عبد الظل - الفصل 1883
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1883 : في عنصره
استغرقهم الوصول إلى المنطقة المحددة أربعة أيام، وهو أطول بقليل مما توقعه صني. فلم تأخذ حساباته في الاعتبار الفيضانات الغزيرة التي أغرق التجاويف، محولةً الأدغال الشاسعة تحت الأرض إلى أرض جميلة ذات طابع مظلم، تعج بالأنهار الوفيرة، والبحيرات العميقة، والجزر القرمزية المنتشرة. وتسربت أعمدة كبيرة من النور الباهت من الأعلى هنا وهناك، وأضاءت أوراق الشجر الرطبة والسطح المتلألئ للمياه المتدفقة.
جعلت الفيضانات النظام البيئي بأكمله في التجاويف ينبض بالحياة. واضطر العديد من مخلوقات الكابوس الأضعف للهروب من أوكارهم بسبب الفيضانات، مهاجرين إلى الأراضي المرتفعة بحثًا عن الأمان — حيث كانت هناك مفترسات مخيفة تتربص في الماء، تنتظر هذه الفرصة منذ وقت طويل للصيد والتهام الفرائس من جديد.
ومع ذلك، كانت الرجسات المهاجرة فريسة سهلة للأهوال الأعظم التي تحكم المرتفعات، وانتهى الأمر بالكثير منهم في بطون المفترسات على أي حال. كانت الهاوية دائمًا مكانًا قاسيًا، ولكن في الأيام الأخيرة، تحولت إلى مشهد من المجازر التي لا يمكن تصورها. كانت أنهار من الدماء تُسفك تحت كفن الأوراق القرمزية، وصيحات مروعة تتردد في الظلام بلا نهاية.
شق القديسون الأربعة عشر طريقهم جنوبًا. بينما قادهم صني عبر الأدغال بحذر شديد، ولكن كان من المستحيل البقاء في أمان في هذا الجحيم النابض بالحياة. بين الحين والآخر، كان عليهم أن يُبللوا أنصالهم بالدماء — وكانت الرجسات التي هاجمتهم قوية، شرسة، كثيرة العدد… والأسوأ من ذلك، شديدة الدهاء.
كانوا جميعًا مفترسين قدماء نجوا من قسوة العالم العلوي التي لا ترحم، ثم قضوا سنوات لا حصر لها يقاتلون من أجل البقاء في الشفق السفلي.
ومع ذلك… حاملو تعويذة الكابوس كانوا وحوشًا أكثر ترويعًا. لم يكن أي من الأربعة عشر قديسًا ضعيفًا، ومعًا كانوا يشكلون قوة حتى سكان الهاوية الرهيبين كان عليهم أن يحذروها. قتلوا عددًا لا يحصى من مخلوقات الكابوس الفاسدة، وعددًا لا بأس به من المخلوقات العظيمة أيضًا، متحركين جنوبًا بسرعة ثابتة.
طالما أنهم لم يواجهوا رجسًا ملعونًا، كان القديسون أكثر من قادرين على التصدي لمخاطر الأدغال القديمة.
ولم يكن كل شيء سيئًا تمامًا ايضًا.
رغم أن الرحلة كانت مليئة بالمخاطر، إلا أن الأبطال المتساميين كانوا يستعيدون ببطء احتياطياتهم من الجوهر. كان ذلك صحيحًا بشكل خاص بالنسبة لصني — فقد كان سطح قبر السَّامِيّ غارقًا في ضوء الشمس الساطع الأبدي، ولكن هنا في الهاوية، كان الظلام العميق هو المسيطر. محاطًا بالظلال، كان في عنصره المصدري، وبالتالي يمكنه امتصاص جوهر الروح من الهواء. لم يناموا في الأيام الثلاثة الأولى، ولكنهم قاموا بتطهير أطلال صغيرة وأقاموا هناك للراحة والتحضير للهجوم على القلعة.
