عبد الظل - الفصل 1847
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1847 : التوازن القاتل
على الجانب الآخر من الهيكل العظمي العملاق، كانت جزيرة العاج محاطة ببحر من مخلوقات الكابوس. تدفقت أسرابهم إلى الأمام، ممزقةً الأدغال القرمزية.
كانت الأدغال نفسها تتحرك أيضًا. كانت الكروم القرمزية تزحف، والزهور ذات اللون الأحمر الصدئ تتفتح، مُطلِقة سحبًا من حبوب اللقاح الآكلة للحم. وكأن العالم بأسره قد استيقظ ليبتلع البشر الغزاة.
وفي الوقت ذاته، واجه البشر تيار الرجسات بالفولاذ الحاد والقوة التدميرية لجوانبهم.
كان حراس النار ماهرين ومخيفين. انضباطهم ومعنوياتهم لا تشوبها شائبة. مع تماسكهم وخبرتهم التي لا تضاهى. سقطت مخلوقات الكابوس التي لا تُعد ولا تُحصى تحت سيوفهم، في حين امتصت العظام القديمة سيولًا من الدماء.
ومع ذلك، كانوا يتراجعون.
كانت قوة مكونة من خمسين سيدًا متمرسًا في المعارك تُعتبر مرعبة بحق، لكن معظم الرجسات التي واجهوها كانت ذات مرتبة أعلى منهم. كما أن هذه المخلوقات كانت النسل الملعون لقبر السَّامِيّ، حيث كان على مخلوقات الكابوس أن تقاتل وتلتهم بعضها بلا هوادة من أجل فرصة ضئيلة للنجاة.
لم يكن سكان السطح هم الرعب الحقيقي الذي يطارد في الشفق الخافت للتجاويف العظيمة، لكنهم كانوا أيضًا شديدي الشراسة والوحشية، حتى بالمقارنة مع الجنون المعتاد الذي يعصف بكل مخلوقات الكابوس.
وكانوا أسرابًا شاسعة أيضًا.
ومع ذلك، فقد صُنع وشُكل حرّاس النار على الشاطئ المنسي، ولذا فإن مواجهة الرجسات التي كانت أقوى منهم كان أكثر أو أقل من تخصصهم. ولكن، لا يزال هناك سبب واحد استطاعوا به الصمود.
في الواقع، كان هناك سببان.
الأول كان نجمة التغيير من عشيرة الشعلة الخالدة. والآخر كان لورد الظلال.
مضى وقت طويل منذ أن كان بإمكان صني أن يطلق العنان لنفسه حقًا. الآن، كان مثل إعصار مظلم يتحرك عبر ساحة المعركة، محاطًا بعباءة شاسعة من الظلال المتدفقة. لم يكلف نفسه عناء إظهار أي من دروعه، واستخدم فقط يديه وسيفه الأوداتشي الأسود لقطع الرجسات.
في كل مكان يذهب إليه، تتساقط الأجساد المقطوعة على الأرض.
كان صني يستخدم مظهر الظل للتحكم في المنطقة المحيطة وخطوة الظل للتحرك حولها، راقصًا بين مخلوقات الكابوس بينما كان سيفه يحصد أرواحهم. وبينما كان يستخدم الثعبان كسلاح، كانت جوهره يتجدد مع كل حياةٍ ينهبها.
كلما أسرع في قتل الرجسات، كلما زاد الجوهر الذي حصل عليه – وبالتالي يستطيع أن يحرقه أكثر. وكلما أحرق جوهره أكثر، زاد عدد الأعداء الذين يمكنه قتلهم. وهكذا، حقق توازنًا خطيرًا، حيث استمر صني في الهيجان في ساحة المعركة كمركز لدوامة ضخمة من الدماء والظلام والموت.
بالطبع، لم يكن الأمر سهلاً.
كانت مخلوقات الكابوس الفاسدة تسقط بسهولة أمام سيفه، لكن كان يمكن التغلب عليه بنفس السهولة. كل ما يحتاجه الأمر هو خطأ واحد…
ولكن لم يرتكب صني أي أخطاء.
رغم السرعة المذهلة التي كان يتحرك بها في ساحة المعركة، ورغم التعقيد الهائل للتنقل بها دون مراعاة القيود المألوفة لمساحة الخطوة، ورغم العبء الثقيل للحفاظ على رقصة القتل المميتة للفولاذ والظلال المتجسدة…
بقي ذهن صني باردًا وواضحًا، مدركًا لكل تفصيل صغير من محيطه، ومليئًا بنية قتل لا ترحم.
