عبد الظل - الفصل 2448
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2448 : التسليح السامي
“لأكون دقيقًا، هذا أثر سامي استعدته من الأراضي المتجمدة القاحلة. وأعني ذلك حرفيًا — إنه سلاح سامي صنعه سَامٍ مقتول. كدتُ أفقد حياتي لأجلبه، فكوني لطيفةً وناديني با… أقصد عمي، ناديني عمي.”
اتسعت عينا إيفي.
كان الرمح العظيم الذي بدا كأنه صاعقة مُدمّرة جرى تشكيلها كسلاح، في الحقيقة سلاحًا ساميًا — إنه الرمح الذي لمحَه صني في إحدى الحقائق التي كُشفت له في لعبة آرييل. تلك الرؤية أظهرت له ويفر يتحدّى آرييل في لعبة الموت فوق ساحة معركة غارقة بالدماء في جحيمٍ متجمّد… وكان آرييل يسكن جسد سَامي يحتضر. ما يزال صني يتذكر كل تفصيل من ذلك المشهد بوضوح…
السهل الأبيض الممتد بلا نهاية، جثث السَاميين الأدنى المتناثرة، أنهار الإيكور المتدفقة إلى أعماق المحيط المتجمّد، مجسات اللاشيء المتسرّبة إلى الواقع عبر الشقوق في السماء المحطّمة… والعملاق الجاثي في وسط ساحة المعركة الصامتة، ممسكًا رأسه المتشقق بكلتا يديه الهائلتين وهو يتمتم بكلماتٍ متقطعة، مشبعة بالرعب.
ورمحٌ عظيم ملقًى فوق الجليد المتشقق، منسيّ، ما يزال يشعّ بأصداء البرق المُفني.
…قد يكون العملاق نسي رمحه قبل موته، بعدما ابتلعه المحيط المسجون، لكن صني لم ينسَ. لذلك انطلق إلى الأراضي المتجمدة، على أمل أن يجده.
ولحسن الحظ، لم يكن العثور على ساحة المعركة من رؤياه أمرًا صعبًا — على الأقل ليس لصني، الذي يمكنه مدّ حاسة الظل عبر كيلومترات عديدة، ويتحرك بسرعة مبهرة. فحتى في عالم الأحلام، لم يكن هناك كثير من الأماكن حيث السماء محطّمة وتتسرّب مجسات اللاشيء إلى الواقع.
أما النجاة في ذلك المكان المروع… فكانت مسألة أخرى تمامًا. فقد مرت آلاف السنين منذ اليوم الذي رآه في رؤيا الحقيقة، وأصبحت المنطقة كلها أكثر غرابةً ورعبًا — ناهيك عن كونها قاتلة بشدة — مما كانت عليه.
كان كل شيء قد ابتلعه الجليد، وغلفه ضبابٌ أبيض مألوف… غير أن هناك شيئًا ما كان يختبئ في ذلك الضباب، شيئًا جعل جلده يقشعر. كان البرد لا يُحتمل، يكاد يكون مطلقًا، أسوأ حتى من عاصفة وحش الشتاء.
أراد صني أن يستكشف ساحة المعركة بدقة، لكن في النهاية، بالكاد تمكّن من انتشال الرمح من أعماق الجليد قبل أن يفرّ بسرعة. كان الرمح هائلًا في البداية، لكن بمجرد أن لمسه، انكمش إلى حجمه الحالي.
ذلك المكان المريب، ذلك الإحساس بالخوف المرعب، ذلك البرد… كلها أشياء يتمنى ألا يعيشها مجددًا.
نظر إلى إيفي، وابتسم بمكر.
“فما رأيك؟”
منبهرةً، انحنت إيفي والتقطت الرمح.
“شكرًا، عمي—آآآه!”
وما إن رفعت الرمح عن الأرض قليلًا حتى اختلّ توازنها وسقطت على وجهها، مما جعل صني يضحك مجددًا.
“آه، آسف! نسيت أن أذكر… إنه ثقيل نوعًا ما.”
وكانت إيفي نفسها أيضًا ذات… بنية علوية ثقيلة. لذا، لم يكن من المستغرب أنها فقدت توازنها وانتهى بها الأمر بالسقوط.
