عبد الظل - الفصل 2275
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2275 : رئيس الظل
كان داخل الطاغوت المتسامي… غريبًا، إذ لم يختلف كثيرًا عن داخل قلعة حقيقية. لم يكن المكان يبدو مسكونًا أو شريرًا بشكل خاص – بل كان نظيفًا ومرتبًا، بل يكاد يكون مريحًا. وبالطبع، كان ذلك فقط لأن المستيقظة كيم قد منحت جون القدرة على الرؤية عبر الظلام الذي غمر الممرات الفسيحة.
لم يكن ليرغب في التجول داخلها بمفرده وهو يحمل شيئًا غير موثوق به مثل فانوس. بشكل عام، كل ما رآه حتى الآن – الهاوية السحيقة لبوابة الأحلام المخفية، المدينة المنهارة الراقدة تحت امتداد الظلام الخالي من النجوم، الظلال الصامتة التي تسكن شوارعها القديمة، البنية السوداء للمعبد المهيب، القلعة السوداء الشاهقة التي امتلكت حياة خبيثة خاصة بها – كان يستحق بجدارة أن يكون نطاقًا لسَامي مظلم. وجون كان على وشك لقاء ذلك السَامي.
وبالطبع، كان يعلم أن الفائقين ليسوا سَاميين حقيقيين. ومع ذلك، من وجهة نظر بشري عادي… أو حتى مستيقظ بسيط، في الواقع… فهم كذلك بالفعل. حافظا ملك السيوف وملكة الديدان في الغالب على قوتهما خفية، لكن سيدة البرج العاجي كانت أكثر كرمًا بجلالها. كانت نادرًا ما تُرى، لكن بالكاد يوجد شخص في العالم لم يشعر بحضور قوتها المشعة. أولئك الذين قاتلوا في المعركة الأخيرة الحاسمة من حرب العوالم كانوا يعلمون جيدًا كم كانت معجزة. قوة الرعاية، وقوة التدمير…
لم يكن لدى جون أدنى شك في أن نجمة التغيير، إن أرادت، يمكنها أن تبيد العالم بأسره في جحيم لهيبها المتوهج. ويمكنها أيضًا أن تحتضن البشرية جمعاء وتحملهم جميعًا إلى الخلاص.
وإن لم يكن هذا تعريفًا للسَامي، فهو لا يعرف ما يكون. كان لورد الظلال كائنًا مماثلًا له. إذًا…
وجد جون، الذي كان الجليد يتدفق في عروقه، نفسه يكافح ليبقى هادئًا. كانت رباطة جأشه تنهار مع كل خطوة يخطوها.
‘سيكون… سيكون الأمر على ما يرام. لقد قابلت لورد الظلال من قبل. صحيح؟’
هناك في قبر السَّامِيّ، كان قد رأى القديس المخيف مرارًا. صحيحٌ، أنه أرعبه حتى في ذلك الحين. ومن لم يكن ليرتعب؟.
ذلك الدرع الأسود المخيف، والقناع الشرير، وذلك الحضور البارد والماكر، القوة الساحقة لنواياه القاتلة المروعة… ذلك الغموض المرعب كله…
مجرد التفكير في النظر مباشرة إلى ذلك القناع الوحشي جعل جون يرتجف. كان الناس يتكهنون بأن شيئًا غير بشري يختبئ خلفه حتى عندما كان لورد الظلال مجرد قديس. لم يره أحد ينزف، بعد كل شيء. ولم يكن قديسًا بعد الآن.
فكم أزداد رعبًا بعد أن حقق التفوق؟.
“بماذا تفكر.”
ارتعش جون قليلًا ونظر إلى المستيقظة كيم. تردد لبضعة لحظات، ثم قال:
“بصراحة… أنا متوتر قليلًا للقاء صاحب عملي الجديد.”
ابتسمت ابتسامة خفيفة.
“كنت كذلك أيضًا، في أول مرة التقيته فيها.”
رفع حاجبه.
“إن كان لي أن أسأل، كيف يبدو؟”
ظلّت المستيقظة كيم صامتة لوهلة، ثم قالت بوجه محايد:
“حسنًا… وافله لذيذ جدًا.”
ارتعشت زاوية عين جون.
‘ما الذي بحق…’
تعنيه؟!.
لكن قبل أن يتمكن من مواصلة الحديث، وصلا إلى بوابات خشبية شاهقة. فتحت الأبواب الثقيلة من تلقاء نفسها، وأشارت المستيقظة كيم إليه بالدخول إلى قاعة العرش في القلعة السوداء.
