عبد الظل - الفصل 1318
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1318 : مغادرة ويف
قضى صني ونيفيس وأنانكي عدة أيام في معبد تعويذة الكابوس، يستريحون ويستكشفون المدينة المهجورة بينما يستعدون للمرحلة الأخيرة من الرحلة. كانت هذه الأيام هادئة وسلمية بشكل غريب، ولكنها كانت أيضًا حلوة ومرّة.
كان ذلك لأن الثلاثة منهم كانوا يعلمون أن وقتهم معًا قد وصل إلى نهايته.
لم تكن الكاهنة الشابة، التي كانت تعتني بهم ومرشدتهم خلال الأسابيع القليلة الماضية، قادرة على متابعة عنايتها بهم ومتابعتهم الى حيث يحتاجون للذهاب. تقع مدينة النعمة الساقطة، مدينة ‘غسق’، بعيدًا عن حدود المكان الذي سُمح لها بالذهاب اليه.
كان هذا هو مصير جميع مواليد النهر.
كان كل من صني ونيفيس يدركان بشكل مؤلم ما ينتظر انانكي في المستقبل. ولهذا السبب، على الرغم من أنهما حاولا إخفاء مشاعرهما، فقد ألقي ظلٌ مظلم على قلوبهما.
في هذه الأثناء، بدت الكاهنة الشابة نفسها متصالحة مع مصيرها المرير. غالبًا ما ظهرت ابتسامة بسيطة على شفتيها، وكرست نفسها بالكامل لإجراء الاستعدادات لإرسالهما في طريقهما.
كان على صني ونيفيس السفر بعيدًا في اتجاه مجرى النهر بمفردهما. احتاجا إلى الإمدادات والمعرفة للوصول إلى النعمة الساقطة بدون انانكي، لذلك كانت مشغولة بالتأكد من حصولهم على كل ما يحتاجون إليه.
جمعوا موارد مختلفة من جميع أنحاء أنقاض ويف المقفرة. كما علمتهم الكاهنة الشابة كيفية الإبحار في النهر العظيم والتعرف على المخاطر المختلفة المختبئة في أعماقه. واصلت نيفيس تعلم كيفية توجيه المركب المسحور، بينما أمضى صني وقته في نسج خيوط جوهر الظل ودراسة مفتاح مصب النهر.
في نهاية المطاف، لم يبق لهما شيء في المدينة المهجورة. بينما كان الضوء الجميل للشموس السبعة المشرقة يملأ هواء الصباح البارد، قادتهم أنانكي عبر الشوارع الفارغة للمرة الأخيرة وقفزت بخفة على سطح المركب الجميل.
“تعالا!، سوف نبحر في اتجاه مجرى النهر اليوم.”
نظر صني ونيفيس إلى بعضهما البعض، ثم تبعاها بصمت إلى متن القارب. راقبتهم الكاهنة الشابة بابتسامة، ثم أومأت برأسها وأشارت إلى مجداف التوجيه.
“سيدتي، من الأفضل أن تتدربي على القيادة بينما لا أزال معكِ. تذكري دروسنا. يمكنكِ النجاح بالتأكيد!”
نظرت نيفيس إليها لفترة من الوقت، وكان وجهها بلا حراك. ترددت قليلاً قبل أن تجلس على مقعد قائد الدفة وتأخذ المجداف.
وفي الوقت نفسه، عبس صني.
“انتظري… ماذا عنكِ؟، إذا كنا سنبحر بعيدًا على متن المركب، فكيف ستعودين إلى ويف؟”
هزت أنانكي رأسها.
“تمتد ويف بعيدًا في اتجاه مجرى النهر، تمامًا كما هو الحال عند المنبع. هناك العديد من سفن الجزر التي سنزورها قبل أن يحين وقت عودتي. سأترككم في بيت الفراق السفلي، حيث توجد سفن أخرى لأعود باستخدامها.”
تردد للحظات ثم أومأ برأسه على مضض. لم يكن صني قد تصالح مع كيفية ترك أنانكي وراءهما، حتى الآن… ولكن لم يكن هناك ما يمكنه فعله، ولم يعرف ما يقوله.
ولم يكن لديهما خيار آخر.
…ولكن لم يحن وقت الوداع بعد. ربما سيتمكن من العثور على الكلمات الصحيحة في الأيام القادمة.