ممددة على الأرض، رمقته بنظرة حادة، ثم نهضت ومدّت يدها نحو الرمح العظيم مجددًا. وبتأوه، رفعته في النهاية. تحرّكت عضلاتها المشدودة تحت بشرتها الزيتونية الندية، ولمعت قطرات العرق على وجهها.
لم يُفاجأ صني برؤيتها تحمل ذلك الوزن الساحق لسلاح سَامي يجعل حتى سياديًا يكافح — إن كان هناك من يملك القوة الجسدية الخام الكافية لحمل ذلك الرمح العظيم، فهي إيفي.
نظرت إليه بتأمل، ثم ابتسمت.
“رائع. لكن… لا أظنني قوية بما يكفي لأستخدمه في قتال. لا يوجد قدّيسٌ قادر على ذلك.”
صمت صني لبضعة لحظات، ثم أومأ برأسه.
“صحيح، لا قدّيس قادر على ذلك. وهذا يقودنا إلى النقطة التالية في هذه المحادثة، والسبب الحقيقي لوجودي هنا. في الواقع، أشعر ببعض الإحراج لإلقاء هذه الخطبة للمرة الثانية، لكن… ها نحن. أنا ونيفيس سنُعين التبجل قريبًا أو لاحقًا، وهذا يعني…”
لوّحت إيفي بيدها في الهواء بلا مبالاة.
“إذا كنت على وشك أن تقول إن شخصًا آخر يجب أن يصبح فائقًا قبلكما قبل أن تخوضا الكابوس الخامس، فلا داعي. في الواقع، التقيت كاي بالفعل في المؤسسة، وأمتعني بقصة مغامراتكما في لعبة الموت ونحن نشرب. لذا، يمكنك تجاوز الشرح. أنا أعرف.”
حدّق بها صني لبضع ثوانٍ.
“و؟”
وضعت إيفي الرمح الذهبي على الأرض مجددًا ورفّت كتفيها.
“بالتأكيد، أنا موافقة.”
رمش صني مرتين.
“ذاك، آه… تعلمين أننا نتحدث عن خوضك للكابوس الرابع، صحيح؟ ليس الآن طبعًا — لكن في النهاية. هذا هو سبب أخذي لكاي إلى لعبة آرييل، ولهذا أريد أن آخُذك إلى متاهة المرآة. لمساعدتك على الاستعداد.”
تثاءبت إيفي مجددًا، ثم تأوّهت.
“تبًا… كل هذا الحديث عن تحقيق التفوق، ولم أشرب قهوتي الصباحية بعد. قلت موافقة، صحيح؟ هيا بنا! دعنا نبدأ تجهيزاتي لخوض الكابوس الرابع… في النهاية. ويفضّل بعد الإفطار.”
حدّق بها صني بصمت، ثم هزّ رأسه.
“ألا تحتاجين وقتًا لتفكري؟ فقط أربعة أشخاص في التاريخ نجوا من الكابوس الرابع، كما تعلمين.”
نظرت إليه إيفي، ثم ابتسمت بخفة.
“أنظر حولك.”
فعل صني، متأملًا المنزل الخشبي الدافئ وحديقة القصر الجميلة.
في تلك الأثناء، التقطت إيفي الرمح السَامي وأسندته بعناية إلى شجرة قريبة.
“لدي أشياء لأحميها، صني.”
كان جوابًا بسيطًا جدًا… لكنه قال كل شيء.
مسحت الغبار عن سروالها الرياضي القصير وقميصها القصير المتمدّد، ثم بدأت تصفر لحنًا مرحًا وهي تتجه إلى الداخل.
“لا تتأخر! الليلة قمرٌ مكتمل، فلنأكل شيئًا ونناقش بالضبط ما الذي سنفعله في متاهة المرآة. أوه، وأيضًا…”
استدارت وابتسمت.
“شكرًا على الرمح، حقًا. أنا أعنيها.”
ثم تحوّلت ابتسامتها إلى ابتسامة عريضة.
“أعني، لم أكن أعلم ماذا أتوقع عندما بدأت تتفاخر بحجم حزمتك، لكن عندما أخرجت ذلك الشيء… يا للهول! لقد كان فعلًا…”
ودافعًا إياها نحو المنزل، أثناء دخوله.
“اصمتي بـحق الجحيم!”
ترجمة آمون