عبد الظل - الفصل 2307
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2307 : غرفة الألعاب
كانت غرفة الألعاب تبدو وكأنها تقع في زاوية نائية من قصر اليشم، في أحد طوابقه السفلى والأكثر عزلة. تولّت ريفل القيادة، موجهةً إياهم بهدوء عبر المتاهة الخلابة من الممرات والقاعات والصالات الرائعة.
كان صني قد استكشف بعض هذه الأماكن من قبل، لكنه لم يكن يعلم أنه بالإمكان التنقّل بينها بهذه السرعة، أو أن كثيرًا منها كان متصلاً فعلاً. أكثر من ذلك، بدت ريفل وكأنها بدأت تسلك مسارًا يتجنب النوافذ، مستخدمةً ممرات سرية غالبًا، ومفعّلة سحرًا خفيًا يكشف عن أبواب لم تُرَ من قبل. لم يقابلوا أيّ روح حية في طريقهم.
في لحظةٍ ما، نظر صني إلى كاي.
‘هاه…’
لا بد أن فكرة وجود شيطانة قاتلة تسكن في قبو منزله تقريبًا، ولديها القدرة على الوصول إلى أي مكان في قصر اليشم دون أن تُرَى، كانت مزعجة للغاية. من المحتمل أنها تستطيع حتى الظهور في غرفة نوم كاي دون أن يلاحظ، لتفعل شيئًا فظيعًا… مثل أن تقتله وهو نائم. لا بد أن المسكين قضى عامًا كاملًا ينام وعينه مفتوحة. نظر صني إلى صديقه بشفقة.
“هاي، كاي… هي تعرف طريقها هنا جيدًا.”
بدا كاي غير متأثر، لكنه سعل بحرج عندما سمع صني يتحدث.
“آه… نعم. بالتأكيد. تعيش الأنسة ريفل في هذا القصر منذ زمن بعيد، في النهاية.”
قادَتهم ريفل إلى درج ضيّق، متجاهلة أصواتهم وتثاءبت.
“عذرًا. أنا عادةً لا أخرج إلا في الليل… كنت سأكون نائمة الآن في الواقع، بما أن الشمس عالية في السماء.”
ضحكت سيشان.
“هيا الآن. لا أحتاج إلى كاي لأعرف أنك تكذبين – أنت لا تخرجين عادة حتى في الليل، أليس كذلك يا ريفل؟”
نظرت ريفل إلى أختها بتعبير بارد.
“حسنًا… هذا صحيح.”
كما علم صني بعد حادثة الجدار، كانت راقصة الظلام انطوائية ومحبة للعزلة، على نحو مفاجئ. كانت تفضّل أن تختبئ في كهوفها إلا إن وُكّلت بمهمة تؤديها.
من الناحية الرسمية، كانت ريفل مفترض أن تدير قلعة على ساحل العاصفة، لكن بما أن أيامها طويلة ومشمسة، فقد سلّمت القلعة إلى إحدى القديسات الصاعدات حديثًا، وعادت إلى قلب الغراب. والآن، أصبحت تُعتَبر بمثابة التعزيزات – كلما واجه المحاربون في المقاطعات الغربية لعالم الأحلام مشكلة، تُرسَل لحلها بالعنف. وبالطبع، لا تنزل إلى ساحة المعركة إلا ليلًا.
كان صني يتوق لمحاولة تجنيدها في عشيرة الظل، نظرًا للظلام الأبدي الذي يسود الشاطئ المنسي. لكن بما أنه لا يوجد ما يمكن لقديسة أن تفعله هناك فعليًا، فقد أجّل تلك الفكرة على مضض. لم يكن لدى البشرية عدد كافٍ من القديسين بعد ليرسلوا من هو بمستوى ريفل إليه – على الأقل في الوقت الحالي.
“هل هناك شيء على ظهري؟”
رمش صني عدة مرات، مدركًا أنه كان يحدّق في ريفل وهي تقودهم نزولًا على الدرج. ابتسم.
“ليس حقًا.”
توقف لحظة، ثم أضاف وهو يضحك بتسلية:
“لكن هل تخيلتِ يومًا أنكِ ستكونين مرتاحة إلى حد أن تولّيني ظهركِ؟ أجد الأمر مُسلّيًا.”
كان من الغريب بلا شك أن يتجوّل عبر ممرات قلب الغراب برفقة بنات كي سونغ.
بدت ريفل تبتسم ابتسامةً قاتمة.
“ومن قال إنني مرتاحة؟”
ضحك صني بهدوء.
“…عادل.”
وهكذا، وصلوا إلى الممر البعيد. كان معظم قصر اليشم منارًا بإنارة سحرية، لكن بدت الإنارة هنا متضررة من مرور الزمن، ووهجها خافتٌ ومتذبذب.
نظر صني إلى الباب الحديدي الثقيل. في نور الفوانيس السحرية الخافتة المتقطعة، بدا سطحه المزخرف بجمال مظلم وغير مرحّب. نظر إلى سيشان وأخواتها.
“هل حقًا كنتنّ تتسللن إلى هنا وأنتن أطفال؟”
رفعت حاجبها.
“بالتأكيد. لماذا؟”
هز صني رأسه بحيرة تامة.
