عبد الظل - الفصل 1717
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1717 : حفيف
جمعت رَين أغراضها ووضعت حقيبة الظهر على كتفيها. كان نصل الفأس ثقيلًا جدًا، مما أثر على توازنها قليلاً… لكنها استطاعت التعامل معه. كان السيف الأسود المخيف الذي أعطاه إياها معلمها قد أختفى بالفعل، واستعاد التاتشي الأصلي ظله. حدقت بالسيف المألوف لبضع لحظات، ثم تنهدت وأغمدته بسلاسة.
كانت رَين على استعداد للمغادرة.
…لكنها لم تفعل.
“آه، معلمي. قد تكون لدينا مشكلة.”
استدار نحوها ورفع حاجبه في حيرة.
“مشكلة؟، ما الأمر؟”
ترددت للحظة، ثم خدشت طرف أنفها بحرج.
“حسنًا، كما ترى. كان الانفجار أقوى بكثير مما توقعت. لذا… تكسر كل الجليد. فكيف من المفترض أن أعود إلى الشاطئ؟”
حدق فيها قليلاً، ثم ألقى نظرة على المنظر المدمر للمستنقع الشاسع.
وبالفعل، كانت الجزيرة الصغيرة محاطة فقط بالوحل والمياه السوداء، دون وجود قطعة جليد واحدة سليمة في الأفق. امتدت المساحة القاتلة من الوحل الغادر حتى الشاطئ البعيد.
توقف معلمها قليلاً، ثم تنهد واقترب منها.
انحنى، وأشار إلى ظهره:
“اصعدي، أيتها الشقية.”
لم تجعل رَين معلمها يطلب منها مرتين. كانت هناك عدة طرق لاجتياز المستنقع، ولكن لم تكن أي واحدة منها آمنة وسريعة في نفس الوقت. ناهيك عن أنها قامت للتو بتطهير جرحها ولا تريد أن يتبلل ويتسخ مرة أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، كان جسدها المتضرر مرهقًا. فلماذا سترفض ركوب الظهر المعروض لسامي قوي؟.
صعدت رَين على ظهر معلمها، ولفت ذراعيها حول عنقه وابتسمت.
رفعها كأنها ريشة، دون أن يظهر أي إجهاد على الرغم من نحافة جسده، واتجه نحو المستنقع.
“آه… كم هذا مهين… ظل سامي مثلي يتحول إلى حامل فتيات دنيويات جاحدات… مات السَّامِيّن حقًا…”
متجاهلة تذمره، وضعت رَين رأسها على كتفه وسمحت لوعيها بالانجراف إلى حالة استرخاء. كان صوت معلمها المألوف يشبه التهويدة تقريبًا.
أثناء سيره إلى حافة الجزيرة، لم يحاول حتى إبطاء سرعته ودخل مباشرة في المياه الموحلة. ومع ذلك، لم تغوص قدمه أبدًا في الوحل الغامض – وبدلاً من ذلك، تحركت الظلال وتجمعت لتشكل لوحًا أسود لامعًا تحت قدمه. ثم ظهر لوح آخر بينما اتخذ خطوةً أخرى.
بهذه الطريقة، سار معلمها عبر المستنقع كما لو كان يسير على طريق ممهد، وتبددت الألواح السوداء خلفه بعد لحظات قليلة. كانت المياه تتموج وتتدفق، لكنها لم تتمكن أبدًا من لمس أحذيته الجلدية.
“هاه، هذا يذكرني بذلك الوقت الذي قاتلنا فيه الغرقى في معبد النعمة الساقطة… عندما كنت لا أزال أرتدي تاج الملك الثعبان… من كان يعرف أنني سأنتهي بأن أصبح عربة مستنقع يومًا ما؟، اللعنة، الحياة بالتأكيد مليئة بالسخرية…”
لم تكن رَين تعرف ما تعنيه الكلمات ‘الغرقى’، ‘النعمة الساقطة’، و’الملك الثعبان’، لكنها بدت مثيرة. هل كان معلمها ملكًا فيما مضى، في العصور القديمة؟.
…لا، بمعرفتها له، من المرجح أنه سرق تاج أحد الملوك وارتداه ليتباهى بأفعاله الخبيثة.
