عبد الظل - الفصل 1326
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1326 : عين العاصفة
انجرف المركب المحطم عبر سطح الماء الساكن تمامًا، وابتعد ببطئ الجدار الدائري للضباب الداكن. هدأت الرياح العاتية، ثم اختفت تماما. حل على العالم صمت غريب، وكأنهم عالقون في فجوة بين لحظتين.
فقط التموجات الدقيقة التي انتشرت عبر المرآة الساطعة لسطح النهر المتجمد بجوار مقدمة المركب أظهرت أن هذا الملاذ المخفي لم يكن بلا نهاية أو ابديًا.
سقط صني على ظهره وانحنى بتعب على جانب القارب الخشبي. كان يتنفس بصعوبة، ونظر إلى نيفيس، ثم إلى أنانكي. كان الصمت أجمل من أن يُكسر بواسطة أصواتهم. كان مرهقًا للغاية بحيث لم يتمكن من التحدث أيضًا… لفترة من الوقت، بقي الثلاثة جميعًا بلا حراك، محاولين التعافي من الغضب المعذب للعاصفة العاتية.
‘سيتعين علينا الغوص في ذلك الجحيم مرة أخرى، في نهاية المطاف.’
هذه الفكرة وحدها جعلت صني يرتعد. رفض التفكير فيها، وأغمض عينيه وسقط على الأرض، ناويًا الراحة لبضعة دقائق.
ولكن بدلا من ذلك، سقط في أحضان النوم على الفور تقريبا.
وهذه المرة لم يزره شيء في أحلامه، ربما بسبب الكابوس، أو ربما لأنه حتى العمالقة المدنسين لم يتمكنوا من الوصول إلى أعماق العاصفة الزمنية.
…استيقظ صني مذعورًا عندما سقط عليه ظل. لجزء من الثانية، كان خائفًا من عودتهم إلى مطحنة الكارثة القاسية مجددا، لكنها كانت نيفيس فقط – سارت إلى مقدمة المركب لتنظر إلى الأمام، وكان وجهها شاحبًا وعينيها نصف مغلقة.
حدق بها لبضع لحظات ثم تنهد وسحب نفسه إلى وضع مستقيم.
“كم من الوقت كنت نائما؟”
توقفت لفترة.
“لا توجد طريقة لمعرفة ذلك.”
عبس صني، في حيرة من الجواب الغريب. ومع ذلك، فقد شعر بذلك بنفسه… في المكان من وعيه الذي كان يشعر فيه بالانزعاج العميق الناتج عن استشعار الطبيعة المكسورة للزمن سابقًا، أصبح الآن فارغًا بغرابة. لكن أيضًا لم يكن هذا بسبب الألفة المتمثلة في استشعار التدفق الطبيعي للوقت.
وبدلا من ذلك، كان النقص المطلق له.
عبس، مدركًا أنه لا يستطيع أن يشعر بمرور الوقت على الإطلاق. كان إحساسًا غريبًا حقًا، ولا يمكن وصفه بشكل صحيح بالكلمات. كان قلبه ينبض، وصدره يرتفع وينخفض أثناء تنفسه، لكنه لم يكن يعرف المدة التي تستغرقها كل نبضة قلب، وكم من الوقت يمر بين كل نفس.
ربما كانت لحظة، أو دقيقة، أو ألف سنة. أو كانت من الممكن أن تكون الأبدية.
عبس صني.
“اللعنة.”
ما الذي كان يحدث الآن؟.
كانوا على قيد الحياة، بشكل غريب بما فيه الكفاية… على الأقل بدا الأمر بهذه الطريقة. كان جسده يتألم من كل أطرافه، وكان لا يزال يعاني من الإجهاد الرهيب الناتج عن النجاة من العاصفة. كان هذا الألم شيئًا لا يشعر به إلا الأحياء.
التفت صني إلى انانكي، راغبًا في طرح بعض الأسئلة على الكاهنة، لكنه بقي صامتًا في النهاية.
أظلم تعبيره.
