عبد الظل - الفصل 1880
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1880 : مسيرة الجحيم
واصلت القوة الإستكشافية التوغل في أعماق قبر السَّامِيّ.
كان للضلع الأول شكل منحني، لذا خلال الأسبوع الأول كانوا يواجهون معركة شاقة حرفيًا. في بعض الأحيان، كانت المنحدرات الغادرة تحت أقدامهم شديدة الانحدار لدرجة أن الجنود الساقطين كانوا يتدحرجون على الأرض الملطخة بالدماء، مصطدمين بالصف الثاني من تشكيل المعركة. وكان الإيقاع القاسي للهجوم يزداد قسوة بسبب التضاريس الصعبة والحرارة الحارقة.
ومع مرور كل يوم، كانت العدوى القرمزية تتفاقم. وكانت الأدغال تتحول إلى مكان أكثر كابوسية، وكانت الرجسات التي تسكنها تزداد قوة. ومع ذلك، كان الجنود يزدادون قوة أيضًا — أولئك الذين لم يشبعوا انوية أرواحهم بعد كانوا يمتصون شظايا الأرواح التي جمعوها، وكثير منهم كان يتلقى ذكريات قوية خلال أيام القتل الطويلة.
كان الجميع يكتسبون خبرة قيمة ويزدادون اعتيادًا على الخطر المروع لقبر السَّامِيّ.
ولكن السبب الرئيسي في تقدم القوة الأستكشافية بهذه السرعة، ولم تكن الخسائر في صفوف الجنود كبيرة كما كان يمكن أن تكون، هو وجود القادة الثلاثة للقوة — نجمة التغيير، فارس الصيف، ولورد الظلال.
كانت نجمة التغيير بمثابة نذير الهلاك المدمر. كانت ساحة المعركة تتحول إلى جحيم مشع وملتهب عند دخولها إليها. وكان لهيبها المطهر وسيفها المتوهج وعزيمتها الرائعة بمثابة عزاء وإلـهام لمحاربي جيش السيف.
أولئك الذين رأوها تقاتل وجدوا في أنفسهم قوة لم يعرفوا أنهم يمتلكونها من قبل، ورفعوا سيوفهم ليتبعوها دون تردد. وأكثر من ذلك، كانت الذكريات التي حملها أولئك الذين قاتلوا بجانبها تُشحَن بقوة جديدة، وكانت جميع الجروح التي لم تكن قاتلة تُشفى بسرعة بواسطة لهيبها المهدئ.
كانت الفرقة الحربية الأولى هي الأشد شراسةً، ودفعت الأدغال إلى أبعد مدى.
لم يكن فارس الصيف أقل إشراقًا. كان منسوجًا من النور، وكأنه منارة تبدد ظلام الأدغال المليئة بالرجسات. بدا وكأنه لا يعرف الخوف أو التردد، إذ كان يقف في وجه مخلوقات الكابوس ترويعًا ويقطعها بنبل وشجاعة، موضحًا للجنود معنى أن يكون الفارس الحقيقي بمثاله الخاص.
قد لا تكون قوته الشخصية مدمرة مثل قوة السيدة نيفيس، ولكن شجاعته وبراعته في القتال كانت فوق الشبهات. كان القائد الأكثر خبرة بين الثلاثة، وقاد زملائه القديسين بأكبر قدر من الفهم لكيفية استخدام قواهم. وعلى الرغم من أن فرقته الحربية كانت تضم عددًا أكبر من المتسامين مقارنة بالفرقتين الأخريين، إلا أن تنسيقهم كان سلسًا بنفس القدر، إن لم يكن أكثر.
كانت الفرقة الحربية الثانية الأكثر ثباتًا واستقرارًا، حيث كانت تتقدم بخطى مدروسة.
وأخيرًا، كان هناك لورد الظلال.
كان القديس الغامض لقبر السَّامِيّ بمثابة وحي قاتم لجنود جيش السيف. لم يتوقع أحد أن يكون بهذا الفتك، وبهذه القسوة، وبهذا الخُبث وهو يجتاح ساحة المعركة، منتقلاً من ظل إلى ظل ليقتل مخلوقات الكابوس في الأدغال القرمزية. كانت شراسته الصامتة تبعث على الرهبة وتثير دهشة الجنود، مما جعلهم يشعرون بمزيج من الخوف والإعجاب.
لم يكن يبدو وكأنه يمتلك توافقًا قويًا مع القتال من حيث قوى جانبه، ولكنه بدا كأنه تجسيد للموت نفسه — ببساطة بفضل مهارته القاتلة، وذكائه الماكر، ونواياه المميتة. ومع وجود ثلاثة من أصداءه القوية وإدراكه العميق لكل خطر يواجه تشكيل المعركة، لم يكن القديس الغامض أقل شأنًا من أعظم أبطال نطاق السيف.
