عبد الظل - الفصل 1800
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1800 : العودة إلى الجبل الأسود
كثيرًا ما كان صني يفكر في قافلة العبيد، لكنه لم يحاول أبدًا معرفة المزيد عن الأحداث التي وقعت في الكابوس.
كان يعلم أنها حدثت في غسق العصر الذهبي، ليس ببعيد عن بداية حرب الهلاك. في ذلك الوقت، كان السَّامِيّن قد أصبحوا غير مبالين وبعيدين، وقام جنود إمبراطورية توسعية تعبد الحرب بالقضاء على عبادة الظل، وحرقوا جميع معابده.
ومع ذلك، لم يكن يعرف الكثير عن تلك الإمبراطورية والأراضي التي غزتها. كان تاريخ عالم الأحلام مطموسًا بسبب الدمار الكارثي الذي خلفته حرب الهلاك، وعلى الرغم من أنه كان من الممكن معرفة بعض الأمور عن العصور السابقة، إلا أن الدمار قد محا معظم آثار الحضارات البشرية الأخيرة.
لذلك، لم يتوقع صني أبدًا أن يرى جبل الأسود مرة أخرى.
حدق في قمته البعيدة بدهشة. ثم تفتح في قلبه شعور خفي بالفضول.
‘… قد يكون من المفيد إلقاء نظرة.’
في الواقع شعر صني بلمحة من العاطفة.
في ذلك الوقت، استغرقت القافلة أيامًا لتسلق ممر الجبل، وكان صني يتذكر بوضوح عذاب المشي على الطريق الجبلي – البرد، الألم، لمسات الأغلال الحديدية التي تمزق معصميه. كان يشعر بالتعب والضعف الشديد، ولم يكن يعرف إذا كان سينجو من المسيرة القاسية.
لم ينجو العديد من العبيد، وانتهى بهم الأمر إلى أن يُلقى بهم من على الجرف بعد سقوطهم في الثلج.
كان من الصعب تسلق الجبل وأنت جائع وعلى وشك التجمد.
واليوم، كل ما فعله صني هو أنه خطى في الظلال وظهر في منتصف المنحدر.
خطوة، خطوة، وخطوة أخرى.
وبهذه البساطة، وجد نفسه واقفًا أسفل المبنى الشامخ لجبل الأسود.
مرت آلاف السنين منذ يوم دمار قافلة العبيد. كان طريق الجبل قديمًا ومتداعيًا في ذلك الوقت، ولم يبق منه أي أثر.
للحظات قليلة، فكر صني في البقاء هنا لبعض الوقت للبحث عن العظام القديمة. كان فضوليًا لمعرفة ما حدث بالضبط للعبد عديم الأسم وأورو من التسعة. هل نجوا من ملك الجبل؟، أم أنهم هلكوا؟.
كان متأكدًا تمامًا من أن أورو قد نجا. ولكن ماذا عن عبد المعبد الشاب؟.
لكن سرعان ما تراجع صني عن هذه الفكرة.
كان سيستغرق منه أشهرًا، وربما حتى سنوات، للتنقيب عبر الثلوج والعثور على آثار القافلة، إذا كانت أي آثار لا تزال موجودة. وحتى حينها، لم يكن هناك ضمان بأنه سيتمكن من معرفة أي شيء عن الماضي من خلالها.
لذا، مع تنهيدة، نظر صني إلى الأعلى، نحو قمة جبل الأسود.
المكان الوحيد الذي يمكنه زيارته هو المعبد الغامض الذي كان يقف هناك، محاطًا بالعظام.
ولكن قبل ذلك…
شعر بالأعداء يندفعون نحوه من كل الجهات. وبعد لحظة، انفجرت الثلوج، واندفعت أشكال قبيحة نحوه بجنون يشتعل في أعينهم البيضاء الحليبية.
كانت المذبحة سريعة وقاسية.
لم يستدعِ صني حتى سلاحًا، بل استخدم القفازات المسننة لعباءة العقيق لسحق الرجسات. ورقص بينهم مثل فأل الموت، مدمرًا واحدًا تلو الآخر ببرودة ومنهجية.
حتى لم يتبقَ أي منهم.
