عبد الظل - الفصل 1822
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة 
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1822 : إنجاز معجزة
في الحقيقة، كانت رَين تعلم بالفعل ما هي المعجزة التي قد تنقذها. لم تكن معجزة يمكن أن تحدث لها، بل معجزة يمكنها أن تصنعها بنفسها.
كانت تلك المعجزة هي إستيقاظها.
تمامًا كما قال معلمها، كان هذا هو الحل الوحيد لهذا المأزق المميت.
كانت المشكلة أن تشكيل نواة روحها كان بعيدًا، بينما كان الطاغية قريبًا جدًا. لم يكن الرجس قريبًا بعد، ولكنه سيفعل قريبًا.
لو كانت رَين قادرة على الراحة بدون أي تشتت والتركيز على التأمل بثبات، لكان هناك أمل في الإستيقاظ قبل أن يمسك الرجس العملاق بفريسته. لكن كان عليها أن تهرب منه، بينما تسحب تمار عبر الأرض القاحلة، من الغسق حتى الفجر.
وكانت تحتاج للراحة في الليل لاستعادة بعض من قوتها على الأقل، لذا كان هناك فقط بضع ساعات قصيرة لتدوير جوهرها أثناء الحراسة.
كانت تلك الساعات غير كافية تمامًا للمهمة التي بين يديها.
ولكن في الواقع…
ألم تكن تنظر إلى الأمر بشكل خاطئ؟.
تذكرت رَين الليلة السابقة. شعور البرودة لقطرات الماء وهي تسقط على وجهها، والفرحة التي شعرت بها. في ذلك الوقت، كانت تُدَوِر جوهرها. وأخذت خوذة تمار ونقلتها من أسفل التلة الصخرية لالتقاط المطر، على أمل إخماد عطشها الذي لا يُحتمل.
مما أثبت شيئًا مهمًا.
كان بإمكانها التحرك والتحكم في جوهرها في نفس الوقت. طالما لم ينكسر تركيزها، كانت رَين قادرة على فعل ما تريد أثناء تشكيل نواتها.
بالطبع، لم يكن من السهل الحفاظ على التحكم في جوهرها أثناء القيام بشيء آخر. كان من الصعب بالفعل الحفاظ على الدوامة الهائجة أثناء حالة من السكون التام، ناهيك عن مدى الإجهاد الشديد.
ومع ذلك، إذا استطاعت تدوير جوهرها أثناء عبور الأرض القاحلة، فلن تقتصر فقط على بضع ساعات قليلة في الليل لتشكيل نواتها. بل يمكنها أن تستمر في تشكيلها باستمرار، طالما سمحت لها قوتها العقلية بذلك.
شعرت رَين برغبة غريبة في الضحك والبكاء في آن واحد.
‘بالطبع… بالطبع!، لماذا لا؟’
كانت بالفعل تقوم بشيء غير مسبوق بمحاولتها الإستيقاظ بدون مساعدة تعويذة الكابوس. وعلى حد علم رَين، لم يقم أي إنسان آخر في عالم اليقظة بذلك من قبل.
ومع ذلك، لم يكن عليها فقط أن تحقق هذا الإنجاز المعجزة، بل أن تفعله بينما يطاردها طاغية مستيقظ وتحتضر من الإجهاد البدني. وهي ضائعة في البراري البعيدة لعالم الأحلام بدون مساعدة أو أمل أو دعم.
لم يكن ذلك عادلاً على الإطلاق.
ولكنه كان منطقيًا أيضًا، بطريقة غريبة. فصنع التاريخ لم يكن من المفترض أن يكون سهلًا.
‘أستطيع فعلها… عليَّ فعلها. ليس لدي خيار سوى فعلها.’
صرت رَين أسنانها.
ثم، متجاهلة التعب الفظيع والإجهاد الخانق، وصلت إلى روحها وحاولت تحريك جوهرها.
فُرض عليها العبء العقلي والروحي الثقيل على الفور فوق الصعوبة الساحقة لدفع جسدها المتعب إلى الأمام.
وبمجرد أن خطت الخطوة التالية وشعرت بالحبل المعدني يجرح جلدها بشكل مؤلم، دُمر تركيزها وفقدت السيطرة على جوهرها.
تنفست رَين بصعوبة، وشدت قبضتها على الحبل مرة أخرى وحاولت من جديد.
هذه المرة، تمكنت من الحفاظ على السيطرة على جوهرها، ولكنها فقدت التحكم في عضلات بطنها، مما سمح لها بالاسترخاء. وعلى الفور، فقدت توازنها وتعثرَت ثم سقطَت في الوحل.
“آه…”
تردد صوت تمار الخافت من الخلف، مشوبًا بالقلق:
“راني، هل أنتِ بخير؟”
زفرت رَين ببطء، ثم دفعت نفسها بعيدًا عن الأرض ومسحت الطين عن وجهها.
حسنًا، مع مدى اتساخ قفازاتها، ربما أضافت المزيد من الطين على وجهها.
“أنا… بخير.”
سحبت الحزام المعدني مرة أخرى، وأمسكت به وسحبت الناقلة إلى الأمام.
لم ترتكب نفس الخطأ في المرة الثانية.
