عبد الظل - الفصل 1884
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1884 : الحديقة القرمزية
انطلقوا في الصباح — والذي لم يكن مختلفًا عن النهار في قبر السَّامِيّ. أصبحت الأدغال، التي كانت تعج بمخلوقات الكابوس من قبل، هادئة تدريجيًا وخالية بشكل غريب كلما تقدموا جنوبًا، مما جعل القديسين يشعرون بالتوتر بسبب هذا الهدوء المفاجئ.
حتى النباتات، التي كانت مفترسة كالمخلوقات في الأدغال القرمزية، بقيت ساكنة.
كان ذلك لأن قوة الغزو كانت تدخل الأرض التي كانت تحت سيطرة سيد الأطلال القديمة… المخلوق الذي كان عليهم هزيمته.
بينما كانوا يتحركون، اقترب القديس جيست من صني، الذي كان يقود الفرقة. كان الرجل العجوز يستخدم عصاه ليبعد الأغصان والكروم، وهو يشعر بالانزعاج بسبب الحرارة والرطوبة.
“ذلك الحارس الذي من المفترض أن نقتله… أي نوع من المخلوقات كان مجددًا؟”
أدار صني رأسه للحظة، مانحًا القديس جيست نظرة غير مبالية.
“لا أعلم. رغم أنني استكشفت التجاويف عرضيًا، فلم أفشل أبدًا في تجنب الاقتراب من هذا المكان. وكل ما يمكنني قوله هو أن حارس القلعة هو مخلوق كابوس عظيم من طبقة عليا… ربما رعب، وربما حتى ‘عملاق’.”
عض الرجل العجوز شفتيه.
“رعب عظيم، حقًا؟، يا للسَّامِيّن، العالم يتغير… فقد كان وجود مثل هذه المخلوقات مجرد نظرية. في الواقع، أذكر أنني سخرت من مجموعة من الأكاديميين بقسوة لاقتراحهم أن شيئًا بهذا الحجم غير معقول يمكن أن يوجد!، وها أنا الآن في طريقي لمقاتلة واحد. من الأحمق الآن، هاه؟”
ابتسم صني خلف القناع.
“أقول إننا جميعًا حمقى لاختيارنا مواجهة مثل هذا المخلوق طوعًا.”
توقف للحظة، ثم أضاف بنبرته الباردة المعتادة:
“ومع ذلك، ما الخطأ في أن تكون أحمقًا؟”
ألقى القديس جيست نظرة متفاجئة عليه، ثم ضحك.
“بالضبط!، لم أكن لأعبر عن ذلك بطريقة أفضل. يا له من شعور مؤثر… الآن، نحتاج فقط إلى العمل على طريقتك في الإيصال…”
وبعد فترة وجيزة، انفصلت مظلة الادغال، ووجدوا أنفسهم على ضفاف بحيرة شاسعة. أتحدت عشرات الأنهار لتشكلها، ورغم أن العاصفة كانت قد انتهت بالفعل، إلا أن البحيرة كانت لا تزال ممتلئة وعميقة.
وفي وسط البحيرة، ارتفع مبنى طويل من الماء. بدا وكأنه معبد جميل وقلعة عظيمة في آن واحد… ومع ذلك، كانت تلك القلعة مختلفة عن أي قلعة أخرى رآها صني.
كانت جدرانها مصنوعة من خشب شاحب بدلًا من الحجر — وليس من ألواح أو جذوع، بل كأن عددًا لا يحصى من الأشجار البيضاء قد نمت واندمجت معًا لتشكل هيكلًا متينًا. كانت القلعة بأكملها عبارة عن برج ضخم يشبه الباغودا، مع طبقات من الأسطح المائلة، وأفاريز عميقة، وواجهات مثلثة.
كانت البلاطات القرمزية للأسقف المائلة مهترئة وباهتة، ولكنها كانت يومًا ما قرمزية زاهية، تمامًا مثل غطاء الأدغال. كان المعبد الأبيض مغطى بطحالب قرمزية، مع الكروم وفروع الأشجار تبرز من الثقوب المتناثرة في أسقفه المهشمة ونوافذه الفارغة. وبذلك، بدا كأنه حديقة عمودية ترتكز في وسط البحيرة.
درس صني البنية بشيء من القلق، ولكن أيضًا بشيء من الفضول.
تساءل عن الغرض الذي خدمه هذا البناء الجميل ذات يوم، قبل أن تُدمر الحضارة التي ازدهرت في التجاويف.
