عبد الظل - الفصل 2460
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2460 : عند العد إلى ثلاثة
بعد وقت قصير، امتلأت أرضية صالة الملاكمة بأجساد تتلوى وتئن بضعف. وكان الهواء مشبعًا برائحة الدم.
تفحص صني قبضته المتورمة للحظة، ثم دفع إصبعه عبر شق طويل في جانب سترته وزفر بسخط.
‘والآن سأبتل من المطر اللعين. رائع.’
خلع سترته، كاشفًا عن ذراعيه… والقشور السوداء للثعبان الأسود الملتف حولهما.
إن كانت إيفي قد تفاجأت برؤية وشم عصابة على جلد شريكها — وشم أضخم وأجمل بكثير من تلك التي تغطي أجساد الأوغاد المتأوهين — فلم تُظهر ذلك. بدلاً من ذلك، أخذت تعبث على الطاولة التي كان الأفاعي السوداء يلعبون عليها الورق بوجه عابس. متجاهلةً الخمر وأكوام المال، التقطت كيسًا من رقائق البطاطس وابتسمت برضا.
وأثناء رفع واحدة إلى فمها، سألت بفضول:
“لست مهووسة بالقوانين، لكن… ألم نخالف لتونا ما لا يقل عن اثنتي عشرة مادة؟”
ألقى صني عليها نظرة طويلة، ثم سخر.
“ومن سيبلغ عنا؟ هؤلاء؟”
كان منظر الأوغاد المترنحين بائسًا، ومن المؤكد أنهم لن يجلبوا انتباه الشرطة لأنفسهم — فضلًا عن السماح بانتشار خبر أن شرطيين فقط سحقوهم تمامًا.
هز رأسه، وسار نحو الحلبة، وانحنى ليسحب أحد الأفاعي السوداء من تحتها بقدمه. كان هذا هو الذي لكمه أولًا — زعيم هؤلاء الحثالة التعساء.
كانت أسفل وجهه ملطخة بالدم، وأنفه المكسور متورمًا، ومائلًا في اتجاه خاطئ.
ومع ذلك، فقد رمقه بنظرة كراهية.
“أي… أي نوعٍ من الشياطين اللعينين تكون… أنت ميت، أيها الفأر! حين يعلم الزعماء، ستموت…”
أعطاه صني نظرةً باردة، ثم مد يده وأعاد أنف الرجل المكسور بفظاظة. ما إن تحول الصراخ الحاد إلى أنين متألم، حتى ربت على كتفه.
“هكذا، هكذا. لقد أصلحته لك. فلا يمكننا أن ندعك تزداد قبحًا فوق قبحك الحالي، أليس كذلك؟”
ارتجف الرجل تحت نظرته القاسية، ملتصقًا بجانب الحلبة.
بقي صني صامتًا لبضعة لحظات، ثم ابتسم ابتسامة خطيرة.
“ويا صديقي، أظن أنك بحاجة إلى ترتيب أفكارك. أنا لست فأرًا… الفأر هو الذي يبيع الزعماء من خلف ظهورهم للشرطة. أما أنا، فأخبرتهم أني راحلٌ بمصداقية، وأنا أنظر في أعينهم. ليس ذنبي أنهم لم يوافقوا، صحيح؟ ولهذا السبب لديك زعماء جدد الآن. إن كان القدماء لم يرعبوني، أظننت أن هؤلاء الخاسرين الجدد سيفعلون؟”
ثم مال نحو أذنه وهمس:
“قل لهم أن يأتوا للبحث عني. قل لهم أني أنتظر. هذا سيُسعدني.”
اعتدل، وحدّق في البلطجي المرتجف بعينين قاتمتين تخلوان من أي عاطفة.
“لكن… عليك أن تبقى حيًا لتخبرهم بأي شيء. وما إذا كنت ستعيش الدقائق التالية… فهذا عائدٌ إليك وحدك.”
اقتربت إيفي، التي كانت سارت نحوه، ورمقته بنظرة معاتبة وتنهدت.
