عبد الظل - الفصل 1879
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1879 : كسر العظم
غادرت الفرقة الحربية الثانية المعسكر، ولكن الأولى لم تعد.
كان ذلك لأن نيفيس قد استولت على الشق، ولفترة من الوقت، كانت قوات الفرقة أكثر انشغالًا من المعتاد.
وبينما كان فارس الصيف وجنوده يتصارعون مع الأدغال المتوسعة، تم تفكيك المعسكر بالكامل ونُقل للأمام، مطاردًا الطليعة حتى حواف الهاوية السحيقة.
كان الشق العظيم يبدو كجرح مسنن على سطح العظم الباهت، وكانت أعماقه المرعبة مليئة بالظلام الذي لا يُخترق. ولكن ذلك الظلام كان قد زال الآن، واستبدلته كتلة متموجة من الدخان الأسود واللهب المبهر. وكان عمود متصاعد من الدخان يرتفع إلى السماء الغارقة بالغيوم، متساقطًا في السُحُب العاصفة.
كان الجسر العظيم المصنوع من الكروم الذي يربط التجاويف بالسطح مشتعلًا، ولكنه كان متمسكًا بالحياة بعناد. مع إنطلاق براعم جديدة من العدوى القرمزية من الدخان، محاولةً الزحف نحو سطح العظم الأبيض. وكان هناك سلسلة من الجنود المتعرقين مصطفين على طول حواف الشق، يحرقون الشتلات الوحشية قبل أن تستقر.
عند النظر إلى المجسات القرمزية الزاحفة من الشق، لم يستطع صني إلا أن يعتقد أنها تشبه ألياف أنسجة العضلات الدموية.
…ربما كان هذا هو ما تمثله الأدغال القرمزية حقًا — لحم وأوتار الهيكل العظمي الضخم الذي كان يحاول بشدة أن ينمو ويغلف عظامه مرة أخرى، ولكن كانت السماء القاسية تحرقه قبل أن يتمكن السَّامِيّ الميت من النهوض من فراش موته في كل مرة.
مرة بعد مرة، على مدى دهور…
‘يا لها من فكرة مقلقة.’
وصل صني إلى الشق في مقدمة العمود المتحرك. كان معسكر القوة الأستكشافية يُعاد تموضعه هنا — سواءً لجعل بناء نقطة إبادة حول الهاوية أسهل أو لتقليل وقت العودة للقوات التي تحارب الأدغال. فالفرقة الحربية الأولى، التي أنهت مناوبتها مؤخرًا، لم تضطر إلى العودة على الإطلاق هذه المرة.
ترك صني الجنود خلفه وسار إلى حافة الشق، حيث كانت هناك شخصية وحيدة تنظر إلى النيران المتصاعدة. رفضت نيفيس شكلها المتسامي والطبقات الخارجية من درعها، متحملةً الحرارة الخانقة في ملابس خفيفة. كان جلدها الفاتح مغطى بالرماد والسخام، مع قطرات العرق تلمع عليه مثل الجواهر الصغيرة.
ألقى نظرة خاطفة على الأعماق الجهنمية للهاوية المشتعلة ثم استدار ليواجهها.
صمت صني للحظة.
“هل قمتِ… بإذابة درعكِ مجددًا؟”
نظرت إليه نيفيس بلا مشاعر في عينيها الرماديتين الباردتين.
ومع ذلك، في النهاية، ارتسمت ابتسامة طفيفة على شفتيها.
“ألن تحب أن تعرف؟”
ضحكت، ثم هزت رأسها.
“لا، كنت حذرة. لا أستطيع الاستمرار في طلب بدلات دروع جديدة من سحرة عشيرة فالور. بصراحة، هم بالفعل منزعجون مني بعض الشيء…”
في هذا المعسكر، مرتديًا هذا القناع، لم يكن بإمكان صني أن يعد طعامًا لذيذًا لنيفيس أو يواسيها، طاردًا البرودة اللامبالية التي تسكن عينيها بدفء اللمس البشري والاتصال. ومع ذلك، كان يستطيع على الأقل أن يظهر لها أن هناك من يمكنها الاتكال عليه هنا.
يمكن للسيد بلا شمس أن يفعل الأول، ولكن فقط لورد الظلال يستطيع فعل الأخير.
لذا، فإن ارتداء القناع لم يكن سيئًا تمامًا في النهاية.
تنهد، ثم قال بلمحة من الحسد في صوته:
“حسنًا، أنتِ تحاربين مخلوقات الكابوس العظيمة كل يوم. أنا متأكد أنكِ ستحصلين على درع ذاكرة متين عاجلًا أم آجلًا.”
بدت نيفيس متشككة.
“ربما. ولكن ألم تلاحظ؟، الآن بعدما أصبحنا نحارب رجسات أكثر قوة، يبدو أن وتيرة منحنا الذكريات من قبل التعويذة قد تقلصت بشكل كبير. أنا لا أتحدث حتى عن الأصداء… لست متأكدة حتى إن كنت قد رأيت صدى فائقًا من قبل، باستثناء ذاك الطاغوت الفضي الذي تمتلكه.”
تفاجأ صني.
“حقًا؟، أنا… لم ألاحظ.”
