عبد الظل - الفصل 2462
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2462 : قبل العصور المظلمة
استغرق صني بعض الوقت ليتذكر أن المحقق الشيطان كان يحتفظ بأسطوانة وقود في صندوق المركبة العتيقة. ثم احتاج إلى بعض الوقت الإضافي ليكتشف كيف يفرغ السائل كريه الرائحة بشكل فظيع في المركبة، بينما المطر ينهمر عليه، وهو يلعن بصمت.
في الواقع، جعله المطر يشعر بالبرد على نحو غير مريح. لقد نسي صني تقريبًا شعور العجز أمام قوى الطبيعة، لذا بدا له الأمر تجربة جديدة نوعًا ما. وبلا شك، عاد إلى داخل المركبة الشخصية بمزاج سيئ.
نظر إلى إيفي بعبوس عميق، وكبح تنهيدة ثقيلة قبل أن يسأل:
“هل شخصيتكِ الدنيوية الأخرى أيضًا عبارة عن قطعة حطام محرومة من النوم، مدفوعة بالغضب، ولا تشتهي أكثر من جرعة غير صحية من النيكوتين والكحول؟”
ضحكت إيفي وهزت رأسها.
“لا. أنا في الأساس مثال ساطع على أن التمارين المنتظمة وأسلوب الحياة الصحي مفيدان لك. أعني، بالتأكيد، أن أصبح دنيوية فجأة كان أمرًا مربكًا قليلًا… لكن في الحقيقة، أنا مستمتعةٌ بالأمر.”
مفعمة بالحيوية، أشارت إيفي إلى جسدها المشدود والجذاب.
“إنه أمر مثير. لم أكن يومًا قادرةً جسديًّا ورغم ذلك دنيوية في الوقت ذاته — لذا، هذه تجربة جديدة بالنسبة لي.”
تحولت نظرة صني إلى نظرة مريرة.
“أتفهم.”
ثم أشاح بوجهه، وأدار المركبة مجددًا لتتحرك إلى الأمام.
وبينما كانا يقودان إلى وجهتهما، استطاع أن يقدّر مشاهد مدينة السراب من منظور جديد. بالطبع، كان صني يعرف كيف كانت المدن قبل العصور المظلمة — لكن فقط من لقطات أرشيفية، ورسوم ويب تون، وديكورات الأفلام. أما أن يراها بعينيه هو، وبكل هذا التفصيل، فكان أمرًا مختلفًا تمامًا.
لم يستطع منع نفسه من الانزعاج من مدى اختلاف كل شيء. لم تكن هناك حواجز تحيط بالمدينة، ولا أبراج معدنية، ولا قباب عزل حول بوابات الكابوس النشطة هنا وهناك. كان الهواء قابلًا للتنفس، والمواطنون لم يبدوا خائفين من المطر، وكأن لا احتمال أن يتحول إلى حمض.
كان الطراز المعماري غريبًا تمامًا عمّا اعتاد عليه، والمباني نفسها كانت أقل ارتفاعًا مرات عديدة مما هي عليه في NQSC — رغم أنها كانت مبنية صعودًا فقط، تقريبًا بلا مستويات تحت الأرض. لم تكن هناك طبقات للمدينة، فقط سطح مسطح مع تلال وجبال صغيرة هنا وهناك.
بدا كل شيء… بسيطًا ومسترخيًا، حتى لو كان يبدو ساحقًا ويتخلله توترٌ ساحق بالنسبة للمحقق الشيطان.
“ما حجم هذه المدينة برأيكِ؟”
فكرت إيفي للحظة.
“آه… أظن أن عدد سكانها يقارب العشرة ملايين؟ وعشرين مليونًا أو أكثر قليلًا مع حساب المنطقة الحضرية الكبرى.”
اتسعت عينا صني قليلًا.
“عشرون مليون شخص؟ هذا… هذا ضئيل!”
من الانطباع الذي أخذه من ذكريات المحقق الشيطان الغامضة، بدت مدينة السراب مدينة كبرى منتشرة تختنق في طوفان من خطايا البشر. ومع ذلك، عشرة ملايين — حتى عشرون أو ثلاثون — عدد ضئيل حقًا. لقد عاش أكثر من ذلك بكثير فقط في أطراف NQSC، ناهيك عن المدينة نفسها التي بلغ عدد سكانها مئات الملايين.
مدينة السراب… كانت قرية!.
وعلى الرغم من ذلك، بدت مزدحمة بطريقة ما. ربما لأن الجميع قد حصل بطريقة ما على رخصة قيادة مركبات شخصية بدلًا من استخدام النقل العام مثل الناس العاديين… ونتيجة لذلك، لم يكن الهواء ممتلئًا بالأبخرة السامة والضوضاء فقط، بل إن الازدحام منع أي أحد من الوصول إلى وجهته في وقت مناسب.
كان الناس عالقين ببساطة على الطرق، مركباتهم تزحف بسرعة بطيئة لدرجة أن المشاة يمكنهم تجاوزها. ومع ذلك، تقلّص المشاة — البشر الحقيقيون — إلى جنس خاضع في مدينتهم نفسها، يتشبثون بخوف على جانبي الطرق لإفساح المجال للكائنات المهيمنة الحقيقية، المركبات.