بحلول ذلك الوقت، كانت العاصفة قد انحسرت، وجفت الشلالات العظيمة التي تتدفق إلى التجاويف من السطح. وكان الهواء رطبًا وضبابيًا، مشبعًا بحرارة خانقة. كان القديسون الباقون قد تخلصوا من الطبقات الخارجية من دروعهم، مما جعل صني يشعر بغيرة لا بأس بها.
كان يشعر ببعض الأسف لأن الثعبان لم يكن ‘عملاقًا’ بعد — وإلا كان بإمكانه إعطاءه أمرًا ليأخذ شكل وحش الشتاء، وحل مشكلة الحرارة للأبد.
على الأقل، كان صني ناضجًا بما فيه الكفاية الآن ليحتفظ بهدوئه أمام مشهد العديد من الأشخاص الجميلين وهم يرتدون أقل ما يمكن من الملابس للحفاظ على كرامة أجسادهم الخالية من العيوب.
…أو بالأحرى، كان هناك جسد واحد فقط هو الذي يهمه هنا.
لدهشته البسيطة، لم يكن المزاج بين القديسين متوترًا على الإطلاق. بل على العكس، كان أغلبهم مسترخين، يمزحون ويضحكون بهدوء وهم يتشاركون الطعام والماء. كانت معركة رهيبة تنتظرهم غدًا، ولكن هؤلاء كانوا أفضل محاربي نطاق السيف — فقد تحدوا الكوابيس المروعة ومخاطر عالم الأحلام للوصول إلى التسامي، لذا فإن مواجهة الموت لم تكن شيئًا جديدًا بالنسبة لهم.
كان السير جيست في منتصف سرد قصة، مستخدمًا عصاه للتوضيح:
“عندما أصبت بتعويذة الكابوس، ظنت أمي أنني ببساطة كنت أتظاهر بالكسل ولا أريد الذهاب إلى المدرسة — فقد كان الذهاب إلى المدرسة امتيازًا كبيرًا في ذلك الوقت، لذا بطبيعة الحال، كانت غاضبة!، هكذا انتهى بي الأمر وأنا أعاني من ألم في مؤخرتي قبل الكابوس الأول. ربما لم تكن أمي مستيقظة، لكنها كانت تعرف حقًا كيف تعطي ضربًا مؤلمًا…”
ضحك بتعبير يشوبه الحنين.
“حسنًا، على أي حال، عندما عدت من الكابوس وأخبرت الناس عن معركتي مع الشياطين في عالم سحري وحصولي على قوى خارقة للطبيعة، كانوا معجبين جدًا. لدرجة أنهم أرسلوني إلى مستشفى الأمراض العقلية… هذا هو المكان الذي كنت فيه عندما بدأت مخلوقات الكابوس بالانتشار في العالم. ولتعلموا، يا أولادي، أنه في ذلك الوقت لم يكن أحد يعرف ما هي مخلوقات الكابوس، ناهيك عن كيفية قتلها. في الواقع، لم نكن نطلق عليها اسم مخلوقات الكابوس بعد — بل كان الناس لا يزالون يسمونهم ‘المصابين’ بدافع العادة…”
كانت القديسة الجميلة، التي كانت الأقل تحملًا لنكات الرجل العجوز — القديسة هيلي — تنظر إليه بلمحة من الإعجاب.
“عمي جيست… انتظر. ولكن ألا ينبغي أن مخلوقات الكابوس ظهرت قبل أول المستيقظين؟، كيف لم يصدقك أحد؟”
كان سؤالها بريئًا بما فيه الكفاية، لكنه دفع السير ريفالين إلى طرح سؤال آخر.
“وكان ينبغي أن يكون هناك ملايين من الناس يغرقون في النوم بشكل غامض في ذلك الوقت. لماذا كانت والدتك تعتقد أنك كنت تتظاهر بالكسل؟”
أضاف روان بابتسامة:
“ألم يرسلوك إلى مصحة عقلية قبل أن تصبح نائمًا بكثير؟، هذا ما قلته في المرة السابقة…”
نظر إليهم القديس جيست بغضب.
