عبد الظل - الفصل 1802
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1802 : إعادة الترميم
كان المفهوم الذي يسميه الأسياد والقديسون بـ ‘الحبل’ شيئًا غامضًا ولكنه بسيط. كان نوعًا من البصمة التي يمكن للمرء أن يتركها على العالم باستخدام جوهره. وكانت النقطة التي وُسمت بهذه البصمة هي المكان الذي تُثبت فيه روح الشخص بالعالم. وكان الأسياد يستطيعون وسم أنفسهم في عالم اليقظة فقط، ولكن القديسين كانوا يستطيعون وسم أنفسهم في عالم الأحلام أيضًا.
بالإضافة إلى ذلك، كانت الحبال التي يضعها القديسون أكثر اتساعًا وتجذرًا في نسيج العالم مقارنةً بتلك التي يضعها الأسياد. في الواقع، كان صني متأكدًا تمامًا من أنهما كانا شيئان مختلفان تمامًا – ولكن بما أن كلاهما يخدم نفس الغرض، فقد استخدم البشر نفس الكلمة لكليهما.
السبب في أن حبال المتسامين كانت أقوى بكثير من تلك الخاصة بالصاعدين كان يعود إلى طبيعة القديسين. كانت روح القديس مرتبطة بالعالم، وبالتالي تتفاعل مع العالم بشكل أوثق كثيرًا.
على سبيل المثال، كان القديسون قادرين على امتصاص جوهر الروح من محيطهم.
وفي حالات نادرة، كانوا أيضًا قادرين على سكب جوهر روحهم في العالم.
لم يكن هناك حاجة لذكر أهمية الأولى، ولكن الثانية كانت بلا فائدة إلى حد كبير. سيتلاشى جوهر الروح بسرعة إذا لم يُسكب في وعاء خاص – مثل ذكرى، على سبيل المثال.
ومع ذلك، كان هناك وقت واحد عندما كان من الضروري دفع جوهر الشخص إلى العالم، وكان ذلك أثناء عملية إنشاء الحبل.
إذا تم التلاعب به بطريقة خاصة، سيترك الجوهر بصمة على المنطقة التي أُطلق فيها قبل أن يتلاشى. تلك البصمة كانت الحبل، وبما أنها كانت تحافظ على ارتباط ضعيف بروح القديس، كان من الممكن سحب الارتباط للانتقال بين العوالم والعودة إلى المكان الذي وُسمت فيه الروح.
يمكن أن يوجد حبلان فقط في وقت واحد، واحد في كل عالم. كان من الضروري قطع الارتباط مع القديم قبل إنشاء جديد… حسنًا، في حالة صني، يمكن لكل تجسد من تجسداته وضع حبلين خاصين به.
على أية حال، كان هذا ما يفعله صني الآن – يدفع جوهره في العالم ويتحكم في تدفقه لإنشاء بصمة. استغرقت العملية فترة، وكانت شاقة للغاية.
ولكنه لم يكن يفعل ذلك بشكل أعمى.
بدلاً من السماح لجوهره بأن يغطي المنطقة بحرية، حاول تركيزه كله في نقطة معزولة. وهي… بوابة المعبد القديم.
وسرعان ما بدأ حبله يتشكل.
ثم حدث شيء غير متوقع.
كان هناك تفاعل غريب بين البوابة والحبل المتشكل. كان الأمر كما لو أن الاثنين قد تم خلقهما ليكونا معًا منذ البداية – لم يقل الضغط على صني بشكل كبير فحسب، كما لو أن العملية قد أخذت مسارها الخاص، ولكن أيضًا شعر كما لو أن البصمة كانت تصبح أعمق، وأيضًا مختلفة بطريقة ما.
في الوقت نفسه، شعر صني بأن شيئًا ما يتغير في روحه.
كان الأمر كما لو أن رابطًا صوفيًا قد تم إنشاؤه، يربطه بالمعبد القديم.
شعر… بشعور غريب جدًا.
عندما غاص في بحر روحه، رأى أن الامتداد الواسع للمياه الراكدة لم يعد موجودًا. بدلاً من ذلك، كانت المياه تغلي تقريبًا، مع موجات عظيمة تتدحرج على السطح المظلم والصامت.
وكأن أحدهم ألقى بصخرة ضخمة في المياه السوداء، فأرسل تموجات منتشرة عبر المساحة الصامتة لروحه
‘ماذا…’
بينما كان صني يراقب بدهشة، بدأت المياه في قلب بحر روحه تغلي فجأة.
ثم ارتفع مبنى أسود مألوف من تحت الأمواج.
