عبد الظل - الفصل 1725
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1725 : صدام صامت
كان الظلام يحيط بطريق كبير محاط بالمباني المحترقة والدخان المتصاعد. وكانت الأرض مغطاة بحطام المباني والمركبات المحطمة. وهنا وهناك، كانت الجثث البشرية ملقاة في برك من الدماء، ومغطاة بالغبار.
كانت امرأة ذات شعر أسود غامق وعيون زرقاء جليدية واقفة في وسط الطريق المدمر، تحمل سيفًا أسودًا على شكل منجل.
وأمامها، كان شكل ضخم يتحرك ببطء عبر الحطام، وكل خطوة له تُحدث ضغطًا غير مرئي على العالم. كان المخلوق محاطًا بضباب من الرمال الدوارة، ولا يظهر منه سوى صورة ضبابية لإنسان هزيل خلف الحجاب.
كانت ألف روح صارخة تغلف الطاغوت القديم مثل الرداء.
نظرت إليه جيت ببرود.
“سمعت أنك تُدعى قلب كاناخت… سررت بلقائك. يُدعونني بحاصدة الأرواح جيت.”
ظهرت ابتسامة قاتمة على وجهها الشاحب.
“وهذه مدينتي. لذا استعد للموت.”
توقف الطاغوت العظيم، ناظرًا إليها من خلال الحجاب الرملي. وانقسمت دوامة الأرواح المحيطة به، كاشفة عن بركتين هائلتين من الظلام. واشتعلت نيران شبحية في أعماقهما، ثم اخترقوها بنظرة حقد لا توصف.
وجوع.
ثم ارتفع حفيف الهمسات التي لا تعد كمدٍ عالٍ، محيطًا بها كعناق بارد.
لم تكن جيت تعرف كلمات اللغة القديمة التي تكلم بها الطاغوت، لكنها فهمتها بمساعدة التعويذة:
“…أيتها… الشيء المكسور… اركعي، اخضعي، استسلمي…”
شعرت بقوة هائلة تضغطها على الأرض، وكأن ألف يد غير مرئية تجذب روحها إلى الأسفل.
ومع ذلك…
كان وزن روحها المكسورة أكبر من أن يتمكنوا من تحريكها ولو بمقدار ملليمتر.
اتسعت ابتسامة جيت.
رفعت سيفها واتخذت خطوة إلى الأمام.
“…في احلامك.”
وبعد جزء من الثانية، اندفع شكلها الشبحي نحو الطاغوت.
كانت جيت تمتلك روحًا غير عادية. كانت نواتها مثل كرة ضخمة من الكريستال المكسور، تجمع عددًا لا يحصى من الشظايا بشكل عشوائي لتشكل شمسًا متعرجة. كان جوهرها المشع يتسرب باستمرار من خلال الفجوات بين الشظايا… ولكن في المقابل، كلما قتلت المزيد من الكائنات الحية، كلما نمت نواة روحها المكسورة.
وقد قتلت جيت عددًا لا يحصى من الكائنات على مر السنين، لأن تلك كانت الوسيلة الوحيدة لها للبقاء على قيد الحياة.
بحلول هذا الوقت، أصبحت نواتها ضخمة كنجم عملاق، يحترق بشدة في ظلام روحها القاحلة. وليس هذا فحسب، بل إن جسدها الميت يمكنه امتصاص جوهر أكثر بكثير من جسد شخص حي حقًا، مما منحها قوة جسدية هائلة.
ومن الغريب أن تلك القوة الجسدية تُرجمت أيضًا إلى قوة هائلة في شكلها الشبحي.
متحركة كالشبح، ظهرت جيت أمام الطاغوت العظيم ووجهت ضربة بسيفها. وحدث كل هذا في لحظة، وبسرعة فائقة لا يمكن للعيون الدنيوية تمييزها.
وبطبيعة الحال، لم تكن عيون الطاغوت العظيم عادية على الإطلاق. تحرك الشكل المختبئ في الرمال، رافعًا يده ليصد ضربتها. وفي نفس الوقت، ارتفعت الرمال مثل كف عملاق، مكررة حركاته.
ومع ذلك، لم يتم إبعاد نصل الضباب.
وبدلاً من ذلك، مر عبر الرمال وقطع بعمق في روح الطاغوت القديم.
