عبد الظل - الفصل 1835
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1835 : صباح اليوم التالي
وصل صني إلى باستيون في منتصف الليل. ربط القارب بالرصيف، وصعد إلى الشاطئ، وسار ببطء في اتجاه المتجر المبهر. كان هناك الكثير في ذهنه، لذا لم يكن في عجلة من أمره للعودة إلى المنزل.
ولكنه في النهاية، عاد.
فتح المُقلد الرائع بابه دون دعوة للترحيب بعودته. وحتى أنه سحب الأنياب المخيفة، التي كانت عادةً تظهر في الليل، إلى داخل إطار الباب.
ربَّت صني على العتبة، ودخل قاعة الطعام شارد الذهن، ووضع سلة النزهة على الطاولة، وتنهد.
كان يشعر ببعض التعب، لكنه شك في أنه سيكون قادرًا على النوم الليلة.
وبالفعل، لم يتمكن صني من إطفاء النيران المشتعلة في ذهنه لفترة طويلة. تقلب في السرير، ولم يغفو إلا قبل الفجر بقليل.
نتيجة لذلك، نام أكثر من اللازم، واستيقظ فقط على أصوات أيكو وهي تدخل المتجر. بما أن مساعدته الصغيرة قد وصلت للعمل، لم يكن الحشد الصباحي بعيدًا أيضًا.
جلس صني وفرك وجهه، ثم بدأ في غسل وجهه استعدادًا ليوم طويل قادم.
‘هل ستأتي؟’
ظن أن نيفيس ستحتاج إلى وقت طويل لتصفيه مشاعرها، ولكنه بذل جهدًا إضافيًا ليجعل نفسه يبدو لائقًا في حال قررت القدوم.
وبينما كان في منتصف روتينه، سمع صوت أيكو من الطابق السفلي.
“مرحبًا، يا رئيس!، ماذا يجب أن أفعل بالسلة؟”
مسح صني شعره المبلل إلى الخلف وردَّ بلا مبالاة:
“…آه، هناك بعض الأطباق المتسخة بداخلها. اغسليها.”
كان قد غسلها في النهر بالأمس، ولكن كل شيء بداخلها لا يزال يحتاج إلى تنظيف صحيح.
واصل صني تجهيز نفسه. لم يكن هناك مرايا داخل المُقلد، لذا استخدم الظل الكئيب لينظر إلى نفسه.
وغني عن القول، لم يكن الظل مسرورًا بالاضطرار إلى التحديق في وجهه كأول شيء في الصباح… أو في أي وقت حقًا.
‘هذا الرجل لا يتغير أبدًا…’
في تلك اللحظة، تجمد صني، وفتح عينيه على مصراعيهما، ثم انطلق للأسفل بينما استدعى العباءة الغامضة.
“لا، أيكو!، انتظري!”
لكن كان الأوان قد فات.
كانت الفتاة الصغيرة تقف في المطبخ، مع سلة النزهة تطفو في الهواء بجانبها. وهي مفتوحة، وأيكو نفسها… كانت تمسك بفستان أبيض جميل في يدها.
تجمد صني في مكانه.
“ذلك…”
نظرت إليه بعيون واسعة وسألت بصوت ضئيل:
“رئيس… آه… لماذا أحضرت فستان فتاة من نزهتك؟”
تلعثم صني:
“هذا ليس… ليس كما تظنين… لم أفعل شيئًا!، هي فقط ركضت… بدون فستانها… حدث ذلك بهذه الطريقة…”
حدقت أيكو في الفستان بصمت.
ثم ظهر عبوس صغير على وجهها.
“انتظر لحظة… هذه القياسات…”
في اللحظة التالية، كانت تقف بجوار صني، وتطعنه في صدره بإصبعها.
“هذا هو فستان نجمة التغيير!، أنت!، أيها الوغد الفاسق!، ماذا فعلت بنيفيس؟!”
خفف صني من قشرة العقيق، خوفًا من أن تصاب إصبعها بكدمة، وتظاهر بالتراجع من طعناتها.
“لم أفعل شيئًا!، كنا فقط نهرب من الحرارة في النهر… وماذا تعنين، بالوغد؟!، ألم تكوني أنتِ من شجعتني على الضرب بينما يكون الحديد ساخنًا؟!”
“متى فعلت ذلك؟”
“آه! لا أتذكر!، لكنكِ بالتأكيد فعلتِ!”