كان نسخة مثالية من المعبد عديم الأسم – كما كان قبل أن ينهار سقفه وتُحطم بواباته – يرتفع ببطء من الأعماق المظلمة لروحه، ويغمره الإشعاع المظلم من أنوية روحه الستة.
وسرعان ما هدأت المياه المتدفقة، وعاد بحر روحه إلى الهدوء والصمت مرة أخرى. كما لو أن شيئًا لم يحدث.
فقط… كان هناك معبد عظيم من الحجر الأسود يقف الآن على المياه الهادئة.
حدق فيه صني بعينين واسعتين.
‘…سأكون ملعونًا.’
كان ذلك… رائعًا جدًا.
ندم على عدم ارتباطه بالتعويذة مرة أخرى. كان صني يشعر بارتباط عميق بقلعته المكتسبة حديثًا، لكنه لم يكن يعرف ما الذي يمكن أن يفعله بهذا الارتباط، وما كان يعنيه. لو كان لا يزال حاملًا للتعويذة، لكانت هناك أحرف رونية متفائلة لتوجيهه إلى الفهم المطلوب، بلا شك.
ولكن مرة أخرى، لم تشرح التعويذة حتى أسحار الذكريات التي أنشأتها لمعظم المستيقظين. من كان ليعلم مدى فائدتها في حالة القلعة؟.
كان صني يعرف أنه سيضطر إلى استكشاف هذا الأمر والتحقيق فيه بنفسه.
مع ذلك، حتى ذلك الحين…
‘ماذا أفعل الآن حتى؟’
لم يكن يخطط أبدًا لامتلاك قلعة مجهولة. لم يكن حكم أحدهم في خططه – والآن، كان في منتصف رحلته إلى قبر السَّامِيّ
بعد تردد لفترة، تنهد صني.
“حسنًا، أيا كان. يمكنني قضاء بضعة أيام هنا. وجود مخبأ سري للعودة إليه لن يضر، على أي حال.”
كان جسده الأصلي راسيًا في المعبد عديم الأسم الآن. لذا، لم يكن لديه خيار سوى اعتباره جزءًا من خططه المستقبلية.
لكن كان هناك جانب إيجابي واحد في الموقف غير المتوقع.
على الأقل، لم يعد صني مشردًا بعد الآن.
***
بعد عدة أيام، كان صني جالسًا على درجات المعبد عديم الأسم. كانت الشمس تعبر السماء الزرقاء الصافية، وتلألأت الثلوج التي تغطي قمة الجبل بنورها.
كان هناك تعبير مذهول على وجهه.
أما التجسدات الخمس الأخرى فكانت تستريح على الدرجات السفلية، تتنفس بصعوبة. كان أحدهم يفرك كتفيه بتعب. وكان آخر يتكئ على مكنسة صُنعت بتجسيد الظلال. أما الثالث فكان مستلقيًا على الحجر الأسود، يحدق بالسماء بكسل. وهناك من كان يفرغ دلوًا من الماء القذر، وآخر كان ينظر إليهم بازدراء.
كانوا مشغولين بتنظيف المعبد في الأيام القليلة الماضية.
تم الانتهاء من التنظيف بشكل كبير، لكن إعادة الترميم لم تبدأ بعد. كان صني يعلم أنه سيحتاج إلى حجر خاص لإعادة بناء السقف المحطم… يمكنه الحصول على البعض منه من الكاتدرائية المدمرة في المدينة المظلمة، والخشب المتين للعوارض، هل سيضطر إلى زيارة الغابة المحترقة مرة أخرى لحصاد بعضه؟.
لحسن الحظ، كان صني ماهرًا في جميع الأمور المتعلقة بالحرف اليدوية، ليس فقط بسبب الخبرة والممارسة، ولكن أيضًا بسبب نسيج العظام. كانت أصابعه ماهرة وسريعة الاستجابة، مثل أصابع حرفي ماهر. وأي أداة يحتاجها، كان بإمكانه تجسيدها من الظلال.
ومع ذلك، لم يكن حجم العمل المطلوب لإعادة المعبد عديم الأسم إلى حالة لائقة هو السبب في تشتته في الوقت الحالي.
بدلاً من ذلك، كان السبب هو الاكتشاف الذي قام به جسده الأصلي.
بينما كانت التجسدات مشغولة بالتنظيف، كان هو يستكشف قلعته الجديدة. بالطبع، اكتشف الدائرة الصوفية في المعبد السفلي على الفور تقريبًا.
ولكن، استغرقه الأمر بعض الوقت حتى يفهم ماذا يفعل هذا المكون.
