عبد الظل - الفصل 2313
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2313 : بيادق الرماد
بدا أن أحد الأسئلة قد تلقّى إجابة. كان كاي قديسًا – وحشًا متساميًا – لذا أخذ مكان أحد وحوش الرماد الذين ظلوا على لوحة لعبة الموت. كما أنه سافر بين البراكين دون أن يُمحى من الوجود على يد الكائن الموجود أسفل السحب، وهو ما أعطى لصني تلميحًا حول قواعد هذا العالم المصغّر.
كان عليه أن يفكر في ذلك بمزيد من التفصيل، لكن في الوقت الحالي، كان هناك سؤال أكثر إلحاحًا بحاجة إلى إجابة.
تمكّن كاي من رؤية صني عبر المسافة الهائلة التي تفصل بين البركانين بفضل قدرته المستيقظة، والتي منحتْه بصرًا لا مثيل له. إذًا…
نظر صني نحو البركان الثالث، متسائلًا عمّن أخذ مكان وحش الرماد الثاني.
“هل يمكنك أن ترى من هناك؟”
نظر كاي في اتجاه بركانهم وتردّد للحظة.
“ذاك… أعتقد أنه من الأفضل أن تتراجع خطوة إلى الخلف.”
عبس صني، ثم فعل ما أُمر به.
وبعد لحظة…
سقط سهم أسود من السماء وغاص في الرماد، تمامًا في المكان الذي كان يقف فيه. حدّق صني في السهم لبضع ثوانٍ، ثم هزّ رأسه. كان من الممكن أن يتفاداه حتى من دون تحذير كاي… ربما.
ولكن بالتأكيد ليس دون أن يتدحرج على الأرض بشكل غير لائق.
‘تلك القاتلة المجنونة اللعينة…’
تنهد بعمق.
“أظن أن القاتلة هنا أيضًا.”
وبدا أن بصرها استثنائي تمامًا مثل كاي… لكنها تفتقر إلى القدرة على الطيران. لذا، فقد أعلنت عن وجودها بطريقتها الوحشية المعتادة.
فكّر صني في الموقف. كانت هناك إمكانية ضئيلة في أن تكون الأخوات سونغ هنا أيضًا، بعد أن أخذن مكان ثلاث شخصيات بيضاء. ومع ذلك، كان صني يظن أنهن لم يُسجن في لعبة آرييل. وإن صحّ ذلك، فإن سؤالًا واحدًا يبقى قائمًا: إلى أين ذهب الطاغية الرمادي واثنان من وحوش الرماد المتبقية؟.
نظر إلى كاي، وتردّد قليلًا ثم سأل:
“مهلاً… هل تعتقد أن سيشان، وهيْل، وريفل يقاتلن ثلاث مخلوقات كابوسية سحيقة في غرفة الألعاب الآن؟”
بدا كاي مذهولًا من السؤال. نظر إلى صني بعينين واسعتين، ثم ارتجف.
“أنا… آمل حقًا أن لا يكون الأمر كذلك.”
تنفس صني بعمق.
“حسنًا، لا تقلق كثيرًا. فسيشان بارعةٌ جدًا، وأنا واثق أنها ستتدبّر أمرها بطريقة ما.”
فهي قد نجت على الشاطئ المنسي لعقد كامل بعد كل شيء – أطول من أي شخص آخر تمكن من الهروب منه. أما ريفل، فكانت واحدة من أخطر القديسات على قيد الحياة. لم تكتفِ بالنجاة من مواجهة مع صني بما يكفي لتروي القصة، بل إنها أيضًا غزت محيط العمود الفقري في قبر السَّامِيّ، وأبادت سبعة من قديسي جيش السيف وكل بعثتهم. وأما مغنية الموت، فعلى الرغم من مظهرها الذي يبدو غير مهدِّد، إلا أنها في الحقيقة كانت مثيرة للقلق بشدة. لم ينسَ صني أول مرة رآها فيها، تدخل قاعة مجلس جيش الأغنية بنفس النظرة البريئة، ولكن يديها تُقطران دمًا قرمزيًّا. بالإضافة إلى ذلك، كنّ في قصر اليشم – منزلهن السابق. وبالنظر إلى مدى معرفة ريفل بذلك القصر المهيب، كان لديهن ميزة هائلة على مستوى التضاريس.
لاحظ صني أن كاي لا يزال يبدو قلقًا، فربّت على كتفه وقال:
“كاسي تُراقب الوضع. أنت تعرف أنها دائمًا تملك خطة بديلة.”
تريث كاي لبضع ثوانٍ، ثم أومأ برأسه ببطء.
“مع ذلك… وبالنظر إلى مدى خطورة العواقب، أظن أن لي الحق في معرفة هدف هذه المهمة بأكملها، على الأقل.”
تأمله صني بابتسامة باهتة.
“أأصبحت أخيرًا جاهزًا لتطرح الأسئلة، هاه؟ حسنًا، هذا عادل. سأخبرك.”
