عبد الظل - الفصل 2289
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2289 : إجازة مدفوعة الأجر
وقفت تجسيدات صني عند الحافة القصوى من التشابك المتفحم، تنظر إلى صفوف التلال الغابرة الممتدة خلفها.
فصلت أرض التلال بين الشاطئ المنسي والغابة المحترقة، وتعمل كحد فاصل بين هذين العالمين المظلمين.
طرد أحد التجسيدات عباءة اليشم المتضررة بشدة، سامحًا لها بالتراجع تحت جلده… أو بالأحرى، إلى داخل جلده.
ثم ابتسم بخبث.
“…كم تراهن أن ما يرقد نائمًا في هذه التلال سيستيقظ يومًا ما ويجعلنا نندم على إدارة ظهورنا له؟”
هز التجسيد الآخر كتفيه بغطرسة.
“حينها، سنقتله، ثم ندفنه كما ينبغي هذه المرة.”
لم يغامر صني بدخول التلال بعد تلك المرة المشؤومة الأولى، مفضلًا مراقبتها من الأفق. بالطبع، سيتعين عليه التعامل مع هذا التهديد عاجلًا أم آجلًا… لكن في الوقت الحالي، كان مستعدًا لترك لغز أرض الدفن القديمة يرقد بسلام، طالما أنها لا تزعجه بشكل مباشر.
كان هناك سببٌ جعله يشك في أن التلال الشاهقة تمثل تهديدًا، ولم يكن ذلك مجرد الشعور المريب الذي تمنحه إياه. الأهم من ذلك، أن بحر الظلام لم يتجاوز التلال قط، مما يعني أنه كان يتحاشاها.
بالطبع، قد يكون ذلك بسبب السماء أعلاها. هنا، على حدود عالمين، كانت سماء الشاطئ المنسي الخالية من النجوم تفسحُ المجال لسماءٍ لا تزال تنعم برفقة شمسها، وبالتالي مُشبعة بنور الشمس.
ومع ذلك، بقي صني متوجسًا من التلال الغامضة.
متنهدًا، سأل أحد التجسيدات:
“إذن، فما رأيك؟”
فكر الآخر لبضع دقائق.
“لم يكن سيئًا، على ما أظن؟ لقد نجحنا في قتل الملكة، وكانت حصيلة الظلال الشبحية الصغرى وفيرة إلى حد ما. لكن… ما زلت غير راضٍ. لا نزال نفتقر إلى شيء.”
أومأ التجسيد الأول برأسه.
“بالفعل.”
خدم هذا الغزو في الغابة المحترقة عدة أهداف. أحدها كان تقوية فيلق الظل، والآخر البحث عن القِلاع غير المُطالب بها، والثالث استكشاف عالم الأحلام استعدادًا للدمج المرتقب مع عالم اليقظة…
لكن لا يقل أهمية عن ذلك أن صني تعلّم كيف يستخدم قوته الفائقة هنا.
كانت قدرته الفائقة، [فيلق الظل]، تمثل من ناحية ما التعبير الأسمى عن جانبه. لم يكن متأكدًا حتى مما إذا كانت قدرة بحد ذاتها – فقد تكون النتيجة المنطقية لقدراته الأخرى وقد بلغت ذروتها.
كان فيلق الظلال الصامتة هو نطاقه. لقد منحه القوة، واحتضن جوهر روحه، وأعطى الإرادة ثقلًا.
أما قدرة [فيلق الظل]، فسمحت له بإطلاق نطاقه على العالم.
كان بإمكانه استدعاء الظلال من أعماق روحه، ومنحها شكلًا، والسيطرة عليها كجنوده المخلصين… وهو ما بدا كأنه تطور لقدراته: [خطوة الظل]، و[مظهر الظل]، و[التحكم بالظل]. كما أن هذه الظلال كانت تعمل كأوعية لوعيه، وترث بعض السمات من قدرته على التحوُّل.
ومع ذلك…
كان هناك قيود على هذه القوة.
فعلى عكس دمى كي سونغ أو سيوف أنفيل من فالور، كانت الظلال الصامتة كيانات مستقلة. لذلك، لم يكن بإمكان صني التحكم بها مباشرة – بل فقط إعطاؤها أوامر، تتبعها الظلال قدر استطاعتها.
