا بأقل عدد من الجروح نسبيًا، كان مغطى بالدماء.
في الواقع، الشخص الوحيد في القاعة الشاسعة الذي لم يكن درعه مغطى بالدماء هو صني نفسه. كان ذلك لأن من الصعب جدًا جعله ينزف — ولكن بالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون هذه السمة الغريبة عنه، بدا وكأنه خرج من المعركة المرعبة ضد راقصة الظلام ريفل دون أن يصاب بأي خدش.
رغم ذلك، كان درعه مخترقًا ومهشمًا، مما جعل البعض يتساءل عما إذا كان هناك جسد بشري تحته حقًا.
وفي تلك الأثناء، توقف صني عند رؤية الشكل المتسامي للسير جيست. أين ذهب الرجل العجوز الودود؟، بدلًا منه، ظهر مسخ شرير مليء بالكراهية، تشع من عينيه الغير بشريتين حقدًا خالصًا. كان جسده جسد رجل، وأرجله أرجل ماعز، مع قرنين مخيفين ينموان من رأسه الحيواني المزعج. الكلمة الوحيدة التي يمكن استخدامها لوصفه هي… شيطاني.
هل كان ساتيرًا ‘1’، أم صديقًا حقيقيًا من أعماق الجحيم؟.
شعر صني فجأة بقشعريرة تسري في عموده الفقري.
…أمامهم كانت ريفل، والعواء الوحيد، والمطاردة الصامتة، والصدى، والقديسون الموتى المتبقون. بدا أن الهواء يشتعل من شدة التوتر، ولم يكن أي من الجانبين متعجلًا للقيام بأي حركة.
وفي تلك اللحظة، هز انفجار عنيف القاعة، ووصلت نيفيس من الأعلى في مطر من الحطام المشتعل.
في نفس الوقت… بدا وكأن رؤية صني أصبحت ضبابية للحظة. فجأة، ظهرت جمال رقيقة بشعر أبيض وعيون متلألئة — حجاب القمر — بجانب ريفل، ووجهها شاحب وملطخ بالدماء. يرافقها… رمش صني بعينيه.
كان برفقة الأميرة الجميلة انعكاس لنيفيس. بدا المخلوق مثلها، وكان له نفس حضورها… ومع ذلك، شعر صني بأن النسخة تفتقر إلى شيء.
لم يكن هناك ببساطة أي طريقة للخلط بينه وبين نجمة التغيير الحقيقية، حتى لو كان الشخص أعمى.
ظهور الأنعكاس أجاب على سؤال صني الأخير، مما جعله يعبس خلف القناع.
‘لا عجب.’
الآن بعد أن رأى النسخة من نيفيس، فهم سبب قولها له أن يدمر جثة الرعب العظيم بأسرع وقت ممكن. بالنظر إلى أن الانعكاس كان قادرًا على عكسها، فلا يمكن أن يكون مجرد وحش.
كانت نيفيس قد أعادت تشكيل نواة الروح التي فجرتها للهروب من الرعب الملعون، الإدانة، وكانت الآن مرة أخرى ‘عملاقًا’ متساميًا — ولذلك، كان لابد أن تكون النسخة ‘عملاقًا’ أيضًا. إما متساميًا… أو حتى فائقًا.
اتسعت عينا صني قليلاً.
‘ذلك الوغد…’
لو بقي الرعب العظيم سليمًا، فلربما كان الانعكاس قادرًا على عكسه، حينها، لكان عليهم أن يواجهوا ذلك المسخ إضافة إلى بنات كي سونغ.
للأسف، لم يستطع صني سوى رؤية انعكاس أنوية روح نيف المنعكسة، ومع الفوضى الناتجة عن تصادم الهالات القوية المختلفة في القاعة المظلمة، لم يستطع قياس قوة الانعكاس بدقة… ربما كان يخفي قوته أيضًا.
‘هل يمكن أن يكون فائقًا حقًا؟’
ما الذي كان يمكن أن يفعله موردريت لتغذية ‘عملاق’ فائق؟، كيف كان يمكنه حتى أن يخلق واحدًا، بالنظر إلى أن كل انعكاس يتطلب التضحية بعدد من أنوية الروح بقدر ما كان من المفترض أن يمتلكه مخلوق من فئته؟.
كانت لديه الكثير من الأسئلة، ولم يكن أي من الإجابات المحتملة يبشر بالخير للمستقبل.
عندما هبطت نيفيس برفق على الأرض، ساد صمت مخيف في ظلام القاعة المدمرة.
بعد لحظة، تم طرد الظلام بواسطة النور ناعم.
بدأت الجروح على أجساد روان، هيلي، والقديس الذي كان مستلقيًا على ظهر هيلي تتوهج بالإشعاع الأبيض وبدأت تلتئم بسرعة مذهلة.
وفي نفس الوقت تقريبًا، وضع انعكاس نيفيس يديه على ريفل والمطاردة الصامتة، فشفاهم بدوره.
‘عظيم’.
تنهد صني.
كان وجود معالج إلى جانب المرء نعمة لا تصدق.
ومع ذلك، إذا كان العدو يمتلك معالجًا أيضًا، فيمكن أن تتحول معركة رهيبة بالفعل إلى مواجهة مروعة حقًا.
وهذا بالضبط ما بدا أنه سيحدث الآن.
***
1: الساتير في الأساطير اليونانية هو ذكر من القوات المصاحبة لسامي المراعي والصيد البري والأحراش بان وديونيسوس سامي الخمر عند الإغريق القدماء وملهم طقوس الابتهاج والنشوة، الساطير له ملامح تشبه ملامح (الماعز)، بما في ذلك ذيل الماعز، وآذان الماعز، صورته بالتعليقات.
ترجمة أمون