عبد الظل - الفصل 168
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
عبد الظل 168. إلى الخارج
تجهم صني واستدار. كان يشعر بصداع رهيب. كادت الشمس أن تختفي، ويحل الليل محلها. لم يكن لديه متسع من الوقت.
بابتسامة يائسة، نظر صني إلى نجمة التغيير وسأل:
“ما الشيء المهم جدًا بحق؟ ما الشيء القيم للغاية لدرجة أن يجعلك مستعدة للحكم على الجميع هنا بالموت؟!”
هز رأسه، ظن أنه يعرف ذلك بالفعل.
“لا تخبريني أنه بعض الهراء الأحمق مثل إعادة مجد عشيرة اللهب الخالد. واجب المستيقظ؟ ماذا، هل قطعتِ يمينًا فظيعًا أن تصبحي أول من يغزو الكابوس الرابع، كما غزا والدك الثالث، وجدك الثاني؟ أو ما هو أسوأ من ذلك، أهو شيء أكثر حماقة؟ هل تخططين لإنقاذ هذا العالم اللعين؟!”
حدقت نيفيس في وجهه لبضع لحظات، ثم ابتسمت ابتسامة عريضة. استيقظ في عينيها شيء خطير وغير مألوف… لا، ليس غير مألوف تمامًا.
كان نفس البصيص الغريب والمهووس الذي رآه مرة من قبل، تمامًا بعد أن قال الكلمات الثلاثة الغريبة لها.
أستر، سونغ، فايل.
في ذلك الوقت، لبضع لحظات، تحولت نجمة التغيير من شابة هادئة إلى شخص لم يكن متأكدًا تمامًا أنه يعرفه.
بضحكة خافتة، هزت نيف رأسها.
“إنقاذ العالم؟ كلا، أنا لن أنقذ العالم يا صني.”
ثم، اختفت الابتسامة من على وجهها. واشتعلت نيران بيضاء فجأة في أعماق عينيها الرمادية والباردة. باقتناع مظلم ومخيف، قالت:
“سأقوم بتدميره.”
تردد صدى كلماتها في الظلام، جاعلاً صني يشعر بشعور غير عقلاني بالرعب. حدق فيها، غير مستوعب ما قالته للتو، وخائفًا من تصديقه.
تدمير… العالم؟ ماذا؟
استنشقت نجمة التغيير الهواء البارد بعمق، ونظرت إلى السماء.
“هذا العالم يا صني. هذا المكان الملعون. عالم الأحلام. لا، لن أكون أول من يغزو الكابوس الرابع. سأكون أول من يغزو كل كابوس. سأمر بهم واحدًا تلو الآخر، وأدمر أي شيء وأي شخص يقف في طريقي. وعندما أصل إلى قلب تعويذة الكابوس، سأمحو كل جزء منه وأمزقه إلى أشلاء، سأهلكه وأجلب له الخراب.”
نظرت في عينيه وقالت:
“أتعتقد أن جونالوج يمكنه إيقافي؟ هل تعتقد حقًا أن الرعب الساقط يمكنه إيقافي؟ أن هؤلاء الغيلان الثلاثة يمكنهم إيقافي؟ كلا يا صني. لن يوقفني شيء. وكل من يجرؤ سيموت. سوف أقتلهم جميعًا.”
تراجع صني إلى الوراء، حدق فيها بعيون واسعة.
ارتجف، وشعر بشيء بارد يلمس رقبته من الخلف. ثم، تجهم وسأل، في صوته تلميح من الألم:
“لماذا؟ لماذا تريدين تدمير التعويذة لهذه الدرجة؟”
التوي طرف من فم نجمة التغيير إلى الأعلى قليلاً. بعد لحظات، قالت ببساطة:
“لأنني أكرهها.”
رمش صني، مذهولاً من بساطة تلك الإجابة. لو كان شخصًا آخر، لأعتقد أنه كان يكذب.
لكن نيفيس عاشت في عالم غريب وصارم. لقد فعلت الأشياء لمجرد أنها أرادت ذلك، وعلى ما يبدو فهي أرادت تدمير وجود أبدي ذا قدرة مطلقة، لمجرد أنها كرهته.
لِمَ بحق لا؟
أغمض عينيه وهمس.
“أنتِ حقًا مجنونة.”
ابتسمت نيف.
“ماذا يعني أن تكون مجنونًا في عالم كان مجنونًا بالفعل؟
بعد ذلك، تنهدت.
“إذن، هل انتهينا هنا؟ أم أن لديك المزيد من الأسئلة؟ أوشكت الشمس على الاختفاء، لذا من الأفضل أن تسرع وتسألهم.”
