عبد الظل - الفصل 1825
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1825 : حافة الهاوية
غطت العاصفة كل شيءٍ بظلامٍ دامس. وترددت أصوات الرعد الهادرة عبر السهل، وسقط طوفان من الماء من السماء، وكأن بوابات السماء قد تحطمت تحت الضغط الهائل، محكومًا على العالم بالغرق.
مزقت صواعق البرق المتكررة الظلام، لتستبدله بضوءٍ يعمي الأبصار. وفي مكان ما أدناه، هدر مد الشلال الهائل ليندمج مع الأغنية الهائجة للعاصفة الغاضبة.
كانت رَين تقف على حافة الهاوية، تنظر إلى السماء السوداء بتعبيرٍ مفعمٍ بالاستياء.
وخلفها، كانت تمار تنظر إلى الخلف، إلى الشكل البشع للطاغية الذي يلاحقهما.
ولم يكن هناك مهرب.
“راني!، الطاغية… “
نظرت رَين إلى السماء، ثم أخذت نفسًا عميقًا.
وثم، وسط العاصفة الهائجة، جلست على الأرض عند حافة الهاوية. وعبرت ساقيها، ووضعت يديها على ركبتيها، وأغلقت عينيها.
وفي ومضة من البرق، بدا شكلها الهادئ خارجًا عن المألوف بشكل كبير.
زفرت ببطء.
‘ركزي.’
ركزت رَين على روحها. كان نهر مشع يتدفق داخلها، مشكلاً دوامةً هائجة. وفي قلبها، كانت بلورات الجوهر الجميلة تتشكل تحت الضغط الساحق.
وكانت أغنية روحها العذبة أعلى من صوت العاصفة، وأكثر جاذبية.
ولم تعد تسمع تمار بعد الآن.
‘تشكيل. تصادم. استيقاظ.’
لم يكن هناك شيء آخر يهم.
***
خلفها، كانت تمار تنظر إلى رفيقتها الدنيوية في يأس. عندما لاحظت أن راني تجلس على حافة الهاوية دون حركة، صُدمت للحظة. ثم، تلوّت ملامح وجهها الجميلة بالشعور بالذنب والخجل.
افترضت أن الفتاة الأكبر سنًا قد استنفدت تمامًا قوتها، جسديًا وعقليًا.
كان بالفعل إنجازًا شجاعًا للغاية أن تصمد لهذه الفترة الطويلة دون أن تنهار. كانت راني تمتلك ما يكفي من الإرادة والإصرار – أو ربما العناد – لجعل معظم المستيقظين يشعرون بالخجل.
ولكن كان لكل شخص حد.
“راني…”
صرت تمار أسنانها.
رغم الفيضان الهائل المتدفق من السماء المكسورة، لم يفقد الطاغية رائحتهما أبدًا. وكان يتحرك ببطء، محافظًا على رأسه منخفضًا نحو الأرض. مع أيادٍ لا تعد ولا تحصى تدعم وزنه، وتغرق عميقًا في الوحل.
***
كانت رَين مركزةً تمامًا على روحها. والآن، بعدما لم تعد بحاجة للسير أو لجر الناقلة الثقيلة، زادت قدرتها على التحكم في جوهرها. وكانت الدوامة المشعة تدور بشكل أسرع، وزاد الضغط في قلبها أكثر.
كانت هناك بلورات لا حصر لها من الجوهر الصلب هناك، كل منها لا يتجاوز حجم حبة الرمل.
كانت تتصادم مع بعضها البعض بشكل فوضوي، مما جعل روحها كلها ترتعش. كان هذا الارتعاش نادرًا في الماضي، ولكنه الآن لم يتوقف. وكأن روح رَين كانت في وسط زلزال.
ولكن ذلك لم يكن كافيًا. لم يكن أبدًا…
‘اندماج!’
لم تكن رَين تعرف إذا كانت صرختها العقلية أمرًا، طلبًا، أو صلاةً يائسة. فقد كانت ببساطة إرادتها، معبرةً عنها في كلمة واحدة.
وفي تلك اللحظة بالذات، سواء صدفةً أو استجابة لصراخها…
تصادمت اثنتان من الأحجار الكريمة المشعة. ولكن، هذه المرة، لم تطرد كل واحدة منهما الأخرى.