لم تكن فرقة الحرب الثالثة هي الأسرع، ولكنها عانت من أقل الخسائر خلال المسيرة الدموية.
واصلت القوة الأستكشافية ببطء السيطرة على الضلع الشرقي الأول، منتقلة من شق إلى آخر، وقطعت مصادر العدوى القرمزية واحدًا تلو الآخر.
وبحلول الوقت الذي اقتربوا فيه من الارتفاع العظيم لامتداد عظمة القص، انقسم فريق صغير من أقوى القديسين عن القوة الرئيسية لمرافقة مدّ السماء من عشيرة الريشة البيضاء إلى سفوحه.
انشق حجاب السُحُب، كاشفًا عن الهاوية البيضاء اللامحدودة خلفه. وتدفقت سيول من النور المُعمي، وشهد جنود القوة الأستكشافية المشهد الذي لا يُنسى للامتداد الشاسع للقص بينما يلتهمه اللهب في صمت مرعب.
كانوا بعيدين بما يكفي عن الثغرة في السُحُب ليكونوا بأمان من الهاوية البيضاء، ولكن ليس بعيدًا بما يكفي ليتم إعفاؤهم من الخوف من رؤية نصف العالم يحترق.
بعد ذلك، تباطأ تقدم القوة الأستكشافية بشكل كبير، وازداد خطرًا.
كان ذلك لأن القديسة تريس قد استنفدت أخيرًا جوهرها بعد أن حمت الجنود لأكثر من أسبوع. وبدون درع قوتها، لم يعد هناك شيء يمكن أن يحميهم من السماء القاسية.
تعرضوا لأول ثغرة بعد ثلاثة أيام، أثناء تسلقهم منحدرات عظمة القص للسَّامِيّ الميت. كانت الثغرة قصيرة، واستمرت بضعة ساعات فقط، ولكن فقد العديد من الجنود حياتهم وتحولوا إلى رماد، وتناثرت أجسادهم بفعل الرياح.
إذا كان هناك عزاء صغير، فهو أن الأدغال الرجسة والمخلوقات الدنيئة التي تسكنها احترقت معهم.
انشق حجاب السُحُب مرة أخرى قبل أن تستعيد القديسة تريس قوتها، وكانت النتيجة نفسها.
واصلت القوة الأستكشافية التقدم جنوبًا، تحفر ببطء مسارًا عبر الامتداد الشاسع لعظمة القص الهائلة.
كان الجنود مرهقين. ولم تكن ساعات الراحة الست عشرة التي حصلوا عليها بين المعارك كافية لاستعادة حيويتهم. وكانت المعارك نفسها طويلة ومرعبة، حاصدةً الكثير من الأرواح في كل مرة. وبدا وكأن سيل مخلوقات الكابوس لامتناهيٍ، وكانت الحرارة الخانقة صعبة التحمل.
والأسوأ من كل ذلك، أن تضاريس أمتداد عظمة القص كانت تمنعهم من تطهير سطحها بشكل دائم من العدوى القرمزية — على الأقل الآن بعد أن كانوا يسعون خلف هدف مختلف. حتى لو تم إنشاء موقع إبادة حول أحد الشقوق، فإن الأدغال ستنتشر عاجلاً أم آجلاً باتجاهه من جهة أخرى.
ولذلك، كانت القوة الأستكشافية تتقدم جنوبًا دون أن تترك لنفسها طريقًا للتراجع. وبعد بضعة أيام من تحركهم، استعادت العدوى السيطرة على الأجزاء المُطهرة من سهل العظام، محاصرةً الجيش البشري من جميع الجهات.
لن تُطرد العدوى من هذه الأراضي بشكل دائم إلا إذا تم الاستيلاء على القلعة في التجاويف، وتمتد سلطة ملك السيوف إلى أمتداد عظمة القص.
كان التقدم يزداد صعوبة مع كل يوم…
ومع ذلك، بعد ثلاثة أسابيع من هذا الماراثون الكابوسي، وصل الجيش المنهك أخيرًا إلى هدفه.
أمامهم، كانت شقوق هائلة تشق السطح الأبيض للعظم القديم، وفي الظلام أدناه كانت تنتظرهم أهوال مجهولة.
من هنا، سيحاول أفضل محاربي القوة الأستكشافية اقتحام التجاويف للوصول إلى القلعة في الأعماق المظلمة وغزوها.
ترجمة أمون