عبد الظل - الفصل 2310
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2310 : خَف من الحقيقة
‘سأجنّ.’
كيف لم يشعر بشيء؟.
كان لدى صني حواس حادة، ولم تزدد إلا حدةً بعد أن تحقيق التفوق. كان جميع المستيقظين قادرين على الإحساس بأشياءٍ معينة — الحضور، القوة، التدفق الخفي لجوهر الروح… والفساد. وكلما ازدادوا قوة، أصبحوا أكثر حساسية تجاه الجانب الخفي من العالم.
وخاصةً عندما يتعلق الأمر بالكائنات التي شوهها تأثير الفراغ المفسد. تمامًا كما يمكن لمخلوقات الكابوس أن تشتم رائحة الأرواح البشرية، كان المستيقظون يستجيبون لحضور أعدائهم الموعودين — مخلوقات الكابوس.
ومع ذلك، لم يشعر صني بأي شيء حتى حدق في أعماق لوح اليشم الرائع.
داخل لعبة الموت…
كان هناك بحر من الفساد، شاسع ومظلم لدرجة جعلت الدم يتجمد في عروقه.
لقد كان محصورًا بإتقان، دون أن يتسرب منه حتى قطرة واحدة، لكنه كان يرى البئر السحيق من الظلمة المفزعة يتحرك بخفاء. يتدفق، ويتململ… وينتظر.
لم يسبق له أن شهد شيئًا بهذا القدر من الخبث والوباء من قبل — حتى عندما نظر إلى السَامي الفاسد، الطاغية الملعون الإدانة.
‘كيف بحق…’
كيف لم يشعر به؟.
كان ينبغي لصني أن يبتل جسده عرقًا باردًا بمجرد دخوله غرفة الألعاب.
‘ذلك الشِيطَان اللعين!’
بماذا كان آرييل يفكر، وهو يترك شيئًا كهذا ملقىً هكذا؟.
“جميعكم، ابتعدوا عن هذا الشيء…”
لم يكن البقية يعلمون ذلك بعد، لكنهم كانوا يقفون قرب قنبلة. قنبلة مخيفة وغير مفهومة مليئة بالفساد.
لا، لو فكر في الأمر… كانت مغنية الموت قد تفاعلت مع لوح اليشم بطريقة غريبة. كما أن سيشان كانت قد غطت أنفها أيضًا، وكأنها تغلبت على رائحة الدم. لقد لاحظ صني ردات فعلهما، لكنه، لعدم إحساسه بتهديد فوري، اختار أن يستجوبهما لاحقًا.
في تلك اللحظة، كان هو الأقرب إلى لوح اليشم. كان كاي خلفه مباشرةً، بينما كانت القاتلة على الجانب الآخر من طاولة اللعب. أما الأخوات سونغ فكانن أقرب إلى الباب.
عندما سمعوا التوتر في صوته، تراجعوا ببطء.
تراجع صني بدوره خطوة حذرة إلى الخلف.
ولكن عندما فعل، لاحظ شيئًا…
كانت هناك أربع رونيات منقوشة على لوح اليشم، واحدة على كل جانب.
‘ثلجٌ. رماد.’
ضاقت عيناه.
‘خوفٌ…’
لم يستطع رؤية الرونية الرابعة من حيث كان يقف، لكنه استطاع أن يشعر بشكلها في ظل لوح اليشم.
‘…حقيقة؟’
وفور أن قرأ صني الرونية الرابعة…
انقلب العالم فجأةً، وحلّ الظلام.
“اللعـ…”
“…نة!”
سقط صني، وغاصت ركبته في الرماد الناعم. هبت رياحٌ باردة فجأة على وجهه، مما جعله يغمض عينيه قليلًا.
أول شيء شعر به هو أنه لم يعد في الغرفة الصغيرة تحت الأرض، المحاطة من جميع الجهات باليشم الأبيض. بل كان في فضاء شاسع مفتوح… راكعًا تحت سماء لا حدود لها.
‘ما هذا بـ؟’
قفز صني على قدميه، ومد يده إلى الظلال، مستدعيًا أوداتشي أسود منها. ظهرت عباءة اليشم، مغلفةً جسده كدرعٍ أسود. وأطلق حاسة ظله إلى الخارج، باحثًا عن أي علامة خطر فوري.
