عبد الظل - الفصل 2458
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2458 : عصابة الأفاعي السوداء
غادرت السيارة الجزء الأكثر ازدهارًا من المدينة ودخلت الأحياء الأفقر. كانت المباني هنا أقدم وأكثر تهافتًا، والشوارع أكثر ضيقًا، والناس يرتدون ثيابًا أرخص. كانت تضاريس المدينة غير متساوية، مليئة بالتلال والجبال — أكثر هنا مما في المركز.
ونتيجة لذلك، غُطِّيَت بعض الشوارع المنحدرة بمياه جارفة، تتجمع في قاعها بركٌ عميقة. كانت القيادة عبر تلك البرك في سيارة صني القديمة ستشكل مشكلة، لكنه كان يعرف متاهة الشوارع المعقدة كما يعرف كف يده، متجنبًا أسوأها بسهولة.
لم يَغِب ذلك عن إيفي. نظرت حولها باهتمام، ثم سألت:
“إلى أين نحن ذاهبان، على أي حال؟”
هز صني كتفيه.
“وإلى أين تظنين؟ نحن ذاهبون إلى وكر الأفاعي السوداء.”
بدت أكثر تسلية من كونها خائفةً إزاء ذلك الاحتمال. عادةً، كان من الحكمة أن تتجنب امرأة جذابة مثلها دخول أراضي عصابة بلطجية… لكن بدت هذه الفاتنة بالذات أكثر ملائمة لتحطيم الجماجم من معظم البلطجية، فلربما كان عليهم هم أن يشعروا بالتوتر.
“هكذا ببساطة؟ لحظة، كيف تعرف حتى… آه، صحيح. أنت عملت في قسم الجريمة المنظمة من قبل، صحيح؟”
ألقى صني عليها نظرة جانبية.
“نعم. شيء من هذا القبيل.”
صمت لبضعة لحظات، ثم تنهد وقال:
“كانت العصابات منتشرة في كل أنحاء المدينة منذ وقت ليس ببعيد — حتى قبل عشر سنوات فقط، كانت تتحكم تمامًا في هذه الأجزاء من مدينة السراب. نادرًا ما مر يوم دون أن ينتهي الأمر بمقتل شخص ما، ناهيك عن كل القذارة المقيتة التي تجري في الظلال. كان ضباط الشرطة إما مرشين أو خائفين جدًا من فعل أي شيء، وأولئك الذين حاولوا من بينهم، كان يميل البلطجية إلى التخلص منهم بسرعة.”
ابتسم صني بشكلٍ ملتوٍ، متذكرًا شبابه.
“لكنَ الزمن تغير. تبدل المناخ السياسي، وأصبح التشدد على الجريمة شعار الحزب الحاكم. لذا، جرى تطهير قسم الشرطة… لكن انتبهِ، ليس من الفساد. الأمر فقط أن الأوغاد الفاسدون الذين كانوا يتقاضون الأموال من المجرمين استُبدلوا فقط بأوغاد فاسدين يتقاضون الأموال من السياسيين. حسنًا، وبعض الأشخاص الأكفاء تمكنوا من الوصول إلى مواقع رئيسية وسط كل هذه الفوضى.”
صمتت قليلًا.
“كانت القائدة جيت واحدة منهم — رغم أنها لم تكن قائدة حينها بعد. في الحقيقة… أنا لم أصبح شرطيًا إلا بسببها. ثم بطريقة ما، انتهى بنا المطاف أن نصبح شريكين في قسم الجريمة المنظمة، حيث قادت حملة القمع ضد العصابات. كانت تلك… سنوات محتدمة، على أقل تقدير.”
ضحكت إيفي.
“القائدة جيت، هاه؟ لحظة، أين هي الآن؟”
لم يُجب صني للحظات، وقد شحب لون مفاصله أثناء إمساكه المقود.
وفي النهاية قال بنبرة متزنة:
“لقد ماتت.”
وكان ذلك أحد أسباب حالته البائسة.
السبب الرئيسي، حقًا.
…وها هو الآن، جنبًا إلى جنب مع شريكة جديدة.
نظر صني إلى المحققة المبتدئة بجدية.
‘أنا لست مسؤولًا عنها.’
وضع هذه المرأة أمام الكاميرات ربما كان خطوة دعائية عظيمة لشرطة السراب… لكنه أيضًا جعل منها هدفًا. كان عليها أن تعرف ذلك، لكنها لا تزال هنا — إذن، كان قرارها الخاص.
لم يكن له أي علاقةٍ فيه.