وبعد لحظة، انفجر مبنى إلى يسارهم في سحابة من الغبار، محطمًا بيد الرمال العملاقة.
وذابت واحدة من العديد من الأرواح التي خضعت لقلب كاناخت في العدم، مستقبلة الضربة بدلاً عنه. ولم يتعرض الرجس لأي ضرر على الإطلاق.
تأثر قليلاً فقط بقوة الخمول للخوبيش الأسود، وتجاهلها بعد جزء من الثانية.
انطلق ألف رمح من الرمال من شكله الضخم، متحركين بسرعة فائقة لا يمكن تفاديها في مثل هذه المسافة القريبة.
ومروا عبر شكل جيت الشبحي دون إحداث أي ضرر. قفزت إلى الخلف، عالمة أن هذه الميزة التي تتمتع بها لن تدوم طويلاً.
وبالفعل، أمال الشكل المختبئ داخل الرمال رأسه قليلاً. ثم استقرت الرمال عليه، مكونة شكل عملاق هزيل.
وبدلاً من الهجوم الطبيعي، تدفقت هالة الأرواح الصارخة إلى الأمام مثل نهر هائج، مهددة بتمزيق روحها.
‘هجوم روحي’
صرّت جيت أسنانها.
سيكون هذا… غير سار للغاية.
اندفعت عن الأرض، وهي تتهرب بين شظايا المباني المتساقطة لتتجنب سيل الأرواح. من منظورها، كانت القطع الخشنة من السبائك الممزقة والخرسانة المحطمة تطفو في الهواء ببطء، وشبه ثابتة. لكن كان هجوم الطاغوت العظيم سريعًا لدرجة يصعب الرد عليه.
وفي الثواني القليلة التالية، تحول الطريق المحترق إلى ساحة معركة شرسة. اثنان من الأشباح – أحدهما من الضباب والآخر من الرمال – تصادما في صمت مخيف، دون أن يُصدرا أي صوت من خطواتهما الشبحية.
ولم يكن هناك سوى حفيف الرمال وهي تصطدم بالأنقاض.
على الرغم من القوة المدمرة التي أطلقاها، لم يتزعزع حتى جزء صغير من الغبار بسبب معركتهما. لم تتمزق أعمدة الدخان بفعل الرياح العاتية، ولم تُطفأ النيران الحارقة. ولم تهتز الأرض، ولم تنشق السماء.
وذلك لأن جيت كانت غير ملموسة، وكذلك هجماتها. وبالمثل، كانت عاصفة الأشباح المروعة التي تطاردها تستهدف روحها.
ورغم ذلك… لو كانت معركتهما تحدث على المستوى المادي…
ربما تكون المنطقة بأكملها قد محيت عن الأرض بالفعل، وتحولت إلى خراب محترق… مثل العديد من المناطق الأخرى في المدينة.
‘سحقا لك…’
تراجعت جيت إلى الخلف، مثقوبة من الألم الشديد. وجهت وابلًا من الضربات إلى الشرير القديم… ولكن ما الفائدة؟، كانت قوتها الخبيثة، التي خدمتها ببراعة في ساحات معارك لا تعد، تكاد تكون عديمة الفائدة ضد القوة الدنيئة لقلب كاناخت.
بدلاً من قطع روحه، كانت ببساطة تدمر الأشباح التي استهلكها. وكانوا بالفعل فيلقًا… لابد أن هناك ملايين الأشخاص الذين كانوا يعيشون في الضواحي، حيث كان الطاغوت العظيم يتجول قبل وصولها، وعدد قليل منهم فقط نجوا من مجزرته.
حتى لو انضم أقل من واحد في المائة من الضحايا إلى دوامة الأرواح، سيتعين على جيت توجيه آلاف الضربات لتدميرهم جميعًا.
ومع ذلك، فإن كل هجوم فشلت في تفاديه ألحق ضررًا مباشرًا بروحها. كانت روحها ضخمة وقوية، هذا صحيح، ولكن في حرب الاستنزاف هذه، كان محكومًا على جيت بالخسارة.
‘لماذا كان على هذا الوغد أن يمتلك سلطة على الأرواح؟’
تفادت جيت سيلًا هائجًا من الضباب وضربته بسيفها، مدمرة شبحًا آخر سيء الحظ. للأسف، لم تكن هذه الأشباح كائنات حقيقية، بل أجزاءً من الطاغوت العظيم – وبالتالي، لم يعيد لها تدميرها أية جوهر.