وبدلاً من ذلك، تشققت كلتاهما، ثم…
اندمجتا.
غمر شعور لا يوصف بالفرح قلبها.
‘أخيرًا…’
بعد اندماج الزوج الأول، كان الأمر كما لو أن محفزًا غير مرئيًا قد أُضيف إلى روحها، مما أدى إلى بدء تفاعل متسلسل. وأصبحت المزيد والمزيد من بلورات الجوهر الصغيرة مغطاة بشبكة من الشقوق الدقيقة، ثم اندمجت بسلاسة مع بعضها البعض. وبعد ذلك، استهلكت الأحجار الكريمة الأكبر حجمًا الأحجار الصغيرة، أو اندمجت مع تلك المماثلة لها في الحجم.
كانت العملية عنيفة بشكل لا يصدق، أشبه بالاشتعال الكارثي لقنبلة نووية حرارية.
وذكرت عملية اندماج بلورات الجوهر رَين بالاندماج النووي… العملية العجيبة التي تبقي النجوم البعيدة متوهجة في السماء الباردة الفارغة.
وكان الأمر بالفعل وكأن نجمًا كان يولد في مركز روحها.
كان هناك ضوء مبهر ناتج عن اندماج الأحجار الكريمة. وكان هناك حرارة أيضًا. وقلب روحها نفسه قد تحول إلى بحر متوهج وساطع، ولم تعد تستطيع الإحساس بالبلورات الفردية.
كانت دوامة الجوهر تُمتص ببطء في ذلك البحر المشع.
‘… نواة الروح تتشكل.’
وبالفعل، كان هناك نواة روح تُبنى داخل روحها، مختبئة في بحر النور. وتلك النواة الناشئة… كانت كجسر بين روحها وجسدها.
شعرت رَين وكأن نجمًا صغيرًا يحترق في وسط صدرها، وكانت أمواجٌ من الحرارة تشع منها، وتصل ببطء إلى معدتها الفارغة وكتفيها الممزقين، ثم إلى ذراعيها وساقيها المعذبتين، ثم إلى يديها وقدميها المتألمين.
وتحت تلك الحرارة، كانت عظامها وعضلاتها وأعضاؤها وأوعيتها الدموية تُعاد بناءها وتُنشط.
كانت تولد من جديد. كانت تصبح أقوى، أسرع، وأكثر صحة…
كان الأمر مبهجًا.
مع كل ثانية، كان تحولها يصبح أكثر عمقًا.
وبعد مرور فترة، هدأ أخيرًا النجم الذي كان يحترق في صدرها. وبهت البحر المتوهج، ومنه…
ظهرت كرة مشعة، تنير روح رَين بشكل جميل.
وتم استبدال الحرارة ببرودة مهدئة.
اجتاحت تلك البرودة جسدها، وأخذت معها كل الآلام والانزعاجات التي كانت قد تراكمت هناك على مدى الأيام الستة الماضية. ثم انتقلت إلى ذهنها وهدأته.
فتحت عينيها ببطء.
“هل هذا… هو ما يعنيه أن تكون مستيقظًا؟”
شعرت رَين… بالقوة. كان جسدها مليئًا بالقوة العنيفة، التحمل المذهل، والحيوية التي لا تنتهي. كانت حواسها أكثر حدة. وحتى عقلها قد بدا وكأنه قد أصبح أعمق بطريقة ما.
تدفق جوهر الروح بحرية عبر جسدها، وتسرب إلى عظامها وعضلاتها. كان الجوهر أكثر ثراءً وأكثر استجابة… يكاد يكون ملموسًا.
وكانت نواة الروح في قلب كل ذلك، تعمل كجسر بين الملموس وغير الملموس.
ظهرت ابتسامة متعبة على وجه رَين.
‘لقد فعلتها!’
ضائعةً في أعماق العاصفة الهائجة، وجالسةً على حافة الهاوية عديمة القاع، محاطةً بالظلام، ومطاردةً من قبل الرجس المروع…
استيقظت كأول بشرية في عالم اليقظة بدون حمل لعنة تعويذة الكابوس.
ترجمة أمون