“…كنت أنا الذي من المفترض أن يكون الشرطي السيئ!”
تجاهلها صني. ثم أخرج هاتفه المكسور وأرى الرجل صورة آخر ضحايا اللاشيء.
“أتعرفت عليه؟”
حاول الرجل أن يتراجع، لكن لم يكن أمامه مكانٌ للفرار.
“سحقا! ما هذا… ما هذا بـحق الجحيم؟ أبعد هذه الهراء عني، سحقا!”
رمش صني بضع مرات.
“ماذا؟ ألم تر جثة من قبل؟”
سخر، ثم أعاد الهاتف إلى جيبه، وأخبر الرجل باسم الفتى الميت.
“إنه واحد من جماعتكم، أليس كذلك؟ كما ترى، أنا وشريكتي جئنا إلى هنا بنوايا صادقة، نريد مساعدتكُم في جلب القاتل إلى العدالة. لم تكن هناك حاجة لأن تكونوا غير مضيافين هكذا. لكن بما أن الأمور أصبحت على هذا النحو… أظن أنك ستضطر لإخبارنا كل ما نريد معرفته على أي حال.”
رمقه البلطجي بنظرةٍ غاضبة، وصر على أسنانه:
“أتظن أني سأقول لك شيئًا، أيها الفأر؟ احلم فقط!”
من دون كلمة، لكمه صني في وجهه، وأزاح أنفه من مكانه مجددًا.
انطلق صراخٌ يائس، وأشاحت إيفي بوجهها قليلًا، مبتعدةً خطوة إلى الخلف، مواصلةً التهام رقائق البطاطس خاصتها.
“لو كنت مكانك، لقلت له كل ما يريد معرفته. ثمة حدود لما يمكن لجراحة التجميل إصلاحه، في النهاية. يجب أن يبقى شيء من أنفك ليعيدوه… “
تنفس صني بعمق.
“ألَم أقل لك ألا تدعوني فأرًا، أيها الحقير؟ انظر ماذا جعلتني أفعل. لنجرب مرة أخرى، حسنًا؟ الفتى — أخبرنا كل ما تعرفه عنه. متى كانت آخر مرةٍ رأيته؟ ما عمله؟ أي جزء من المدينة كان يعمل فيه؟ من أصدقاؤه؟ وإلى ما ذلك.”
رفع البلطجي يديه ليحمي وجهه، ناظرًا إلى صني أثناء انهمار دموع ألمه. بقي صامتًا للحظة، ثم صاح بغضب:
“لا أعرف! لا أعرف، أيها الوغد! حسنًا؟! إنه ليس منا!”
حدّق فيه صني بقتامة.
“يا صديقي. هل أبدو لك ساذجًا؟ أتظن أني لا أميّز علامة الأفعى السوداء حين أراها؟”
هز الرجل رأسه يائسًا.
“لا، انتظر! أعنيها! لقد… لقد كان عضوًا مبتدئًا، قبل بضع سنوات. لكننا لم نره منذ ذلك الحين!”
عبس صني.
“هاه؟ منذ متى اعتادت عصابة الأفاعي السوداء أن تفقد أثر أعضائها المبتدئين؟”
أنزل الرجل يديه، وحدّق في صني، ثم عبس وبصق دمًا على الأرض.
“ما الذي تعرفه أنت، أيها الشيطان؟ العصابة… لم تعد كما كانت. تغيّرت الأوقات، سحقا! في الماضي، كنا نلتقط أطفال الشوارع عديمي الفائدة — من أمثالك وكانوا يتقاتلون لينضموا إلينا. أما الآن، فالتجنيد صعب، والاحتفاظ بهم أصعب.”
عبس.
“خصوصًا بعد أن فتح أولئك الأوغاد الأبواب. منظمة خيرية لَعينة… يُؤوونهم، يعلّمونهم، يدعمونهم بالمال، بل ويمنحونهم وظائف محترمة. خسرنا كثيرًا من الأعضاء المبتدئين بسببهم — وكان هذا الفتى أحد الأطفال الذين تركوا العصابة وأصبحوا أعضاء أنقياء في المجتمع بفضلهم.”