قتل بعض الرجسات العظيمة قبل أن يُمحى من نسيج القدر — تفرخ الطائر اللص الخسيس، دايرون من بحر الشفق… وحصل على ذاكرة في كلتا المرتين، ولكن مرة أخرى، كان صني من المختارين. كانت الصدفة والاحتمالات دائمًا في حالة فوضى حوله، قبل ذلك.
أومأت نيفيس.
“أدركت ذلك ببطء خلال السنوات الأربع الماضية، وهذه الأيام في قبر السَّامِيّ تؤكد هذا الشك. حسنًا، الأمر منطقي. لابد أن التعويذة تحتاج إلى المزيد… المزيد مما تستخدمه لصنع الذكريات والأصداء لتشكيلها من رجسات قوية حقًا. وربما تكون ذاكرة فائقة واحدة تساوي عشرة آلاف ذكرى مستيقظة، لذا فهي مقتصدة.”
كان هناك مليون مستيقظ في العالم، ولكن فقط ثلاثة سياديين. لذا، كان استنتاجها منطقيًا.
لا يزال صني يشعر بالمرارة لعدم قدرته على تلقي مكافآت وفيرة من التعويذة، ولكن مرارته تضاءلت قليلًا.
‘عند التفكير في الأمر، هذه أخبار جيدة بالنسبة لنا. وإلا، ومع أكثر من عقد للتحضير، لكان السياديون غارقين في ذكريات وأصداء فائقة… وربما حتى مقدسة.’
لا يزال بإمكانهم امتلاك هذه الأشياء، ولكن على الأقل ليس ترسانة هائلة منها. كما جعل ذلك صني أكثر قيمة بكثير، نظرًا لأن معرفته بالنسيج كانت عميقة بما يكفي لصنع ذكريات فائقة، بشرط أن تكون لديه المواد المناسبة وبعض شظايا الروح الفائقة.
وبينما كانت نيفيس تنظر إلى النيران المتصاعدة، سألت فجأة:
“هل تتذكر ما شعرت به عندما تلقيت أول ذاكرة لك؟”
رفع صني حاجبه، متفاجئًا من السؤال.
“أول ذاكرة لي؟، حسنًا… إذا كنت أتذكر بشكل صحيح، كنت ممتلئًا بالاستياء. لأنني شعرت أنها عديمة الفائدة تمامًا.”
توقف للحظة، ثم أضاف بابتسامة:
“ولكن بعد فترة، بدأت أقدرها. في الواقع، كلما مرت السنوات، ازدادت قيمتها لدي. قد لا تكون قوية أو مفيدة، ولكنها تذكار… تذكار من الأشياء التي تركتها في الماضي. والقدرة على التذكر أمر ثمين أحيانًا.”
ألقى صني نظرة على نيفيس وسأل:
“ماذا عنكِ؟، ماذا شعرتِ عندما تلقيتِ أول ذاكرة لكِ؟”
رمشت نيفيس بضعة مرات.
“أنا؟، بصراحة، لم أكن في حالة جيدة لأشعر بأي شيء عندما تلقيتها، لأنها أتت في نهاية كابوسي. ولكن لاحقًا، عندما كان لدي الوقت لفحصها… أعتقد أنني شعرت بالذل. بسبب مدى سروري بالحصول على نعمة من التعويذة.”
تنهدت نيفيس.
“ولكن تلك الذاكرة خدمتني جيدًا. استخدمتها لسنوات عديدة. عبر الشاطئ المنسي، وصحراء الكابوس، والعالم السفلي… لم تخني أبدًا. وفي هذه الأيام، هي ضعيفة جدًا بالنسبة لي لاستخدامها، ولكني ما زلت أعتز بها كثيرًا.”
تذكر صني الذاكرة التي كانت نيفيس تتحدث عنها — ‘نصل الحلم’ — جيدًا. فبعد كل شيء، أنقذت حياته عدة مرات.
كما أنه تذوق دمه، ومزق جسده، وتسبب له بألم مروع في البرج القرمزي.
بالنظر إلى إنجازات نيف التاريخية، فإن تلك الذاكرة المستيقظة من الطبقة السادسة قد حققت مسيرة مهنية رائعة قبل تقاعدها.
ضحك.
“أعتقد أننا كلينا عاطفيان للغاية.”
نظرت إليه نيفيس بتعبير مفاجئ. كان ارتباكها الصادق جذابًا للغاية.
“أنا؟، عاطفية؟”
ابتسم صني.
“لم أحدد المشاعر التي تجعلنا عاطفيين، وعلى الرغم من ذلك… شهوة الدم هي أيضًا عاطفة، على سبيل المثال…”
تغير تعبير نيف قليلًا.
“واو. أول شيء يخطر ببالك له علاقة بالشهوة؟”
تجمد، محاولًا التفكير في إجابة.
‘…هذا العيب اللعين!’
بعيدًا، في المعسكر الرئيسي لجيش السيف، توقف السيد بلا شمس عما كان يفعله وحدق في المسافة بنظرة تأملية.
ضاقت عيناه، كما لو كان يفكر في شيء ما.
بعد فترة، تمتم بهدوء:
“نصل الحلم، هاه؟، هذا… واعد، على ما أعتقد…”
ترجمة أمون