عبد الظل - الفصل 470
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
عبد الظل ٤٧٠. حتى الشتاء
لقد تغيرت كاسي منذ آخر مرة التقيا فيها.
كان شعرها أطول، وكان هناك نصف قناع فضي غريب يغطي عينيها، سطحه أملس ومنقوش بشكل معقد. لقد تطابق مع الفولاذ المصقول لبدلة الدرع التي كانت ترتديها فوق معطفها الأزرق. كانت البدلة تتألف من صدرية قصيرة، ودرع الساعد، ودرع الساق، ودرع كتف مجزأ.
علقت الراقصة الهادئة على حزامها، ولكن كان هناك أيضًا خنجر طويل مقابلها، ومقبضه يلتوي إلى الأعلى.
لكن ما تغير أكثر من أي شيء آخر، مع ذلك، هو سلوكها. بدت الفتاة العمياء… أكبر سنًا بكثير، بطريقة أو بأخرى. أكثر حزمًا، وثباتًا، ولكن أيضا إرهاقًا. كأنها مضغوطة بثقل السنين.
‘ماذا؟ أي سنين؟ إنها أصغر مني!’
كافح صني قليلاً، ثم تظاهر بالابتسام أيضًا، لمصلحة حارسة النار الشابة التي توقعت بلا شك لقاءً دافئًا.
بعد كل شيء، لم يكن أحد يعرف ما حدث بينهما.
“نعم. لقد تلقيت ملاحظتك… كانت غامضة. وها أنا ذا بشحمي ولحمي.”
نظرت إليهما الفتاة التي قادته إلى كاسي، ثم اختلقت عذرًا وعادت إلى المخيم، حيث قررت بلباقة أن تخرج نفسها عما اعتقدت أنه سيكون لقاءً عاطفيًا بين صديقين قديمين.
..صديقين سابقين، حقًا.
تردد صني قليلاً، ثم سأل:
“إذا كيف كان حالك؟”
تنهدت كاسي، ثم استدارت إلى الجذور الشجرة المتفحمة المحفورة.
بعد فترة، تحدثت:
“ليس جيدًا في الواقع.”
بدا صوتها بعيدًا.
“لقد… حاولنا المغامرة في الجبال الجوفاء، كما يجب أن تعرف. ولكن الأمر كان ميئوسًا منه. هذا المكان هو موت خالص، لأي شخص يجرؤ على وضع قدمه في الضباب. كنا نأمل في العثور على طريقة للعودة إلى الشاطئ المنسي. ولكن في النهاية، كنا محظوظين لأننا هربنا أحياءً.”
صمتت كاسي قليلاً ثم سألت:
“ماذا عنك؟”
ابتسم صني :
“أنا؟ أوه، أفضل من أي وقت مضى…”
وبذلك، استدعى صندوق الطمع، وأخرج منه بعض الفاكهة الطازجة العطرة، وجلس على جذع شجرة قريب. بأخذ قضمة كبيرة من الخوخ العصيري، مضغها بحماس، ثم نظر إلى الفتاة العمياء.
“أوه، آسف. لقد أحضرت ما يكفي لشخص واحد فقط.”
…نعم، علم صني أنه كان سخيفًا بشكل يبعث على السخرية. لكن ماذا في ذلك؟ كانت السخافة هي اسمه الأوسط. متحدثًا بشكل مجازي.
“اذن، لقد فشلتوا في العودة إلى الشاطئ المنسي، والآن… ماذا تفعلون بالضبط؟ لماذا تحفرين الأشجار في هذه الغابة الشريرة؟”
ابتسمت كاسي قليلاً، ثم أجابت بهدوء:
“… أنا أبحث عن شيء ما.”
ثم ابتعدت عن الحفرة وواجهته.
“نعم، لقد أخبرت عشيرة الريشة البيضاء أنك ستعود حيًا. وكلا، لم تكن الرؤية عن مكانك، أو عن ماذا فعلت في الشهر الماضي.”
نظر لها صني بتعبير مظلم:
‘ما هذا؟! يمكنها قراءة الأفكار الآن؟!’
