عبد الظل - الفصل 1748
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1748 : لحظات ثمينة
كانت كاسي تنتظره قرب البرج المتهدم نفسه كما في المرة السابقة. وكانت جميلة بجمال أخّاذ كما في المرة السابقة أيضًا، مغطاة بضوء القمر وتقف على حافة المياه الهادئة.
ومع ذلك، كانت أجواء لقائهما مختلفةً اليوم.
كانت أكثر… ألفة بطريقة ما. وربما حتى ودية.
عندما خرج صني من البحيرة، ابتسمت كاسي بهدوء.
“صني.”
قام بتمشيط شعره المبلل إلى الخلف وابتسم أيضًا.
“سيدة كاسيا.”
هزت رأسها بخفة.
“يبدو لي أنه من غير العادل أنك لا تزال تحافظ على الرسمية بعد إصرارك على أن أكون أكثر عفوية. نادني كاسي، من فضلك.”
تردد للحظات، ثم أومأ برأسه.
“حسنًا، كاسي. هل ننطلق؟، أتمنى أن نستكشف أكبر قدر ممكن من متاهة المرايا الليلة.”
أومأت برأسها، وقدمت له يدها الصغيرة.
أخذ صني يدها وسحب كلاهما إلى الظلال، منتقلًا مباشرة إلى الغرفة تحت الأرض التي اكتشفاها سابقًا. هذه المرة، لم يكن هناك حاجة لأن ترشده إلى أعماق أنقاض القلعة، وأن تمحو ذكريات الفرسان الذين يحرسونها.
لم تتغير الغرفة على الإطلاق، وهو ما كان مصدر ارتياح. تذكر صني بوضوح التحذير الذي قدمته له كاسي بشأن الآخرين، لذا كان حذرًا من الكائنات التي تعيش داخل المرايا في المعقل السابق لشيطان الخيال.
استدعى فانوس الظل، وأغرق المتاهة في الظلال دون إضاعة أي وقت. وبعد فترة قصيرة، واصل صني وكاسي استكشاف المتاهة.
‘هذا المكان شاسع…’
كانا قد تجولا فيه لساعات في المرة السابقة، ولم يحرزا تقدمًا يُذكر حتى الليلة. وببطء، بدأ صني يشعر بالقلق.
تذكر صني صحراء الكابوس والهرم الأسود الذي يقف في مركزها. بغض النظر عن المدة التي يمشي فيها عبر الكثبان البيضاء، لن يقترب الهرم أبدًا… هل كان هناك نوع من الخداع يمنعه من الوصول إلى قلب المتاهة أيضًا؟.
ساروا في صمت لفترة، لكنهم سرعان ما شعروا بالملل من ذلك.
في نهاية المطاف، تحدثت كاسي:
“يجب أن أعترف يا سيد بلا شمس… صني، أنت رجل مبهر.”
رفع حاجبه.
“أنا كذلك؟”
ضحكت العرافة العمياء بصوت لحني.
“هذا صحيح. شككت في أنك كذلك عندما التقينا للمرة الأولى. لكن معرفة الأمر ومشاهدته شخصيًا هما أمران مختلفان. وتلك الحيلة التي قمت بها مع السيد تريستان المسكين… أنا أفتخر بقدرتي على التنبؤ بالأمور، كما تعلم!. ومع ذلك، لقد فاجأتني حقًا. ما الذي كنت تفكر فيه؟”
سعل صني بهدوء.
ما الذي كان يفكر فيه، حقًا؟.
بقي صامتًا لبضعة لحظات، ثم قال بشكل غير مبالٍ:
“حسنًا، التفكير كثيرًا ليس جيدًا لصحة الإنسان. في ذلك الوقت، كنت أفكر… يا آلهي، أريد أن ألكم هذا الأحمق بشدة!، وهكذا فعلت. الأمر كله يتعلق بالمتع الصغيرة في الحياة.”
استنشقت كاسي نفسًا حادًا.
“اعتقد.”
ابتسم صني.
“على أي حال، انتهى الأمر لصالحنا، أليس كذلك؟، كنا نريد أن يحصل الجميع على الانطباع الخاطئ عن طبيعة العلاقة بيني وبين نيفيس. وحسنًا، لقد أنجزت المهمة.”
تنفست كاسي ببطء.
“…بشكل جيد للغاية، حتى.”
نظر إليها.
“أي شيء يستحق القيام به على الإطلاق، يستحق القيام به بشكل جيد.”
لم تجد العرافة العمياء ما تقوله. بقيت صامتة لفترة، ثم ضحكت بهدوء.
“صحيح. إذًا، ذلك هو جسدك الحقيقي، لورد الظلال. كانت مقابلته شخصيًا تجربة فريدة. إن التناقضات بينه وبين السيد بلا شمس مذهلة للغاية، على أقل تقدير. أنا أشيد بمهاراتك في التمثيل.”
نظر إليها صني بفضول، وتردد قليلاً، ثم ابتسم.
“لماذا، شكرًا لكِ. ولكن في الواقع، أنتِ مخطئة.”
رفعت كاسي حاجبها باناقة.
“أنا كذلك؟”
أومأ برأسه.
“هذا هو جسدي الحقيقي. لورد الظلال… هو ظل. إنه عرض.”
أمالت رأسها قليلا في حيرة.
“انتظر. تقصد أن هذا… صاحب المتجر… هو شخصيتك الحقيقية؟، والقديس المنعزل من قبر السَّامِيّ مجرد تمثيل؟”
ابتسم صني، وتنهد، ثم نظر بعيدًا في النهاية.