كان الثلج مطليًا باللون بالأحمر من الدماء، وكان هناك ضباب خفيف من اللون القرمزي معلق في الهواء.
‘هاه.’
درس صني الجثث المكسورة، التي كانت متناثرة على الأرض مثل سجادة. كانت المخلوقات قبيحة ومروعة، تشبه شيئًا قد يرسمه فنان مجنون بعد أن يستيقظ من كابوس محموم. معظمهم كانوا وحوشًا ساقطة ومسوخًا… وعلى الرغم من أنه كان متأكدًا من أنه لم يقاتل مثل هذه المخلوقات من قبل، إلا أنها ذكرته بشيء.
ويرجع ذلك في الغالب إلى أنه أخضع جيشًا من يرقات ملك الجبل في القارة القطبية الجنوبية منذ فترة ليست طويلة.
على الرغم من أن هذه الرجسات كانت مختلفة وأقوى بكثير، إلا أنها كانت تشبه اليرقات كثيرًا.
ابتسم صني بخفة.
‘هل سألتقي بملك الجبل مجددًا؟’
إذا لم يكن ذلك الشيء ميتًا، فإنه سيكون قد أصبح أقوى بكثير الآن…
ولكن لا، كانت الاحتمالات ضعيفة. كانت قوات فالور قد قضت على أخطر مخلوقات الكابوس في هذه المنطقة من عالم الأحلام خلال تقدمها شمالاً، ولم تكن لتسمح بوجود طاغية قوي يبقى في مؤخرة جيشها.
حتى لو كان ملك الجبل قد نجا لآلاف السنين دون أن يغادر جبل الأسود، لكان قد تم التعامل معه من قبل شخص مثل النصل الهامس، أو ربما حتى أنفيل بنفسه.
مع تنهيدة، أخذ صني خطوة أخرى عبر الظلال وظهر مباشرة على قمة جبل الأسود.
وقف هناك بلا حراك لفترة، ينظر إلى الأمام بتعبير مندهش على وجهه الشاحب.
كان المعبد عديم الأسم… لا يزال هناك، تحت السماء المضاءة بالقمر.
في أعلى نقطة في الجبل، كانت مساحة شاسعة من الصخور المسطحة مغطاة بالثلوج. وفي مركزها، مضاءً بضوء القمر، كان يقف معبد رائع. بأعمدته وجدرانه الضخمة منحوتة من الرخام الأسود، مع نقوش بارزة تزين الجبهة والأفريز الواسع. جميل ورائع، كان يبدو كقصر لسامي مظلم.
على الأقل كان يبدو كذلك ذات مرة. أما الآن، كان المعبد في حالة خراب: شوهت الشقوق والتصدعات الحجارة السوداء، مع أجزاء من السقف قد انهارت، مما سمح بدخول الجليد والثلوج. وكانت بواباته الشاهقة محطمة، كما لو كانت قد تحطمت بفعل يد عملاقة.
لم يتغير المعبد الأسود على الإطلاق. كان الأمر وكأن آلاف السنين لم يكن لها أي تأثير عليه على الإطلاق.
الشيء الوحيد الذي تغير هو أن هناك الآن المزيد من العظام التي تحيط به. كانت هناك آلاف العظام المتناثرة حول المكان، تغطي الأرض. بعضها كان ينتمي إلى مخلوقات الكابوس، بينما البعض الآخر كان يبدو أنه بشري تمامًا.
عند التفكير في الأمر…
‘لماذا يوجد الكثير من العظام هنا؟’
هل كان هذا هو المكان الذي كان ملك الجبل يلتهم فيه ضحاياه؟، بطريقة ما، شك صني في ذلك. كان الطاغية يلتهم العبيد في نفس المكان الذي قتلهم فيه، بعد كل شيء.
لا، قبل ذلك.
ما هو هذا المعبد بالضبط؟.
في ذلك الوقت… تذكر صني أن الباحث ذكر أن الحجاج كانوا يتسلقون الجبل في العصور القديمة. من كانوا هؤلاء الحجاج، وماذا كانوا يعبدون؟.