هز صني رأسه وقال، صوته أجش:
“…نعم. نعم يا نيف. لقد انتهيت.”
وبهذا، استدار ببطء واتخذ خطوة.
بتركها وحدها، عبست نيف.
“إلى أين أنت ذاهب؟ عد إلى هنا.”
لوح بيده وقال بنبرة مكبوتة، رافض أن يدير رأسه:
“آسف. لدي عمل لأقوم به. سوف… نتحدث في وقت آخر.”
تعمق عبوسها. نظرت إلى ظهره، وصرت نحم التغيير أسنانها ونادت:
“قلت عد إلى هنا يا صني! هذه المحادثة لم تنته بعد! عد إلى هنا حالاً!”
لكن لم تكن هناك إجابة.
كان صني قد اختفى بالفعل في الظلال، تاركًا إياها واقفة بمفردها في الزقاق الذي أضاءه الضوء الأخير للغروب المحتضر.
***
بعد مرور بعض الوقت، كان صني يسير عبر الأنقاض، حاملاً جثة هاربر على كتفه. كان الشاب نحيفًا جدًا قبل قتله، لذلك لم يكن عبئًا كبيرًا.
…جسديًا، على الأقل.
كانت الساعات الأولى من الليل.
محاط بلا شيء سوى الظلام، كان صني وحيدًا مع أفكاره وعواطفه. لكن، بغرابة، كان عقله وقلبه فارغين. لم يكلف نفسه عناء التفكير أو الشعور بأي شيء الآن.
كان كل هذا كثيرًا جدًا ومفاجئًا جدًا عليه.
بالإضافة، كان يفضل التركيز على عدم التعثر في بعض الوحوش المروعة. سيكون الأمر مثيرًا للسخرية إن انتهى به المطاف مأكولًا بواسطة مخلوق كابوس، ولكنه سيظل كريهًا.
لقد شعر بالذنب لقتل هاربر، لكن ليس بما يكفي للموت أثناء محاولته التخلص من الجثة. كان يفضل كثيرًا ألا يموت من أجل خطاياه.
لحسن الحظ، كانت المنطقة التي يمر بها مألوفة لدى صني. كان يعرف الشوارع الآمنة نسبيًا، والشوارع التي يحتاج إلى تجنبها. حيث تعيش الوحوش الفظيعة حقًا، وأين يمكنه المرور دون أن يشعر به شيء.
أخيرًا، عندما اعتقد أنه كان بعيدًا للغاية داخل الأنقاض، وجد منزلاً منهارًا جزئيًا، وتسلق بقاياه، ثم تردد لبضع لحظات وألقى بالجثة في الداخل. تدحرج جسد هاربر الهزيل على الصخور واختفى داخل المنزل حيث لن يراه أحد على الإطلاق.
لقد انتهى. هذا الجزء على الأقل، قد انتهى.
حان الوقت للعودة.
استدار صني وحدق في الظل البعيد للتل الطويل، والقلعة الرائعة واقفة على قمته.
في الوقت الحالي، كان المئات من الناس ينامون هناك، إما في أكواخ يرثى لها في المستوطنة الخارجية أو في الغرف الآمنة والدافئة في المعقل القديم.
كانت نيف، وكاسي، وايفي هناك.
وكان هاروس، وجيمّا، وجونالوج هناك أيضًا.
والعديد، والعديد غيرهم.
كان معظمهم سيموتون.
بالنظر إلى جدران القلعة الرخامية البيضاء، كان بإمكان صني رؤية مستقبله بوضوح. يشاهد عاجزًا بينما تبني نجمة التغيير هنا طائفة. يساعدها في حماية نفسها من جونالوج. يذهب في عمليات صيد، ويكون غير مرئي بمجرد عودته. يخاف من الإقتراب من أي شخص، خشية أن يتكرر ما حدث مع هاربر.
حتى اللحظة التي ينتهي فيها كل شيء بإراقة الدماء والرعب.
كان كاستر هناك أيضًا، في انتظار استخدام نفوذه على صني لجعله خادمه المطيع. لم ينخدع صني بالشخصية الودودة للوريث الوسيم. كان يعلم أنه لن يأتي أي شيء جيد من قبول مساعدته.
…في النهاية، وقف في الظلال فقط ونظر بعيدًا، على المعقل البشري الصغير الذي صمد رغم كل صعاب الكابوس الملعون للشاطئ المنسي، مثل وميض وحيد من الضوء.
بعد أن ظل ساكنًا لفترة طويلة، تنهد صني بهدوء، وأدار ظهره، وسار ببطء في الظلام.
ترجمة بواسطة: Laa Hisham