عبد الظل - الفصل 2324
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2324 : تحرك العدو
رغب صني في أن يرى كيف سيُبلي كاي في معركة ضد الرجسات العظيمة. فبدت الحشرات الكريستالية وكأنها تدريب جيد… وبطبيعة الحال، كانت هناك احتمالية أن تتكوَّن الخلية بأكملها من الملعونين، بدلًا من ذلك. لكن إن كان الأمر كذلك، فهم الثلاثة موتى بالفعل. لا يوجد الكثير مما يمكن فعله.
حدق كاي في صني بتعبير مذهول.
“ألن… ألن تفعل شيئًا حقًا؟”
ابتسم صني بلطف.
“كيف تقول هذا، يا صديقي؟ سأفعل الكثير… مثل الاستمتاع بالمشهد، الاسترخاء، وتأمل الطقس الجميل. بل وسأصنع سهامًا جديدة بينما تستهلك تلك التي صنعتها لك. لذا، لا تهدر أي سهم، اجعل كل ضربةٍ مهمة.”
بقي كاي يحدق فيه لبضع ثوانٍ أخرى، ثم التفت إلى القاتلة. لم يقل شيئًا، لكن تعبيره كان معبّرًا للغاية. وكأن كاي أراد أن يسأل…
“أهذا ما تتعاملين معه يوميًا؟”
ألقت القاتلة عليه نظرةً قصيرة وهزت كتفيها.
في هذه الأثناء، استلقى صني وأغلق عينيه.
“دعني أخبرك، أيها القديس العندليب… وضعت تلميذتي السابقة مستوى عالٍ للغاية. آه، كان تدريبها ممتعًا للغاية. فمن من المعلمين يمكنه التفاخر بأن تلميذه نال اسمًا حقيقيًا حتى قبل أن يصبح طامحًا؟ لذا، لا داعي للضغط، لكن من فضلك لا تخيب ظني. لدي معايير عالية بسببها!”
تنهد كاي، وركّب سهمًا على وتر قوسه، قائلاً:
“كانت تلميذتي أيضًا.”
رمش صني بضع مرات، مستغربًا:
“هاه؟”
ابتسم كاي بخفوت:
“فتاة حصلت على اسم حقيقي قبل أن تصبح طامحة… أنت تقصد رَين، صحيح؟ الوحيدة التي استيقظت دون تعويذة الكابوس. كنت أعلّمها الرماية لفترة قصيرة في أيام NQSC، منذ سنوات. أظن أن إيفي هي من عرّفتني بها. هذا العالم صغير، ألا تظن؟”
صفّى صني حلقه وقال بتوتر طفيف:
“اوه، صحيح… أظنها ذكرتك ذات مرة.”
‘أنا من أقنعك بتدريبها، أيها الأحمق!’
لكن لم يتذكر كاي ذلك بالطبع. أخذ نفسًا عميقًا، رفع قوسه وسحب الوتر ببطء، ثم قال بصوتٍ رصين:
“ليُصِب الهدف.”
لم يكن صوته مرتفعًا، لكنه تغلّب على عواء الرياح بطريقةٍ ما، وكأن قوة خفية فيه جعلت العالم يصغي. شعر صني بتدفّق طفيف للجوهر، وإذا بالسهم الذي صنعه يبدو فجأة أثمن وأكثر حضورًا.
‘هممم…’
وما إن أرخى كاي أصبعه عن السهم، متيحًا له الانطلاق، حتى تذكّر صني معركته ضد لورد الرعب.
‘في الحقيقة، ربما كنت مخطئًا.’
بدا كاي مترددًا، وهذا ليس من صفات السياديين. لكنه، في المقابل، كان مضطرًا بسبب طبيعة جانبه أن يُمارس فرض سلطته باستمرار… بطريقة ما. حتى ولو بشكل غير مباشر. يستطيع السيادي الفائق مثل صني حَني العالم ليخضع لإرادته. أما كاي لم يكن مُضطرًا لذلك… بل كان العالم يستمع إليه ببساطة، مُطيعًا أوامره طواعيةً.
فهل كانت تلك طبيعة تهيئه للتفوق، أم أنها عائق خفي؟.
لم يكن صني متأكدًا، ولم يملك الوقت للتفكير بالأمر الآن.
لكن ما كان واثقًا منه هو أن هذه المرة، لن ينبثق مجس عملاق من تحت السحب لتحطيم سهم كاي – ليس هذه المرة. استند يقينه إلى حقيقة أنه عندما تحولت مجسات الثلج إلى جسورٍ كريستالية، تمكن فجأةً من مد حاسة الظل للأمام، إلى القمة الوحيدة التي كانت تختبئ الآن في أحضان عاصفة ثلجية.
