عبد الظل - الفصل 1713
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1713 : النار والجليد
تميل المستنقعات بشكل طبيعي إلى إنتاج غاز الميثان، الذي يبقى غالبًا محبوسًا تحت السطح، مكونًا فقاعات ضخمة من الغاز العفن. وكانت تلك المستنقعات موجودة فقط في العالم اليقظة، وكانت أكثر أمانًا من مستنقعات عالم الأحلام… حسنًا، على الأقل كانت كذلك قبل الأوقات المظلمة.
وفي أوقات الحرب، أطلقت البشرية كل أنواع الفظائع المسلّحة على نفسها. لذا، في الوقت الحاضر، لا يمكن التنبؤ بنوع الأوبئة المدفونة التي يمكن إطلاقها للعالم إذا قام أحدهم بالحفر في مستنقعات أوروبا أو الربع الشمالي.
قد يكون عالم الأحلام في الواقع أكثر أمانًا في هذا الصدد.
ومع ذلك، لم يكن أي من هذا يهم رَين. ما كان يهمها هو أن الميثان كان قابلًا للاشتعال بدرجة كبيرة.
وهكذا، عندما حطم الصياد زجاجة الخمر، اشتعلت فيه النيران.
‘هراء…’
أختبئت رَين خلف الشجرة وضغطت جسدها على الأرض وغطت أذنيها. وفي اللحظة التالية، أصيبت بالعمى المؤقت بسبب وميض عنيف.
ثم هاجمتها حرارة لا تُحتمل.
وبعد ذلك، ارتجف العالم كله.
‘آه؟’
قُذفت رَين في الهواء عندما دُمِّرت الشجرة التي كانت تختبئ خلفها.
لم يكن هذا… مفترضًا أن يحدث. يمكن لغاز المستنقع أن يشتعل ويحترق، لكنه لن ينفجر، وخاصة ليس بهذه الشدة – وعلى الأقل ليس تحت سماء مكشوفة.
ربما وصلت النيران بطريقة ما إلى جيب ضخم من الميثان المحتجز، أو ربما كانت هناك علاقة بجيوب الغاز الملتصقة بسطح الجليد. وربما كان المستنقع بأكمله شاذًا، وكان الغاز الذي أشعلته بنفسه غير طبيعي.
على أية حال، كانت نتيجة رمي زجاجة الخمر تفوق توقعات رَين.
بكثير.
اصطدمت بالأرض، وشعرت بأن الهواء قد خرج من رئتيها وأصدرت أنينًا مكبوتًا. ثم تدحرجت بين الأطراف المتشابكة، وسقطت رَين في المياه الضحلة وتوقفت.
‘هذا مؤلم.’
كانت مصابة ومشوشة.
ولكن لم يكن هناك وقت لمثل هذه الأمور التافهة مثل الألم والارتباك.
فتحت عينيها، ودفعت رَين الهواء إلى رئتيها، وسعلت بسبب الدخان، ثم وقفت ببطء.
تحول المستنقع من حولها، الذي كان سهلًا من الثلج الأبيض النقي ذات يوم. إلى فوضى من الجليد المتكسر والمياه السوداء المتموجة.
والآن… أصبح جحيمًا مشتعلًا.
رقصت ألسنة اللهب الشبحية على سطح الماء الأسود اللامع، وكان الهواء مليئا بالدخان. ذاب الثلج، واختفت شظايا الجليد بسرعة في الحرارة الحارقة. في كل مكان نظرت إليه رَين، كان الظلام متشابكًا مع لمعان ناري، وتراقصت الظلال بين اللهب.
كانت رَين تعاني من البرد الشديد والحر الشديد في نفس الوقت. كانت قميصها مبللاً بمياه المستنقع الباردة والعرق مع بعضهما، مما تحول الى تركيبة فظيعة. كان الرماد الذي وضعته على نفسها لإخفاء رائحتها قد غسلته المياه أيضًا.
كان الجرح على جانبها ينبض بالألم. وكان عليها تطهير ذلك الجرح… بشكل كبير جدًا…
“آه…”
أطلقت تنهيدة طويلة.
وفي الوقت نفسه، هسهس سيفها عندما ترك الغمد.
أمسكت رَين بالمقبض الأسود بكلتا يديها، وخطت خطوة للأمام وتركت المياه الضحلة خلفها، عائدة إلى تربة الجزيرة الصغيرة.
لم تكن هناك نيران حيث وقفت، ولم يكن هناك أي لهب تقريبًا في المكان الذي كانت فيه الشجرة الملتوية – ولا جذع مشتعل -. ومع ذلك، ارتفع جدار من النيران على الحافة الأخرى للجزيرة.
