عبد الظل - الفصل 1828
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1828 : الضائع والموجود
عادت رَين إلى حيث كانت تمار تستند على الرمح، ووضعت السيف جانبًا، ثم استلقت بتعب في الوحل.
والآن وقد مات الطاغية، تراجع شعور القوة الإندفاعية التي شعرت بها بسبب الإستيقاظ.
قد يكون جسدها قد تم صقله وإعادة تشكيله، ولكنه كان لا يزال مرهقًا ومنهكًا. وعقلها كذلك… كانت متعبة للغاية.
على مسافة ما، كانت جثة الرجس ملقاةً على الأرض مثل تلة صغيرة من اللحم. كان المخلوق ميتًا، ولكن أتباعه لم يموتوا بعد — كانت الأيادي الوحشية لا تزال تتحرك، وتبحث عن القاتل بغضب أعمى. ولحسن الحظ، بقيت تلك الأيادي متصلة بجثة الطاغية، لذا كان نطاق وصولها محدودًا. وحتى تتحلل الجثة وتتفكك، لن يصل أي شيء إلى رَين وتمار.
كانت حركات الأيادي المرعبة تبدو مذعورة بعض الشيء.
نظرت رَين إلى السماء، وأطلقت تنهيدة طويلة.
كانت العاصفة تتلاشى ببطء. خفتت الرياح بالفعل، ولم تعد الأمطار غزيرةً كما كانت. لم يعد البرق يضرب كثيرًا، ولم يكن هدير الصواعق مدويًا كما كان، وكأنها بدأت تتلاشى.
حتى أنها استطاعت رؤية فجوات في غطاء السحب الداكنة.
وبشكل غير متوقع، كانت أشعة الشمس الباهتة تتسرب من خلال تلك الفجوات.
وهذا يعني أنه كان اليوم السابع من رحلتهم.
حدقت رَين في أشعة الشمس بعدم رضا.
‘كم هذا مزعج.’
كانت تأمل أن تكون لا تزال الليلة السادسة، فقط لتجنب الرقم المفضل لتعويذة الكابوس.
كان لدى رَين نفور بسيط من الرقم سبعة، بدافع العناد فقط.
وأخيرًا، أسقطت تمار رمحها واستلقت على ناقلتها. ونظرت الفتاة الأصغر سنًا إليها لفترة طويلة، وكانت عينيها مليئتين بالأسئلة.
ولكن في النهاية، تغلب عليها التعب، فأغلقت عينيها ببساطة.
لم يمضِ وقت طويل حتى غطت كل من رَين وتمار في نوم عميق، مستلقيتين بجانب بعضهما في الوحل.
كانت هذه هي المرة الأولى منذ فترة طويلة التي تنامان فيها بسلام.
***
بحلول الوقت الذي استيقظت فيه رَين، كانت السماء قد أصبحت صافية.
والغريب في الأمر أنها لم تشعر بالنعاس أو الإرهاق. ولم يكن جسدها بأكمله يؤلمها أيضًا.
بدلاً من ذلك، كانت مفعمةً بالطاقة والحيوية.
كان الرنين الخافت للسَّامِيّة الباكية يغمر العالم مثل تهويدة.
حدقت في السماء الصافية لبضعة لحظات بتعجب.
‘أه. صحيح. أنا مستيقظة الآن.’
جلست رَين ونظرت في اتجاه الطاغية الميت. وكانت غابة الأيادي لا تزال تتحرك، ولكن لم يفر أي منها بعد.
كان هذا مريحًا.
ابتعدت بنظرها، ورفعت يديها لتفحصهما.
كانت بشرتها قد أصبحت ناعمة كالحَرير. وكانت أظافرها مثل اليَشم.
قلبت يديها وحدقت في راحتيها بتركيز.
وكانت التقرحات قد اختفت.
‘هاه.’
رمشت رَين عدة مرات.
كانت يداها تبدوان ناعمتين ورقيقتين، وكأنها لم تقم بأي عمل شاق على الإطلاق.
كان الأمر يبدو غبيًا بعض الشيء، ولكنها لم تستطع منع ابتسامة صغيرة من التسلل إلى وجهها.
‘انتظر لحظة…’
خلعت رَين قميصها المتسخ والممزق وفكت البدلة العسكرية. ثم قامت بنزعها لتكشف عن جذعها الأبيض، وفتحت عينيها على اتساعهما.
كانت العلامة التي تركها الصياد على جسدها قد اختفت. وحتى بعض الندوب الأخرى التي جمعتها في السنوات الأخيرة لم تعد موجودة. كانت بشرتها ناعمة وخالية من العيوب، تقريبًا مثالية.
‘واو. آه!’
وبينما كانت رَين مستمتعة بمشاهدة جسدها الأنثوي، صدر صوت أجش من خلفها:
“… ماذا تفعلين؟”
ارتبكت بسرعة وسحبت البدلة العسكرية لتغطي جسدها، محرجة من أن يتم القبض عليها وهي تقوم بشيء تافه.
عندما استدارت، رأت تمار تنظر إليها بتعبير معقد.
‘صحيح.’
ابتسمت رَين بخجل.
“لا… لا شيء. كنت فقط… صباح الخير تمار.”