شعر صني الآن بوجود خلية الجليد بأكملها. وما شعر به لم يُسعده.
“أوه، إنها وحوش عظيمة، صحيح.”
كان هناك قرابة مئة منها، كل واحدةٍ بحجم ثور، تملك صدرًا صغيرًا وبطنًا منتفخًا. سيقانها نحيلة ورقيقة، لكنها ذات ثوةٍ مخيفة. بدت أجسادها الشبيهة بالحشرات وكأنها مصنوعةٌ من الزجاج، وبدت هشةً بشكلٍ مخادع. كانت مخلوقات فاتنة بشكل غريب…
تخيّل صني كيف ستلمع بشكلٍ رائع تحت أشعة الشمس. لكنه كان يعلم أيضًا أنه حين تقترب، سيظهر ما بداخلها… عظام مقضومة، وربما حتى واحدةً او اثنتين من الجماجم البشرية، في بطونها الشفافة… فلا أحد سوى السَاميين من يعلمون كيف ستبدو تلك المخلوقات الكابوسية بعد أن تلتهم لحم أعدائها.
لا بد أن منظر العجينة الدموية وهي تتماوج داخل بطونها الكريستالية كفيلاً بأن يكون مرعبًا على نحو لا يُوصف… وتمنى صني ألّا يعرف أبدًا ما هو الرحيق الذي تنتجه تلك الكائنات، ولا نوع الخلايا التي تبنيها حين لا تكون محاصرة في عالم موحش صنعه شِيطَان.
هل كان آرييل من حول تلك الحشرات الكريستالية إلى قطع؟ أم ويفر؟ أياً كان الفاعل، فقد أسدى معروفًا عظيمًا للعالم بسجنه تلك الرجسات هنا.
كان سهم كاي لا يزال يحلق حين رفعت القاتلة قوسها.
رأى صني العضلات المشدودة تنساب تحت بشرتها الأبنوسية، مشدودة كأسلاكٍ فولاذية وهي تشد الوتر. كانت هيئتها الرشيقة أشبه بعمل فني منحوت من السج الناعم، نُحت كل تفصيل فيه بعناية مهووسة. وفي اللحظة التالية، أطلقت الوتر، فاندفعت نسمة قوية جعلت ظفيرتها الطويلة ترفرف في الرياح.
ارتجف صني، شاعراً بنيّة قاتلة باردة تغمره. ثم مد يده إلى الظلال، وبدأ في تشكيل سهم جديد.
“أشعرتَ بذلك؟”
أجاب كاي دون أن ينظر إليه:
“بماذا؟؟”
ابتسم صني بخفوت.
“بمدى تركيز قاتلتنا الجميلة على شيءٍ واحد فقط… قتل من وُجه إليه سهمها”
عبس كاي.
وفي اللحظة التالية، أصاب سهمه الهدف. كانت ضربة مذهلة، حقًا – فقلّة من الناس يستطيعون إصابة هدف متحرك من عشرات الكيلومترات، رغم الرياح العاتية. لكن… لم يكن لذلك أي جدوى. إذ ارتد سهم كاي ببساطة عن الدرع الكريستالي البديع لتلك الحشرة.
خفتت تعابير وجهه.
ثم، فجأة… اخترق سهم القاتلة المخلوق الكابوسي ذاته، مخترقًا من عينه المركبة الشبيهة بالحجر الكريم، لينفجر رأسه إلى ملايين الشظايا المتلألئة.
زمّ صني شفتيه ونظر إلى ظلّه بتأنيب.
أنصتِ… حين تصوّبين إلى العين، سيصبح من الصعب عليّ توضيح وجهة نظري. أما كان بإمكانكِ اختراق الدرع بدلاً من ذلك؟.
رمقته القاتلة بنظرة قاتلة باردة. وكانت عيناها الحالكتان معبّرتين للغاية، تقولان…:
“فما رأيك أن أخترقُ نزواتك بدلاً من ذلك؟”
سعل صني.
“حسنًا، حسنًا…”
مد يده، ثم تذكر أنه لا يستطيع استدعاء الينبوع اللامتناهي أيضًا.
تنهد صني.
“ما الذي تنتظرونه يا رفاق؟ واصلوا إطلاق السهام. هناك مئة من الوحوش العظيمة الجائعة في الخارج، كما تعلمون. سيصلون خلال أقل من دقيقة… كم تظنون أنكم تستطيعون قتلهم قبل ذلك؟.”
ومهما كان العدد… فقد كان يعلم أنه لن يكون كافيًا.
ترجمة آمون