كان المشي إلى الشاطئ مريحًا وهادئًا. كان بإمكان رَين أن تنزل من ظهر معلمها بمجرد وصولهم إلى الأرض الصلبة، لكنه استمر في حملها دون أن يقول شيئًا، ولذا، لم تقل شيئًا أيضًا.
ربما رأى من خلال تبجحها وأدرك أن حالتها كانت أسوأ مما كانت تتظاهر به، وأنها مرهقة جدًا لتتمكن من السير عبر الغابة بينما كانت تعاني من آلام جرحها.
ومع ذلك…
وبعد فترة، تحدثت رَين:
“يجب أن نُنزل جثث المستيقظين الميتين وندفنهم.”
عادة، كانت الملكة ستتولى أخذ الموتى. لكن لا بد أن الصياد منعهم من المغادرة في رحلة الحج إلى قصرها، ونتيجة لذلك، تُركت عظامهم دون رعاية.
توقف معلمها.
لم تتمكن رَين من رؤية وجهه، لكنها شعرت بتغير طفيف في مزاجه. فجأة، بدت الظلال التي تسكن الغابة المتجمدة أعمق بكثير، وبدا العالم أكثر قتامة.
هربت أنفاسها كسحابة من البخار البارد.
‘ألا يريد أن يزعج نفسه بعناء دفنهم؟’
“انزلي.”
حنى ركبيه، مما سمح لرَين بالوقوف بثبات على الأرض. وكانت مرتبكة قليلاً.
“ماذا…”
ولكن بعد ذلك سمعت صوتًا. إنكسار فرع في مكان ما خلفها.
وضعت يدها على مقبض سيفها، واستدارت رَين ونظرت إلى الخلف.
وهناك، رأت عدة شخصيات بشرية تسير نحوهم. وبدوا وكأنهم مجموعة من المستيقظين… لا. ربما سيد وأتباعه؟، واحد، اثنان، ثلاثة أشخاص… وكان أحدهم كان يلوح بيده بلباقة…
قبل أن تتمكن رَين من تمييز التفاصيل، حدث شيء غريب.
ظهرت يد معلمها من الخلف وغطت عينيها.
تجمدت رَين.
“م-ماذا…ماذا…”
كان هناك شيء ما خاطئ جدًا.
بدا صوته هادئًا… هادئًا جدًا، وهو الأمر الذي جعل رَين تشعر بمزيد من التوتر.
“أهلا، أيتها الشقية. استمعي إلي بعناية شديدة. من الآن فصاعدًا وحتى أخبركِ بخلاف ذلك، بغض النظر عما يحدث، لا تفتحي عينيكِ. حسنًا؟”
أومأت ببطء.
“نعم، معلمي.”
بقي صامتًا للحظة.
“حسنا. قفي هنا ولا تتحركي.”
وبهذا أزال معلمها يده. كانت عيون رَين مغلقة بإحكام، لذا لم تستطع أن ترى شيئًا، ولكنها شعرت به وهو يمشي ليقف بينها وبين الأشخاص القادمين.
وكانت أصوات خطواتهم تقترب.
‘خاطئ، خاطئ!، هناك أمر خاطئ جدًا!’
لم تُذهل رَين من حقيقة أن معلمها قد غطى عينيها. بل ما أزعجها حقًا… هو أن معلمها لم يعد الى الظلال.
طوال السنوات التي عرفته فيها، لم يظهر نفسه أبدًا أمام الآخرَين. لدرجة أن رَين اعتبرته هلوسة في البداية.
ولكن الآن، بقي معلمها في العراء أمام الغرباء تمامًا.
لماذا؟.
قطع ذعرها الصامت صوته المشرق والهادئ:
“تحياتي!، من تكونون؟”
توقف صوت خطواتهم، وأجاب صوت لحني عميق بنبرة ودية:
“تحياتي، تحياتي!، أنا السيد شون، وهؤلاء هم رفاقي، السيد سكيف والمستيقظ أردون. كنا في طريق عودتنا إلى قلب الغراب… هل أنت متجه إلى هذه الوجهة أيضًا؟”
عبست رَين.
‘السيد شون؟، السيد سكيف؟’
لم تسمع عن هؤلاء الصاعدين من قبل. من المؤكد أن هناك الآلاف من الصاعدين في العالم، ولكن مع ذلك، كان كل من أسياد نطاق الأغنية بمثابة مشاهير صغار، خاصة أولئك في قلب الغراب.
