عبد الظل - الفصل 1898
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1898 : مضغ الزجاج
داخل القلعة القديمة، كانت المعركة المرعبة تقترب من نهايتها الكئيبة. دُمر الجزء الداخلي من القاعة الكبرى، وعلى الرغم من أن الدخان لم يصل بعد، إلا أن الامتداد المظلم كان مشبعًا بحرارة حارقة. وغُمرت الأرضية المحطمة بالدماء.
لم تسر المعركة بشكل جيد لجيش السيف. فمعظم القديسين قد قُتلوا بالفعل — ولم يتبق سوى أربعة، وكل منهم يكافح للبقاء على قيد الحياة.
كان القديس روان مغطى بالجروح والدماء، وأصبحت لبدته البيضاء مصبوغةً بالأحمر. انطفأت صواعقه، وعلى الرغم من أن درعه المسحور — هدية من ابنته للاحتفال بتساميه — قد خدمه جيدًا، إلا أنه الآن بات عبارة عن كتلة ممزقة من المعدن المهشم، بعيدًا فقط ضربة أو ضربتين عن الانهيار إلى نهر من الشرر الأثيري.
كان السير جيست محاطًا من كل الجهات. وكان شكل تساميه على هيئة رجس شيطاني بقرون تشبه الماعز وعيون مليئة بالشر الخبيث. كان قد أبلَ بلاءً حسنًا ضد قديس الحزن، ملحقًا إصابات بالغة بخصمه الحجري، ولكن مع سقوط رفاقه الأبطال من فالور واحدًا تلو الآخر، تغيرت الأوضاع للأسوأ.
كانت القديسة هيلي مصابة بجروح خطيرة، وجوانبها مبللة بالدماء، ممزقةً بمخالب وحشية. وكان جهها الجميل شاحبًا من الألم والإرهاق، وقد تم تدمير قوسها القوي منذ فترة طويلة. وحتى درعها كان على وشك الانهيار، بينما كان رمحها مكسورًا بعدة شقوق.
أما القديس الرابع الباقي فقد كان متكئًا على ظهر الشكل المتسامي العريض، بالكاد واعيًا بعد أن فقد الكثير من الدماء. وكان هو الشخص الذي أُصيب بسهم المطاردة الصامتة في الكمين — ومن المفارقة أن الآخرين قد ماتوا، لكنه بقي متشبثًا بالحياة. ومع ذلك، لم يكن له تأثير يُذكر في المعركة.
أما أعداؤهم، في هذه الأثناء…
كانا ذئبان هائلان يدوران حول روان، يستعدان لإنهائه — كانت العواء الوحيد وإحدى انعكاساتها، وكلاهما في حالة أفضل بكثير من الأسد المجنح.
كان الانعكاس الثاني يطارد هيلي، وبالكاد تمكنت من صدّه برمحها ودرعها.
تم تدمير جثة الرعب العظيم، وكذلك اثنين من القديسين العائدين. ومع ذلك، تمكنت ملكة سونغ من السيطرة على ثلاثة آخرين — وهم الآن يحيطون بالسير جيست، ويهاجمونه لدعم قديس الحزن.
كانت الأوضاع قاتمة، ولم يرَ أي من قديسي السيف طريقًا للخروج. حتى السير جيست لم يعد يبدو متسليًا.
ضيّق عينيه الشريرتين، وصوت عميق وغير بشري تردد في القاعة المدمرة، مثيرًا الرعب في قلب قديس الحزن:
“كم هذا مزعج… وكم هو محبط. بهذا المعدل، لن أتمكن من معرفة ما إذا كانت أمعاؤك مصنوعة من الحجر أيضًا…”
تجعد فمه الوحشي إلى زمجرة.
ألقى السير جيست بجثة أحد اللاموتى بعيدًا وانقض على الغرغول الحجري، متجاهلاً الأيدي الميتة التي تمزق جسده.
في تلك اللحظة، استدار الذئب العظيم الذي كان يطارد هيلي فجأة وقفز على الساتير الشيطاني، فاتحًا فمه لتمزيق القديس الشرير إلى أشلاء.
تأرجحت القديسة هيلي وتعثرت، على وشك السقوط تحت وطأة جراحها. ,كانت العواء الوحيد تخفض جسدها الرشيق بالفعل نحو الأرض، مزمجرةً وهي تستعد للانقضاض وغرس أنيابها في حلق القديس روان.
