عبد الظل - الفصل 2312
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2312 : قواعد الاشتباك
لم يكن بمقدور صني أن يمدّ حاسة الظل خاصته إلى البراكين المجاورة أو إلى القمم الثلجية في الأفق البعيد، مما عنى أنه لم يستطع استخدام خطوة الظل للوصول إليها.
بالطبع، هذا وحده لم يكن ليوقفه. فلو أراد، لكان بإمكانه أن يتحول إلى غرابٍ أو ينسج أجنحةً من الظلال ليطير إلى الجبال المنعزلة. لكنه لم يكن في عجلة من أمره لتجربة ذلك…
فقد منحه بحر السحب أسفله شعورًا مشؤومًا.
‘يبدوا أن القوانين التي تحكم هذا العالم المصغر تستند إلى قواعد لعبة الموت. ومن الطبيعي أن يكون التنقل بين القمم خاضعًا لنوعٍ ما من القيود.’
بقي ساكنًا لبضعة لحظات، ثم هز كتفيه.
“دعنا نجري اختبارًا صغيرًا إذًا.”
غارزًا أوداتشيه في الأرض، ترك صني قبضته عنه وانخفض على ركبتيه. غرقت يده في الظلال، وما إن نهض، حتى تشكل رمحٌ طويل منها، مستقرًا بسهولة في قبضته.
وزن صني الرمح في يده ودرس القمة البيضاء التي كانت تلوح في الأفق مباشرة قبالة البركان. كان هناك عشرات الكيلومترات بين الاثنين، وكانت الرياح شديدة…
وبخطوةٍ إلى الأمام، حوّل صني جسده إلى مقلاع وأطلق الرمح في السماء المظلمة.
دوى صوت انفجارٍ مرعب عبر منحدرات البركان، وتصاعدت سحابة من الرماد في الهواء في دائرةٍ واسعةٍ حوله. وأسفل صني، انكشفت الطبقة الداكنة للصخور المتآكلة من تحت الرماد — فقط لتتشقق على الفور، وانتشرت شبكة من الشقوق العميقة من تحت قدميه.
انطلق رمح الظل إلى السماء، ممزقًا حجاب الرماد الذي كان يخفيه ومطلقًا سيلًا من نور القمر الشاحب. بدا الأمر وكأن خطًا فضيًا قد قُطع عبر السماوات المظلمة.
راقب صني مسار الرمح بتعبير فضولي.
إن تذكر بشكل صحيح…
كانت هناك أشكال لوحوش على جميع المربعات البيضاء الثلاثة التي كانت تواجه المربعات السوداء المتبقية. لذا، ينبغي أن يكون وحش الثلج رابضًا على منحدرات الجبل الثلجي الذي كان الرمح موجهًا نحوه.
لم يكن بمقدوره الرؤية إلى ذلك الحد البعيد، لكن كان لا بد أن يتلقى وحش الثلج مفاجأةً غير سارة. حتى لو لم يسقط الرمح بالقرب من الكائن، فإن مذنبًا مشحونًا بجوهرٍ فائق على وشك الاصطدام بالجبل.
وسوف يضطر الوحش إلى التفاعل بطريقةٍ ما. وكان هذا التفاعل وحده كافيًا لصني ليعرف المزيد عن الوضع.
ومع ذلك، عندما قطع الرمح نصف المسافة تقريبًا إلى القمة الثلجية، شحب وجهه قليلًا.
‘يا… سَّامِيّ.’
كان من الصعب جدًا زعزعة صني هذه الأيام، لكنه اضطر للاعتراف بأنه قد شعر بقشعريرة باردة تسري أسفل عموده الفقري آنذاك.
ذلك لأن رمح الظل، عندما اخترق السحب الرمادية، ارتفع من بحر السحب في الأسفل مجس رمادي هائل، بلغ ارتفاعه أعلى من الجبال والبراكين، وسحق الرمح بكل سهولة.
ثم، تمايل المجس العملاق برفق وسقط عائدًا، مختفيًا مرة أخرى في السحب البيضاء الحليبية بعد بضع ثوانٍ.
وصنعت كتلته الهائلة صدعًا في حجاب السُحب المتموجة لبضعة لحظات، لكن قرر صني بحكمة ألا يحاول التطفل لمعرفة ما يكمن في الأسفل.
فبعض الأمور لم تُصنع لتُرى من قبل البشر العاديين، وبعضها لم يُصنع لتُرى حتى من قبل أنصاف السَاميين.