بدت الكاهنة أصغر سناً مما كانت عليه في المرة الأخيرة التي رآها فيها. كانت الآن، تشبه فتاة في العاشرة من عمرها على الأكثر. كان شعرها الأبنوسي قصيرًا وخشننًا، وأصبح وجهها الجميل مستديرًا وغير ناضج، بعيون زرقاء صافية وخدود لم تفقد بعد كل سمنتها الطفولية.
كانت أنانكي تجلس على مقعد قائد الدفة وقدماها تتدليان فوق سطح السفينة. لاحظت نظرته، فرفعت طيات رداءها الكبير بشكل هزلي وقفزت إلى الأسفل..
“مرحبًا يا سيدي.”
أصبح صوتها اللطيف طفوليًا ومحرجًا.
تردد صني وهة يحدق في الفتاة الصغيرة. لم تكن تبدو أقل من رائعة… ومع ذلك، لم يشعر بالارتياح بسبب منظرها اللطيف. وبدلا من ذلك، شعر بقلبه يثقل كالجبل.
إذا… عندما يتحررون من العاصفة، هل ستتمكن انانكي من العودة إلى ويف بمفردها؟.
ألقى نظرة خاطفة على نيفيس، التي وقفت معطية ظهرها لهم، ثم تنهد.
‘سوف نفكر في حل ما.’
ثم التفت صني إلى الكاهنة الطفلة وسألها:
“ما الذي يحدث، بالضبط؟”
ابتسمت بلطف، وتألقت عيناها الزرقاء، وظهرت غمازتان على خديها الممتلئين.
“نحن في عين العاصفة يا سيدي. الزمن لا يزال متجمداً هنا. الأمر ليس خطيراً… أعتقد. الأمر فقط…”
تشتت للحظات عن كلماتها بسبب حركة خفية في الماء. لكن الشيء الغريب… هو أنه لم يشعر بأي تغير في الظلال.
أدار صني رأسه ونظر إلى الخارج. كان سطح النهر العظيم واضحًا ومسطحًا تمامًا، وتحول إلى مرآة عملاقة. تعكس السماء الزرقاء فيها بسلاسة، ويغمرها ضوء الشمس الساطع. كان الأمر كما لو أن العالم كله كان يتألق بسطوع رائع.
وكان منظرها أشبه برؤيا من حلمٍ جميل. لكن…
كان هناك شيء تحت هذا التألق.
سمع صني أنانكي تنهي جملتها بينما كان يحدق داخل التالق:
“… لا ينبغي لنا أن ننظر إلى الماء.”
وجاء تحذيرها بعد فوات الأوان.
تجمدت الصرخة في حلقه بينما يرى…
شخصية شاحبة تتحرك عبر سطح الماء بنية قتل كارثية، محاطة بطبقات لا حصر لها من الظلام الغاضب. كان هذا الظلام المتموج بلا حدود ولا يمكن فهمه، وأحتوى في داخله على عدد لا حصر له من الاختيارات. كانت ملامح الشخصية المرعبة غامضة ومبهمة، وكل ما استطاع رؤيته هو…
زوج من الأجنحة الرهيبة، كان ريشهم أسودًا مثل ريش الغراب. انفردت الأجنحة، على نطاق واسع بما يكفي لالتهام السماء، وأغرقت العالم في ضبابٍ عويل.
… تراجع صني إلى الخلف، وسقط على ركبتيه وتقيأ دمًا. انفجر تياران من أنفه أيضًا. كان نسج الدم الذي عادة ما يمنع هذه الأمور، يترنح مذهولًا، مثله هو. كان الأمر كما لو أن عقله قد عانى من صدمة هائلة من رؤية الشكل المظلم … واستشعار العمق المروع لنية القتل المدمرة.
كان صني متألمًا ومرتبكًا، مسح الدم عن وجهه وبصق.
“ما…ما كان ذلك بحق؟!”
بقيت أنانكي صامتة لفترة، بجدية غير معتادة منها.
ثم قالت بصوت منخفض:
“تلك… هي انعكاسات السَّامِيّن ، يا سيدي. والشياطين الذين قتلوهم…”
اكتب الاغلاط بالتعليقات
ترجمة امون