عبد الظل - الفصل 1721
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1721 : خطوات للتاريخ
ارتفعت إيفي إلى طولها الكامل، شاهقة بعلو مائة متر فوق الصحراء. كان شكلها كعملاق مصبوب من الفولاذ اللامع، وتلألأت خطوط جسدها الرياضي الجميل تحت الشمس الساطعة… مثل سامية حرب جميلة تصعد لمواجهة المد الوحشي للرجسات الشنيعة.
تموج القماش الأبيض لشظية ضوء النجوم في مهب الرياح.
كلفها توسيع الذاكرتين لتتناسبا مع حجمها العملاق قدرًا كبيرًا من الجوهر، ولكن كان الأمر يستحق. للأسف، لم يكن يمكن قول الشيء نفسه عن بقية ترسانتها – ليس لأنه لم يكن لديها الكثير من الذكريات التي يمكنها استيعاب تحولها. ولكن تلك كانت أضعف من أن تستحق الإنفاق العالي للجوهر.
خاصة وأن إيفي كان لديها طرق أخرى لإنفاق جوهرها.
بمجرد أن اكتمل تحولها، قامت بتفعيل قدرتها المتسامية. وعلى الفور، شعر كل جندي في قاع مجرى النهر الجاف – أولئك الذين تمكنوا من رؤيتها على الأقل – بقلوبهم تنبض بسرعة أكبر. وأرواحهم وأجسادهم تجدد، وازدادت قوتهم وسرعتهم ورشاقتهم وقدرتهم على التحمل ومقاومتهم بشكل كبير.
لكن الشيء الجيد في تحول إيفي… أنه كان من الصعب عدم ملاحظة عملاق بارتفاع مائة متر، خاصةً إذا كان شخصًا لافتًا للنظر مثلها. فقد تناغمت قدراتها الصاعدة والمتسامية بشكل جميل لتضمن أن أي شخص في ساحة المعركة يمكنه رؤيتها في أي لحظة، حتى في خضم معركة شرسة.
بالطبع هذا طالما كانت في الخطوط الأمامية.
ارتفع الزئير المدوي من قاع النهر حيث ردد آلاف الجنود، العاديين والمستيقظين، بهتاف مفعم بالإثارة:
“ربتها الذئاب!”
“القديسة أثينا!”
“وحش الحرب هنا!”
كانت أصواتهم المتحمسة مليئة بالعزم والإصرار الجاد.
وعندما نظروا إليها، شعرت إيفي بأن جوهرها يتجدد ببطء.
‘حسنًا، على الأقل هناك شخص ما في مزاج جيد.’
وبعيدًا عن الجنود المبتهجين، نظرت إيفي نحو المدينة المحترقة. من ارتفاعها الحالي، كانت تستطيع رؤية شقوق مرعبة لبوابات الكوابيس المحيطة بها كسبعة أبراج حصار مخيفة. كانت إحدى هذه البوابات طويلة بشكل خاص، حيث أرتفعت عاليًا في السماء حتى أعلى من ارتفاعها.
وكان هناك العديد من الأشكال العملاقة تتحرك وسط بحر مخلوقات الكابوس. لم يكن الطاغوت العظيم هو الكارثة الوحيدة التي أطلقتها البوابات السبعة، بل كان هناك حراس آخرون للبوابات الأخرى أيضًا.
وكان اثنان منهم ‘عمالقة’ حتى.
‘طاغوت عظيم، طاغية فاسد، اثنان من ‘العمالقة’ الساقطين، وسرب من الرعب…’
بطريقة أو بأخرى، كان من المؤكد أن معركة اليوم ستُدرج في كتب التاريخ. لم تكن بالضبط سلسلة الكوابيس، ولكنها كانت بالتأكيد أسوأ أزمة تواجه عالم اليقظة منذ الحملة الجنوبية – بكثير.
ماذا ستروي كتب التاريخ؟.
أنه في هذا اليوم، انتصرت قوات الإنسانية ببسالة على عدو مروع.
أو…
أنه في هذا اليوم، حزنت البشرية على فقدان العديد من أبرع محاربيها؟.
وحتى الآن، على شفا المعركة، لم تستطع إيفي أن تحكم بالضبط.
‘…إلى الجحيم مع هذا’
ابتسمت وركعت، ثم وضعت الجزء الخلفي من يدها على الأرض، بينما كان كفها المفتوح يواجه السماء.
من يهتم بالتاريخ؟، قد تبدو هذه المعركة مخيفة، لكنها كانت مقدرة على أن تصبح ذرة تافهة في نسيج الرعب الذي ينتظر البشرية في العقود القادمة. وفي المستقبل القريب، ستكون هناك مئات، آلاف المعارك الأكثر رعبًا بكثير من هذه.
وفي نهاية المطاف، قد لا يبقى أحد ليقرأ كتب التاريخ، ناهيك عن كتابتها.
وأوقات مثيرة كهذه!، لن تفوتها إيفي بالتأكيد.
[كاسي… هل تراقبين؟]
كان هناك لحظة من الصمت، ثم أتى الرد، هادئًا ومسترخيًا كالعادة:
[نعم.]
