عبد الظل - الفصل 2461
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2461 : العالم القديم الشجاع
تأرجح صني، مصارعًا ليبقى واقفًا على قدميه.
‘آه! الـ… سحقا!’
كان ضعيفًا على نحوٍ لا يُصدَّق! وهشًّا على نحوٍ مروّع! مضروبًا وممزقًا، منهكًا إلى ما يفوق الخيال، وعلى وشك أن ينهار! كان جسده بطيئًا وأخرق بشكلٍ معذِّب، وفوق ذلك، لم يكن واعيًا إلا بما أمام عينيه فقط. لم تستجب الظلال لحواسه، ومن دونها شعر بأنه أعمى مثل الخفاش.
بدا وكأنه من المستحيل أن يتواجد أحدٌ في مثل هذه الحالة البائسة والعاجزة، والمحدودة بشكل مؤسف، ومملة على نحوٍ مخيف كهذه.
‘انتظر… أليس هذا… ببساطة هو شعور أن تكون دنيويًا؟’
رمش صني بضع مرات في صدمة تامة.
صحيح، لم يكن تحت لعنة مروعة شوَّهت جسده وروحه. بل عاد ببساطة إلى أن يكون دنيويًا من جديد. في الحقيقة، كان أقوى وأسرع وأكثر صلابة مما كان عليه يومًا كشخص دنيوي — فهو الآن في جسد متدرَّب ومصقول بعض الشيء لرجل بالغٍ مغذى جيدًا، بدلًا من جسد مراهقٍ هزيل.
لقد كان المحقق صني من قسم شرطة مدينة السراب.
‘ما هذا بحق…’
سابقًا، بدت ذكرياته مثل حلم، بينما شخصية المحقق الشيطان بدت وكأنها ذاته الحقيقية. الآن، انعكست الأدوار — أصبح صني هو نفسه مجددًا، بينما بدت ذكريات المحقق الساخر مثل حلمٍ غامض بعيد.
كانت حواس تجسّيداته الأخرى غامضة بنفس القدر، كأنها تصل إليه عبر كتلة هائلة من الماء… أو ربما عبر سطح فضي لمرآة عظيمة.
كان في جسد دنيوي. لم يكن لديه جانبه ولا سماته، لا جوهر، لا نواة. اختفى نطاقه. لم يعد يملك أشباحه وظلاله أيضًا… وظلّه نفسه لم يعد مساعدًا لا يقدَّر بثمن! لقد أصبح مجرد شيء صامت لا يستجيب، يتبعه مثل الميت.
قبل لحظات قليلة فقط، بدت له حالة الوجود المبسطة وغير الكافية هذه طبيعية تمامًا. لكن الآن، شعر صني كأنه مقعَد — كأن جميع أطرافه قد بُترت، وجميع حواسه بُهِتت!.
كان الشعور فظيعًا.
أمسك بيد إيفي بيأس واستخدمها كدعامة ليمنع نفسه من السقوط. خرج أنين منخفض من شفتيه، تبعه شتيمة مكتومة.
“اللعنة…”
وبينما كان صني يحاول أن يستوعب كونه دنيويا مجددًا، دوّى صوت مرتبك فوق رأسه.
“مهلًا يا صاح… هل أنت بخير؟ السيد المحقق الشيطان؟”
رافعًا بصره إلى الأعلى بذهول، عبس صني وبصق من بين أسنانه:
“أي محقق شيطان بـحق الجحيم؟! ولا، لست بخير! أنا… دنيوي؟!”
حدّقت به إيفي في ارتباك لبضع لحظات. ثم اتسعت عيناها.
“فتى الظلال؟ أهذا أنت حقًّا؟! أتذكّرت؟!”
ترك صني يدها واستقام، مستعيدًا رباطة جأشه ببطء.
“توقفي عن مناداتي بفتى الظلال، سحقا! و… نعم، إنه أنا. لقد تذكرت. كيف بحق…”
لكن قبل أن يتمكن من إتمام حديثه، ضغطت إيفي فجأة راحة يدها على فمه، مكممة إياه. تلاشت الدهشة والارتباك من عينيها، وحلّ مكانهما الحيطة والحذر. ناظرةً حولها بحذر، وبقية صامتة لبضع لحظات، ثم قالت:
“ليس هنا. ليس حيث قد يسمعنا أحد. ما رأيك… أن نبحث عن مكان أكثر خصوصية لنتحدث؟”
قطّب صني حاجبيه، ثم أشار إلى السيارة. عندها فقط أزالت إيفي يدها وابتسمت.
“حسنًا إذن، هيا بنا يا شريكي! أنا شخصيًّا — محققة جرائم مبتدئة من شرطة السراب — وجائعة. ماذا عنك؟”
أراد أن يجيب، لكنه لم يستطع… لأنه الآن وقد أصبح دنيويا، احتاج فجأة إلى الطعام كغذاء مجددًا. لذا، في الواقع، كان صني جائعًا هو الآخر.
‘..يا لها من مشقة.’
“نعم. أستطيع أن آكل.”
تأملته للحظة، ثم أومأت وصعدت إلى السيارة. فعل صني الشيء ذاته، ليجد نفسه في مقعد السائق. واجه نظام تحكم غريب تمامًا، ومع ذلك عرف بطريقة ما كيف يشغله. وبعد بضع ثوانٍ من دراسة لوحة قيادة المركبة الشخصية الغريبة، أدخل المفتاح في التشغيل بوجه مرتاب، ثم أدارَه بحذر.