نظر صني وإيفي إلى بعضهما.
“منظمة خيرية؟ أي منظمة خيرية؟”
تمتم البلطجي بلعنة.
“مركز مدينة السراب للشباب المضطربين… إنها مؤسسة خيرية خاصة تديرها مجموعة فالور. أتظن أننا قادرون على منافسة تكتل لعين؟!”
حدّق فيه صني لفترة، ثم ابتسم ابتسامة شرسة.
هذا… هذا ما كان يحتاجه.
هذا هو الخيط الذي سيشده ليكشف القضية!.
“مجموعة فالور، إذن؟”
***
بعد وقت قصير، غادرا صالة الملاكمة المقلوبة وعادا إلى السيارة. بدت إيفي شاردة التفكير… أو ربما كانت تتساءل من أين تحصل على المزيد من الطعام. في هذه المرحلة، لم يكن صني واثقًا.
توقف أمام السيارة، منغمسًا في المطر. انتظرت قليلًا، ثم منحته نظرة مرتبكة.
“ماذا، هل أنت حزين لأننا وصلنا إلى طريق مسدود؟ خيط ‘الأفاعي السوداء’ كان بلا معنى في النهاية.”
هز صني رأسه.
“لا، لست حزينًا. ولم يكن بلا معنى… في الواقع، كانت زيارة مثمرة جدًا.”
ثم استدار إلى الجميلة الطويلة وحدّق فيها بجدية.
“اسمعي… يا شريكتي. ستزداد الأمور إثارة من الآن. لذلك، أحتاجكِ أن تخبريني شيئًا بصدق.”
ابتسمت ببراءة.
“ما هو؟”
بعكس نبرتها الهادئة، سأل صني مباشرة:
“من بـحق الجحيم أنتِ؟ أوه، وفكري جيدًا قبل أن تجيبي. فقد ينتهي بكِ المطاف ميتة في يومكِ الأول كمحققة، قتلتكِ العصابة الشرسة… ستكون مأساةً حقيقية.”
كان التهديد في نبرته واضحًا. كان يقول إنه سيقتلها إن حاولت الكذب.
كان صني ليتمنى لو أن تهديده مجرد مزحة، لكنه لم يكن كذلك. كانت قضية اللاشيء أكثر خطورة مما يظنه حتى أكثر المرتعبين من القاتل المتسلسل المجهول — لأنها كانت متعلقة بأشخاص لا يجرؤ شرطي مثله على لمسهم.
هؤلاء الأشخاص لن يترددوا في جعل شرطي مزعج يختفي… يمكنهم، مثلًا، إدخال أحد عملائهم في القضية وإجبار كبار ضباط الشرطة على إلصاق ذلك العميل بصني كشريك — لمراقبته، والتخلص منه عند الحاجة.
لم يكن متأكدًا أن إيفي عميلة مزدوجة، لكنه كان يعلم أنها ليست كما تبدو.
حدّقت فيه شريكته المفترضة بصمت لبضعة لحظاتٍ. وكان في عينيها شيءٌ غريب… قلق؟ تردّد؟ خوف؟,
لكن في لحظة، اختفى.
سخرت إيفي ومدّت لتصفعه على كتفه بابتسامتها المعتادة البسيطة.
وبقيت يدها هناك، ممسكة به بخفة.
“ما الذي تهذي به، يا صني؟ استفِق.”
تشنج صني، مستعدًا للانقضاض…
ثم حدث شيء غريب.
استفاق فعلًا.
ارتجف جسده، وحدّق حوله بدهشة.
مدينة غريبة. مطر غزير. هواء لا تفوح منه رائحة الفلتر المعقم لـ NQSC ولا المستنقع السام للضواحي. مبانٍ غير مألوفة؛ عربة نقل غريبة ذات تصميم قديم.
وحين حوّل نظره إلى الصيادة الصاخبة، رمش بضع مرات.
“إيفي؟ ما الذي يحدث بـحق الجحيم؟”
ترجمة آمون
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.