“أعني… انظري حولكِ. هذا المكان مخيف بشكل مرعب! أنا فائق، ومع ذلك أشعر بالخوف!”
أومأ كاي.
“إنه يقول الحقيقة.”
رمقه صني بنظرة حادّة.
“طبعًا. من الطبيعي أنني كذلك.”
نظرت سيشان إليه بنظرة غريبة.
“لكنها مجرد ألعاب. بعضها يمتلك بعض السحر، لكن هذا كل شيء – ما أسوأ ما يمكن أن يحدث؟”
تشنّج صني وكاي في اللحظة ذاتها، وكأنهما ابتلعا ليمونًا حامضًا.
“لمَ قلتِ ذلك بصوتٍ عالٍ؟”
“أنسة سيشان، أرجوكِ، لا تقولي أشياء كهذه!”
كسر الصمت التالي ضحكة خفيفة من مغنية الموت. نظرت إليهم ببريق في عينيها.
“موت… آه، الموت! أشعر به! سنموت جميعًا!”
ارتجف صني.
“ليس الآن، اللعنة. أرجوكِ!”
صمتت مغنية الموت ونظرت إليه بوجه عابس. وبينما كانت تهز رأسها، فتحت ريفل الباب الثقيل واستدعت فانوسًا من الذكريات.
“ادخلوا.”
دخلت أولًا، تلتها أخواتها. نظر صني وكاي إلى بعضهما، ثم تبعاهم.
غرفة الألعاب… كانت، بالفعل، مجرد غرفة.
في الواقع، كانت سلسلة من الغرف، مليئة بالرفوف، وخزائن العرض، والصناديق بأحجام مختلفة. لا بد أن الأجواء داخل غرفة الألعاب كانت مبهرجة وفاخرة ذات يومٍ، ولكنها الآن، بدت كئيبة ومريبة.
فقد تدهورت معظم الألعاب أو تحللت إلى غبار، مكوِّنة أكوامًا قاتمة على الأرض، لكن بعضها نجا من تيار الزمن القاسي. نظر صني حوله بحذر، متأملًا الدمى ذات الملابس الفاخرة، والفرسان الفضيّين بمفاصل متحركة، ومخلوقات محشوة سحرية ذات عيون خرزية مصنوعة من الجواهر، ومجموعة متنوعة من أدوات اللعب. وكانت الأخوات سونغ ينظرن حولهن كذلك. كانت سيشان تحدق في دمية ترتدي فستانًا جميلًا، وريفل تنظر إلى مقاتل سياف آلي، بينما كانت مغنية الموت مسحورةً بحيوان محشو ملون وظريف وسمين. كانت تعبيراتهن يملؤها الحنين.
في النهاية، هزّت سيشان رأسها وتنهدت.
“كنت أريد أمتلاك هذه الدمية بشدة آنذاك. لكن والدتنا منعتنا من أخذ أي شيء من الغرفة. يا له من أمرٍ غريب… والآن يمكنني أخذ ما أريد بحرية، ومع ذلك، فلم أعد أريد شيئًا.”
أما صني، فقد جذب انتباهه منزل دُمى كبير على شكل نسخة مصغرة من قصر اليشم، موضوع على قاعدة في منتصف الغرفة الأولى. تم صنعه بدقة مذهلة، لدرجة أنه كانت هناك جداول مياه صغيرة تتدفق في نسخة قاعة البوابة.
لكن كان بيت الدمى مريبًا ومخيفًا بدلًا من أن يكون جميلًا. والسبب هو أن كل الدمى داخله – والتي كان عددها بالعشرات – كانت ملقاة على الأرض، ميتة، وملابسها الصغيرة تغطي هياكلها العظمية المنحوتة بدقة. أي نوعٍ مريض من صنّاع الألعاب صنع هذا الشيء المروّع؟.
رفع صني يده ليلمس جدار بيت الدمى.
“ما كنت لأفعل ذلك لو كنت مكانك.”
تجمّد صني في مكانه، ثم نظر إلى ريفل بنظرة حذرة.
“لماذا؟”
سخرت بصوتها المنخفض والبارد.
“هكذا اختفيت أنا وسيشان وسيدة الوحوش لمدة أسبوع. إن فعّلتَ بيت الدمى عن طريق الخطأ… ستتحول إلى دمية.”
ضحكت مغنية الموت.
“تقصدين أكثر من مجرد دمية.”
عبست ريفل في وجهها.
“توقفي. على أي حال، لا يوجد شيء خطير بالداخل، لكننا كنا نتضوّر جوعًا عندما وجدتنا والدتنا. ولا أعرف كيف أبطلت هي سحر البيت، مما يعني أن لا أحد يعرف. لذا، ابتعد عنه.”
نظر صني إلى بيوت الدمى المعقّدة، وتسلل شعورٌ بالقشعريرة في عموده الفقري. إذن، لم تُصنع كل تلك الدمى لتشبه بقايا هياكل عظمية. بل كانت كائنات حيّة ذات يوم، بدلًا من ذلك. فجأة، بدت غرفة الألعاب أكثر شرًا بأضعاف.
تنهد ببطء، ثم خطا بضع خطوات حذرة مبتعدًا عن بيت الدمى، واستدار عنه. ثم أصبحت ابتسامته مصطنعة.
“دعونا… دعونا نستكشف المكان. بحذر.”
ترجمة آمون