بقي ساكنًا لفترة، ثم تنهد، واستعاد أوداتشيه، ووضعه على كتفه.
“دعنا نلغي خطة استكشاف جذور البركان، على ما أظن.”
كان صني سعيدًا جدًا لأنه قرر رمي رمح أولًا بدلًا من محاولة الطيران شخصيًا إلى القمة البيضاء البعيدة.
يبدو أنه كان محقًا في افتراض أن هناك قوانين تحكم التنقل بين الجبال. وليس هذا فحسب، بل كان هناك كيان أيضًا مكلّف بفرض هذه القوانين.
تذكر النظرة المروعة التي كانت قد سقطت عليه في قلب مصب النهر العظيم، عندما حُكم على روحه. مع جثث عدد لا يُحصى من مخلوقات الكابوس العظيمة، التي فشلت في اجتياز الحكم، تطفو في المياه المظلمة… لكن سُمح لصني بالمرور دون أن يصاب بأذى.
وكان ذلك المراقب المروع قد بدا له خصمًا لا يقدر على تخيل مقدار قوته عندما كان مجرد سيد… وحتى الآن ككائن فائق، لم يكن لدى صني أي رغبة على الإطلاق في مواجهة كائن آخر يخدم شيطان الرعب.
لم يُرد حتى معرفة ماهية ذلك الكائن.
ومع ذلك…
‘يجب أن تكون هناك طريقة مسموح بها للتنقل بين الجبال. عليّ فقط اكتشافها.’
ولكن في الوقت الراهن، كان صني يريد التركيز على شيء آخر. كان يرغب في استكشاف البركان، وخاصةً القلعة المتداعية القائمة في وسط فوهته.
ولكن ما إن استدار، حتى حدث شيء غير متوقع.
فقد شعر بظهور ظل جديد على المنحدرات الداكنة.
‘هاه؟’
وبعد بضع ثوانٍ، هبطت شخصيةٌ مألوفة على الأرض قربه.
درعٌ عاجي، وشعر كستنائي، وعيونٌ خضراء كهرمانية… ووجهٌ وسيم إلى حد الإزعاج.
رمش صني عدة مرات.
“كاي؟”
وبالفعل، لم يكن سوى العندليب المتسامي، قاتل التنانين. بدا القديس الساحر كما كان تمامًا في غرفة الألعاب، وعندما حول صني نظره للتحديق في روح كاي المفترض، وجدها نقية ومنيرة، دون أدنى أثرٍ للفساد في أعماقها.
لم يبدُ كنسخةٍ شريرة أو كائن وهمي، بل كان حقيقيًا.
“هل تم امتصاصك إلى لعبة الموت أيضًا؟”
رفع كاي حاجبه.
“آه؟ إذًا هذا ما حدث؟”
اكتفى صني بالتحديق فيه.
“أنا متأكد من ذلك، نعم. لماذا، ماذا كنت تظن قد حدث؟”
تردّد كاي للحظة، ثم ابتسم.
“حسنًا… لست متأكدًا. فأنت من قلت لنا أن نتراجع، والشيء التالي الذي عرفته، أنني كنت واقفًا على بركان. ذلك هناك.”
وأشار إلى أحد البراكين الثلاثة، وأضاف بنبرة محايدة:
“بصراحة، كنتُ مشوشًا بعض الشيء. لكن بعد ذلك رأيتُ سحب الرماد تتفرق، كما لو أن شيئًا ما قد قطعها، وأخيرًا لاحظتك هنا. لذا، طرت إليك.”
ارتجف صني قليلًا.
“…طرت إليّ؟”
سعل كاي.
“نعم. كنتُ بالفعل في الجو عندما… ارتفع ذلك الشيء من السحب. أعتقد أنه كان بإمكاني أن أستدير عند تلك اللحظة، لكن كنت سأضطر للإبطاء كي أستدير. وبصراحة، رؤية ذلك المجس جعلتني أرغب في الطيران أسرع مما طرتُ في حياتي كلها.”
أطلق صني ضحكةً مذهولة.
“جديًا.”
بقي صامتًا لبضعة لحظات، ثم ابتسم.
“على أي حال، مرحبًا بك في بركاني. لا تعرف كم أنا سعيد لرؤيتك، أيها البيدق… أعني، كم أنا سعيدٌ برؤيتك يا صديقي!”
ترجمة آمون