كان الفهم الغريزي لغرضه مخفيًا في الاتصال الذي شاركه صني مع القلعة.
‘إذًا… يمكنه التحرك.’
رفع بصره ودرس قمة الجبل المهجورة.
كان صني يفترض أن المعبد عديم الأسم قد بُني هنا، وكان يتساءل عن الجنون الذي دفع البنائين لحمل الوزن الثقيل للرخام الأسود إلى قمة جبل شاهق.
ولكن الآن، عرف أن المعبد القديم قد تم بناؤه في مكان آخر، وكان قائمًا في مكان آخر، قبل أن يظهر على هذه القمة الجبلية في يوم من الأيام.
وكما كان يعلم أنه يمكنه التحرك مرة أخرى، الآن بعد أن أصبح لديه مالك جديد.
ببطء، بدأت فكرة جريئة تتشكل في ذهنه.
تردد صني لفترة، ثم نظر إلى تجسداته ودرس كل واحد منهم لبضعة لحظات.
في النهاية، هبطت نظراته على التجسد الكئيب.
ابتسم.
‘…دعنا نفعلها بهذه الطريقة إذًا.’
***
بعد فترة من الوقت، أحدثت ضجة مفاجئة اضطرابًا في السلام القاتل لقبر السَّامِيّ وصل شكل مظلم يرتدي درعًا من العقيق إلى حافة عظمة صدر السَّامِيّ الميت، مغطى بالرماد والدم. وخلفه كان هناك أثر من اللحم المقطوع والأجساد المكسورة.
كان وجه الرجل مخفيًا خلف قناع شرس منحوت من الخشب الأسود.
واقفًا على حافة هاوية عميقة، نظر للأسفل بصمت، غير مكترث لموجة من الرجسات التي تندفع نحوه من الخلف.
ثم، فجأة، أصبح هناك معبد عظيم مبني من الرخام الأسود يقف على سهل العظام.
بينما استدار الرجل الذي يرتدي القناع الشيطاني، خرج ثلاثة محاربين يرتدون نفس درع العقيق من الظلام تحت أفاريز المعبد الأسود. تبعتهم فارسة حجرية رشيقة، تحمل سيفًا أسود وترسًا دائريًا. ثم، شرير فضي مصنوع من نيران الجحيم، وحصان مظلم تلفه عباءةً من الكوابيس، وثعبان ضخم بحراشف من العقيق.
واجه سكان المعبد الأسود المظلمون موجة الرجسات بهدوء، وبعد لحظات قليلة، تدفقت المزيد من الدماء على السطح الأبيض للعظام القديمة. انتشرت ظلمة عظيمة، تخفي ساحة المعركة عن السماء الغائمة.
وفي نفس الوقت، بعيدًا…
كانت فتاة شابة عادية تتعلم كيفية قتل مخلوقات الكابوس بواسطة ظل غريب الأطوار.
وأبعد من ذلك…
كانت قافلة تجارية تقترب من باستيون. مع عشرات العربات المحملة بشكل كبير تسير على الطريق، مدفوعةً بصدى وحشي. وكانت هناك قوى كبيرة من المستيقظين تحرس القافلة، وتحميها من مخاطر عالم الأحلام.
أصبحت تعابير وجوههم واضحة الآن بعد أن بدأت مدينة البحيرة تظهر في الأفق.
وكان هناك شاب وسيم ذو بشرة خزفية وعيون عقيقية يجلس على سرير إحدى العربات، مستندًا بظهره إلى صندوق خشبي وينظر إلى الأمام بابتسامة جميلة على شفتيه. لم يكن يبدو قويًا جدًا، وكان يرتدي عباءةً سوداء أنيقة بدلاً من درع متين.
وبعيدًا، كشفت الصورة الظلية المهيبة لقلعة عظيمة عن نفسها ببطء من المياه المتلألئة للبحيرة الصافية.
نظر الشاب إليها لبرهة، ثم نظر إلى الأسفل، نحو ظله.
“يبدو أننا وصلنا.”
نظر الظل إليه مجددًا، ثم هز كتفيه بلا مبالاة.
ابتسم الشاب.
“…نعم، أعتقد ذلك أيضًا.”
بعد أن قال ذلك، رفع الشاب نظره نحو ملامح برج أبيض يطفو في الهواء فوق القلعة.
تغيرت ملامح وجهه للحظة لتصبح حزينةً، ثم نظر بعيدًا بزفرة هادئة.
“آه، إنه جميل جدًا… سحقا!”
ترجمة أمون