عبد الظل - الفصل 2276
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2276 : استيقاظ دافئ
استيقظ صني من لمسة الشمس الدافئة على صدره العاري. كانت أشعة الشمس تتدفق عبر الستائر، والقماش الأبيض يهمس بهدوء بينما جعلته الرياح اللطيفة يرفرف ويتمايل.
بقي ساكنًا للحظة، مستمتعًا بالدفء ونعومة السرير. لقد كانت واحدة من أعظم متع الحياة حقًا: أن يستيقظ وابتسامة على وجهه. وبعد بضعة لحظات، أدار رأسه ونظر إلى نيفيس، التي كانت نائمة بسلام إلى جانبه. كان شعرها الفضي متناثرًا على الوسادة، ووجهها الجميل هادئًا بسعادة وبدا عليها شيء من الضعف المحبّب وهي نائمة.
استمتع بالمشهد لبضعة دقائق، دون أن يشعر بأي عجلة لإيقاظها. فتح بوابة الأحلام إلى حديقة الليل قد استنزف منها الكثير بالأمس. لذا، فهي تستحق بعض الراحة. كان ليحب أن يشاركها عبء ما حدث البارحة، لكن للأسف، لم يكن من الممكن أن يفعل ذلك سوى نيفيس. كلاهما كان قادرًا على تحقيق إنجازات فريدة أثناء فتح بوابات الأحلام. صني، على سبيل المثال، كان بإمكانه فتح سبع منها بدلًا من واحدة. أما نيفيس، فكانت قادرة على فتح بوابة أحلام تسمح بالمرور في كلا الاتجاهين. بوابات الكابوس تؤدي من عالم الأحلام إلى عالم اليقظة، بينما بوابات الأحلام تؤدي من عالم اليقظة إلى عالم الأحلام. ولكن كانت نيفيس وليدة أحلام – كائنًا يوجد على الحافة بين الكابوس والواقع، وبالتالي تنتمي إلى كلا العالمين – وربما لهذا السبب، كانت بوابة الأحلام الخاصة بها مميزة. ولهذا وحدها كانت قادرة على إرسال حديقة الليل إلى الأرض.
وبينما كان صني يتساءل عما سيحدث لقوتها عندما يندمج العالمان تمامًا، تحركت نيفيس قليلًا وفتحت عينيها الرماديتين اللافتتين. انعكس نور الشمس فيهما، مما جعل بؤبؤيها يتلألآن. أدارت رأسها بكسل ونظرت إلى صني، ثم ابتسمت.
“…هل كنت تحدق بي مجددًا؟”
أومأ صني بلا خجل.
“بالتأكيد. لماذا لا أحدق بأجمل امرأة في العالم؟”
توقفت نيفيس للحظة، ثم سخرت ودفعت وجهه بعيدًا. ضحك صني، مستسلمةً لدفعتها الخفيفة…
لكنه لم يفوّت ملاحظة الحمرة الطفيفة التي ظهرت على وجنتيها.
نهضت نيفيس من السرير، واستحضرت سُترة خفيفة من عاصفة من الشرارات المتوهجة، ثم رفعت يديها فوق رأسها، متمددةً بتنهيدة رضا. تسلل صني من السرير بدوره، مُظهِرًا ملابس بسيطة من الظلال. كانت الغرفة العليا من برج العاج فسيحة ومغمورة بالنور الذهبي، ولكن حيثما وُجد النور، وُجدت الظلال أيضًا – لذا، لم يكن يجد صعوبة أبدًا في استدعائها لتنفيذ إرادته. ومع ذلك…
أمضى صني بضع لحظات في تأمل قوام نيف الرشيق، ثم قال بنبرة مرِحة:
“راودتني فكرة رائعة… ما رأيكِ أن… نعود إلى السرير؟”
في الواقع، لم يكن بحاجةٍ حتى إلى قول ذلك، فهي كانت قادرة على الإحساس برغبته.
نظرت إليه نيفيس بازدراء من فوق كتفها.
“على عكسك، أنا أملك جسدًا واحدًا فقط.”
أمال صني رأسه. ماذا كانت تقصد بذلك؟.
هل كانت… تلمّح إلى أنه انهكها الليلة الماضية؟.
لكنها كانت قادرة على التعافي من أي إرهاق في لحظات. جسدها الواحد لا يُنهك حرفيًا…
هل تمكّن من إنهاك من لا يُنهك؟.
وجد صني نفسه ممزقًا بين الفخر وخيبة الأمل. وفي تلك اللحظة، قطبت نيفيس حاجبيها قليلًا، ثم رمت وسادة نحوه.
“كنت أعني أنني لا أستطيع التواجد إلا في مكان واحد في كل مرة! لقد تأخرتُ بالفعل عن اجتماع مع إيفي… امسح تلك الأفكار الدنيئة من رأسك القذر، أيها الوغد!”
سمح صني للوسادة أن تصطدم بوجهه وابتسم ببراءة.