هل كان مكانًا مقدسًا يأتي الناس إليه للعبادة؟، معقلًا لحمايتهم من مخاطر العالم المكسور؟، أم مركزًا لوجستيًا حيث تأتي السفن التي تبحر إلى أقاصي التجاويف للتجارة؟.
بالنظر إلى عدد الأنهار التي تتصل بالبحيرة، سيكون التفسير الأخير منطقيًا. أو ربما كانت نظرياته الثلاث كلها صحيحة، وكان المعبد الحدائقي يخدم العديد من الأغراض بينما كان يعتنى به من قبل البشر القدماء.
على أية حال…
كان صني واثقًا إلى حد ما بأن قبر السَّامِيّ كان جزءًا من عالم سَّامِيّ الشمس في يوم من الأيام. وبالتالي، فإن حضارة الهاوية كانت قد تأثرت بلعنة الكابوس ودُمِرت نتيجة لذلك — تمامًا مثل حضارة بحر الشفق.
كان قد شهد بعضًا مما كان هؤلاء الناس قادرين عليه في أطلال الإدانة. رغم أنهم لم يمتلكوا التكنولوجيا وآلات الحرب الخاصة بعالم اليقظة، عالم سَّامِيّ الحرب، إلا أنهم كانوا في نواحٍ عديدة لا يقلون تطورًا عنهم… بل وحتى متفوقين في بعض الجوانب، بناءً على السحر المُتقن المستخدم في خلق إنشاء الأسورا.
سقطت مثل هذه الحضارة، والآن، كانت مخلوقات الكابوس تحكم أنقاضها.
أيا كانت القداسة التي كانت تحتويها القلعة الحدائقية، فقد اختفت، وحل محلها الفساد البغيض. والمخلوق الذي أصبح وكره سيكون بلا شك شريرًا ومروعًا.
تنهد صني ونشر إحساسه بالظلال إلى الأمام. كان هناك شيء يختبئ خلف الجدران الخشبية الشاحبة… كان يشعر بتهديد غامض ينبعث منها، ولكن ليس أكثر من ذلك.
‘…اللعنة.’
كان يفضل حقًا لو لم يهطل المطر، وكان بإمكانهم الوصول إلى القلعة سيرًا على الأقدام. فقد سئم الغوص في البحيرات الخطرة.
“لا فائدة من إضاعة الوقت. لننطلق.”
استعد القديسون للمعركة. وبعد وقت قصير، اتخذ القديس روان هيئته المتسامية — ظهر أسد جميل ذو فرو أبيض وعيون كهرمانية فجأة على ضفاف البحيرة، وكانت النقاط الحيوية في جسده القوي محمية بدروع معقدة. أدار الوحش العملاق رأسه الضخم، وخفض جناحًا ليسمح للباقين بالصعود على ظهره العريض.
الاستثناءات الوحيدة كانت نيفيس، التي استدعت أجنحتها، وصني، الذي تحول إلى غراب.
أطلق الأسد الأبيض زئيرًا منخفضًا ومدويًا، ثم دفع نفسه عن الأرض. أثارت أجنحته الصغيرة إعصارًا، وطار في الهواء، محلقًا فوق المياه الداكنة للبحيرة باتجاه القلعة.
تبعه صني ونيفيس.
…ولدهشته، وصلوا إلى المعبد البعيد بسلام. بقيت البحيرة ساكنة، وكأنها خالية من أسراب الرجسات المروعة التي تختبئ في أعماقها. في الواقع، لم يستطع صني أن يشعر بأي حركة في الماء على الإطلاق.
ومع ذلك، كان متأكدًا من أنه يشم رائحة الدم بشكل خافت. كما شعر وكأن هناك من يراقبه.
هبطوا على الدرجات المؤدية إلى بوابات القلعة المدمرة. قفز القديسون إلى الأرض، ورفض روان تحوله.
تولت نيفيس زمام المبادرة وتقدمت بحذر متوتر، وهي تحمل سيفها على أهبة الاستعداد.
لم يتحدث أحد، خشية أن يكشفوا عن وصولهم للعدو.
تجاوزوا البوابة ودخلوا إلى داخل المعبد الحدائقي، حيث بدأت الأصداء تتردد في المكان، وعندها شعر صني أخيرًا به…
لم يكن ظلًا، بل حركة جميع الظلال، وكأن مصدرًا للضوء يندفع نحوهم بسرعة مروعة.
…ثم حدث وميض، ومر سهم بدا وكأنه منسوج من ضوء القمر بجانب نيفيس، مخترقًا صدر أحد القديسين.
ترجمة أمون