ثم فجأة…
كان هناك صوت غريب، وتوقف كل كائن حي في القاعة المدمرة للحظة، محولين انتباههم إلى البوابة المظلمة للقلعة المحطمة. لم يحدث شيء لجزء من الثانية، ثم طار ظل هائل من الظلام، وسقط على الأرض مع أنين بائس.
كان نمرًا أسود ضخمًا، فروها القاتم ممزق ومغطى بالدماء — لا تزال على قيد الحياة، لكن بالكاد.
تجمدت العواء الوحيد لجزء من الثانية.
وفي تلك اللحظة القصيرة، ظهر كيان جهنمي من المعدن الأسود الملتوي من الظلال في منتصف القاعة.
لم يهدر الشرير أي وقت قبل أن يغرق المعركة الفوضوية بالفعل في حالة من المذبحة المطلقة. تحركت يداه الأربع في وقت واحد — وشق الزوج السفلي اثنين من الجثث المتسامية، وحولهما فورًا إلى كومتين من اللحم النازف، بينما امتدت اليدان العلويتان إلى الأمام وأمسكتا برأس الانعكاس المتوق.
اخترقت مخالبه التي تشبه الخناجر الفراء الكثيف بسهولة وغرزت في جمجمة الذئب. وفي لحظة، سُحق رأس الوحش الفائق كاليقطين الفاسد ومزقه إلى أشلاء.
…بعد أن تعلم درسًا مريرًا، لم يحاول الشرير هذه المرة أن يأخذ قضمة من الانعكاس الذي بدا بشكل مخادع شهيًا.
لم يكن ذلك لحمًا!، بل كان زجاجًا لا طعم له.
ومع وصوله، تغير مجرى المعركة فورًا.
****
في مكان ما في الأعلى، قبضت القديسة على قلب انعكاس ريفل وسحقته في قبضتها المدرعة.
صدر صوت أشبه بكسر مرآة، وتجمد المخلوق المظلم، وبدأ نور الحياة يتلاشى ببطء من عينيه الجميلتين. ثم، انتشرت تموجات غريبة عبر جسده، وكشفت شبكة من الشقوق الرقيقة على جلده الأبيض الناصع.
,بعد لحظة، تفتت الانعكاس إلى مطر من الزجاج الفضي. تناثرت شظايا الزجاج على الأرض ثم تلاشت في تيار من الضوء، الذي ابتلعه الظلام المتدفق بعد ذلك.
أنزلت القديسة يدها بتعب.
لم يعرف صني ما حدث إلا بعد سماعه أصواتًا خافتة لكسر الزجاج. كان مندمجًا مع الثعبان في خضم معركة شرسة ضد ريفل الحقيقية — كلاهما، الشيطانة الجميلة من الظلام والمسخ الوحشي الذي تحول إليه الثعبان، كانا على الأرض، وأجسادهما متشابكة، تحاول تمزيق بعضها البعض.
كانت قاتلة النور تحقق النصر.
كان هناك صوت قبيح لتهشم شيء ما، وموجة من الألم العميق جعلت صني يدخل في حالة ذهول. كان الفك السفلي للناب المرعب قد تمزق تقريبًا، معلقًا بشكل مائل على عدة قطع من اللحم المهترئ، بينما سيل من الدماء يتدفق على ذراعي وصدر ريفل.
ارتجف الثعبان وتراجع، مضعفًا قبضته على جسدها بشكل غير إرادي. منح ذلك قاتلة النور المساحة الكافية لدفع المخلوق الضخم بعيدًا ورفع ساقها، واضعة إياها بين جسدها وجسده.
ثم، بركلة قوية، أرسلت الجسد الوحشي للناب المرعب طائرًا بعيدًا.
كان الثعبان لا يزال مشوشًا، ارتطم بالأرض على بعد عدة أمتار، مما جعل الأرض تهتز من شدة الاصطدام.
‘آه…’
حاول صني التغلب على الألم الشديد وتقييم الموقف… وهو أمر لم يكن سهلاً نظرًا لأنه كان لا يزال أعمى.
لا بد أن القديسة قد دمرت الانعكاس. إذن…
ماذا سيحدث الآن؟.
ترجمة أمون