لم يسمح للفوضى العارمة في المعركة ورائحة الموت المسكرة أن تجعله يدخل في حالة من الهياج القتالي. بغض النظر عن مدى وحشية وسوء مذبحته، فقد كانت بدلاً من ذلك نتيجة حسابات دقيقة وقاسية. لم تكن هناك عواطف في قلبه، ولا تشتيت في ذهنه، كان هناك فقط الوضوح والإرادة.
الإرادة لرؤية أعدائه يموتون.
…كانت نيفيس تقاتل على الجانب الآخر من جزيرة العاج. لم يكن صني قادرًا على رؤيتها، لكنه كان يشعر بوجودها من خلال حركة الظلال.
في عالم الظلال، كان وجودها شاسعًا كالشمس.
أطلقت بحرًا من اللهب المتوهج، محولةً جزءًا من ساحة المعركة إلى جحيم ملتهب. كانت النيران تتحرك كما لو كانت تمتلك عقلًا – وجوعًا – خاصًا بها، تنتشر عبر حشد مخلوقات الكابوس كطاعون. وحيث لم تكن قوة اللهب المحترق كافية، كان سيفها يسقط كرسول للنهاية الحتمية.
في الوقت نفسه، كانت تدعم حراس النار. عندما يصاب أحدهم بجروح، تم شفاؤه بفضل الإشراق الناعم لشعلة روحها. وعندما يكون أحدهم على وشك أن يبتلعه تيار الرجسات، كانت تكون هناك لمنحهم قوة سيفها المتوهج.
وكانت كاسي تشارك في المعركة أيضًا.
كان حضورها غير المرئي خفيًا، لكنه لعب دورًا محوريًا. لم تكن موجودة في ساحة المعركة، ولم تسقط أي من مخلوقات الكابوس بسيفها. لكنها كانت تمثل حلقة الوصل بين صني ونيفيس وحراس النار. كانت على علم بكل شيء ووجهتهم جميعًا، مما ساعدهم على القتال ككيان واحد.
كان بإمكانها أيضًا مشاركة سمات الرجسات معهم، مما جعل مهمة النجاة في وجه الهجوم المروع أسهل بكثير.
بفضلها، كانت نيفيس تعرف متى يحتاج أحد رجالها للدعم. وكان حراس النار يعرفون متى يجب عليهم التقدم ومتى يجب التراجع. وكان صني يعرف أين يوجد أخطر الأعداء، وفي أي اتجاه يجب أن يتحرك.
كانت نيفيس في القيادة، ولكن كانت كاسي الشخص الذي يضمن أن القائد لديه كل المعلومات الضرورية لاتخاذ القرارات الصائبة.
لم يسبق لصني أن رأى حراس النار يخوضون معركة بهذا الحجم من قبل، والآن بعد أن رآهم… كان معجبًا بصمت..
كان يعرف الكثير من الأشخاص الذين كانوا أقوى منهم، وقليلين كانوا أكثر مهارة منهم. لكنه كان يجد صعوبة في التفكير في مجموعة أخرى من المحاربين الذين يمكنهم أن يظهروا هذا المستوى من التماسك والوعي القتالي والفعالية في المعركة.
ومع ذلك…
لم يكن ذلك كافيًا بعد.
لم يكن يهم مدى مهارة وشجاعة حراس النار، أو مدى القوة الكبيرة التي أصبح هو ونيفيس يمتلكانها. في نهاية المطاف، كانوا لا يزالون يقاتلون ضد احتمالات مستحيلة.
كان هناك ببساطة عدد كبير جدًا من مخلوقات الكابوس، وكل واحد منها كان قويًا جدًا.
إرسال خمسين سيدًا وثلاثة قديسين لمواجهة منطقة موت بأكملها كانت مهمة انتحارية. لم يكن بإمكانهم حتى التراجع، لأنهم كانوا محاصرين من كل الجهات.
ومع ذلك…
هذه المرة، لم تكن عشيرة فالور قد أرسلت نيفيس إلى المعركة على أمل أن تموت.
هذه المرة، كانوا في حاجة ماسة إلى بقائها على قيد الحياة… لفترة من الوقت على الأقل.
ترجمة أمون