بقيت الإرث الشابة صامتة لفترة، محافظةً على عبوسها الجدي المعتاد. ونظرت إلى السماء التي كانت بالفعل تتلون بالذهبي والقرمزي بسبب غروب الشمس، ولكنها لم تعلق على مدى غرابة تحية رَين.
وفي النهاية، فتحت فمها وسألت بتردد:
“هل كنتِ… مستيقظة طوال الوقت، راني؟”
والآن بعد أن تم الأمر، لم تكن رَين متأكدةً حقًا من كيفية التعامل مع الموقف. لم يكن هناك خيار سوى التصرف عندما كان الطاغية على وشك الإمساك بهما… ولكن كيف كان من المفترض أن تشرح موته للإرث الشابة؟.
لم تكن حتى قد انتهت من استيعاب ما حدث بنفسها.
نظرت رَين إلى تمار وهزت رأسها ببطء.
“أعتقد أنكِ تعلمين أنني لم أكن كذلك. لو كنت، لما وضعت نفسي في كل ذلك العذاب.”
كان هناك تردد في عيني الفتاة الأصغر سنًا.
كانت تعرف أن رَين لم يكن من الممكن أن تكون مستيقظة… ومع ذلك، لم يكن هناك تفسير منطقي آخر. كان الواقع والمنطق يتصادمان في ذهنها، مما تركها في حالة ضياع من الحيرة والارتباك.
وبعد فترة، قالت بتصلب:
“ما لم يكن لديكِ نوع من العيوب القوية الذي يحد من متى وكيف يمكنكِ إظهار قوتكِ… فهذا ممكن…”
ترددت رَين للحظة، ثم أطلقت تنهيدة.
“لا. ليس لدي أي عيب من هذا القبيل. ولم أكن أخفي رتبتي عن أي شخص.”
صرت تمار أسنانها.
“إذن كيف كنتِ قادرة على استخدام سيفي؟، كيف كنتِ قادرة على قتل الطاغية؟، لا معنى لهذا. من المستحيل لشخص دنيوي أن يفعل ذلك!”
حكت رَين رأسها، وبقيت صامتة لبضعة لحظات، ثم هزت كتفيها بلا مبالاة.
“أنتِ محقة. شخص دنيوي لم يكن ليتمكن من استخدام سيفكِ… حسنًا، ربما رجل ضخم… “
أخذت تمار نفسًا عميقًا.
“إذن كيف؟.”
نظرت رَين إليها وابتسمت بسهولة.
“أليس هذا واضحًا؟، عندما تستبعد المستحيل، مهما كان ما تبقى غير محتمل، فلا بد أنه الحقيقة. لذا… لم أكن مستيقظة من قبل، ولكنني الآن كذلك.”
رفعت ذراعًا واستعرضت عضلاتها.
“بالمناسبة، إنه شعور رائع حقًا!”
حدقت الإرث الشابة إليها بتعبير مذهول.
“لا… لم يكن بإمكانكِ التغلب على الكابوس الأول، لم يكن هناك وقت… ولم يكن بإمكانكِ حتى تحديه داخل نطاق الملكة…”
أومأت رَين برأسها.
“أنتِ محقة. لم أتغلب على الكابوس الأول.”
أخذت تمار نفسًا عميقًا.
“كيف استطعتِ الاستيقاظ إذًا؟”
ربما كانت هذه آخر فرصة لرَين لتبقى صامتة.
لكن حقًا… هل كانت بحاجة إلى ذلك؟.
كانت لديها أمل ضئيل في أن تمار لن تخونها. وأكثر من ذلك، لم تعتقد أن إبقاء إنجازها سرًا كان التصرف الصحيح.
نظرًا لأن رَين وجدت طريقة للاستيقاظ دون أن تصبح حاملة لتعويذة الكابوس، فسيكون الآخرون قادرَين على اتباع مثالها أيضًا – ربما ليس الكثيرون، لكن البعض.
وهذا يعني أن عددًا أقل من الأطفال سيضطرون للموت أثناء تحدي الكابوس. مثلما حدث مع أخيها الأكبر.
وبلا شك، سيبقى الكثيرون يختارون قبول التعويذة بسبب الفوائد الكبيرة التي تقدمها.
ولكن على الأقل سيكون لديهم الخيار.
وعلى الجانب الآخر…
إذا احتفظت بإنجازها سرًا، فإن وفيات كل من لم يكن يرغب في أن يصبح نائمًا في المستقبل ستكون بشكل غير مباشر بسببها.
لم تكن رَين متأكدة من كيفية أو متى ستشارك معرفتها، لكنها كانت تعرف أن عليها أن تشاركها.
لذا، جمعت شجاعتها وقالت:
“كيف استيقظ البشر القدماء في عالم الأحلام؟، يجب أن تعرفي أنه لم تكن هناك تعويذة الكابوس في ذلك الوقت.”
اتسعت عينا تمار ببطء. وتراجعت إلى الخلف، وتمتمت بهدوء:
“قبل… قبل تعويذة الكابوس… مستحيل… ضاعت تلك المعرفة…”
ابتسمت رَين.
“نعم، ضاعت تلك المعرفة. ولكن الآن، تم العثور عليها. لقد وجدتها.”
‘بمساعدة كبيرة من معلمي…’
ترجمة أمون