نظر إلى الأفق، حيث كانت القمم الثلجية ترتفع فوق بحر السحب.
لكن… ما الذي يمكنه قوله؟.
أي إجابة صادقة يمكن أن يعطيها، ستُنسى.
وفي النهاية، قال صني بنبرة هادئة:
“أظن أنني أبحث عن مفتاح تعويذة الكابوس.”
اتسعت عينا كاي قليلًا.
“مفتاح… التعويذة؟”
أومأ صني برأسه.
“من السهل أن نغفل عن رؤية الصورة الكاملة بسبب كل المشاكل العاجلة التي نواجهها. إعادة توطين البشرية، التهديد الوشيك بالإبادة الكاملة… وحتى السباق نحو التبجل. كلها أشياء عظيمة، هائلة، ومستهلكة بالكامل. ولكن حتى ونحن نتعامل مع هذه القضايا الأخروية، يجب ألا ننسى الهدف الأسمى.
تنهد كاي.
“بدأت أشعر وكأنني ببغاء، ولكن… الهدف الأسمى؟”
ضحك صني.
“أجل، الهدف الأسمى. السمو.”
استدار ونظر إلى كاي دون ذرة من الدعابة في عينيه الخاليتين من النور.
“لا يُمكن للبشرية أن تنجو إلا إذا وُلد منها سَاميين جدد. وهذا يعني أن على أحدهم أن يتغلب على الكابوس السادس — الكابوس الأخير. لا بد أن يصبح أحدهم سَاميًا. حتى التبجل ليست سوى خطوة في طريق السمو الحقيقي.”
هزّ صني رأسه.
“لكن الأمر ليس بهذه السهولة، أليس كذلك؟ طالما أننا بشر عاديون، يمكننا أن نسمح لأنفسنا باتباع طريق الصعود بشكل أعمى. لكن إن تجرأنا أن نصبح سَاميين، فعلينا أن نتجرأ أيضاً على النظر إلى السَاميين كأنداد… لا كمجرد دمى لهم. لا بد أن نكون مستعدين ليس فقط للتشكيك في إرادة السَاميين، بل لتحمّل وطأة الأجوبة التي نجدها كذلك.”
عبس كاي، مرتبكًا من كلماته.
“أي سَاميين؟”
ضحك صني بخفوت.
“كلهم… لكن واحدًا منهم قبل الجميع. ويفر، ذاك المحتال الغامض — كبير محركي الدمى في هذه اللعبة كلها. لماذا صنع ويفر تعويذة الكابوس؟ وكيف؟ ولأي غاية؟ كلنا نسير على الطريق الذي شقه ويفر، وفي هذه المرحلة لا يمكننا تجاهل لغز السبب خلف بنائه، ولا ما ينتظرنا في نهايته.”
نظر كاي نحو القمم الثلجية البعيدة، ثم تمعّن فيها لبضع ثوانٍ وسأل:
“وهل جواب ذلك السؤال… هنا؟ في هذا العالم الغريب الذي صنعه آرييل؟”
تنهد صني.
“جزء من الجواب، على الأقل. هذا ما أؤمن به.”
رمق كاي بنظرة ثم هز كتفيه.
“لقد ذكرتُ سابقًا نسب ويفر. ذلك النسب، كما ترى، لعنة ما كان ينبغي لها أن توجد أبدًا في هذا العالم. ومع ذلك، نثرها ويفر في نسيج القدر لنجدها. لم يفعل ذاك الشِيطَان شيئًا يومًا دون سبب، لذا أعتقد أن هناك سببًا جعله يُطلق هذه اللعنة على العالم.”
لم يكن هناك أي سبب واضح يجعل ويفر يترك خلفه نسبًا ملعونًا، إلا إذا كان هدفه تدمير العالم. لكن تدمير العالم كان ممكنًا بوسائل أبسط بالنسبة لشخص مثل ويفر، لذا لم يعتقد صني أن نسب ويفر الملعون وُجد لهذا الغرض.
كانت العيوب تُعتبر لعنات أيضًا… وكانت كذلك. لكنها، في الوقت ذاته، دفعت من يحملونها إلى النمو والتحسن. من هذه الزاوية، كانت نِعَمًا.
وصف سمته المفقودة [مقدر] كان يقول إن هناك تلك المباركة، وهناك تلك الملعونة — ولكن نادرًا ما يكون كليهما معًا.
لكن في الحقيقة، كل مستيقظ هو مبارك وملعون، يعيش في حالة من التوازن المقدر.
وربما ويفر أيضًا اضطر للحفاظ على ذات التوازن. لعل شيطان القدر أراد أن يبارك العالم، ولم يكن قادرًا على فعل ذلك إلا بترك لعنة خلفه.
تعويذة الكابوس، النسب المحرم…
فأيّهما كان لعنةً؟ وأيّهما كان بركة؟.
من المحتمل أن نسب ويفر الملعون هو عيب التعويذة.
ترجمة آمون