ثم رن الجرس الفضي المعلق فوق الباب، وتجمدا كلاهما.
كان هناك شخص يقف عند المدخل، ينظر إليهما بهدوء.
ملابس بيضاء أنيقة، وقوام جميل، وشعر فضي لامع…
تسارع نبض قلب صني.
كانت نيفيس.
خفضت نيفيس نظرها ونظرت إلى الفستان، الذي كانت أيكو لا تزال تمسكه في يدها.
ابتسمت نيفيس بأدب.
“أوه. كنت أبحث عنه.”
دخلت المطبخ وأخذته من يد الفتاة الصغيرة، ثم نظرت إلى صني بعينين متلألئتين.
“شكرًا لك على إحضاره، سيد بلا شمس.”
تنهد ببطء.
“… آه ن-نعم. بالتأكيد.”
لماذا كانت تتصرف بهذا الهدوء؟، بماذا كانت تفكر؟.
‘هل أتت هنا… لتدينني، أم لتعانقني؟’
ابتلع لعابه وسأل بحذر:
“آمل أن يكون كل شيء بخير. بعد ما حدث بالأمس.”
أومأت نيفيس بتصلب.
“الأمر بخير.”
ثم عبست قليلاً وتمتمت بهدوء:
“لا، في الواقع، والآن بعد أن فكرت في الأمر… بعد ما حدث الليلة الماضية، سأحتاج إلى استبدال بعض الأثاث…”
تجمد صني.
“…ماذا؟”
في نفس الوقت، اتسعت عينا أيكو أكثر.
“ماذا؟!”
نظرت نيفيس إليهما في حيرة.
“أوه. آسفة. كنت أتحدث إلى نفسي فقط.”
توقفت للحظة، ملاحظة تعابير وجهيهما، ثم أضافت بتردد:
“أوه… هل قلت شيئًا خاطئًا مرة أخرى؟”
***
في النهاية، تمكن صني من ترك أيكو المذهولة خلفه وقاد نيفيس إلى مكان أكثر خصوصية.
والآن بعد أن وصلا إلى هناك، كان يلعن نفسه بصمت.
‘لا، لكن… هل أنا غبي؟، لماذا لم أذهب إلى الطابق السفلي، إلى متجر الذكريات؟، لماذا أحضرتها إلى الطابق العلوي بدلاً من ذلك؟!’
حاليًا، كانا… في غرفة نومه.
وبينما كان صني يوبخ نفسه، نظرت نيفيس حولها بفضول.
“هل هذا هو المكان الذي تنام فيه؟، أقصد، هذه النسخة منك.”
أجبر صني نفسه على الابتسام.
“… آه نعم. على الأقل يجب أن ينام أحد تجسداتي من وقت لآخر. البقية لا ينامون، ولكن بما أنني من المفترض أن أكون الأكثر إنسانية، فأنا أفعل.”
قام بتقييم غرفته بصمت وشكر السَّامِيّن الميتين على عادته في ترتيب سريره دائمًا في الصباح. كانت الغرفة نظيفة ومريحة، مع إطلالة جميلة على بحيرة المرآة من النافذة. وكانت القلعة مغمورة في ضوء الفجر الذهبي… وهناك، فوقها، كانت جزيرة العاج محاطة بالغيوم.
حدقت نيفيس في سريره لبضعة لحظات، كما لو كانت تحاول تذكر شيء ما، ثم التفتت بعيدًا ونظرت من النافذة.
ظهر تلميح من الابتسام على شفتيها.
“أعتقد أنني أستطيع رؤية نافذتي من هنا.”
كان صني سيكذب إذا قال إنه لم يقض الكثير من الوقت في التحديق في صورة برج العاج البعيدة، لذا بقي صامتًا.
بدلاً من ذلك، أشار إلى بعض الأشياء التي تزين غرفته.
“هذه بعض التحف التي جمعتها في عالم الأحلام على مر السنين. إنها… ليست بالكثير. لكن استكشاف الماضي هو أحد هواياتي.”
درست نيفيس تلك الأشياء لفترة، ثم استدارت لمواجهته وقالت ببساطة:
“أنا أعرف.”
رفع صني حاجبه.
“أنتِ… تعرفين؟”
ترددت لبضعة لحظات.
“تقرير الاستكشاف عن مقبرة آرييل، الذي كتبه لا أحد. أنت اللا أحد… أليس كذلك؟”
ترجمة أمون