عبد الظل - الفصل 1392
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1392 : الخراب
بعد تفكك الجزيرة، لم يستغرق الأمر الكثير من الوقت حتى أختفى حطامها في أعماق النهر العظيم. وقف صني ونيفيس وكاسي على سطح السفينة، يراقبون سقوط الجزء المفقود من النعمة الساقطة بصمت حزين.
تموج الماء المتدفق وغلى ثم تحول إلى رغوة بيضاء. جرف التيار بقايا الحديقة المظلمة وابتلعتهم الأعماق. بعد مدة قصير جدًا، أصبح سطح النهر هادئًا وصافيًا مرة أخرى، مع عدم وجود علامات على سفينة الجزيرة الضخمة التي غرقت في الأفق.
تنهد صني بهدوء.
كان تدمير جزيرة اصطناعية محبطًا جدًا ليراه، كان بمثابة استعارة لعبثية وجود البشر… فقد عمل عدد لا يحصى من سكان النهر بجد لإنشائها والحفاظ عليها، بل إن عددًا أكبر منهم قضوا حياتهم يمشون على أرضها. ولكن الآن، اختفت، وابتلعها الطبيعة في دقائق معدودة. مع مسح كل أثر لها من الوجود.
كان سيتم محو ويف من الوجود بنفس الطريقة قريبًا جدًا. واختفت مدن العرافات بالفعل… لم تتبقى سوى النعمة الساقطة، وقد تقرر مصيرها ايضًا. كانت مقبرة آرييل موطنًا لحضارة مزدهرة ذات يوم…
لكن الآن، أصبحت مجرد كابوس.
هز صني رأسه، عابسًا فجأة. هل ستختفي مدن عالم اليقظة يومًا ما أيضًا؟، لم يكن يعلم حتى أن هناك عالمًا خارج الامتداد اللامتناهي لـ NQSC ذات مرة. كان من الصعب أن تخيل أن مكانًا مكتظًا بالسكان وعملاق جدًا قد يختفي من الوجود.
…ولكن مرة أخرى، كان عالم اليقظة بالفعل عالمًا من الخراب. تم محو الكثير من المدن المزدهرة من خرائطه – بل معظمها حتى. وأصبحت قارات بأكملها مهجورة، خالية من الحياة وغير مأهولة. حتى أنه شهد بنفسه سقوط إحدى هذه القارات الفارغة.
‘أصبح مزاجي متقلبًا اليوم.’
ما الذي كان هناك لتحزن عليه؟، لم تكن هذه الجزيرة سوى مخبأ رجس خطير. لقد أتوا إلى شاطئها وقتلوا الرجس، وهربوا بالغنيمة الثمينة. حتى أن كاسي تلقت عصا جميلة كمكافأة.
إذا كان هناك شيء للشعور به، فيجب أن يكون السعادة التامة.
ومع ذلك، شعر صني بالتعب والألم في كل مكان. كانت المعركة ضد الغرقى قصيرة، لكنها مع ذلك كانت شديدة للغاية. تعرض للضرب والجرح، على الرغم من أن إصابته لم تكن خطيرة للغاية.
“ذهب! ذهب!”
استدار صني ونظر إلى كرو كرو، الذي كان يقفز بحماس على الدرابزين ويحدق في المساحة الفارغة حيث كانت الجزيرة بتعبير غريب. لم يكن الطائر الصغير مثقلًا بأي نوع من الأفكار الأليمة. في الواقع، لم يكن لديه أي أفكار على الإطلاق.
فبعد كل شيء، كان صدى.
والآن بعد أن تم تدمير الجزيرة، أصبح لدى الصدى مهمة للقيام بها.
وبينما كان يراقب، اقتربت كاسي من الطائر الأسود وأخذته بين يديها بلطف. وبقول شيءٍ ما، فتحت الفتاة العمياء راحتيها وتركت الغراب يطير بعيدًا.
آخر ما سمعوه قبل اختفاء صدى جيت في الأفق كانت صيحاته الساخطة:
“عالقة!، عالقة!”
كان لدى كرو كرو مهمة بسيطة – وهي إبلاغ سكان النعمة الساقطة بوفاة العرافة المدنسة، ثم العثور على طريق العودة إلى السفينة. لم يعرف الأسياد الثلاثة كم من الوقت سيأخذ منهم إنقاذ إيفي وجيت، لذلك أرادوا التأكد من أن المدينة الأخيرة ستهاجر باتجاه مجرى النهر في غيابهم.
