عبد الظل - الفصل 1287
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1287 : نعمة الجهل
نام صني مثل الطفل. بدون كوابيسٍ تطارد أحلامه، وعندما استيقظ، شعر قلبه بسلام غريب. بقي بلا حراك لفترة من الوقت، وشعر بدفء يد نيف على رأسه. كان القارب يتحرك بسرعة عبر الماء، بينما حملته الرياح والتيار، وكان العالم من حولهم مظلمًا. مما عنى أنه الليل بالفعل.
‘…لقد نمت كثيرا.’
كان ينبغي على نيفيس أن توقظه. هل حصلت على أي راحة لنفسها؟.
أدار صني رأسه قليلاً ونظر للأعلى ورأى فكها الأنيق. كانت تتكئ على الجانب الخشبي من المركب، وكانت عينيها مغمضتان. وتنفسها بطيئا وعميقا. كانت نائمة بعمق. لذلك… لم يكن أحد يراقب.
“لا تنزعج من السيدة يا سيدي.”
جفل صني قليلاً ونظر إلى مؤخرة القارب، حيث كانت أنانكي لا تزال جالسة، وما تزال ممسكة بخفة بمجداف التوجيه. كان عباءتها الداكنة بنفس لون سماء الليل، مما يجعل من الصعب تمييز أين ينتهي قماشها وأين يبدأ الليل.
“كلاكما كان بحاجة إلى الراحة.”
شعر صني براحة شديدة وهو مستلقي على حضن نيف، لكنه اضطر إلى الجلوس بينما تنهد مترددًا. فرك عينيه ونظر إلى ظلاله التي كانت غير مرئية في الظلام. لم يظهر أيًا منهم أي علامة على القلق، لذلك حكم أن المرأة العجوز لم تفعل شيئًا غريب أثناء نومهم.
على الرغم من أن الأمر كان سيستغرق بضعة أيام أخرى حتى يتم تجديد احتياطيات جوهره بالكامل، إلا أنه لم يعد فارغًا بعد الآن. بسبب كفن الغسق، شعر أيضًا بالراحة والانتعاش.
ومع ذلك، كان جائعا قليلا. تردد صني للحظات قليلة، ثم سأل:
“قولي… ألا يصادف أن يكون لديكِ المزيد من تلك الفطائر الصغيرة؟”
ابتسمت انانكي.
“ينبغي أن يكون تبقى القليل منها في الصندوق. كُل جيدًا يا سيدي. لقد حضرتها بعناية.”
عرف صني إلى أن الصندوق الخشبي لم يكن بمثابة ذكرى تصنع الطعام، بل كان بمثابة ذاكرة تخزين تساعد في الحفاظ عليه طازجًا. يجب أن تكون انانكي قد أعدت كل شيء بالداخل تحسبًا للقاء أطفال ويفر.
عند فتح الغطاء، اكتشف بعض الفطائر المتبقية، بالإضافة إلى المزيد من الفاكهة وبعض الأطباق البسيطة الأخرى، كلها طازجة ومحفوظة جيدًا. وكانت رائحتها رائعة جدًا لدرجة أنه توقف للحظة مستمتعًا بالعطر.
تحدثت المرأة العجوز، التي أساءت فهم تردده:
“أنا آسفة لأنني لا أستطيع أن أقدم لك المزيد يا سيدي. ليس من السهل بالنسبة لي شراء الفاكهة والدقيق هذه الأيام. أتمنى ألا تشعر بخيبة أمل كبيرة.”
نظر إليها صني وابتسم.
“ما الذي تتحدثين عنه يا جدتي؟، لم آكل ذات مرة سوى لحم طاغوت فاسد لمدة شهر كامل. هذه ليست أقل من وليمة.”
ولتوضيح وجهة نظره، التقط إحدى الفطائر ودفعها بجشع إلى فمه.
أمالت أنانكي رأسها قليلاً.
“…هل لا يزال الناس يعانون من الجوع في المستقبل؟”
مضغ صني لفترة طويلة قبل الإجابة. من الواضح أن المرأة العجوز اعتقدت أن المستقبل هو نوع من النعيم الذي ساعدت هي وأتباع ويفر الآخرون في صنعه. لم يكن يريد أن يجرح مشاعرها.