“…نعم؟ ولكن أيضًا لا، أعتقد أن كل تجسداتي هي أنا، كل ما في الأمر هو أن لديهم أغراضًا مختلفة.”
“الغرض من لورد الظلال هو أن يكون محاربًا. لذا، فإن أجزاء شخصيتي التي لها علاقة بالصراع هي التي تأخذ زمام المبادرة. والغرض من صاحب المتجر المتواضع هو العيش بسلام والاستمتاع بالحياة. لذلك، فهو يميل إلى البقاء في المنزل.”
توقف مؤقتًا ثم أضاف بينما كان يهز كتفيه.
“الأمر ليس غريبًا. نحن جميعًا نرتدي أقنعة مختلفة عندما نتعامل مع أشخاص مختلفين. يتصرف الشخص بطريقة معينة عندما يكون مع عائلته، ويتصرف بطريقة مختلفة عندما يكون مع زملائه، ويضع قناعًا جديدًا عندما يلتقي بأصدقائه. أنا متشابه إلى حد كبير، كل ما في الأمر هو أن لدي أجسادًا كثيرة، لذا يمكنني ارتداء جميع الأقنعة في نفس الوقت.”
نظرت كاسي إليه بتفكير.
“أليس من السهل أن تفقد رؤيتك لنفسك الحقيقية بهذه الطريقة؟”
ابتسم صني.
“قد لا تعرفين، لكنني الخبير الأول في العالم في عدم فقدان نفسي الحقيقية. فالظلال بطبيعتها بلا شكل ولا هيئة، لذا يجب أن أكون حذرًا حتى لا أنسى شكل روحي.”
توقفت كاسي لفترة، ثم أطلقت تنهيدة حزينة.
“سأحتاج إلى نصيحتك يومًا ما إذًا. أواجه صعوبة أيضًا في الحفاظ على إحساسي بنفسي. العيش من خلال حواس الآخرين، وتجربة ذكرياتهم العميقة… يمكن أن يكون الأمر مربكًا في بعض الأحيان،”
ابتسمت كاسي، ثم سألت بصوت لطيف:
“ولكن، بالحديث عن لورد الظلال… هل أستطيع أن أسألك شيئًا؟”
نظر إليها صني لفترة وجيزة.
“تستطيعين.”
أومأت برأسها، وترددت للحظات ثم قالت:
“في السابق، طلبت مني أن أحافظ على سرية هوية السيد بلا شمس، قائلًا إن نيفيس لن تثق بكليهما إذا كُشفت العلاقة بينه وبين لورد الظلال. ولكن الآن، لم تعد غريبًا عليها. وقبلت سيد الظلال في دائرتها المقربة وأوكلت إليه حياتها. وبالمثل، نيف… آه… تتعاطف مع السيد بلا شمس. فلماذا تواصل الحفاظ على هذا التظاهر؟”
لم يُجب صني فورًا، متأملًا سؤالها.
لماذا أراد أن يحتفظ بهذا السر؟.
تردد لفترة، ثم تنهد.
“لأنه أمر ممتع.”
كانت إجابة قاسية، لكنها صادقة. حسنًا، بالطبع كانت كذلك، وإلا لما استطاع أن يقولها.
لم يكن هناك سبب استراتيجي لإبقاء نيفيس في الظلام بعد الآن. ومع ذلك… كان صني يستمتع بوقته كثيرًا لدرجة أنه لم يتمكن من ترك الأمر يمضي بالفعل.
كانت نيفيس تثق إلى حد ما في لورد الظلال الآن. لكنها كانت أيضًا حذرة منه، لأن أي شخص يمتلك مثل هذه القوة سيجعل الناس حذرين.
أما صاحب المتجر المتواضع، فلم يكن قويًا على الإطلاق. لذا، كانت تستطيع أن تشعر بالراحة حوله. وبالنسبة لصني، كانت تلك اللحظات… ثمينة. كانت أقرب كثيرًا إلى العلاقة التي كانت بينهما قبل أن يصبحا قديسين من المسافة اللبقة بين نيفيس ولورد الظلال.
لم يكن يرغب في فقدان هذه اللحظات بعد.
أطلقت كاسي ضحكة صغيرة.
“أمر ممتع؟، حسنًا… علي أن أعترف، إنه حقًا ممتع للغاية. ولكن…”
توقفت للحظة، ثم سألت بهدوء:
“ألا تعتقد أن هذا غير عادل لها، أن تخفي عنها هذا السر؟”
بقي صني صامتًا، وبدأت الابتسامة تختفي ببطء من وجهه.
في النهاية، أطلق تنهيدة وخفض رأسه.
“أنتِ محقة. إنه حقًا أمر غير عادل. لكن لا تقلقي… سأخبرها قريبًا.”
نظر إلى الأمام وأضاف مع لمحة من الأسف في صوته:
“سأخبرها قبل بدء الحرب. وحتى ذلك الحين… يجب على السيد بلا شمس أن يحاول الاستمتاع بأيامه الأخيرة من السلام قدر الإمكان.”
واصل الاثنان استكشاف المتاهة، أحيانًا بصمت، وأحيانًا بالتحدث عن هذا وذاك.
للأسف، فشل صني في حل المتاهة هذه المرة أيضًا.
وقبل فترة وجيزة من بزوغ الفجر، وجد نفسه مجددًا في الغرفة تحت الأرض، وجهًا لوجه مع كاسي.
حان الوقت لإظهار ذكرى أخرى لها.
ترجمة أمون