عبد الظل - الفصل 2281
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2281 : المجند الجديد
كان صنّي جالسًا على عرشه، ينظر إلى كيم والقرصان من علوٍ. كانت الأولى قد أنهت للتو تقديم التقرير، بينما الثاني يحدق فيه بتعبيرٍ شارد بعض الشيء.
كان القرصان – حفيد السيد راندال – يُخفض بصره بين الحين والآخر، متأملاً وشم أفعى من العقيق الأسود تلتف الآن حول ذراعه، وتطل من تحت كمّه المرفوع.
كان العضو الجديد في عشيرة الظل رجلاً طويل القامة، ذا شعرٍ أسود وعيون زرقاء ثاقبة. وملامحه منحوتةٌ وتعابيره باردة، ينبعث منه شعورٌ بالثقة الهادئة والخطر القاتل. وبشكلٍ عام، إن كان على صنّي أن يختار كلمة واحدة لوصف القرصان، فستكون… رائع.
لا، حقًا، كان صني مستعدًا ليُقتل كي يبدو هكذا كمستيقظ. كان الأمر وكأنك تنظر إلى بطل فيلم أكشن عن المستيقظين.
…سينسجم القرصان بلا شك مع بقية أعضاء عشيرة الظل. فهم مجموعة متنوعة من الشخصيات الغريبة.
وبالطبع، فقد خسر المجنَّد الجديد بعضًا من روعته بعد لقائه مع صنّي. فمعظم الناس يُصدمون عند مواجهة اللورد المظلم لأول مرة، وإن لم يكن الجميع قادرين على إخفاء ارتباكهم بذات المهارة — وذلك لأنهم جميعًا يتوقعون رؤية لورد الظلال المخيف، لكنهم يُفاجأون بشابٍ غريب الأطوار، وخفيف الظل.
لكن كان هناك سببٌ خلف أن صنّي يُلقب نفسه بالرئيس، ويُصر على أن يُنادى باللورد المظلم، ويتصرف أحيانًا كطفلٍ بالغ.
أولاً… لأنه يريد ذلك. والآن بعدما أصبح فائقًا، لم يعد هناك داعٍ لارتداء الأقنعة، فبإمكان صنّي أن يكون على سجيته بدلاً من تقمّص دور الشرير المُهيب. وذاته الحقيقية، في الواقع… بعيدة جدًا عن الجلال المهيب الذي يتوقعه الناس من السياديين.
فالسؤال إذًا لم يكن: لماذا يُسمي نفسه اللورد المظلم؟.
بل كان: ولماذا لا يفعل؟، فالاسم يبدو مذهلًا!.
وهناك سببٌ آخر كذلك – الطريقة الغريبة التي يعامل بها الناس نيفيس. قاعات التأمل التي تشبه المعابد، الصمت الجليل الذي يشبه الصلاة، التبجيل المشبع بالحماسة الطائفية… لم يكن يريد صنّي أن يُعبد. كان الأمر غريبًا، وفوق ذلك، فإن دم ويفر كان يجري في عروقه.
لذا، كان يتصرف بتلك الطريقة ليقتل أي ميل لدى مرؤوسيه لأن يعاملوه كقداس ناقص النضج.
ويبدو أن تمثيليته نجحت نجاحًا باهرًا مع القرصان، الذي دخل قاعة العرش وفي عينيه الزرقاوين الباردتين مسحة من الرهبة، لكنه كان يخرج منها حائرًا تمامًا.
تثاءب صنّي، ثم أشار بيده نحو كيم.
“أرى… هذا خبرٌ سار، كيمي. أجل، أعلم أننا نحتاج إلى مزيد من المعالجين غير كوينتن وفلور. لكن، كما تعلمين! جذب معالج إلى عشيرة مشبوهة من الجواسيس القتلة ليس بالأمر السهل!”
نظر إليها مبتسمًا.
“أوه، لدي فكرة! ماذا لو أخبرتِ رجالنا أن يكونوا أفضل فحسب، وألا يُصابوا من الأساس؟”
نظرت إليه كيم بلا مبالاة.
“هذه العشيرة المشبوهة من الجواسيس القتلة أنفقت ثلاثة ملايين رصيد على المستلزمات الطبية هذا الربع، يا رئيس.”
تجمد صنّي لوهلة.
“…فلنخطف بعض المعالجين، يا كيمي! فلنفعلها بسرعة! أولئك الأخوات من سونغ لديهن الكثير… ماذا عن سرقة أخت دمٍ واحدة أو اثنتين من سيشان؟”
أخذت نفسًا عميقًا، ونظرت إليه بصمت للحظة، ثم خفضت بصرها.
“سأحاول.”
بعد بضع دقائق، انتهى التقرير، فصرفهما بابتسامة كسولة.
“مرحبًا بك في عشيرة الظل، يا قرصان!. ارتح اليوم جيدًا — تدريبك سيبدأ غدًا. وبالطبع، لا شمس هنا في الشاطئ المنسي… صديقٌ لي، نوعًا ما، دمّرها… لذا فاليوم والليل متماثلان تمامًا، مما يجعل مفهوم الغد غامضًا بعض الشيء. لكنك ستعتاد على الأمر. آه، ولا تُخيب ظن معلمتك. لقد ربّيتها تقريبًا منذ أن كانت مجرد مسخةً مستيقظة صغيرة ومرعبة… آه، ما أسرع الأيام…”
شحب وجه القرصان.