ولم تكن تلك حتى مركبات مخصصة للشحن — بل كانت معظمها مركبات شخصية.
لم يكن الأمر منطقيًّا!.
‘ألا يلاحظ أحدٌ هنا كم هذا النظام سخيف؟ ماذا تفعل إدارة المدينة؟’
لا… في الحقيقة، إذا تذكّر جيدًا، فقد كان عدد لا يُحصى من الناس يستخدم شبكة النقل العام هنا — خصوصًا القطارات تحت الأرض. لكنها كانت غير كافية بنفس الدرجة، وفشلت في خدمة حتى هذا العدد الصغير من السكان، مما أدى إلى ازدحام مفرط وساعات ذروة قاتمة لا تُحتمل.
حسنًا، كان ذلك الجزء الأخير منطقيًّا. فبالتقنية البدائية قبل الأزمنة المظلمة وغياب تكنولوجيا التعويذة، لا بد أن حفر الأنفاق تحت الأرض كانت مشقة حقيقية. ومع ذلك، السبب الرئيس الذي أجبرهم على حفرها تحت الأرض من الأساس هو أن طرق السطح قد استُحوِذ عليها من قِبل المركبات الشخصية.
‘أنفاق تحت الأرض، هاه…’
في مكان بعيد، رفعت إحدى تجسّيدات صني نظرها ببريق في عينيها. كانت باستيون لا تزال في بدايات تطوير شبكات نقلها العامة، ولم تكن هناك تكنولوجيا حديثة أو الخاصة بالتعويذة في عالم الأحلام أيضًا.
لكن كان هناك صني.
وكان صني يملك شبح الوفرة تحت أمره. كم سيستغرق الدودة المقدسة لتشييد شبكة أنفاق هائلة تحت باستيون، لتكون أساسًا لنظام مترو مستقبلي؟.
ليس وقتًا طويلًا…
‘هل عليّ أن أناقش الأمر مع كاسي؟ سنحتاج إلى بعض المهندسين، بالتأكيد — حسنًا، كثيرٌ منهم — لكن طالما بقوّا غير واعين بكيفية إنشاء الأنفاق ومن سينشئها، فقد ينجح الأمر ببراعة…’
شُغل ذهن صني لفترة، وبحلول الوقت الذي عاد فيه إلى وعيه، كانا قد وصلا تقريبًا إلى المطعم المتهالك الذي اعتاد المحقق الشيطان ارتياده.
لو كان كريمًا، لكان وصف المكان بأنه بسيط وغير فاخر. أما لو لم يكن كذلك، لوصفه بأنه كومة قمامة متنكرة كمكان يُفترض بالناس أن يأكلوا فيه.
كان المطعم صغيرًا، رثًّا، وفقيرًا للغاية في الزينة. لم تكن هناك زينة تُذكر أصلًا، مجرد بضع طاولات رخيصة بكراسٍ رخيصة مماثلة. كان مستخدموه في الغالب من العمال، لذا لم يكن فيه رواد إلا في ساعات الغداء أو المساء حين ينتهي الناس من العمل.
في تلك اللحظة، كان المكان خاليًا تمامًا، باستثناء نادلة عابسة اختفت في مكان ما فور أن سلّمت طلبهما.
…لكن الطعام، كان معجزة.
“يا للسَاميين.”
حدّق صني في إيفي بعينين واسعتين. وكانت هي تحدّق فيه بالتعبير المأسور ذاته.
كان هناك ماء شرب نظيف غير محدود. كل طبق مصنوع بالكامل من مكونات طبيعية، بلا أي لقمة صناعية في الأفق. النكهات غنية، الأطباق الجانبية طازجة — ويمكن إعادة ملئها بلا نهاية! — والحصص سخية للغاية. وعلى الرغم من كل ذلك، كان ثمن الوجبة بخسًا.
‘كيف يكون هذا ممكنًا؟’
قلة قليلة من الناس في NQSC استطاعوا تحمّل طعام كهذا، وحتى أولئك الذين استطاعوا كان عليهم دفع كمية جنونية من الاعتمادات لوجبة مذهلة كهذه. كان الوضع أفضل قليلًا في عالم الأحلام، لكن حتى هناك، كان معظم الطعام لا يزال صناعيًّا ويُستورد من عالم اليقظة.
‘أأنا… في الجنة؟’
لبرهة، أصبح صني شبيهًا بإيفي بشكل غير مريح، وكاد يبتلع الطعام اللذيذ من دون آداب المائدة، طالبًا المزيد والمزيد منه.
وبعد حين، ممتلئًا إلى أقصى حد وشاعرًا بالنعاس من كل ما أكله، نظر إليها بعينين نصف مغمضتين وسأل:
“بالمناسبة، لماذا أصررتِ على أن نتحدث في مكان خاص؟”
اتكأت إيفي إلى الخلف، وأرخت حزام خصرها، وربّتت على بطنها المسطحة بابتسامة رضا عميقة.
“أوه، لا شيء مهم. الأمر فقط… سنموت موتًا فظيعًا إن لاحظ المحليون أننا خرجنا عن شخصياتنا…”
ترجمة آمون
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.