هز كتفيه.
“الأشخاص الأذكياء لا يفعلون. آه… لكنني لست ذكيًا جدًا للأسف. على الأقل ليس طوال الوقت.”
ثم، ومضت فكرة مفاجئة داخل عقله. نظر صني إلى انانكي بعناية، ثم سأل:
“…ولكن ماذا عنكِ يا جدتي؟، هل أكلتي شيئًا؟”
كانت نحيفة وضعيفة جدًا لدرجة أنه ظنها بالخطأ جثة منذ وقت قريب. ومع ذلك، فقد قدمت لهما الطعام فقط، ولم تشارك بتناوله بنفسها.
هزت أنانكي رأسها بلطف.
“جسدي هذا لا يجوع كثيرًا. سأصطاد بعض الأسماك لاحقًا.”
عبس صني، ثم أخرج بقية الفطائر ومشى إلى مجذاف التوجيه، وقدمهم لها:
“لا، هذا لن يكفي. من فضلكِ تناولي بعضًا منه أيضًا. وإلا فسوف يضربني معلمي بمجرد عودتي للمنزل…”
سيكون المعلم يوليوس في حالة من الهيجان حقًا إذا علم أن صني حشو بطنه بينما قامت امرأة مسنة بتجويع نفسها بقربه… حتى لو كانت تلك المرأة من سكان الكابوس.
والأهم من ذلك، ما هو نوع السمك الذي ستصطاده في النهر العظيم؟.
ترددت أنانكي قليلاً، ثم أخذت إحدى الفطائر بيد مرتعشة وابتسمت.
“شكرا لك يا سيدي. هذا يكفي.”
عندما عاد إلى الصندوق، تحركت نيف قليلاً وفتحت عينيها. حدقت في حضنها الفارغ لبضع لحظات، ثم نظرت إلى صني ورمشت عدة مرات. أخيرًا، استنشقت الهواء والتفتت إلى الصندوق الخشبي، مسترشدة برائحة الطعام الطازج الجذابة.
لمعت عيناها.
تناول الاثنان وجبة شهية بينما أكلت أنانكي ببطء فطيرتها الوحيدة. كان الجو داخل المركب هادئًا بشكل غريب. كان الأمر كما لو كانوا يبحرون في بحيرة هادئة بدلاً من الامتداد المميت للنهر العظيم، حيث تسكن جميع أنواع المخلوقات المرعبة.
كانت المياه تتوهج ببريق ناعم، بينما كانت السماء سوداءً غير قابلة للأختراق. كان المشهد الجميل للعالم المختبئ داخل مقبرة آرييل يشبه الحلم الغامض كما كان دائمًا.
عندما نظر صني إلى سطح الماء، رأى فجأة ضوءه يصبح خافتًا. كان هناك… ظل ضخم لا يمكن تخيله يتحرك في مكان ما أسفلهم بعمق لا يمكن فهمه، ويحجب إشعاع الشموس الغارقة بحجمه العظيم.
لبضع لحظات، غطى ظلام قاتم كامل مساحة النهر العظيم حول الكيتش، ثم ابتعد بلا مبالاة.
ارتجف ونظر إلى أنانكي، وكان الرعب يختبئ في عينيه الخافتتين.
أمسكت المرأة العجوز بمجداف التوجيه بهدوء وهي تبتسم.
“لا تقلق يا سيدي. هم لا يستطيعون الشعور بنا.”
تردد صني لثوان، وتساءل عما إذا كان ينبغي أن يسأل من ‘هم’ الذين تتحدث عنهم.
…لكن في النهاية ظل صامتا.
كانت هناك أشياء من الأفضل للإنسان أن لا يعرفها. لم يكن صني متأكدًا مما إذا كان يمكنه أن يسمح لنفسه برفاهية الجهل… لكنه قرر الاستمتاع بنعمة الجهل، على الأقل اليوم.
اكتب الاغلاط بالتعليقات
ترجمة امون