عبد الظل - الفصل 2328
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2328 : تاج القرون
اندفع صني إلى الأمام مع انبثاق أولى الحشرات الكريستالية عبر الفجوة. كانت تلك الكائنات الزجاجية الهائلة تبدو كالنحل المشوَّه، ولكنها أيضًا تشبه النمل المروع… ومع سلوكها العدواني الحربي، قرر أن يُطلق عليها اسم الدبابير الكريستالية.
كانت الدبابير البلورية من وحوشًا عظيمة، بينما هو ‘عملاقٌ’ فائق. من الناحية النظرية، كان من المفترض أن يكون أقوى بكثير من حيث القوة الجسدية البحتة… لكن لم يكن الأمر بتلك السهولة. فجسده لا يزال بشريًا، أما أجسادهم فبعيدة كل البعد عن ذلك.
فالفأر والفيل كلاهما وحشان، لكن هل هما متساويان في القوة؟ بالتأكيد لا. وبالمثل، فإن البشر غالبًا ما يكونون أضعف جسديًا من مخلوقات الكابوس، حتى وإن تساوت رُتبهم.
ومع ذلك، لا يزال صني ‘عملاقًا’، لذا فإن جسده البشري المتواضع كان لا يزال أقوى وأسرع وأكثر صلابة من كل واحدة من تلك الرجسات المشوَّهة. وبطبيعة الحال، لا شيء يمنعه فعليًا من اتخاذ هيئة مختلفة.
ومع اندفاعه للأمام، تحوَّل جسده إلى موجة متدفقة من الظلام السحيق، ثم تصلب على هيئة كائن شرير مخيف بأربعة أذرع. هذه المرة، لم يكن يُشكّل قشرة من الظلال المحيطة – بل تحوَّل ببساطة إلى وليد الظلال. فقد أصبح صني نفسه ظلًا، ولم يكن مظهره البشري سوى هيئة يتّخذها؛ لذا، ما دام يعرف هيئة أخرى معرفةً جيدة، فبوسعه أن يتحوَّل إليها بسهولة مماثلة.
وقد بدا في هيئة وليد الظلال شبيهًا تمامًا بالشيطان الذي كان عليه في الكابوس الثاني – شامخًا بطول ثلاثة أمتار، يكسوه الدرع الأسود المخيف لعباءة اليشم، وبأربع أيادٍ مستعدة للتمزيق والافتراس. ولكن… كان هناك اختلاف واحد، وهو أن سبعة قرون كانت تُتوِّج رأسه الآن بدلًا من أربعة. فجأة، لم تعد الدبابير الكريستالية تفوقه حجمًا. ولم تعد تشكِّل التهديد ذاته…
لكنها لا تزال وحوشًا عظيمة. وحتى لو كان صني أقوى منها، إلا أنه لا يزال عرضةً لمكرها. و… كانت كثيرة، أكثر بكثير مما كان ليختار مواجهته، لو كان هناك خيار.
فلا يمكن الاستهانة بأي كائنٍ من الرتبة العظيمة. ضَخَّ مزيدًا من الظلال في أوداتشيه، فأطاله حتى قاربت الثلاثة أمتار. وفي اللحظة ذاتها تقريبًا، اشرقت الدبابير الكريستالية بإشراقٍ يُعمي البصر، طاردةً الظلام – وكأن أشعة الشمس قد خُزنت في أجسادها الزجاجية. اجتاحت صني موجةٌ من الحرارة الحارقة، فعبس.
‘غريب…’
تلك القدرة… هل بها يبنون خلاياهم؟ هل يذيبون الأنفاق في الجليد؟ لكن لم يكن هناك وقت للتفكير.
كانت أولى الرجسات قد وصلت إلى صني بالفعل – أو بالأحرى، هو من وصل إليها. قاطعًا ساقها الكريستالية التي كانت على وشك اختراق صدره، نطحها صني بكتفه، وفي الوقت ذاته قبض على فكيها المرعبَين الحادَّين باثنتين من يديه الأربع، دافعًا رأسها إلى الجانب مانعًا إياها من قضم جزء كبير من جسده. وبعد لحظة خاطفة، لف أوداتشيه وضرب به إلى الأسفل. وقد تمكن مخلوق الكابوس الرشيق من تفادي ضربته بسهولة رغم ارتباكه من الارتطام…
ولكنها رغم ذلك اهتزت وانهارت، وجسدها الذي فقد الحياة فجأة أصبح هشًا وتحطم إلى شظايا كثيرة بصوت رنينٍ عذب. وذلك لأن صني لم يكن يهدف إلى إصابة الدبور الكريستالي أصلًا – بل إن أوداتشيه الأسود كان قد قطع ظلّه عن جسده الزجاجي، وبالتالي دُمّرت روحه. ولم يكن من السهل تدمير روح وحش عظيم بضربة واحدة، حتى عند ضرب ظله. لكن نية صني القاتلة كانت مميتة بشكل خاص، لأن إرادته على القتل كانت حازمة بشدة – ولمسة نصلِه الأسود كانت تنقل فتكًا لا هوادة فيه، وكأن فيها صدى الموت ذاته.