ابتسمت إيفي.
[…راقبي بعناية.]
ففي النهاية، كانت هذه مهمة كاسي، أن تراقب وتتذكر كل شيء.
في الأسفل، على الأرض، ارتفعت النملة الصغيرة والتي كانت جيت في الهواء وهبطت برشاقة على كفها. ووقفت إيفي على قدميها، ونظرت إلى الأمام، واتخذت الخطوة الأولى.
اهتزت الأرض تحت خطواتها العملاقة.
انحنت إلى الأمام واندفعت بسرعة، وتحولت خطواتها لعدو سريع. كان مشهد العملاق الفولاذي الجميل وهو يجري رائعًا ومرعبًا في الوقت نفسه، وكان حجمها الهائل يتجاوز الخيال.
غارقة في صدى هتافات الحرب للجيش المتقدم، قفزت إيفي فوق تشكيل المعركة الشاسع للجنود العاديين السائرين، والـ MWP الثقيلة على الجوانب، والدبابات المدرعة الثقيلة، والكتائب المستيقظة – وعبرت مجرى النهر الجاف في ما لا يزيد عن اثني عشر خطوة عظيمة. مما جعل العالم يهتز.
ثم، أصبحت بين مخلوقات الكابوس.
صرخت جيت الواقفة على راحة يدها مثل لعبة جندي جميل:
“لا تبطئِ!، استمري وانتقلي إلى نقطة التسليم المحددة!”
أجابت إيفي بسخرية.
“متى سبق لي أن تبطأت؟”
كان صوتها مثل أغنية مدوية لبوق حربي سَّامِيّ.
وكان هذا مع إبقائها لصوتها منخفضًا. كانت جيت قوية بما يكفي لتتحمل الصوت الكامل لإيفي، ولكن إذا كان إنسانًا عاديًا قريبًا جدًا، فسيكون من السهل أن يصاب بالشلل أو يموت تحت ضغط صوتها. لذا، اعتادت على البقاء صامتة أو التحدث بلطف عندما تتحول إلى شكلها السَّامِيّ كعملاقة مقاتلة.
وبعد لحظة، هبطت قدمها على سرب من مخلوقات الكابوس، وسحقت العشرات منهم في ضربة واحدة بلا رحمة. نجا بعضهم، وكانوا يحاولون بالفعل الزحف على ساقيها، ولكن كانت أنيابهم ومخالبهم تخدش الفولاذ المصقول دون جدوى.
كان درعها بمثابة ذكرى فائقة من الطبقة الأولى، لذا لم تكن أي من محاولاتهم ذات جدوى. وحتى لو تمكنوا من اختراق الدرع، فقد كانت لإيفي قدرتها المستيقظة للجوء إليها. بينما كانت قوتها الهجومية كبيرة جدًا، فإن دفاعاتها كانت أكثر إثارة للدهشة… وفي الواقع، كانت إيفي غالبًا ما تميل إلى القول إنها غير قابلة للتدمير تقريبًا.
بالطبع، لم تفعل ذلك قط. إن قول شيء كهذا كان مجرد دعوة للمشاكل.
كانت هناك جميع أنواع مخلوقات الكابوس، وكان لدى العديد منهم وسائل لتجاوز الدفاع الجسدي،أو يمكنهم التسبب بأنواع مختلفة تمامًا من الضرر. في اللحظة التي يصبح فيها المستيقظون الأقوياء متعجرفين هي عادةً نفس لحظة وفاتهم.
همست التعويذة في أذنها:
[لقد قتلتِ…]
[لقد قتلتِ…]
[لقد قتلتِ…]
متجاهلة نغمة صوتها اللحنية والرنانة، انحنت إيفي إلى الأمام قليلاً ووجهت ركلة قوية، محطمة كائنًا ضخمًا بشكل خاص.
يجب أن يكون طول المخلوق لا يقل عن عشرة أمتار، وكان يبدو وكأنه عملاق شاهق للجنود المتقدمين. لكن بالنسبة لها، لم يكن أكبر من فأر كبير. انهار جسده وتحول إلى تيار من السائل الدموي المثير للاشمئزاز، وقبل أن يتناثر هذا السائل عبر مساحة واسعة من منحدر مجرى النهر، كانت إيفي قد تجاوزت بالفعل الموجة الأولى من مخلوقات الكابوس.
ولم تترك في أعقابها سوى الدمار.
[لقد قتلتِ مسخًا فاسدًا، فم حورس].
وبعد لحظة، وصلت إلى حاجز المدينة.
كان أقل شأنا بكثير من الأسوار العظيمة المحيطة بـ NQSC، ولم تكن جميع المدن البشرية عواصم حصار، بل بُنيت وحصلت على هذا اللقب خلال العصور المظلمة، ولم يتبق سوى عدد قليل منها موجودًا في العالم.
وبالطبع، تحولت جميع المدن البشرية إلى معاقل متقدمة للغاية بعد نزول التعويذة، وذلك لإبعاد مخلوقات الكابوس ولجعلها صالحة للسكن في أعقاب العصور السابقة. ومع ذلك، كان مدى دفاعها متفاوتًا.
