عبد الظل - الفصل 2286
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2286 : حصاد وفير
حين قفز الكابوس عبر السطح المتشابك لحطام الأشجار المحترقة وحطّ على جذع شجرة هائلة ساقطة، يبلغ عرضها مئات الأمتار، اندفع أبطال فيلق الظل إلى الأمام.
تراجعت الحريش الهادرة مذعورةً تحت وطأة هالة الرهبة التي صاحبت الجواد الأسود، والتي اجتاحتهم كموجة باردة. وبعد لحظة، سقط نصل القديسة الأسود، قاطعًا الكيتين كما لو كان ورقًا.
ليس بعيدًا عنها، تحرك شيء هائل، واهتزت الأرض من تحته – كأن تلًا مظلمًا كان يزحف فوق الأشجار الساقطة. ثم، فتح الكائن الشاهق أذرعه الأربعة على اتساعها، مطلقًا زئيرًا منخفضًا مروّعًا تردّد عبر ساحة المعركة كصوت بركان ينفجر.
اشتعلت ألسنة لهب جهنمية في أعماق فُوَّهة العملاق الفولاذي، وتأججت عيناه بالنار.
كان الشرير قد دخل مرحلة نمو مفاجئة بعد الحرب في قبر السَّامِيّ.
فالعفريت الصغير الذي لم يكن يتجاوز ركبتي صني من قبل، أصبح الآن شامخًا فوق ساحة المعركة بارتفاع يزيد عن أربعين مترًا، وجسده القوي مكسو بدرع فولاذي لا يُخترق، تكسوه الأشواك الحادة التي لا تُحصى – كأنه عملاق جهنمي صِيغ من سيوف عظيمة لا حصر لها.
وحين توهّجت ألسنة اللهب الحمراء المتقدة في داخله، خفَض الشرير جذعه وانقضّ إلى الأمام، ساحقًا الحريش تحت قدميه، وقاطعًا إياها بمخالبه الهائلة الحادة حد البرودة.
وبعد لحظة، دخل الملك دايرون ساحة القتال، مرتديًا درعًا مهيبًا صُنع من الظلال، وممسكًا بهراوة ثقيلة. كانت زهرة الرياح، وظلال سولفان التوأم، والقديسون السبعة للأغنية قريبين منه – بعضهم على هيئة بشرية يحملون أسلحة حادّة، وبعضهم اتخذ شكله المتسامي. وكان هؤلاء أيضًا يرتدون دروعًا صيغت لتلائم أشكالهم الوحشية على يد ظل أنفيل.
وكذلك كانت الظلال الشبحية لمخلوقات الكابوس العظيمة التي قتلها صني في قبر السَّامِيّ. فالمفترسون القدامى للأدغال الرجسة كانوا دومًا أقوياء وفتاكين، لكن بعد أن حُميت أجسادهم المروعة بدروع مصنوعة من الظلال، أصبحت مخالبهم وأنيابهم أسلحة أكثر فتكًا، وصاروا أكثر صلابة وتدميرًا معًا.
واندفعت كل نخبة أخرى من فيلق الظل إلى الأمام أيضًا – الباحث المدنَّس عن الحقيقة، جالوت، بقايا ملكة اليشم، أسورا الإدانة…
وتبعهم بحر من الظلال الشبحية الفاسدة، ممزقين صفوف الحريش الوحشية.
وعُرض مشهد عنفٍ مرعب تحت أنظار تجسيدات صني.
فقد كانت الحريش تُدمَّر بأعداد لا تحصى – لكنها كانت تنضم إلى صفوف فيلق الظل بعد لحظات. وسقطت ظلاله الشبحية بدورها، متلاشيةً تحت السماء الرمادية بصمت لا مبالٍ.
“أتظن أننا سنفوز اليوم؟”
نظر صني إلى نفسه، وأجاب على سؤاله بهز كتفيه:
“…على الأرجح لا.”
ثم نظر إلى ساحة المعركة، وابتسم ببرود:
“لكن سيكون حصاد اليوم جيدًا بما يكفي.”
ضحك من نفسه، هازًا رأسه باستهزاء:
“انظر إليك، تتحدث وكأنك قابض الأرواح.”