ومع ذلك، لم يتحرك شيء من حوله. كان العالم ساكنًا، ولا شيء سوى الرياح تهب عبر الامتداد المقفر.
ولم يدرك صني أين هو حقًا إلا حينها. ارتجفت يده.
‘ما هذا بحق؟’
مذهولًا، بقي واقفًا للحظة، ثم خفض سيفه.
قصر اليشم… قد اختفى.
كان صني في مكانٍ آخر تمامًا.
كان واقفًا في فوهة بركان هائج. وخلفه، تواجد عمودٌ من الدخان الكثيف يتصاعد نحو السماء المظلمة، مع تسلل نور القمر من خلال الشقوق في سحب الرماد. وكانت رقائق سوداء تتساقط كأنها ثلج، تغطي الأرض بسجادة ناعمة.
لم يستطع صني رؤيتها، لكنه كان يشعر بوجود هائل مخبأ داخل عمود الدخان. كان حصنًا عتيقًا متداعيًا، جدرانه العالية مدفونة جزئيًا تحت الرماد.
ومع امتداد حاسة ظله عبر العالم، شعر بالشكل الوعر للمنحدرات الحجرية التي انحدرت بزاوية حادة، محيطة به من جميع الجهات. لم يكن هناك شيء آخر، على الأقل مما استطاع اكتشافه بنظرة سريعة.
تردد صني للحظة.
“…هل أنا على الجانب الآخر من الجسر؟”
بدا وكأنه يقف في فوهة بركان شاهق. وكان الافتراض المعقول أنه بطريقة ما قد عاد إلى حيث مر هو وكاي منذ أيام، ولكن…
أين المدينة؟ أين الجسر؟ أين قصر اليشم؟.
لم تعثر حاسة ظله على أي بنية فوق المنحدرات المغطاة بالرماد. وأكثر من ذلك، أن شكل البركان بدا غير مألوف له.
“هل نُقلتُ آنيًا إلى مكان آخر في سلسلة الجبال إذًا؟”
عبس صني.
ماذا عن كاي، والقاتلة، والأخوات سونغ؟.
ما الذي يحدث؟.
انتابه شكٌّ مُريب، لكنه تجاهله للحظة.
قد يكون قصر اليشم قد اختفى، لكن حاسة ظله لا تزال مكبوتة إلى حدٍ ما. كان مداها محدودًا بشدة. لم يكن بوسعه سوى استشعار قمة البركان، دون أن يتمكن من بلوغ جذوره أو الجبال الأخرى التي يفترض أنها كانت تحيط به.
وكان ذلك… مُقلقًا.
أول شيءٍ كان عليه فعله هو معرفة مكانه.
[كاسي؟]
لم يكن هناك رد.
متحولًا إلى ظل، انساب صني عبر الرماد، وسرعان ما بلغ حافة الفوهة، ليصل إلى أعلى نقطة في البركان المتصاعد. استعاد شكله البشري مجددًا وألقى نظرة حوله، وقد أصبحت ملامحه قاتمةً.
كان المنظر أمامه… غريبًا، على أقل تقدير.
لم يكن البركان الذي وجد نفسه عليه جزءًا من سلسلة جبلية. بل كان يقف منفصلًا عن كل شيء، شامخًا فوق بحر من السحب الضبابية. كانت السماء فوقه مظلمةً بالرماد، وكانت أشعة القمر النادرة تنير هذا العالم القاسي…
كانت هناك قمم وحيدة أخرى ترتفع من بين السحب في الأفق البعيد، مصطفة في شبكة متماثلة بشكل غريب.
وكان هناك بركان آخر على يمينه، وبركان آخر على يساره.
وأمامهما، خلف حجاب الرماد، تواجدت ثلاث قمم ثلجية مُنيرة بنور القمر. قد تكون هناك جبال وحيدة أخرى أبعد من ذلك، لكن لم يستطع صني رؤيتها. أما خلفه، فكان العالم بأسره شاسعًا وفارغًا، مع بحر السحب يدور بعيدًا في الأسفل.
لعن صني بهدوء.
…ثم لعن بصوت عالٍ.
‘ثلاثة براكين سوداء محاطة بقمم بيضاء ناصعة…’
“سحقا!”
صرّ صني على أسنانه.
‘كنت أعلم أن شيئًا كهذا سيحدث!’
كان شبه متأكد من أنه قد تم امتصاصه داخل لعبة الموت.
ترجمة آمون