كان للمدينة المدمرة أمام إيفي سور قوي جدًا في وقت ما، لكنه أصبح الآن في حالة خراب. كانت الشوارع محجوبة بالدخان، وكانت الرجسات التي لا تعد ولا تحصى تهيمن تحت الحجاب الخانق.
ومن هذا القرب، كان بإمكانها سماع الضجيج الفظيع من المباني المتهالكة، والزئير الوحشي، وإطلاق النار المتقطع…
وأصوات الصراخ البشري أيضًا.
كان هناك بالفعل ناجون هناك، تحتها. ولهذا كان عليها أن تكون حذرة.
“إلى يساركِ!”
أتت صرخة جيت في الوقت المناسب للغاية.
أدارت إيفي رأسها، لترى طريقًا واسعًا يخترق قلب المدينة. كان هناك سكة حديدية محصنة في منتصفه، مع فوضى من عربات القطار المقلوبة على السكك. وكان الطريق نفسه مزدحمًا بالمركبات العسكرية… وكلها خالية وملطخة باللون الأحمر من الدماء.
هذا هو المكان الذي حاولت فيه قوات دفاع المدينة القتال، وسقطت، ووقف مد الرجسات بعد سقوط الأسوار.
لكن ما كان مهمًا بالنسبة لإيفي هو أنها ستكون قادرة على استخدام الطريق السريع للوصول إلى قلب المدينة دون دهس عدد لا يحصى من المدنيين حتى الموت وإسقاط المباني المتضررة.
بعد أن مهدت طريقًا دمويًا عبر حشد من الرجسات، شقت طريقها إلى الطريق السريع. وماتت رجسات لا حصر لها تحت خطاها. أما تلك الرجسات التي كانت أكثر قوة فقد تم سحقها حتى الموت في قبضتها، أو تمزقت، أو تناثرت على الخرسانة.
وكان هجومهم مثل مد مظلم. كان بعضهم كبيرًا بما يكفي ليشكل تهديدًا حتى لشخص عملاق مثلها… ولكن إيفي لم تعتمد فقط على حجمها. كانت تمتلك أيضًا مهاراتها، وذكاءها، وخبرتها في المعارك.
كان هذا المزيج مدمرًا حقًا، ولم يستطع أي من هذه المخلوقات المزعجة الصمود أمام قوتها.
وكان من الممكن أن يكون الأمر أكثر تدميراً لو كان لديها رمح ودرع مناسبان لاستخدامهما، لكن للأسف، لم تكن تملك. لذا، فقاتلت إيفي بيديها العاريتين – أو بالأحرى، بجسدها بالكامل باستثناء يد واحدة كانت تستخدمها لحمل جيت – وفقًا لتقنيات القتال اليدوي القديمة التي غرست في عظامها بواسطة عذارى الحرب من معبد الكأس.
كانت هناك أسراب من الرجسات الطائرة أيضًا. وعندما هاجمتها تلك المخلوقات، حصلت جيت على فرصة لتلطخ سيفها بالدماء.
عند وصولها إلى الطريق السريع، تقدمت إيفي بسرعة نحو قلب المدينة. كانت تركض وتحطم الطريق وتسحق عربات القطارات المقلوبة والمركبات العسكرية المهجورة مع كل خطوة. وبينما كانت تتقدم، أبقت عينيها على التهديدات الحقيقية.
إلى يسارها، على أطراف المدينة، كان الشكل الضخم ‘للعملاق’ الساقط يُسقط الأبراج السكنية ويتغذى على الجثث المهروسة لعدد لا يحصى من البشر.
وإلى يمينها، كان الشكل الضخم ‘للعملاق’ الفاسد يلتهم بقايا المجمع الحكومي.
وكان هناك ‘عملاق’ آخر في مكان قريب، بعد أن اخترق بالفعل سقف ملجأ عميق تحت الأرض.
وأخيرًا، بعيدًا إلى الأمام، على الجانب الآخر من المدينة، خلف الحاجز المحطم…
كانت صورة ظلية غامضة للطاغوت العظيم يطل على ضواحي المدينة المحلية، ويتحرك ببطء في هدوء غريب.
وكان هناك حارسان آخران للبوابات مبعثرين في الأنقاض أيضًا، وكلاهما ينظران إليها بالفعل ويضيقان الفجوة بينهمم.
مع بحر من مخلوقات الكابوس يتبعهم.
‘يرغب الجميع في الانضمام إلى الحفلة…’
ووصلت أخيراً إلى نقطة التسليم.
أطلقت إيفي موجة صدمة انتشرت من النقطة التي حفرت فيها حافة قدمها في الأرض لإيقاف زخمها، وتوقفت فجأة.
وفي اللحظة التالية، هتفت بصوت يهز السماء بنداء مدوي ومتحدي:
“جيش الذئاب!، انطلقوا!”
-المؤلف- فصل واحد اليوم، ثلاثة غدا.
ترجمة امون