وكان هناك شيء آخر يبدو غريبًا بشأن هؤلاء الأشخاص أيضًا. كانت تقف هناك، متجمدة، ومع عينيها مغلقتين… ولكن لم يبدوا أنهم مهتمين بما يكفي ليظهروا أية ردة فعل بأي شكل من الأشكال. ألم يكن من المنطقي أن يسألوا عن ما كانت تفعله؟.
توقف معلمها لبضعة لحظات.
“نعم، كنا في طريق عودتنا إلى قلب الغراب أيضًا.”
ثم، كانت هناك فترة صمت طويلة. وفي النهاية، سأل السيد شون، وقد أرسل صوته قشعريرة تسري في العمود الفقري لرَين، لسبب ما:
“تبدو مألوفًا بعض الشيء أيها الشاب. هل التقينا من قبل؟”
كانت نبرة صوته ودية تمامًا، وكذلك كلماته. لكن رَين شعرت فجأة بالاختناق، كما لو أن هناك شيئًا غريبًا وخاطئًا بشكل مجنون، في كامل كلامه.
كانت إجابة معلمها جدية بعض الشيء:
“في الواقع، لقد التقينا من قبل بالفعل. على الرغم من أنني أشك في أنك ستتذكر. وعلى أي حال، لماذا لا تواصل أنت وأصدقاؤك السير إلى الأمام؟، دعنا نفترق على أساس ودي وليذهب كل واحد في طريقه. ما رأيك؟”
وكان هناك صمت طويل آخر.
أرتعشت رَين، وسمعت حفيفًا غريبًا يأتي من اتجاه الغرباء الثلاثة. كان محيطهم يتحول ببطء إلى برودة.
‘ما هذا الحفيف؟’
“ما رأيك… ما رأيك. ما ما ما رأيك”
كان صوت السيد شون لا يزال يبدو بشريًا، ولكن كلامه أصبح غير متماسك بطريقة غريبة.
انضم صوت آخر، مع سلوكيات ونغمة مشابهة جدًا للأول:
“نحن في طريق عودتنا إلى قلب الغراب. وهؤلاء هم رفاقي… أسياد… نحن في طريقنا. ما رأيك؟”
كانت رَين لا تزال عالقة مع فكرتها السابقة، غير قادرة على إخراجها من رأسها.
‘ماذا… ماذا كان ذلك الحفيف؟’
لم تسمع صوتًا كهذا من قبل.
في تلك اللحظة، ارتفع صوت الحفيف المزعج، وأضاف صوتًا ثالثًا وديًا:
“هؤلاء هم رفاقي.”
“رفاقي…”
“رفاقي.”
‘ذلك الحفيف…’
“ما رأ…”
“…ما رأيكم بأن تصبحوا رفاقي أيضاً؟”
أخذ معلمها نفسا عميقا. وكان بإمكان رَين سماع صوته وهو يتحول لبرودة خطيرة:
“اسمع الآن، أيها الوغد…”
لم تسمع من قبل هذه البرودة في صوته، وكانت غرابته تخيفها.
“ربما تمكنت من الخروج من مقبرة الرهبة، ولكنني فعلت أيضًا. ربما نجوت في أعماق ألف جحيم، ولكنني فعلت أيضًا. لذا أحتفظ بمسرحياتك بعيدًا عني وغادر في طريقك، وإلا، سأتوقف عن كوني متسامحًا وسأسلخك حيًا!”
ارتجفت رَين.
‘سلخ… سلخه…’
فجأة، ومضت فكرة في ذهنها.
‘سائر الجلود!’
الرجس العظيم الذي كان كابوسا للبشرية طوال السنوات الأربع الماضية!.
رجس… رجس عظيم…
ثلاث من سفن الرعب الذي لا يوصف، بحد ذاتهم!.
كان الرعب الذي شعرت به كبيرًا لدرجة أنها لم تتمكن حتى من التحرك. كل ما استطاعت رَين فعله كان إبقاء عينيها مغلقتين والارتجاف.
‘أنا ميتة، أنا ميتة بلا شك…’
لا، سيكون الموت بحد ذاته رحمة.
في تلك اللحظة، تحدث السيد شون – سفينة سائر الجلود – مع لمحة من الفضول في صوته:
“أنت… مرافق من تكون؟”
سخر معلمها.
وبعد ذلك، اهتز العالم.
ترجمة امون