“حسنًا… أظن أن لديّ ضغينة ضد إيفي الآن…”
حدّقت نيفيس به بصرامة لبضعة لحظات. لكنه كان يرى جيدًا أنها كانت تكتم ابتسامة. وفي النهاية، هزّت رأسها.
“يجب أن أستعد…”
بعد وقت قصير، غادرت نيفيس جناحها الخاص ونزلت درجات برج العاج. أما صني، بطبيعة الحال، فكان مختبئًا في ظلها آنذاك – فهذا هو المكان الذي تقيم فيه هذه التجسيدة من كيانه معظم الوقت، بينما كانت تجسيداته الأخرى مشغولة بمهامها الخاصة. وبهذه الطريقة، كان بمقدوره البقاء قريبًا من نيفيس ومعرفة كل المستجدات المهمة على جانبها من دون الحاجة إلى استخدام كاسي كرسولة.
وإن كان ثمة جانب مزعج في هذا الوضع، فهو أن صني لم يكن قادرًا على البقاء معها بهيئته البشرية طوال الوقت. فبعد كل شيء، هو رسميًا ميّت.
…لا بأس في الظهور أمام من يعرفون الحقيقة على الأقل.
كانت إيفي تنتظرهما في صالة صغيرة بأحد الطوابق السفلى من برج العاج، مستمتعة بصينية وافرة من المأكولات الخفيفة. وعندما سمعت اقتراب نيفيس، ابتسمت ولوّحت بيدها.
“اللعنة، أيتها الأميرة. هذه الأشياء تستحق الموت لأجلها… من هو طباخكِ؟ أرجوكِ قولي لي. أنا بالتأكيد لن أختطفه!”
ثم عبست للحظة، قبل أن تنظر إلى نيفيس بابتسامة ماكرة:
“أوه، أعتقد أنه لم يعد بإمكاني مناداتكِ بالأميرة بعد الآن. أميرتنا تحوّلت إلى إمبراطورة الآن. آه… الأطفال يكبرون بسرعة…”
ابتسمت نيفيس ابتسامة خفيفة وجلست مقابل إيفي، مع تواجد مكتب عريض يفصل بينهما.
“صني هو من أعدّ المأكولات.”
تجمّدت إيفي في مكانها. كانت الصيّادة الحيوية قد تأثرت على الأرجح أكثر من غيرها حين انكشف لها أن لورد الظلال المهيب لم يكن سوى السيد بلا شمس الجذاب.
ولا يزال صني لا يستطيع إلا أن يضحك بظرافة كلما تذكر سلسلة التعابير المذعورة التي ارتسمت على وجهها في تلك اللحظة.
من الصمت المذهول، إلى الإدراك البطيء بأن القديس المرعب كان هو من كان يدلّل ابنها بالمثلجات، إلى رعب مفاجئ حين تذكرت كيف كانت تذمّه أمام نيفيس لتحصد النقاط لصالح الساحر الرقيق والفارس النبيل…
وغيرها الكثير. لا، حقًا، لقد أصبحت تلك اللحظة ذكرى لا تقدّر بثمن لصني الآن. لدرجة أنه سامحها بسخاء عن نصف المرّات التي أجبرته فيها على الاستماع إلى أحاديث “الطيور والنحل” في جزيرة أليثيا. وفي كل الأحوال، صارت تتصرف بطريقة غير معتادة، أقرب إلى التحفظ والخجل منذ ذلك الحين. حتى الآن، شدّت إيفي على نفسها قليلًا بمجرد ذكر اسمه. ثم قالت بعد أن صفت حلقها:
“حسنًا. عنه هو. اسمعيني، أيتها الأميرة، أعلم أنكِ فتاة ناضجة الآن، ولكن…”
توقفت فجأة، ثم سألت بحذر:
“إنه ليس خلفي، صحيح؟”
نظرت نيفيس إليها بحيرة.
“لا…”
عادت إيفي إلى حيويتها المعتادة:
“ذلك الرجل! لورد الظلال! أعلم أنه وسيم بشكل سخيف، وثري، وساحر، وقوي، ووسيم بشكل سخيف أيضًا، وطباخ مذهل ويجيد استخدام يديه… لحظة، هل قلت وسيم مرتين؟ لا يهم! ما أعنيه هو أن هناك الكثير من السمك في البحر. يجب أن تجدي لنفسكِ رجلًا طيبًا وصادقًا بدلًا من أن ترضي بأول فائق تصادفينه في الشارع!”
لكن لم تكن نيفيس قد انتهت من الحديث.
“…تقنيًا، هو تحت الطاولة.”
تجمّدت إيفي.
اختار صني تلك اللحظة تحديدًا ليظهر بهيئته البشرية ويجلس على كرسي بجانب نيفيس.
ابتسم لإيفي ابتسامة لطيفة، بقي صامتًا للحظة، ثم قال بنبرة مرِحة:
“نعم، قلتِ وسيم مرتين.”
أطلقت إيفي تأوّهًا عميقًا.
ترجمة آمون