مات الدبور الكريستالي على الفور، دون أن يتمكن من مقاومة تُذكر. ومع ذلك… لم يكن صني يتوقع أن يتحطم جسده إلى عدد لا يُحصى من الشظايا. كان قد خطط لرمي جثة الوحش العظيم نحو بقية الرجسات التي اندفعت نحوه، ليُبطئ زحفها.
لكن بدلًا من ذلك، كان هناك رجس حشري أخر قد أنقض عليه بالفعل عبر سحابة الشظايا المتساقطة، وعلى وشك أن يغرس فكيه في عنقه. تراجع صني ليصد الفكين الزجاجيَّين بأوداتشيه، ممسكًا مقبضه بيدين، بينما يسند ظهر نصلها باثنتين أخريين. كانت الضربة عنيفة لدرجة أنها دفعته إلى الخلف، لكنه بدلًا من أن يسقط ويُدفن تحت جسد مخلوق الكابوس، انهار في الظلال وخرج منها خلف عدوه في اللحظة ذاتها تقريبًا، مُسقطًا أوداتشيه من الأعلى ليشطر العدو إلى نصفين.
[لقد قتلتَ عدوًا.]
استدار صني ليواجه الدبور الكريستالي التالي، فرأى أن حاجز الظلال الذي كان يصلحه بجهد متواصل لا يزال ينهار، وأن أربع رجسات أخرى كانت قد شقت طريقها إلى داخل القلعة في الوقت الذي استغرقه لقتل اثنتين.
ومع ذلك، فقد فاجأه أمرٌ ما.
‘هاه؟’
لماذا كانت الدبابير الكريستالية… أضعف مما توقع؟.
لا تزال تملك القوة المروعة التي يتوقعها المرء من وحوش عظيمة، لكنها كانت أقل بكثير مما ينبغي أن تكون عليه… مما كانت عليه في السابق، حين كانوا يفرّون من خلية الجليد على منحدرات الجبل الثلجي.
انقض عليه رجسان بسرعة كبيرة، وأنشأت أجسادهم المتألقة دوّامةً مبهرة من النور والظلال. ارتفع الرماد الذي كان يغطي الأرض كإعصار في أعقاب مرورهما العنيف.
‘الرماد…’
تحرّك صني، رافعًا أوداتشيه ليطعن أحد الرجسات، وفي الوقت نفسه أمسك الثانية في الهواء.
وهذه المرة، فعل ما نصحته نيفيس بفعله، فلفّ إرادته حول كامل كيانه، بدلًا من تركيزها على سلاحه فقط. وكان من السهل ملاحظة الفرق – فعلى الرغم من تفوق عدد الخصوم، لم يشعر صني وكأن العالم نفسه يقاتله بالضراوة ذاتها. كان ضغط إرادة خلية الجليد كالموج الساحق، لكنه، بطريقة غريبة، أصبح مثل سمكة تشق طريقها عبره بسهولة نسبية.
ضرب إحدى الدبابير الكريستالية بالأرض، مما تسبب باهتزاز قلعة الرماد بأكملها وظهور شبكة من الشقوق على درعها الشفاف.
أما الرجس الثاني، فقد اخترقه الأوداتشي، لكن لم يبطئه ذلك كثيرًا – فأرجله الشبيهة بالمناجل قد خدشت سطح درع اليشم، ودفع المخلوق نفسه عبر نصل السيف الأسود، محاولًا تقطيع صني إربًا. كان وزن جسده هائلًا بما يكفي ليتسبب في ترنح صني.
أنزل قدمه المدرعة على الدبور الكريستالي الراقد على الأرض، محطمًا رأسه المتشقق بالفعل، وفي الوقت ذاته، التفّ ذيله حول رقبة مخلوق الكابوس الثانية النحيلة.
[لقد قتلتَ عدوًا.]
ساقطًا على أربع – بل على ست، تحديدًا – استخدم صني ذيله ليرسل الوحش العظيم طائرًا إلى الخلف. وكأنما أُطلق من مقلاع، طار مخلوق الكابوس في الهواء واصطدم بأحد رفاقه المتقدمين.
‘وهذه أربعةٌ.’
وفي الوقت الذي استغرقه صني لقتل أربع دبابير كريستالية…
كانت ثمانية أخرى قد اخترقت الحاجز. وأصبح جدار الظلال ينهار بسرعة أكبر مما يستطيع إصلاحه، وتوسع الخرق مع كل ثانية.
نظر صني إلى كتلة الرجسات الكريستالية بنظرة قاتمة.
‘اللعنة.’
ترجمة آمون