وقف فيلق الظل صامدًا في وجه الطوفان الجارف من الحريش السوداء الرجسة. ورغم أن العدو فاقهم عددًا بكثير، إلا أن ظلال صني الشبحية كانوا لا يرحمون ولا يعرفون الخوف. وكان أبطاله – القديسة، الشرير، وغيرهم – مُدمّرين على نحو خاص، يتركون خلفهم دروبًا من الأجساد المقطعة والمُهشّمة.
ومع ذلك… لم يكن ذلك كافيًا تمامًا.
سرعان ما ستُستنزف قواته، ويُعاد أغلبها إلى بحر روحه، وسيضطر صني إلى التراجع مجددًا.
لكن ليس بعد.
اهتزت الأرض.
تنهد تجسيده المدرع:
“قلت لك. إنهم يزدادون ذكاءً. في السابق، كانوا يهاجموننا كقطيعٍ هائم، لكن استراتيجياتهم باتت أكثر تعقيدًا.”
وفجأةً، زحف سيلٌ جديد من الحريش من تحت الكتل الميتة خلف فيلق الظل، محاصِرة إياه. وبعد لحظة، هاجمت ظلاله الشبحية من الخلف، فتداعى الكثير منها وتلاشى إلى خيوط من الظلام.
كانت الحريش قد أظهرت بالفعل علامات على سلوك ذكي منذ بدأت شياطين وطواغيت قبيلتهم المدنّسة بالمشاركة في المعارك. والآن بعد أن انخرط الطغاة في القتال، أصبحت تكتيكاتهم أكثر تعقيدًا.
على سبيل المثال، استخدموا طبيعة التضاريس المتشابكة للغابة المحترقة ببراعة، متحركين دون أن يُرَوا في أعماق الأشجار المتفحمة لينصبوا كمائن مدمّرة ويظهروا بشكل غير متوقع خلف العدو.
ضحك التجسيد المدرّعة.
“ألم يحن وقت تحركك؟”
ابتسم صني.
“بلى…”
ومع خطوة إلى الأمام، قفز من حافة الجذع الشاهق وهَوَى نحو الأرض البعيدة.
انبعث نهرٌ من الظلام من فانوس الظل، مُحيطًا بجسده.
وبحلول الوقت الذي هبط فيه صني، كان قد التُفَّ بقشرة الظلال للعملاق المظلم، الذي لا يقل ارتفاعه عن مئة متر…
وفي النهاية، أصبح بطول شكل إيفي المتسامي.
وبينما كان يمد يده إلى الظلال ليُجسّد أوداتشي مرعب، استدعى صني عباءة اليشم لتكسو جسده العملاق، وانقض على الحريش الهائل الذي كان يهدد بابتلاع عشرات من ظلاله بعضة واحدة.
تسبب ظهوره على ساحة المعركة في اضطراب، مما أجبر عددًا من الطواغيت العظماء الذين يقودون قبيلة الحريش على الاندفاع نحوه.
…متروكًا وحده على الجذع المتفحم، استنشق صني نفسًا عميقًا.
كان أقوى بكثير من أي من أبطاله، بطبيعة الحال. ومع ذلك، وعلى عكس الظلال الشبحية، فإن تدمير تجسيده يعني زواله إلى الأبد – لذا كان عليه أن يكون حذرًا في دخول معركة ميؤوس منها وغير متكافئة كهذه.
خصوصًا وأنه كان يستخدم نفسه كطُعم.
وبينما كانت عشرات من الحريش تتسلق أرجل عملاق الظلّ، باحثةً عن شقوق في درعه لتزحف إلى الداخل وتغرس فكوكها في القشرة، زفر صني ببطء.
“لقد أعطيتكِ دمي بالفعل. لذا، إن كنتِ مستعدة…”
بعد لحظة، خطا داخل الظلال، وظهر على بُعد مئات الأمتار، ولفّ نفسه حول جسد القاتلة الرشيق.
“انطلقي واصطادي.”
تحركت الظل القاتلة.
وكانت الآن مسلّحة بقوس شرير صنعه صني خصيصًا لها، وتحمل جعبة من السهام المخيفة، وسيفين قصيرين مرعبين مغمدين عند خصرها.
صاعدةً من ظلال الغابة المحترقة، تحركت القاتلة كالشبح، وجذبت وتر قوسها بحركة ناعمة أنيقة.
وبعد لحظة، اخترق سهم حاد رأس أحد الطغاة العظماء الذين يقودون سرب الحريش الوحشية، مما تسبب في ارتجاف الآلاف منهم وفقدانهم للتماسك.
ترجمة آمون