مع تنهد، أنزل صني نفسه على سطح السفينة. عادة، كانت انانكي تجلس على المقعد في مؤخرة المركب، بينما تكون نيفيس مقابله في مركز سطح المركب. لكن اليوم، انقلبت أوضاعهم المألوفة – كانت نيف تمسك بمجداف التوجيه، بينما جلست الكاهنة بالقرب من صني.
اعتاد إلى حد ما على مدى جمال أنانكي الشابة، ولكن النظر إليها مباشرة لا يزال يشعره بالغرابة. خاصة بسبب مدى سطوع ابتسامتها، ومدى ثقل قلبه.
“شكرا لك يا سيدي.”
نظر إليها صني بحزن وتفاجأ.
“أنا؟، لماذا؟”
تنهدت الكاهنة الشابة بخفة، ثم نظرت إلى المناظر الطبيعية المقفرة في ويف بتعبير حزين.
“لرغبتك في معرفة الكثير عن مسقط رأسي. يسعدني مشاركة قصصها مع شخص ما. كثيرًا.”
خفض رأسه وظل صامتا لبضع لحظات.
“…بالتأكيد لا مشكلة.”
في تلك اللحظة، أخذت نيفيس نفسًا عميقًا، ثم قالت شيئًا بصوت حازم. الكلمة التي خرجت من شفتيها ترددت من جدران القناة، وانتشرت موجة خفيفة عبر سطح المياه المتدفقة. وكأن الكلمة نفسها تحتوي على قوة غير مرئية قادرة على إعادة تشكيل العالم.
وسرعان ما هبت عاصفة قوية وملأت أشرعة السفينة القديمة.
كان الأمر مشابهًا ومختلفًا عن الطريقة التي استدعت بها أنانكي الرياح. كان تشكيل نيف أكثر مباشرة وفظاظة، ويفتقر إلى الاستقرار… لكنه، في الوقت نفسه، كان يحتوي على إرادة جامحة ومخيفة. ونتيجة لذلك، تمكنت العاصفة التي استدعاها الاسم الحقيقي للرياح من دفع القارب للأمام على الرغم من أنها لم تكن قوية مثل ما تمكنت الكاهنة الشابة من استدعائه.
كانت الكلمة التي تكلموا بها واحدة، لكن اختلفت النتيجة. كان ذلك بسبب طبيعة سحر الأسماء – على عكس أنواع السحر الأخرى، التي تعمل من خلال قنوات ثابتة مثل الخيوط الجوهر والرونيات، فقد استخدم المُشكلون أنفسهم كقناة.
كانت نيفيس في رتبة أقل من أنانكي، لذلك لم تتمكن من توجيه قوة الكلمة بنفس القوة. ولكن، في الوقت نفسه، كان جسدها وروحها مشتعلين بالنسب السَّامِيّ لسامي الشمس… والأهم من ذلك، أنها امتلكت اسمًا حقيقيًا خاصًا بها.
كان أصحاب الأسماء الحقيقية مرتبطين بالجانب الغامض من العالم بشكل أقرب بكثير، وسوف يتأثرون بقوى العالم الخفية أكثر بكثير… وسيكونون قادرين على ممارسة تأثير أكبر بدورهم.
ولهذا السبب تمكنت نيفيس من السيطرة على المركب بمستوى كافٍ من القوة على الرغم من عدم كونها قديسًا مثل أنانكي.
“أنت تقومين بعمل رائع يا سيدتي!، انطقي أسماء الإخفاء بعد ذلك!”
توقفت نيف وبدا وجهها شاحبًا قليلاً. لم يكن سحر الأسماء بلا ثمن، كغيره من أنواع السحر. توجيه الكلمة يضع ضغطًا على جسد المُشكل، لأنه بينما نطقها لا يستهلك الجوهر، فإن التحكم في النتيجة يفعل.
في النهاية، صرّت على أسنانها وقالت بقية الأسماء التي علمتها إياها الكاهنة، ورتبتها في عبارة.
انطلق المركب عبر القنوات. وسرعان ما تحرر من حدود المدينة وانطلق بسرعة نحو الامتداد المفتوح للنهر العظيم، تاركًا المدينة المهجورة وراءه.
كانوا يسافرون مرة أخرى في اتجاه مجرى النهر، في أعماق الماضي.
اكتب الاغلاط بالتعليقات
ترجمة امون