كان استنفاد الجوهر أحد مخاوف جيت… ربما حتى خوفها الحقيقي الوحيد. بالنسبة لبقية المستيقظين، كان فقدان كل جوهرهم يعني فقط تحمل فترة من العجز والشعور بالتعب. ولكن بالنسبة لها، كان يعني الموت – الموت الحقيقي، الإبادة النهائية لكيانها بشكل غير قابل للتراجع عنه.
وما هو أسوأ، هو أن جيت لم تكن متأكدة من قدرتها على التحكم في نفسها عندما تواجه هذا الانحلال البطيء والمؤلم. في المرات القليلة التي اقتربت فيها من استنفاد كل جوهرها… حسنًا، لم تكن تريد حقًا تذكرها. لقد قامت ببعض الأشياء المخزية.
مما لا يثير الدهشة، أن دفعها لحدودها في المعركة مع الطاغوت العظيم استنزف بحرًا من جوهر الروح.
لم تشعر جيت بالذعر بعد، لأن احتياطياتها كانت أعمق بكثير من معظم القديسين الآخرين. وعلاوة على ذلك، تم ربط خمسة أرواح قوية بنصل الضباب الخاصة بها – إذا دفعتها الظروف، فستستهلكها واحدة تلو الأخرى، مؤجلة الموت الحتمي.
مع ذلك، حتى لو فازت بمعجزة اليوم، فإن بحر جوهر الروح الذي جمعته سيكون قد نفد تقريبًا. سيتعين على جيت جمعه مرة أخرى، قطرة بقطرة.
‘يا لها من مهمة مملة…’
أصبح القتل عملاً روتينيًا بالنسبة لها منذ وقت طويل. في بعض الأحيان، كانت تحلم بالتحرر من عيوبها والعيش حياة سلمية في مكان ما حيث لا توجد حاجة لسفك دماء الكائنات الحية.
لم يعني ذلك أنه كان هناك مكان كهذا في العالمين لشخص مثلها.
رغم ذلك، تلك الأحلام كانت نادرة وسخيفة. وفي معظم الأوقات، كانت جيت راضية تمامًا عن حياتها… ولكن مع ذلك ليس في الوقت الحالي.
تجنبت هجومًا آخر بمهارة ووجهت ضربة قاسية إلى الرجس، ثم قفزت للخلف، ومرت عبر جدار منصهر. ثم تبعتها الرمال.
على الرغم من القوة المروعة والقوى الدنيئة للطاغوت العظيم…
كانت لا تزال صامدة.
كانت لا تزال تقاتل، مليئة بالعزيمة لرؤية هذا الطاغوت يموت.
ولماذا لن تقتله؟، لقد قتلت عددًا لا يحصى من اللقطاء الذين ظنوا أنهم أقوى منها، وكانوا بالفعل أقوى منها.
لم تكن القوة هي من تقرر من يعيش ومن يموت.
بل كانت جيت هي من تقرر.
“تعال، تعال. اتبعني أكثر… أذني أكثر… أضيع وقتك عليّ أكثر…’
إذا كان هناك نعمة واحدة في هذه المعركة المؤلمة، فهي أن لعنة الخمول التي تؤثر على قلب كاناخت كانت تتراكم ببطء. لم تكن آثارها كبيرة بعد، لكن جيت كانت تشعر بأن الطاغوت كان يكافح قليلاً للحفاظ على هجومه المتواصل.
متجاهلة الألم، شعرت جيت بابتسامة قاتمة تلوي شفتيها.
تراجعت، خطوة بعد خطوة.
ربما لم تكن قوية بما يكفي بعد لقتل قلب كاناخت…
لكن لحسن الحظ، لم تكن وحيدة.
مثلما كان لدى الطاغوت حشد من الأرواح لحمايته، كان لديها جيش أيضًا.
كان لديها إيفي وكاي.
لذلك، كان عليها فقط أن تشغل بال الوغد حتى وصولهم.
محاطة بالدخان والنيران، وتعاني من هجمات الطاغوت العظيم، ابتسمت جيت بشراسة وضحكت.
ترجمة آمون