عندما اتخذت رَين موقفًا، انفصل جدار اللهب، وظهرت منه شخصية ضخمة، ودخلت إلى الجزيرة وسط ضجيج صدى المعدن.
كان الصياد يبدو متعبًا قليلاً. فقد تحولت الطحالب التي تغطي درعه إلى رماد، وكان أحد قرون الغزلان المتوجة على خوذته مكسورًا. كانت هناك جمرات تتوهج في شقوق درع صدره، وكانت رائحة الفراء المحترق تعتدي على أنف رَين.
فقد الرجس عباءته الممزقة، لكن فأس المعركة المروع كان لا يزال ممسُكًا بقوة بقبضته الحديدية… حتى لو بدا عمود الفأس الطويل متفحمًا.
بما يقرب من ضعف طول رَين، كان الشيطان القديم يطل عليها كملاك الموت. كان الظلام المخفي في شق خوذته الوحشية مليئًا بالغضب المجنون.
…لكنها لم تستطع إلا أن تلاحظ أن الصياد كان ينحني قليلاً، كما لو كان يعاني من جروح خطيرة.
التوت شفتيها لتشكل ابتسامة مظلمة رغما عنها.
“يا للأسف. ليس هناك مكان أتراجع له حتى تخمد النيران… هل تمانع في الانتظار بصبر لمدة دقيقة أو دقيقتين؟”
وبدلاً من الإجابة، رفع الصياد فأسه المروع.
أشرقت عيون رَين الداكنة.
“… لم أعتقد ذلك ايضًا. حسنًا، سأضطر إلى قتلك هنا، أيها الوغد.”
وبعد جزء من الثانية، بدأت رَين تتحرك بالفعل.
وبطبيعة الحال، بدأ الصياد يتحرك ايضًا.
وكان يتحرك بسرعة أكبر منها بكثير، على الرغم من أن وزنه كان يزيد عن خمس أضعاف وزنها على الأقل..
لكن رَين كانت تعرف كيف سيتصرف، وإلى أين سيتحرك. لم يكن ذلك بسبب أن لديها قدرة تنبؤية أو أنها تستطيع قراءة أفكار الرجس. بل كان ذلك ببساطة لأنها فهمت حدوده البدنية من خلال بحثها ومراقبتها له في المعركة، بالإضافة إلى معرفتها بالقتال.
كانت تعرف كيف تتعامل مع سلاح قابل للتمديد وكيف يمكن لشخص ماهر في استخدام الفأس الكبير أن يهاجم في الغالب. كانت تعرف جميع العناصر التي تتألف منها بدلة دروعه الكاملة، وكيف يتم تثبيتها على جسد الشخص مع بعضها البعض، وما هي القيود التي قد تسببها على حركات الشخص.
كانت تعلم أن الشيطان سيفضل أستخدام ساقه اليمنى، لأن ركبته اليمنى لم تتعرض للضرر، وأنه سيحمي الجانب الأيسر من صدره جيدًا، حيث كان درع صدره مشققًا، واُخترق اللحم الموجود تحته برمحها بالفعل.
والأهم من ذلك كله، أنها كانت تعرف أن الصياد كان يغلي من الغضب المجنون. وهذا الجنون الجنوني قد أعمى حكمه، وجعل تصرفاته أكثر قابلية للتنبؤ.
لذلك، كان لديها بعض المزايا الخاصة بها.
بينما تراقصت النيران واهتزت الجزيرة الصغيرة من العبء الثقيل لخطوات الشيطان، اندفعت رَين للأمام وقابلته بوميض من سيفها الأسود.
لو لم تتجنب الهجوم في اللحظة الأخيرة، لكان فأس المعركة المروع قد شقتها إلى قسمين. تمكنت رَين من تفادي الهجوم، ولكن بالكاد… كان طول الفأس وطول ذراع الصياد كبيرَين جدًا بحيث لم تتمكن من ضرب الرجس الشاهق.
لكنها لم تستهدف جسد الشيطان العظيم.
بدلا من ذلك، استهدفت الفأس.
في لحظة مرعبة، بينما كان السلاح المروع يمر بسرعة من جانبها، أنطلق السيف الأسود ساعيًا…
وقطع العمود المتفحم بشكل نظيف.
تجنب الأربطة المعدنية التي تقويه وقام بقطع الخشب المحترق، ممزقًا إياه كما لو كان زبدًا.
غرق نصل الفأس في التربة الموحلة، واختل توازن الصياد فجأة مع فقدان ثقله.
والآن، بينما لم يكن يحمل سوى العمود المقطوع في يديه، ترنح الشيطان وسقط بشدة على ركبة واحدة.
اهتزت الأرض.
في تلك اللحظة… استطاعت رَين أخيرًا أن تصل إلى جسده بسيفها.
ترجمة امون