زأرت المركبة بضجيج لا يوصف إلا بالمزعج، واهتزت مثل حيوان مرتجف يحتضر من الخوف أمام مفترس، ونفثت سيلًا كثيفًا من غاز سام من مؤخرتها.
رمش صني بضع مرات، مذهولًا من همجية هذه الآلة البدائية، ثم نظر إلى إيفي.
لقد استنتج بالفعل أن العالم الغريب الذي وجدوا أنفسهم فيه يشبه عالم اليقظة قبل العصور المظلمة، لكن هذا… كان هذا مستوى جديدًا تمامًا من العبث.
“…أكان الناس يقودون هذه المسوخ فعلًا؟”
رفعت إيفي حاجبها.
“كيف لي أن أعرف؟”
وضع صني يديه على المقود وتنهد.
“هذا منطقي.”
أمضى بضع لحظات ليسمح لذاكرة عضلات المحقق الشيطان أن تتولى العمل، وبضع لحظات أخرى ليقنع نفسه بالوثوق بها. ثم انطلق، مدركًا بألم أنه بما أنه عاد بشريًا دنيويا، فقد تؤدي قيادة المركبة الشخصية البدائية نحو مصباح شارع إلى موته بالفعل.
كان الأمر مذلًا حقًا. هو، سيادي الموت؟ يُقتل على يد عمود إنارة؟ أي شخص بحق قد يموت من شيء تافه مثل اصطدام سريع؟.
لحسن الحظ، لم يصطدم بأي شيء فورًا، وبعد دقيقة أو دقيقتين، بدأ التحكم في هذه الآلة الصاخبة الكريهة الرائحة يبدو طبيعيًّا له. حتى أنه اعتاد على الاهتزازات الغريبة حتى ذابت في الخلفية.
“إلى أين نحن ذاهبون؟”
هزّت إيفي كتفيها.
“حاول أن تنبش في ذاكرتك المزيفة، ابحث عن مطعم بائس مهجور اعتاد ارتياده. وبالنظر إلى شخصية ذلك المتذمر الساخط، فلا بد أن هناك واحدًا على الأقل.”
حاول صني ألا يفكر بمدى غرابة النصيحة وفعل ذلك ببساطة. حاول أن يغوص في ذاكرة المحقق الشيطان، وبعد لحظة، ظهر موقع ما في ذهنه بشكل سحري، مصحوبًا بالمعرفة حول كيفية الوصول إليه.
‘…كم هذا مريح.’
كان الأمر غريبًا جدًّا.
ضيّق عينيه وجعل المركبة تتدحرج في الاتجاه الصحيح.
لكن بعد فترة وجيزة، أطلقت المركبة سلسلة من الأصوات الغريبة وسرعان ما صمتت، فاقدةً الطاقة. بالكاد تمكن صني من ركنها على جانب الطريق قبل أن تفقد السيارة زخمها تمامًا.
كلاهما، هو وإيفي، ارتبكا وفزعا.
“هاه؟ ما… ما الخطب بها؟”
حدّق صني في لوحة القيادة المجهولة، ثم أدار المفتاح يمينًا ويسارًا. أطلقت المركبة بضع شهقات مختنقة، لكنها لم تعد تعمل.
تبادلا النظرات. وبعد لحظة، اقترحت إيفي بنبرة مترددة:
“هل يمكن أنها… نفدت طاقتها؟ هل علينا أن نشحنها؟”
حك صني مؤخرة رأسه.
“لست متأكدًا. ربما؟ لكن كيف نشحن هذا الشيء؟”
فكّر قليلًا، ثم قال بتردد:
“أظن أنها أشبه بمركبة عسكرية أكثر من العادية؟ أعني، يمكنها أن تشحن نفسها إذا وضعتَ خلية وقود فيها.”
سعلت إيفي.
“أنا، آه… أظن أنهم كانوا يستخدمون وقودًا سائلًا؟ نوعًا من مشتقات النفط. كان ذلك متوفرًا بكثرة قبل العصور المظلمة.”
حدّق صني بها بعينين واسعتين.
“هل جننتِ؟ أي أحمق يملأ مركبته بمادة قابلة للاشتعال؟”
رمشت إيفي بضع مرات.
“أوه، هذه المركبة تعمل بمحرك احتراق داخلي. باختصار، هي تتحرك باستغلال قوة انفجارات صغيرة عديدة. تعلمنا عنهم في حصة التاريخ… لهذا السبب يُسمى ذلك الشيء هناك بالإشعال!”
ضحك صني.
“نعم، صحيح.”
يتنقل ملايين الناس على تيارات من الانفجارات الصغيرة… كانت نكات إيفي مبالغًا فيها حقًا.
لكن عندما لاحظ أنها تنظر إليه بجدية، تلاشت ابتسامته ببطء.
“انتظري، أأنتِ جادة؟”
نظر إلى الأسفل، إلى المكان الذي يختبئ فيه محرك المركبة الشخصية، وفي عينيه لمحة من الرعب.
بعد لحظة، زفر صني بعمق وهز رأسه.
“لا عجب أن هؤلاء الناس فجّروا نصف العالم…”
ترجمة آمون
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.