عاد للنظر إلى الطريق، ثم قال:
“حسنًا، على أي حال. معظم العصابات تم تدميرها حينها، وما تبقى منها مجرد أشباح لذواتها السابقة. إنهم يعرفون حدودهم الان، ويمارسون بعض الأعمال القذرة التي يشارك فيها الجميع، لكن يتظاهرون علنًا بأنها أفظع ما في العالم. بينما أصبح آخرون ‘نظيفين’ ويديرون الآن أعمالًا زلقة، لكنها قانونية تمامًا. لكن الأفاعي السوداء… “
عبس.
“الأفاعي السوداء هي العصابة الوحيدة التي لا تزال خطرًا حقيقيًا نوعًا ما. لذا، عندما نصل هناك…”
ابتسمت إيفي.
“أوه! لنقم بخدعة الشرطي الصالح والشرطي السيئ! لطالما أردت ذلك! هل يمكن أن أكون الشرطي السيئ؟ من فضلك؟”
ألقى صني عليها نظرة متشككة.
هل تخرجت حقًا من الأكاديمية في صدارة دفعتها؟.
حسنًا… يمكنه بسهولة أن يتخيل كل الممتحنين مشتتين عن تقييمها بموضوعية أثناء سيلان لعابهم أمام منظر هذه المتدربة بالذات…
زم شفتيه وهز كتفيه.
“بالتأكيد. يمكنكِ أن تكوني الشرطي السيئ.”
توقفت السيارة أمام مبنى متهالك. لم يكن ما قد يتصوره المرء عن مقر عصابة، فلم يكن وكر الأفاعي السوداء بارًا ولا نادٍ ليليًا ولا كازينو غير شرعي. بل كان صالة ملاكمة قديمة تبدو متداعية.
خرج صني من السيارة، وسار عبر المطر متجهًا إلى الباب الأمامي. كان هناك رجل مفتول العضلات ببدلة تدريب يختبئ تحت المظلة، يدخن بتعبيرٍ جاد.
حين رأى صني، اتسعت عيناه قليلًا. تجمد في مكانه لحظة، ثم رمى سيجارته بصمت واختفى إلى الداخل.
التقط صني السيجارة، وألقاها في سلة المهملات القريبة، وتبعه. كانت شريكته المبتدئة على خطاه، تتلفت بفضول.
‘إنها مرتاحة أكثر مما ينبغي.’
إما أن هذه المرأة واثقة بنفسها إلى حدٍ مبالغ فيه، أو أن في عقلها خللًا.
عند دخول صالة الملاكمة، رأوا رجالًا عابسين ذو مظهرٍ خشن متفرقين. بعضهم يفرغ غضبه في أكياس الملاكمة، وبعضهم يلعب الورق على طاولة بلاستيكية، وبعضهم يراقب اثنين من البلطجية يتبارزان في الحلبة.
…وبعضهم كان يتحرك خلف صني وإيفي، مغلقين الباب.
عبس قليلًا حين سمع صوت الترباس وهو يقفل.
التفت أحد الرجال عند الطاولة، ثم ابتسم ونهض من مقعده. كان الحارس واقفًا بالجوار، وقد أبلغه بالفعل بشيءٍ ما.
تقدم الرجل ليقف أمام صني وإيفي. حدق في الأول ببرود، ثم نقل بصره إلى الثانية وتبسم باستهزاء.
“مرحبًا، يا حلوة…”
ابتسمت إيفي أيضًا، ثم فجأة اتخذت ملامحها غضبًا صارخًا وصاحت:
“اسمعوا أيها الأوغاد! نحن من شرطة مدينة السراب. أنا المحققة واو، وهذا شريكي المحقق ميه. سنطرح عليكم بعض الأسئلة، وإن لم تفرغوا ما في أحشائكم… حسنًا، فلا تلومونا إن أفرغناها نحن!”
بحلول هذا الوقت، كان جمع البلطجية قد أحاطوا بهم تمامًا، وهم يرمقون الشرطيين بنظرات عداءٍ واضح.
بقي الرجل الواقف أمامهما صامتًا للحظات، ثم نظر إلى صني ورفع حاجبه.
“مرحبًا بك أيضًا… أيها الفأر. عليّ أن أقول، لديك الشجاعة والوقاحة الكافية لتظهر هنا، يا فأر. وأحضرت حبيبتك أيضًا… ما أمرها على أي حال؟”
حدق صني فيه بصمت لثانيتين، ثم هز كتفيه.
“إنها تلعب دور الشرطي السيئ، كما ترى.”
ضحك الرجل.
“أوه؟ حقًا؟ لحظة، هل أنت إذن الشرطي الصالح، أيها الفأر؟”
صمت صني قليلًا، ثم هز رأسه ببطء.
“لا…”
وبذلك، وجَّه ضربة وحشية باردة إلى وجه البلطجي، فأسقطته أرضًا مع سيلٍ من الدماء يسيل من أنفه المكسور.
نظر صني إلى البلطجية المحيطين به ببرود.
“…أنا الشرطي الأسوأ.”
ترجمة آمون
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.