كانت القاعة الكبرى فخمة ومهيبة في مظهرها، يغمرها الظلام الدامس. زُيّنت الجدران بنقوش دقيقة امتدت لعشرات الأمتار كأنها نسيج ملكي، تُصوّر مشاهد من معارك رهيبة ومناظر خيالية. في الطرف البعيد من القاعة، قاد سلّم إلى محراب مظلم. وهناك، على منصة مرتفعة، انتصب عرش أسود.
جالسًا على ذلك العرش…
تعثّر جون، وقد صُدم لوهلة. طوال هذا الوقت، كان يهيّئ نفسه ذهنيًا لمواجهة لورد الظلال – ذلك الشكل المرعب المغلّف بدرع داكن متقن الصنع، مرتديًا قناعًا مخيفًا يصوّر وجه شيطان يزأر، بشعر أبيض طويل ينسدل على ظهره.
لكن الواقع… كان مختلفًا تمامًا عن خياله. بدلًا من المظهر المألوف – رغم رعبه العميق – للورد الظلال… كان شاب نحيل يجلس على العرش في وضعية مريحة، مرتديًا سُترة سوداء بسيطة. كان الشاب يمتلك بشرة شاحبة كالياقوت الأبيض النقي، وشعرًا حريريًا أسود، وعينين كجوهرتي عقيق. كان جماله الأنيق شبه سماوي، مما جعل جون يشعر وكأنه ينظر إلى عمل فني، لا إلى كائن بشري. والأغرب من ذلك، أنه لم يشعر بذلك البرود المتعالِ، أو الغطرسة المتكبّرة، أو العطش الدموي الذي اشتهر به لورد الظلال. بدلًا من ذلك، لم يشعر… بأي شيء إطلاقًا، وكأن هذا الشاب لا يملك حضورًا على الإطلاق.
‘لا، انتظر…’
هل… هل هذا هو لورد الظلال؟.
لورد الظلال بهذا الصغر؟.
والأهم من ذلك…
هل كان يخفي هذا الوجه خلف قناع طوال هذا الوقت؟!.
كان جون مذهولًا. مذهولًا تمامًا.
لكن ذلك لم يدم طويلًا. ما إن مرّت تلك اللحظة، حتى أدرك جون أنه كان يحدّق في سيادي الظلال بعينين متسعتين. ومع أنه أدرك ذلك، إلا أنه اضطر لإجبار نفسه على تحويل نظره بعيدًا.
‘توقّف عن التحديق في رئيسك يا أحمق!’
في تلك اللحظة، لم يكن جون يريد شيئًا أكثر من العثور على ذلك اللعين الذي قال إن لورد الظلال يلبس القناع طوال الوقت لأنه مشوّه بطريقة مروّعة… وإغراقه في بركة ماء. الشائعات السخيفة عن أن القديس الغامض والسيدة نيفيس كانا عاشقين… لم تعد تبدو سخيفة بعد الآن.
في الواقع، أصبحت منطقية جدًا.
“يا رئيس.”
انحنت المستيقظة كيم قليلًا. نظر إليها لورد الظلال وابتسم. كانت ابتسامته جميلة بما يكفي لخطف القلوب، لكن للأسف، بدت كيم محصّنة ضدها، بينما لم يكن جون في مزاج يسمح له بتقدير الجمال. على أي حال، كان خائفًا للغاية.
“آه، كيمي. هل هذا هو المجنّد الجديد؟”
أومأت برأسها.
“نعم. شخص واحد فقط من الدفعة الأخيرة اجتاز الاختيار.”
حوّل لورد الظلال نظره إلى جون. والمفاجأة… أن نظرته لم تكن مخيفة أو خانقة أو ساحقة. بل كانت ودودة جدًا…
وهذا جعل جون يتوتر أكثر. فالجميع في مجاله المهني يعلم أن أكثر الكائنات خطورة هي تلك التي يُفترض بها أن تكون مخيفة… لكنها لا تشعرك بأي تهديد على الإطلاق. رفع لورد الظلال يده ببطء…
‘ما الذي… ما الذي سيفعله؟!’
…ولوّح لجون بتكاسل.
“لا بد أنك القرصان! مرحبًا، مرحبًا… واو، ملفك الشخصي؟ سحقا! أنت رائع جدًا.”
تجمّد جون في مكانه.
“ع–عذرًا؟”
هزّ لورد الظلال رأسه بخيبة طفيفة.
“السوق السوداء، ها؟ لماذا لم أفكّر في ذلك؟ والأهم… لماذا لم تفكّر آيكو في ذلك؟ يجب أن أخصم من راتبها…”
رمش جون عدة مرات.
‘هاه؟’.
وهكذا…
كانت تلك هي المرة الأولى التي التقى فيها جون برئيسه الجديد، اللورد المظلم.
ترجمة آمون