“…لا، لا أستطيع قراءة الأفكار. إذا كنت تريد أن تعرف، فإن قدرتي الثانية تسمح لي بالشعور بما سيحدث في الثواني القليلة المقبلة. ولهذا السبب أستطيع أن أتجول بدون عصا، وأعرف ما كنت ستقوله.”
كشر.
‘هذا… سيكون مزعجًا للغاية، على ما أعتقد.’
نظر صني إلى كاسي، وأعاد تقييم درعها وأسلحتها. مع قدرة كهذه، ربما أصبحت مقاتلة هائلة جدًا. أم لا. لم يفهم حقًا كيف يعمل الأمر، ليقول الحقيقة.
لذا سأل بفضول:
“هل هذا يعني أنه يمكنك أن تري الآن؟”
هزت كاسي رأسها.
“لا… ليس بالضبط. ولكن إذا أردت أن أخطو خطوة إلى الأمام، وأشعر بالوقوع في وادٍ ما، فيمكنني أن اتجنبه. وإذا شعرت بأنني سأثقب بسيف، فيمكنني محاولة تصديه. وإذا شعرت بأنه سيُطرح عليا سؤال، فيمكنني الإجابة عليه.”
فكر قليلاً، ثم قال:
“إذن ما هو سؤالي التالي؟”
هزت الفتاة العمياء رأسها ببساطة.
“لست بحاجة إلى إضاعة جوهر الروح للتخمين. أنت تريد أن تعرف كيف عرفت أنك ستعود إلى الملاذ في قطعة واحدة.”
أنهى صني فاكهته، وألقى النواة في الحفرة، ثم ابتسم:
“بالفعل. إذا لم تتجسسي على مغامراتي الأخيرة، فكيف عرفتي أنني لن أموت؟”
انتظرت كاسي قليلاً ثم استدارت. وبعد فترة قالت:
“إنه لا يزال الربيع.”
عبس.
“وما علاقة ذلك بأي شيء؟ كنت تعلمين أنني سأكون بخير لأنه الربيع؟”
ابتسمت كاسي.
“نعم. كنت أعرف أنك لن تموت. لأنه، كما ترى…”
صمتت للحظات ثم قالت بهدوء:
“… لقد رأيتك تموت بالفعل، في الشتاء. كلانا، في الواقع.”
***
بعد أن أسقطت كاسي تلك القنبلة، حدق فيها صني ببساطة لمدة دقيقة كاملة، عيناه متسعتان والكلمات ترفض الخروج من فمه. وأخيراً صر على أسنانه وهسهس:
“ماذا بـحق الجحيم؟! رأيتينا نموت؟!”
تنهدت كاسي، ثم أومأت له برأسها.
“أجل.”
زمجر صني.
“اشرحي!”
ترددت الفتاة العمياء لبعض الوقت، ثم سألت بنبرة متزنة:
“هل أنت متأكد أنك تريد أن تعرف؟ لقد رأيت ما حدث في المرة الأخيرة التي شاركت فيها رؤيتي مع شخص ما، وحاولت تحدي القدر.”
ظهر تعبير مظلم ومستاء على وجه صني. قال بصوت مليئ بالغضب:
“من يهتم؟! أخبريني بما رأيتيه حالاً!”
تنهدت كاسي والتفتت لمواجهته.
“حسنًا. لكن تذكر… تذكر ما حدث لنا نحن الثلاثة من قبل. كيف حاولنا خداع القدر، لكن القدر لعب بنا بدلاً من ذلك.”
صمتت للحظات، ثم قالت:
“هذا ما رأيته: كانت هناك جزيرة متهالكة تسقط في السماء السفلى، ونحن الاثنان – ملطخان بالدماء، ومشوهين، وضعفاء – نسقط معها. كان الجو يثلج. وفوقنا كان طائر عملاق يطير مكللاً بالسحب الرعدية. كان يقاتل ويفيرن أسود مرعب، وكانت دمائه تتساقط مثل المطر. ثم ابتلعنا الظلام… واختفينا.”
نظرت كاسي للأسفل ثم أضافت بجدية:
“هكذا متنا.”
م/ت: الويفرن هو كائن أسطوري شبيه بالتنين مع أجنحة وقدمين وذيل لكنه بدون أرجل أمامية.
ترجمة بواسطة: Laa Hisham