“د-دمّرت شمسًا؟ لا، لحظة… يا رئيس، هل ربّيت مسخًا؟”
نظر إليه صنّي مُحتارًا.
“أجل، ولم لا؟ لماذا، ألم تُدمّر شمسًا من قبل؟”
هز القرصان رأسه ببطء.
بقي صنّي صامتًا للحظة، ثم حكّ طرف أنفه بإحراج.
“أوه. لا، لا! لا تخجل من ذلك. فأنت… لا تزال شابًا…”
استدار المجند الجديد ليتبع كيم، وعلى وجهه تعبير متألم. لكنه وقبل أن يخرج، ناداه صنّي فجأة:
“هيه، يا قرصان. كنت قاتلًا محترفًا سابقًا، صحيح؟”
نظر القرصان إليه وعبس قليلاً.
“لأكون دقيقًا، يا رئيس، الناس كانوا يستأجرونني لحل المشاكل. وإذا كانت المشكلة وغدًا ما… أو مجموعة من الأوغاد… فحينها كنت مضطرًا لحلهم هم بدلًا من المشكلة.”
نظر إليه صنّي بتأمل عميق، ثم ابتسم.
“واو. هذا بدا رائعًا جدًا! كنت مضطرًا لحلهم بدلًا من المشكلة… لا بد أن أسرق هذه الجملة. على كل حال، أعطني نصيحة من محترف: كيف يمكن للمرء أن يقتل بحرًا؟”
رمش قرصان.
“قتل… بحر، يا رئيس؟”
تنهّد صني وهو يومئ برأسه مرّتين.
“نعم! كما ترى، هناك بحرٌ… بحرٌ شريرٌ جدًا. بيننا حساب قديم، لكني لم أتوصل بعد لطريقة لقتل بحر. فقلت ربما أنت تعرف، بما أنك محترفٌ والى ما ذلك!”
بقي المجنّد الجديد صامتًا للحظات، ثم قال بهدوء:
“أعتذر يا رئيس. هذا… خارج نطاق خبرتي قليلاً. كنتُ متخصصًا في التعامل مع البشر، ومخلوقات الكابوس، وأحيانًا روبوت قاتل مارق أو اثنين.”
تنهد صني.
“أفهم… لا بأس. سأتوصل إلى شيء بنفسي…”
ثم غادرت كيم مع القرصان.
وبقي صني جالسًا على عرشه، يحدّق في السقف بتعبير ممل.
بالطبع، كان هناك الكثير يجري داخل ذهنه.
كانت مئات الظلال تتحرك عبر المدينة المظلمة، تزيل الحطام في الأنقاض، وتجهّز الأبنية الأقل تضررًا للترميم، وتضع علامات على الأبنية التي لا يمكن إنقاذها من أجل الهدم.
كانت الأمور تسير على ما يرام على السطح، لكن سراديب الموتى كانت لا تزال تُمثل مشكلة، وتتطلب منه الإشراف الشخصي – ليس فقط بسبب الطبيعة الحساسة للعمل تحت الأرض، بل لأن نور الشمس المُهلك لم يصل يومًا إلى شبكة الأنفاق الشاسعة تحت المدينة. ولا تزال مخلوقات الكابوس تتواجد هناك…
مع ذلك، كانت السيطرة على سراديب الموتى مهمة حيوية. فالمدينة الجيدة تبدأ من نظام صرف صحي متين، بعد كل شيء. وما الذي يميز البشر عن الوحوش؟.
أن للبشر أنظمة صرف صحي بالطبع!.
وكان عليه أن يقرّر أيضًا أين وكيف سيدفن العظام التي لا تُحصى الراقدة في السراديب. كما أنه بحاجة لاتخاذ قرار بشأن المنارة المنهارة في المدينة المظلمة… كان ترميمها ممكنًا، لكن كل أعضاء عشيرة الظل يستطيعون الرؤية في الظلام. لم يكونوا بحاجة لمنارة تنير الدرب.
لكن المستوطنين المحتملين سيكونون مختلفين.
ثم هناك مسألة التماثيل السبع العملاقة. كانت الكاهنة تقف أمام مدينة الظلام، متضررة بشدة. يمكن لصني أن يعيد ذراعها المكسور إلى مكانه، لكن ذلك يطرح سؤالًا آخر – هل يُفترض به أن يعيد رؤوس التماثيل المقطوعة إلى أماكنها أيضًا؟.
كان هناك الكثير من العمل…
وفوق ذلك، كان يراقب أعضاء عشيرة الظل.
فوجٌ كان يطارد أعضاء طائفة مريبة في أعماق الـNQSC. وفوجٌ آخر كان يستعد للقضاء على رُعبٍ صنع عشّه في المجاري تحت مدينة صغيرة في الربع الغربي، ويبدو أنه يستهدف الأطفال. أما فوجٌ ثالث، فكان يستعد لسرقة بنك – أو بالأحرى، لاستخراج كتاب ملعون على ما يبدو من صندوق ودائع خاص هناك…
‘لماذا لم أفكر يومًا في سرقة بنك؟’
مع سماته، لكان الأمر سهلًا.
تنهد صني.
ثم تجمّد في مكانه.
‘…انتظر. لماذا لم أفكر يومًا في فتح بنك؟’
تلألأت عيناه في الظلام.
“آيكو!”
ترجمة آمون