“ماذا تعرفون حتى أيها الأوغاد؟!، توقفوا عن إفساد قصتي!”
ابتسم صني خلف القناع.
كان ليحب البقاء والاستماع إلى قصص الجيل الأول — بغض النظر عن مدى عدم موثوقية الراوي — لكنه كان بحاجة للتركيز على استكشاف الطريق إلى القلعة.
لذلك، ترك القديسين ليسترخوا وخرج للتجول، وأرسل اثنين من ظلاله جنوبًا.
على عكس أعضاء القوة الغازية الآخرين، كان صني متوترًا.
كان ذلك بسبب أن المخلوق الذي يحرس القلعة كان مرعبًا بالفعل، ولسبب آخر أيضًا.
‘لقد ارتكبت خطأً.’
عندما غزا موردريت نطاق السيف، كان صني متسرعًا للغاية. استجاب لنداء كاسي ووصل إلى المعسكر الرئيسي لجيش السيف دون أن يعلم أن أوامره ستتغير — بدلاً من مداهمة خطوط إمدادات سونغ، كان هنا في الهاوية، يستعد لمساعدة أنفيل في توسيع نطاقه.
كانت المشكلة أن لورد الظلال كان هنا بكل مجده – وكانت جميع الظلال الأربعة التي تشكل شخصيته موجودة هنا.
مما يعني أنه لم يتبق أي منها في المعبد عديم الاسم.
كانت سيشان ومغنية الموت في خضم غزو قلعة خاصة بهما في أقصى الغرب. وكانت سيدة الوحوش تحمي معقل جيش الأغنية وتطهر ببطء الأطراف الغربية من سهل عظم الترقوة. أما قاتلة النور فلم تظهر نفسها منذ مجلس الحرب، لذلك لم يكن لديه أي فكرة عن مكانها.
كانت ملكة الديدان على علم بأن لورد الظلال قد تحالف مع فالور. ولم يكن من الصعب استنتاج أنه سيتم استخدامه لتعطيل خطوط إمدادهم… هل كانت ريفل تقود قوة صغيرة من المحاربين النخبة لصد ما يُفترض أنه غارة؟.
أم أنها كانت تخطط لمهاجمة المعبد عديم الاسم نفسه؟.
إذا كان الأمر كذلك…
قد يكون ذلك مشكلة.
لم تكن قلعة صني بلا دفاع، حتى لو لم يكن موجودًا شخصيًا. كان الكابوس يحميها. والأهم من ذلك، أن هناك الحارس — الكائن الخفي الذي لا يستطيع أي قديس بسيط أن يشعر بوجوده، ناهيك عن تدميره.
وكان صني نفسه أقرب بكثير إلى الحافة الجنوبية من أمتداد عظمة القص الآن مما كان عليه سابقًا. وكان بإمكانه العودة إلى المعبد عديم الاسم بسرعة نسبيًا، إذا دعت الحاجة. والأفضل من ذلك، أنه كان بإمكانه السفر إلى عالم اليقظة والعودة إلى القاعة الكبرى للمعبد عديم الاسم في غضون دقائق.
ولكن مع ذلك، مع ذلك…
كان صني غير مرتاح.
‘سأرسل ظلًا يعود فورًا بعد أن نغزو القلعة. فقط كإجراء احترازي.’
فقدان المعبد عديم الاسم لم يكن خيارًا، لذا كان عليه أن يكون حذرًا. عابسًا خلف القناع، وجه نظره نحو الجنوب.
غدًا، سيواجهون الحارس الخاص بالأطلال القديمة ويتحدونه في معركة…
وبعد ذلك، ستتغير طبيعة الحرب في قبر السَّامِيّ بشكل لا رجعة فيه.
ترجمة أمون