كان الأمر صعبًا بشكل مرعب، وقاسيًا بلا رحمة. ولكن بعد فترة، تمكنت رَين من أخذ عدة خطوات دون أن تفقد السيطرة على جوهرها.
ثم، عشرات الخطوات.
ثم، مائة.
وأخيرًا، أجبرت نفسها على الاستمرار في السير وتدوير جوهرها في نفس الوقت. أصبحت رؤيتها ضبابية، وشعرت أن عقلها على وشك الانهيار من الإجهاد.
ولكن ذلك لم يحدث.
ولم ينهار جسدها أيضًا.
لذلك، استمرت في السير.
بعد فترة، بدا أن سمعها قد أصبح حادًا بشكل مذهل. سمعت صوت الناقلة البدائية وهي تخدش الصخور. كما سمعت الرنين العذب لبلورات الجوهر وهي تتصادم مع بعضها البعض. وكانت قادرة تقريبًا على سماع هدير الدوامة المضيئة وهي تدور داخل روحها.
في نهاية المطاف – لم تكن تعرف كم من الوقت قد مر – شعرت أنها تستطيع أن تشعر بجوهرها بوضوح لا مثيل له، كما لم تشعر به من قبل. كان الإحساس بتدفقه من خلالها، وداخلها، ماديًا تقريبًا.
وبذلك، بدا كما لو أن جسدها وروحها قد أصبحا واحدًا، ولا يمكن التمييز بينهما.
وعندما حدث ذلك، دفعت جوهرها بقوة أكبر، مما جعله يدور بسرعة أكبر. زاد الضغط في قلب الدوامة، وزادت السرعة التي كانت تتشكل بها الحبيبات التالية.
والأهم من ذلك بكثير…
لم تعد رَين مقيدة بالتأمل لبضعة ساعات في اليوم فقط. كان بإمكانها الآن الحفاظ على عملية تشكيل النواة طوال الوقت – أثناء السير، وأثناء الحديث، وأثناء راحة جسدها المرهق على الأرض.
طالما أن إرادتها صمدت، لم يكن عليها أن تتوقف.
وكان السؤال…
من الذي سيستغرق وقتًا أطول؟، تحطم إرادتها، أم تشكيل نواة روحها؟.
كانت رَين على وشك معرفة الإجابة، سواء أرادت ذلك أم لا.
***
مع حلول الليل، سقطت.
انهارت رَين على الأرض بلا حراك. هذه المرة، بقيت بلا حركة لفترة أطول بكثير من الليلة السابقة.
وشعرت كما لو أن جسدها قد توقف تمامًا.
لم تكن أبدًا قد تعرضت لتضرر بهذا القدر من القسوة، أو استنزفت بهذا الشكل المروع.
ومع ذلك، استمرت في التحكم بجوهرها، ولم تسمح لتدفقه بأن يتوقف أو يبطئ.
وبعد فترة، زحفت تمار بشكل محرج لتتفقد حالتها. ساعدت الإرث الشابة رَين على الانقلاب، ودعمتها للجلوس، ووضعت قطعة لحم في يدها.
“كُلي.”
ابتسمت رَين بضعف وأجبرت نفسها على أخذ قضمة.
كان الطاغية قد تخلف عن الركب في النصف الثاني من اليوم. كانت سرعتها أكبر مع الحزام، وقطعت مسافة أكبر بكثير. لم تكن تلك المسافة كافية للهروب من المطاردة، ولكنها كانت كافية للبقاء على قيد الحياة ليلة أخرى.
ربما.
حتى أن لديهم بعض الماء المتبقي.
بعد إخماد عطشها واستهلاك ما يكفي من اللحم لإعادة شحن جسدها المستنزف، تمددت رَين على الأرض وتنفست بعمق.
“آه. سأكون نحيفة جدًا في نهاية الأمر.”
نظرت إليها تمار بتعبير مذهول.
“هل هذا ما يقلقكِ؟”
أرادت رَين الضحك، لكنها وجدت الفكرة مرهقة جدًا. وفي النهاية، قالت:
“لماذا، بالطبع. أريد أن أترك الطاغية جائعًا بعد أن يلتهمني. جلد وعظام، شي من هذا القبيل…”
بقيت الإرث الشابة صامتة لبضعة لحظات، ثم تنهدت.
“لديكِ حس فكاهة مروع، أليس كذلك، راني؟”
مستلقية على الأرض، ابتسمت رَين.
“ماذا أقول؟، إذا عشتِ مع الذئاب، ستعوين مثل الذئب. كان لشخص ما تأثير سيء عليّ.”
وبعد فترة، أضافت:
“…ولكنني متأكدة أنني لذيذة.”
كان لدى تمار تعبيرها المتحفظ المعتاد، ولكن في تلك اللحظة، ظهر عليها بعض التصدع.
نظرت بعيدًا، وكتمت ضحكتها، وقالت بنبرة جادة:
“أنا متأكدة أنكِ كذلك.”
في تلك اللحظة، شعرت رَين بتشكل بلورة مشرقة أخرى في عمق روحها.
كان الرنين العذب يزداد قوة وتكرارًا.
ترجمة أمون