أمل أنه بحلول وقت عودتهم، سيكون عجائز مواليد النهر بحالة أفضل بكثير.
‘أنتهى الأمر، إذن.’
ألقى صني نظرة سريعة على العصا الخشبية التي كانت بين يدي كاسي، ثم نظر إلى أشرعة سفينة كاسرة السلسلة. تردد للحظات ثم سأل بتعب:
“هل نبحر؟”
بعد لحظة من الصمت، هزت نيفيس رأسها.
“اقترب الليل، وكلنا متعبون. أفضل أن أسير مع التيار حتى الغد. لن تضرنا القليل من الراحة.”
كان صني سعيدًا لسماع ذلك.
… وسرعان ما أجتمعوا على السطح في مؤخرة السفينة. تم تنظيف جميع مقصوراتها من الحطام وإصلاحها من قبل سكان النعمة الساقطة، لكن الأسياد الثلاثة لم يزوروا معظمهم كثيرًا، لأنه لم تكن هناك حاجة لذلك. أمضوا معظم وقتهم على السطح العلوي، أو في أماكن معيشتهم، أو على سطح السفينة بالقرب من المطبخ.
كان هناك طعامًا طازجًا على الطاولة، تنبعث منه رائحة طبخ نيف المألوفة واللذيذة. كان صندوق الطمع يقف وغطاءه مفتوحًا، وأسنانه تلمع في ضوء الفانوس الدافئ. وكان صني يحمل كوبًا من الشاي بين يديه، ينظر إلى الألواح العديدة الموضوعة أمامه.
وبصراحة رغم ذلك، لم يكن في حالة مزاجية لدراسة أسرارهم. أراد فقط أن يملأ بطنه ويرتاح.
مع تنهد، دفع الألواح بعيدًا وسحب طبقه بالقرب منه. ثم ابتلع صني اللقمة الأولى من عصيدة اللحم ذات الرائحة العطرة، وأغمض عينيه مبتهجًا.
كانت نيفيس منشغلة بالأكل أيضًا. ومع ذلك، بدا أن كاسي قد نسيت الأمر – فقد كانت تلعب بلعبتها اللامعة الجديدة بدلاً من ذلك. كانت شظية الروح الموجودة على طرف العصا المقدسة تبعث النور، ويتغير توهجه من وقت لآخر.
نظر لها صني قليلاً ثم سأل:
“ماذا تفعلين؟”
أخذت الفتاة العمياء رشفة من الشاي شاردة الذهن.
“أحاول معرفة كيف تعمل. الأمر غريب… يبدو أن السحر لا يستجيب لكل شيء. إنه يشير إليك، ونيفيس، وإيفي، وكاي… ولكن ليس إلى جيت أو ذلك الشخص، موردريت. أو النعمة الساقطة، في هذا الصدد، ومع ذلك، فهو يستجيب لزهرة الرياح.”
رفع صني حاجبه، ثم غير منظوره وحدق تحت سطح الضوء الهادي. تماما كما كان يتوقع، لم يكن هناك نسيج فيها. لم تكن هناك حروف رونية أيضًا… مجرد مجال من الإشعاع المذهل.
رأى شيئًا مشابهًا عند النظر إلى السكاكين التي صنعها سَّامِيّ الشمس. داخل كل منها، لم يكن هناك شيء سوى محيط مشع من شيء ما – ربما جوهر الروح – وخيط وحيد من القدر، مربوط على شكل حلقة ويدور إلى ما لا نهاية.
كان هذا هو سحر السَّامِيّن ، غير معقول تمامًا وخالي من أي نوع منطق يمكن أن يفهمه.
‘حلقة بلا نهاية…’
انشغل عقله المتعب بهذه الكلمات، لكنه كان مشتتًا في تلك اللحظة بصوت نيف المكتوم بشكل غريب:
“وجدته.”
استيقظ صني من أحلام اليقظة، واستدار ونظر إليها.
كانت نيفيس تحمل ملعقة في فمها، ممسكة بأحد الألواح التي دفعها بعيدًا بكلتا يديها.
كان صني مستمتعًا بهذا المنظر.
“…ماذا وجدتي؟”
رمشت عدة مرات، ثم أخرجت الملعقة من فمها بشكل غريب ووجهتها نحو اللوح.
“زهرة الرياح. اه… لقد تم وصفها هنا.”
اكتب الاغلاط بالتعليقات
ترجمة امون