مع ذلك، كانت قدرة الظلال على اتباع الأوامر تختلف كثيرًا بين أعضاء فيلق الظل. فمعظم جنوده كانوا وحوشًا ومسوخًا – مخلوقات تفتقر إلى الذكاء والوعي. وحتى أولئك من الظلال الذين كانوا واعين حقًا، افتقروا إلى التماسك المتوقع من جيش مُدرَّب.
بعبارة أخرى، على الرغم من أن صني كان يسمي جيشه فيلق الظل، إلا أنه في الحقيقة كان أقرب إلى حشد الظل – لا يختلف كثيرًا عن أسراب الحريش السوداء عديمة العقل، بل وأدنى منها في بعض النواحي.
تحسّن الوضع قليلًا بفضل وجود بعض الأبطال. فقد كانت القديسة بمثابة جنرال، تساعده على السيطرة بشكل أفضل على فيلق الظل. وكان دايرون من بحر الشفق قادرًا على تحفيز الظلال البشرية خلفه. أما بقايا ملكة اليشم، فبدت وكأن لها سلطة بين الظلال الأضعف…
لكن كل من هؤلاء الأبطال لم يكن قادرًا فعليًا سوى على التحكم بعدد محدود من الظلال في محيطه. لم يكن هناك وحدة شاملة، ناهيك عن الانضباط أو التناسق.
وحتى عقل صني ‘العملاق’ لم يكن قادرًا على توجيه كل ظل على حدة بدقة متناهية.
لذا، كانت أشياءٌ مثل التشكيلات القتالية المنظمة، والمناورات المعقدة، والتكتيكات الدقيقة خارج نطاق ما يمكن لفيلق الظل فعله… حتى الآن.
كان صني يتعلم كيف يقود فيلقه في المعركة بشكل أفضل طوال العام، لكنه لا يزال بعيدًا عن تحقيق نتائج مقبولة.
ابتسم أحد تجسيداته وربت على كتف الآخر.
“حسنًا… على الأقل لدينا الآن ملكة الجمر. وحدها يجب أن تكون قادرة على السيطرة على سرب الحريش. لذا، ستكون بخير.”
نظر إليه الآخر بغطرسة.
“طبعًا. ولماذا لا أكون بخير؟”
ضحك صني، ثم تنهد وألقى نظرة أخيرة على الغابة المحترقة.
لم يكن ينوي أن يشتاق لهذا المكان…
خصوصًا لأنه سيقيم فيه. أو على الأقل، أحد تجسيداته سيقيم.
“إذاً، مهمتي هنا انتهت. أعتقد أن الوقت قد حان للرحيل.”
نظر إليه تجسيده الآخر بلا شفقة.
“اغرب عن وجهي إذًا.”
نظر صني إلى نفسه بتعبير يوحي بالخيانة.
“واو. كم أنت قاسٍ!. ألا تشعر بأي شفقة على نفسك المسكين؟ سأكون وحدي تمامًا هناك… محاطًا بأميرات فاتنات وأتسكع مع كاي…”
سخر تجسيده الآخر.
“أيها الوغد. ارحل قبل أن أغيّر رأيي وأتطوع أنا بدلاً منك.”
ابتسم صني بمكر.
“حسنًا، حسنًا! يا الهـي … هل يمكنك على الأقل أن تعيرني أحد الظلال؟ على الأرجح لا يمكنني أخذ القديسة، والشرير سيلفت الانتباه أكثر من اللازم. ماذا عن الكابوس؟”
حدق به التجسيد الآخر ببرود.
“يمكنك أخذ الوحشية.”
حكّ صني مؤخرة رأسه.
“القاتلة؟ حسنًا… قد تنجح، على ما أعتقد. كرحلة ميدانية؟ إجازة مدفوعة؟”
ثم ضحك وتوجّه نحو التلال البعيدة.
وأثناء ابتعاده، لوّح لنفسه.
“ستشتاق إليّ عندما أرحل!”
ثم حدّق في ظهره وانفجر:
“وكأنك ستفتقد نفسك! ولماذا تسير، أيها الأحمق؟ فقط تحوّل إلى ظل!”
وسرعان ما اختفى أحد التجسيدات عن الأنظار. أما الآخر، فتأمل التلال المريبة، ثم تنهد واستدار نحو الامتداد المتفحم للغابة السوداء.
“سلّم لي على كاي عندما تصل، أيها الأبله.”
ورغم التذمّر الهادئ… لم يكن يستطيع الانتظار.
ترجمة آمون