افترض أنه كان واحدًا من معابد سَّامِيّ الظل التي دمرتها الإمبراطورية، ولكن التوقيت لم يكن منطقيًا. تدمير عبادة الظل كان حدثًا حديثًا خلال كابوسه الأول… ومع ذلك، كان المعبد يبدو كما لو أنه قد تم تدميره منذ آلاف السنين حتى في ذلك الوقت.
وعندما أراق صني دمه على المذبح، وصفته التعويذة بأنه قربان لجميع السَّامِيّن . كان الأمر فقط أن الظل كان الوحيد الذي أجاب.
والأغرب من ذلك…
في وقت الكابوس، كان السَّامِيّن لا يزالون أحياء. ومع ذلك، تحدثت التعويذة عنهم وكأنهم موتى.
ارتجف صني.
هل وصل قربانه إلى السَّامِيّن الحقيقية، وليس إلى بديل وضعته التعويذة؟، هل كانت التعويذة حتى قادرة على إنشاء نسخ وهمية من السَّامِيّن ؟.
من المحتمل لا.
إذا كان الأمر كذلك، فما معنى ذلك؟، وكيف منح سَّامِيّ الظل نعمته من خلف القبر؟.
حسنًا… هذا الجزء الأخير لم يكن مفاجئًا جدًا. كان السَّامِيّن هم من خلقوا أشياء مثل الزمن والموت، بعد كل شيء. لذا، لم يكن غريبًا تخيل أنهم لديهم علاقة خاصة بهذه القوانين. يمكن للسَّامِيّ أن يستجيب لسؤال قبل أن يُطرح، ويبارك عبدًا قدم نفسه كقربان رغم كونه ميتًا.
وخاصة إذا كان ذلك المذبح موجودًا في مكان مميز جدًا.
المعبد الأسود…
تردد صني، غير متأكد مما يفكر فيه. الآن وقد وجد المعبد المتهدم مرة أخرى، أدرك أنه لم يكن يعرف أي شيء عنه في الواقع.
لكنه كان متأكدًا من شيء واحد. هذا المكان…
كان يبدو مقدسًا.
كانت هناك هالة من القداسة الصامتة المهيبة تشع من جدران المعبد العتيقة المصنوعة من حجر السج. بدا المعبد مهيبًا وجميلًا تحت ضوء القمر، ورغم أن الأرض حول الأطلال كانت مليئة بالعظام، لم يكن المكان يبدو بغيضًا أو مشؤومًا على الإطلاق.
بتنهيدة، توجه صني نحو بوابات المعبد المحطمة.
وعندما اقترب…
شعر به.
لم يره، ولم يسمعه. ولم يدركه حتى بحاسة ظله.
ولكن بطريقة ما، كان يعلم.
كان هناك شيء أمامه… كيان هائل، غير مرئي وغير ملموس. كيان كان يمد يده نحوه، ينبعث منه شعور خفي بالنقاء، والوحدة، والقوة.
فجأة، أدرك صني سبب وجود العظام المبعثرة في كل مكان عند قمة جبل الأسود.
ومع ذلك، لم يكن حارس المعبد يحمل أي حقد تجاهه. بل كان هناك شعور بـ… الفرح والاعتراف.
كان الكائن غير المرئي يمد يده إلى شيء ما في روح صني.
الضوء الذهبي… شعلة السمو.
اتسعت عينا صني قليلاً.
‘لم… لم أكن أعلم حتى.’
في ذلك الوقت، لم يشعر بشيء عندما دخل المعبد. لكن العظام كانت هناك، مما يعني أن الحارس كان هناك أيضًا. ومع ذلك، فقد سمح لصني بالدخول بدلاً من إضافة جثته إلى كومة العظام.
لأنه شعر بعلامة ضعيفة من السمو على روحه.
… وملك الجبل أيضًا. بما أن الطاغية دخل المعبد، فلا بد أنه كان قد تلامس مع السمو في وقت ما.
لم يكن صني يعلم كم كان قريبًا من الموت، وكم كان محظوظًا لأنه نجا.
‘هل سيسمح لي بالمرور الآن؟’
أخذ صني نفسًا عميقًا، ونظر إلى الأمام، ثم خطا عبر بوابات المعبد عديم الأسم.
ترجمة أمون